الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الخطة الأمريكية لسلطة فلسطينية متجددة!

الخطة الأمريكية لسلطة فلسطينية متجددة!

يبدو أن الأمر الذى لم تفهمه أو ربما لا تريد أن تفهمه الإدارة الأمريكية هو أن المفتاح الذى لا يفتح بابًا من أول مرة لن يستطيع أبدًا فتح الباب، فحل القضية الفلسطينية بمفتاح أمن إسرائيل لن يكون هو الحل الذى يجلب للمنطقة الاستقرار والنماء لحليفتهم إسرائيل أو للمنطقة الشرق أوسطية بشكل عام.



قبل أيام تسرب خبر خطة أمريكية كشفت عنها صحيفة بوليتكو الأمريكية تتكلم عن رؤية الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن لما بعد حرب غزة الجارية حاليًا والتى ترى ضرورة تولى سلطة فلسطينية متجددة الحكم على المدى الطويل بعد توقف القتال الدائر حاليًا بين إسرائيل وحركة حماس، على أن تشمل الخطة مساعدات أمنية أمريكية لهذه السلطة الفلسطينية مع منح المنسق الأمنى الأمريكى دور أكبر فى المنطقة.

ورغم أن أمريكا تحاول فى هذه الأثناء وعبر هذه الخطة القيام بدور وكيل ومحامٍ لإسرائيل إلا أن الإسرائيليين أنفسهم وحتى الآن وفق التسريبات لم يُبدوا أى اهتمام أو جدية لمناقشة هذه الخطة خصوصًا أنها لا تتضمن أى مؤشرات لضغوطات عملية على الإسرائيليين تدفعهم مجبرين على مناقشة الخطة من قبيل تقييد المساعدات الأمريكية العسكرية لإسرائيل.

الخطة تفترض مسبقًا أن إسرائيل ستتمكن من التغلب فى نهاية المطاف على حركة حماس، وأن الأمريكيين سيتمكنون من إيجاد عدد من الدمى الفلسطينية التى تقبل بالقيام بدور سياسى لصالحهم وصالح إسرائيل ضمن هذه السلطة الفلسطينية المتجددة وفق التوصيف الأمريكى، كما أن أمريكا تتجاهل بقصد أو بغباء الدور المركزى الذى يلعبه الشعب الفلسطينى فى شرعنة أو شيطنة أى سلطة أو حركة أو حزب أو حكومة تتصدى لتمثيل مصالحهم وحقوقهم الآنية والتاريخية.

حركة حماس وعلى الرغم من حقيقة أنها تحظى بدعم لافت من قبل عدة جهات بما فيها إيران والتى نعلم أنها لا تهدف بالضرورة لتحقيق استقرار فى المنطقة إلا أنه فى ذات الوقت يجب أن لا نهمل واقع أن حماس تمكنت أن تحظى بدعم جماهيرى فى الداخل الفلسطينى نظرًا لعدة عوامل ربما من أهمها أنها كانت دائمًا ترفض التنازل عن عدة مبادئ تاريخية يرى الشعب الفلسطينى أنها حقهم الذى ليس لأحد أن يتنازل عنها، كما أنه وبالمقارنة بين حماس المواجه للغطرسة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية المداهنة والملونة الفاقدة لأى مخالب وربما رغبة حقيقية فى إيجاد حل إن لم يكن بالسياسة فبشئ من القوة والكرامة، فإن الشعب الفلسطينى اليوم بعمومه إن لم يكن يعلنها صراحة إلا أنه يرى فى حماس الجبهة التى تمكنت من إعادة إحياء وإبقاء القضية الفلسطينية فى الضمير العالمى.

ما تفتقر له الخطة الأمريكية الجديدة مثلها مثل باقى الخطط التى ظهرت فى الماضى من قبل أطراف غربية هو قدرتها على استيعاب وتشخيص الواقع الفلسطينى بواقعية وقراءة تاريخية موضوعية، فنجدها خطط تمنى النفس وتبنى وفق خيالات وافتراضات متجاهلة عنصر الإنسان الفلسطينى ربما باعتبار أن الإنسان العربى فى المخيال الغربى مجرد تابع لزعيم أو حزب أو طائفة، وهو توصيف قد يحمل فى طياته شيئًا من الصحة، إلا أن ما يفشل الأمريكيون فى فهمه هو أنه فى أحيان كثيرة عندما ينجح الحزب أو الزعيم فى كسب شعبه يتحول الشعب ذاته إلى القوة التى تسنده وتقف خلفه وتحمى عرينه لكى لا يسقط.

الخطة الأمريكية التى نتحدث عنها تفترض أن حماس ستزول بعد الحرب التى تشنها إسرائيل على غزة حاليًا، إلا أن ما تتجاهله أمريكا هنا هو أنه إن صح وزالت حماس ككيان سياسى وعسكرى فإن ما تؤمن به حماس لن يزول بعد كل المجازر التى اقترفتها القوة الإسرائيلية بمعونة أمريكية، كيف لعاقل أن يبتكر خطة يتصور فيها أن الشعب الفلسطينى سيقبل بسلطة متجددة عميلة للقتلة ومعاونيهم، ألم تظهر حماس ذاتها من واقع رفض فيه الشعب سلطة لا تختلف كثيرًا عن هذه السلطة المتجددة المهادنة!