السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أمنها الاقتصادى مسئولية مشتركة مع الشركاء الإقليميين والدوليين مصر صمام أمان الشرق الأوسط

أمنها الاقتصادى مسئولية مشتركة مع الشركاء الإقليميين والدوليين مصر صمام أمان الشرق الأوسط

يجب أن نتوقف كثيرًا أمام كلمة النائب المعارض ضياء الدين داود، فى الجلسة التاريخية لرفض مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، النائب قال بوضوح إن مصر ليست دولة صغيرة ولا تستجدى أحدًا، وأن أمن مصر الاقتصادى هو مسئولية العالم ومسئولية الشركاء الإقليميين، مذكرًا بدور مصر تجاه أمن أوروبا أو باقى شركائها فى الإقليم.



سبب حديث النائب هو ما تردد عن وجود منح وقروض وودائع قادمة لمصر دون أن يتحدث أحد عن أن تأمين مصر الاقتصادى هو حماية لأمن الجميع، وذلك الحديث ربما يطرح لأول مرة للنقاش بذلك الوضوح وهو أمر يحسب للنائب بعدما تحول الوضع إلى محل جدل ونقاش فى الشهور السابقة مع تأثر الاقتصاد المصرى بالأوضاع الاقتصادية العالمية وتحرك الحكومة لحلها عبر أدوات متعددة من بينها البحث عن منح وقروض وعرض شركات مملوكة للدولة للبيع.

ما أشار له النائب هو عين الحقيقة، لقد جرب العالم حالة الفوضى العارمة التى أعقبت أحداث ما أطلق عليه الربيع العربى، ورحبت بها الدول الغربية، بل دعمت وصول التنظيمات المتشددة للسلطة، حتى تحولت المنطقة إلى ساحة حرب واسعة مكنت تنظيمات إرهابية من تأسيس دولة لأول مرة فى التاريخ، وكانت أوروبا أكبر المتضررين منها بعدما زادت وتيرة الهجرة غير الشرعية هربًا من حالة غياب الأمن والأمل فى تحسن الأحوال المعيشية وبحثًا عن فرصة حياة أفضل فى أوروبا.

أشعل الغرب النار فى الشرق الأوسط وتهرب من دفع فاتورة الخراب الذى حل بالمنطقة ولا تزال آثاره باقية حتى اللحظة، وبحسب تقارير دولية وعربية عديدة بلغت فاتورة الفوضى 833.7 مليار دولار شاملة تكلفة إعادة البناء وخسائر الناتج المحلى والسياحة وتكلفة اللاجئين، وخسائر أسواق الأسهم والاستثمارات وهو رقم مفزع ومخيف لأنه ببساطة يتعدى الناتج القومى للدول العربية مجتمعة وتسبب فى إحجام الاستثمارات الدولية عن الاستقرار فى المنطقة فضلًا عن تجدد الصراع الفلسطينى الإسرائيلى وتأثيره المباشر على الدول المحيطة به مثل مصر والأردن ولبنان وسوريا.

وكانت السبب المباشر فى تأخر عمليات التنمية الضرورية وتوفير الخدمات للمواطنين، وخلفت نتائج كارثية على الاقتصاد الكلى العربى، وبينما تحاول الدول العربية وبينها مصر التعافى من آثاره المدمرة، وجدت نفسها فى مواجهة تأثيرات أشد مع إغلاق جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية ثم الصراع فى غزة.

وفوق ذلك كله تكبدت المنطقة خسائر غالية فى الأرواح فى خضم الحرب على الإرهاب وصلت إلى 1.34 مليون قتيل وجريح بسبب الحروب والعمليات الإرهابية، وبلغ حجم الضرر فى البنية التحتية ما يعادل 461 مليار دولار أمريكى، فضلًا عما لحق من أضرار وتدمير للمواقع الأثرية التى لا تقدر بثمن.

وبلغت الخسارة التراكمية الناجمة عن الناتج المحلى الإجمالى الذى كان بالإمكان تحقيقه 289 مليار دولار أمريكى، عند احتساب تقديرات نمو الناتج الإجمالى المحلى مقارنة بسعر صرف العملات المحلية.

التقارير الدولية أشارت إلى أن عدم استقرار المنطقة تسبب فى خسائر كبيرة، حيث تسببت العمليات الإرهابية فى تراجع تدفق السياح بحدود 103.4 مليون سائح عما كان متوقعًا فى سنوات الاضطراب التى تلت اندلاع الاحتجاجات، والتى تسببت أيضًا فى تشريد أكثر من 14 مليونًا و389 ألف لاجئ، أما تكلفة اللاجئين فبلغت 48.7 مليار دولار.

وأوضح تقرير مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية فى غرب آسيا «الاسكوا» أنه فيما يتعلق بمصر فإن أكثر الفئات تضررًا من ثورات الربيع العربى، هى الشباب، موضحًا أن فى عام 2012، كان 91.1 % من الشباب العاملين فى مصر يشغلون وظائف غير رسمية.

وقال التقرير: إن اندلاع الاحتجاجات فى ليبيا، وتطورها إلى قتال مسلح، تسببت فى نزوح غالبية المصريين الذين كانوا يعملون هناك، مما تسبب فى تفاقم أزمة البطالة داخل مصر، مشيرًا إلى أن إجراءات بعض الدول من بينها مصر إلى خفض عملتها أمام الدولار، سببه ارتفاع معدلات التضخم فى أعقاب تلك الأحداث.

زاد على الأزمة فى ليبيا أزمة أخرى فى السودان، وبذلك أصبحت مصر محاطة بالأزمات وتأثيراتها السلبية وتدفع وحدها الفاتورة وذلك قدر الكبار، لكن استمرار تلك الوتيرة من التأثيرات السلبية أكبر من القدرة على تحملها، وهو ما يفرض على الشركاء الدوليين التعاون مع مصر من أجل عدم تفاقم أزمات المنطقة.

تحذيرات النائب المعارض هى جرس إفاقة للغافلين عن حجم وتأثير مصر، وأنها صمام أمان منطقة الشرق الأوسط، ويكفى النظر إلى الجهد المصرى لإقرار الهدنة فى غزة، والدور الذى قام به معبر رفح من أجل استدامة المساعدات للقطاع وحجم الاتصالات الدبلوماسية من أجل التهدئة.

ووصلت مصر إلى نقطة الهدنة الفلسطينية - الإسرائيلية ومدها ليومين، بجهد مصرى مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وواصلت مصر جهودها المكثفة على مدار الساعة، لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر منفذ رفح، منذ بدء دخولها يوم 21 أكتوبر الماضى. وقد ساهم فى إرسال هذه المساعدات، التى قدمت مصر نحو 70 % منها، عشرات من الدول والمنظمات والهيئات الإنسانية والسياسية، بعدد 239 رحلة جوية وصلت مصر منذ هذا التاريخ.

وبلغ حجم المساعدات الطبية التى تم إدخالها إلى القطاع حتى الثلاثاء 28 نوفمبر، 2973 طنًا، وبلغ حجم المساعدات من المواد الغذائية 11972 طنًا، وحجم المياه 9111 طنًا، فضلاً عن الخيام والمشمعات، بالإضافة إلى 2611 طنًا، من المواد الإغاثية الأخرى. وقد تم إدخال 1178 طنًا من الوقود حتى مساء الثلاثاء الماضي، وبلغ إجمالى عدد الشاحنات التى عبرت من معبر رفح إلى قطاع غزة 2670 شاحنة خلال هذه الفترة.

واستقبلت فى نفس الفترة، 575 مصابًا من أبناء غزة لعلاجهم بالمستشفيات المصرية ومعهم نحو 320 مرافقًا، إضافة إلى عبور 8691 شخصًا من الرعايا الأجانب ومزدوجى الجنسية، و1258 مصريًا، من قطاع غزة، وتسهيل دخول 421 فلسطينيًا عالقًا بمصر إلى القطاع.

ذلك هو قدر مصر فهى صمام أمان الشرق الأوسط والعالم، ودورها لا يمكن لأحد أن يقوم به، دور قديم له بعد حضارى وثقافى ومكون راسخ فى أذهان العالم، من أجل ذلك يصبح التغافل عن أمنها الاقتصادى جريمة كبرى فى حق الشرق الأوسط والعالم والتعاون معها هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار.