الإثنين 9 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الفريق شفيق رئيسًا بدون انتخابات

الفريق شفيق رئيسًا بدون انتخابات
الفريق شفيق رئيسًا بدون انتخابات


قبل أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات قرارها بفوز محمد مرسى بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية فى يونيو 2012خرج الفريق أحمد شفيق القطب الثانى فى المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية ليعلن للجميع أن الانتخابات تم تزويرها لصالح مرشح جماعة الإخوان.
وتضمنت الوقائع والمستندات التى تقدم بها الفريق شفيق ومحاميه إلى محكمة الجنايات وإلى اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، ما يثبت تزوير البطاقات الانتخابية فى المطابع الأميرية واستيراد أقلام من الخارج لاستخدامها فى الانتخابات وتزوير بطاقات الرقم القومى لبعض المواطنين وترويع ومنع الأقباط من التصويت بالسلاح ووقائع أخرى تؤكد أن العملية الانتخابية لم تكن سليمة أو نزيهة.
 
حتى الآن لم تصدر محكمة الجنايات أو اللجنة العليا للانتخابات قرارها فيما يخص هذه القضية الشائكة، ولكن من المؤكد أن قرار المحكمة أو اللجنة العليا سيثير جدلاً واسعًا أيًا كانت طبيعة القرار، وقد يتسبب قرار اللجنة العليا تحديدًا فى قلب الأمور رأسًا على عقب وتفجير مفاجأة لم يتوقعها أحد إذا أعلنت «بقرار محض» أن الفريق شفيق هو الرئيس الفعلى للبلاد منذ يوليو .2012
 
هذه الفرضية المحتمل حدوثها خلال أيام قليلة قادمة أثارت لدينا تساؤلات عديدة، هل يمكن أن نرى الفريق شفيق داخل القصر الرئاسى مخاطبًا الجماهير فى وقت قريب دون إجراء انتخابات جديدة؟
 
هل قرار اللجنة باعتبار شفيق هو الفائز فى الانتخابات الماضية سيكون قرارًا معنويًا فقط لرد الاعتبار وإزالة الشرعية المزعومة عن الرئيس المعزول؟ أم سيكون قرارًا واجب النفاذ على الأرض ويعطى الحق للفريق شفيق فى ممارسة عمله كرئيس لمصر؟
 
ما هى إمكانية حدوث هذا السيناريو المثير؟
 
كل هذه التساؤلات نجيب عنها فى السطور القادمة.
 
سلك الفريق أحمد شفيق ومحاميه طريقين مختلفين بعد العملية الانتخابية التى أجريت فى يونيو 2012 وتحديدًا بعد المرحلة الثانية من الانتخابات التى ضمت الفريق شفيق والرئيس المعزول محمد مرسى لإثبات أحقيته فى منصب رئيس الجمهورية وإثبات تلاعب الإخوان وأعوانهم بصناديق الانتخابات، الطريق أو الشق الأول «جنائى».. حيث قام الفريق شفيق بتحريك دعوى جنائية أما محكمة الجنايات فى 20 يونيو 2012 أى قبل إعلان النتيجة ضد جماعة الإخوان وبعض المسئولين يتهمهم فيها بتزوير الانتخابات الرئاسية لصالح محمد مرسى عن طريق طبع بطاقات انتخابية مزورة، فيما عرف بقضية المطابع الأميرية، وعن طريق منع بعض الأقباط فى المحافظات من الذهاب لمقر لجانهم الانتخابية للإدلاء بأصواتهم، ووقائع أخرى تنظرها المحكمة التى انتدبت المستشار عادل إدريس قاضى التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، وهو المستشار الرابع الذى انتدبته المحكمة للتحقيق فى البلاغات المقدمة من الفريق شفيق والتى لم تعلن نتيجتها حتى الآن. وهى القضية التى حُظر النشر فيها بناء على قرار القاضى المنتدب الذى يباشر التحقيق فى البلاغات المقدمة من الفريق شفيق حتى الآن، وفور انتهائه من التحقيقات سيقدم تقريره لمحكمة الجنايات معلنًا عن النتائج التى ستحدد وجود تزوير من عدمه مع إعلان أسماء المتورطين فى التزوير لمحاسبتهم.
 
الطريق أو الشق الآخر لهذه القضية يتعلق بالطعن الذى تقدمه به الفريق شفيق ضد سير العملية الانتخابية، ثم التظلم الذى تقدم به للجنة العليا للانتخابات الرئاسية فور إعلانها لنتيجة الانتخابات وفوز مرسى بمنصب رئيس جمهورية مصر.. هذه اللجنة التى مازالت قائمة رغم إحالة بعض أعضائها للتقاعد واستبدالها بآخرين، وهى نفس اللجنة المعنية بإدارة الانتخابات الرئاسية القادمة.
 
د. شوقى السيد أستاذ القانون ومحامى الفريق شفيق فى هذه القضية يفسر الأمر لروزاليوسف قائلاً: «قدمنا الطعون للجنة العليا قبل إعلان النتائج ثم تقدمنا بتظلم من قرار اللجنة بفوز مرسى وانعقدت جلسة للمرافعة قدمنا خلالها المستندات التى تؤكد حدوث تزوير لإرادة الشعب واستمعت اللجنة لمرافعتنا وحجزت الطعن المقدم للحكم فى الجلسة المقبلة، لكن خرج مرسى فى 26 يونيو فى خطاب شهير وعلّق على عمل اللجنة العليا للانتخابات، ملوحًا بأن قراراته محصنة فاعتبرت اللجنة ما فعله مرسى تدخلاً فى شئونها فأعادت الطعن للمرافعة مرة أخرى ثم قامت ثورة 30 يونيو وتم تشكيل اللجنة العليا من جديد ومازال الطعن والتظلم منظور أمامها حتى الآن».
 
د. شوقى أكد لنا أن الدعوى الجنائية المرفوعة أمام محكمة الجنايات غير معنية بنتيجة الانتخابات، ولكنها معنية بمحاسبة المتورطين فى التزوير فقط، وأن اللجنة العليا للانتخابات والتى تنظر تظلم الفريق شفيق من النتيجة هى المعنية فقط بتحديد النتيجة الحقيقية للانتخابات فى ضوء المستندات المقدمة والتى تثبت تزوير العملية الانتخابية لصالح مرسى، وأن اللجنة العليا قد تستعين بقرار محكمة الجنايات حال صدوره لتأكيد حدوث التزوير من عدمه، وقد لا تستعين به لتعلن نتيجة التظلم المقدم من الفريق شفيق.
ويكمل د. شوقى تصريحاته قائلا: «القرار الذى أصدرته اللجنة العليا للانتخابات فى 2012 بفوز مرسى فى الانتخابات الرئاسية كان قائمًا على الانتخابات نزيهة وغير مزورة وفى حين تأكدت اللجنة العليا أن السبب التى بنت عليه هذا القرار غير صحيح وأن الانتخابات كانت مزورة، ستصدر اللجنة قرارًا جديدًا بنتيجة مختلفة من الذى أصدرته من قبل، واللجنة العليا لم تحدد جلسة للنطق بالقرار حتى الآن وتابعتهم أكثر من مرة ولا جديد حتى هذه اللحظة، ولكن فى حال تأكد اللجنة من أن الانتخابات الرئاسية كانت مزورة لصالح مرسى ستعلن اللجنة بطلان قرارها السابق بفوز مرسى وإعلان قرارها الجديد إما بإلغاء الانتخابات وإعادتها أو إعلان فوز الفريق شفيق.
 
انتهت تصريحات د. شوقى السيد حول وضع القضية المثيرة للجدل لتفتح مجالاً جديدًا وخطيرًا لجدل أوسع وتفرض عليه التفكير فى سيناريو آخر لم يتوقعه أحد قد يحدد هوية رئيس مصر القادم بدون انتخابات جديدة.
 
هذا السيناريو مرهون بقرار قد يعلن خلال الأيام القليلة القادمة عن طريق اللجنة العليا للانتخابات التى تتمتع بحصانة قراراتها القضائية طبقًا لدستور 2012 المعدل، والتى تنظر الآن تظلمًا قضائيًا من قرارها قدمه الفريق شفيق وعليها أن تُصدر قرارًا قضائيًا محصنا فى ضوء المستندات والوقائع الموجودة أمامها منذ عامين تقريبًا.. وقرار اللجنة العليا للانتخابات فيما يخص هذا التظلم أو الطعن الذى قدمه شفيق قد يقلب الأمور رأسًا على عقب ويأخذنا إلى طريق مختلف تمامًا لم يتوقعه أحد.
 
فإذا تأكدت اللجنة العليا من وقائع تزوير الإخوان لانتخابات 2012 وأقرت بأن الانتخابات شابها التزوير وأن قرارها الأول بفوز مرسى كان قائمًا على أسباب فاقدة للشرعية، سينحصر قرار اللجنة العليا بين أمرين، الأول هو إبطال نتيجة الانتخابات وإسقاط النتيجة التى أعلنتها مسبقًا بفوز مرسى وإعادة الانتخابات برمتها والثانى هو إعلان النتيجة الصحيحة بعد سحب الأصوات الباطلة من إجمالى ما حصل عليه المعزول وإعلان نجاح الفريق شفيق فى انتخابات .2012
 
وفى كلتا الحالتين يعتبر قرار اللجنة العليا محصنا طبقًا للدستور الحالى، وإذا أعلنت اللجنة أن الفريق شفيق هو الفائز فى الانتخابات الماضية وليس مرسى، هذا يعنى أن الفريق شفيق هو الرئيس الشرعى للبلاد منذ يوليو 2012 ومن حقه ممارسة عمله كرئيس للجمهورية وتكملة المتبقى منذ فترة الرئاسية حتى يوليو .2016
 
وقرار لجنة الانتخابات بعودة شفيق إلى منصبه سيقلب الأمور رأسًا على عقب، وسيغير الكثير من الأوضاع داخل البلاد، فعودة شفيق تعنى أن جميع القرارات التى اتخذها محمد مرسى منذ يوليو 2012 وحتى عزله أثناء ممارسته لمهام رئيس الجمهورية ستصبح باطلة ولا أساس لها ولا يجوز التصرف على أساسها سواء قرارات تتعلق بالشأن الداخلى أو الخارجى.
 
وكذلك تُسقط عن الإخوان ورقة التوت الأخيرة وما يسمونه دومًا «بشرعية مرسى» حيث إن شرعيته المزعومة ستسقط تمامًا ولا يجوز معاملته كرئيس سابق للبلاد، وهذا ينهى تمامًا كل مساعى الإخوان لتدويل قضية مرسى وتصوير ما حدث وكأنه انقلاب على شرعية رئيس منتخب أمام المحاكم الدولية.
 
هذا السيناريو قد يكون له جانب مضىء فيما يخص الوضع الخارجى لمصر ولكن بالتأكيد سيكون له جانب مظلم داخليًا، فدخول شفيق قصر الرئاسة ووجوده على سُدة الحكم فى مصر قد يتسبب فى إحباط عدد كبير من المصريين الرافضين والمعارضين للفريق شفيق، وإحباط عدد كبير جدًا من المواطنين الذين لا يتخيلون أن الرئيس القادم لمصر سيكون شخصًا آخر سوى المشير عبدالفتاح السيسى، ولعله يمثل ثغرة شديدة الحساسية تستطيع جماعة الإخوان أن تُنقذ منها لإشعال الأوضاع مجددًا داخل البلاد، ولا يمكننا أن نتجاهل هذا السيناريو المحتمل ونسبة حدوثه كبيرة وتصل إلى 50٪ وقد يستيقظ المصريون ذات يوم ليجدوا شفيق رئيسًا شرعيًا للبلاد بقرار محصن من اللجنة العليا للانتخابات.
 
والخروج من المأزق الذى قد نقع فيه فى حال حدوث هذا السيناريو وحل الأزمة التى قد تفرضها الظروف الاستثنائية خلال الأيام المقبلة فى يد الفريق شفيق وحده.
 
فإذا أصر الفريق شفيق وقتها على إكمال فترته الرئاسية، وأنه يمكث فى قصر الرئاسة عامين كاملين سيتسبب ذلك فى تأزم الأوضاع الداخلية للبلاد بشكل كبير.
 
أما إذا بقى فى منصبه شهورًا قليلة لإصلاح ما أفسده الإخوان من قرارات وصفقات سيئة السمعة، ثم قرر من تلقاء نفسه فتح باب الترشح لانتخابات رئاسية جديدة مع عدم رغبته فى الاستمرار فى منصبه نظرًا للأوضاع التى تمر بها البلاد سيكون بذلك قد سلك الطريق الأفضل والمناسب للحفاظ على استقرار مصر بعد ثلاثة أعوام من الظروف الاستثنائية.