الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

منظمة الصحة قلقة.. وخبراء صينيون: الحقائق تتحدث عن نفسها كابوس كورونا هل يعود من جديد؟

يبدو أن زيادة حالات الأمراض التنفسية والالتهابات الرئوية التى انتشرت بين الأطفال فى الصين أخيرًا قد استرعت الانتباه ورفعت منسوب القلق لدى العديد من الأوساط الصحية وفى مقدمتها منظمة الصحة العالمية التى سارعت فى إرسال طلب رسمى الأسبوع الماضى إلى بكين للحصول على معلومات تفصيلية حول زيادة تلك الأعراض التنفسية وحالات الالتهابات الرئوية.



  العودة لارتداء الكمامات

فبعد مرور نحو أربع سنوات على ظهور جائحة «كوفيد- 19» فى الصين والعالم، عاد نقاش الأوساط الصحية مجددًا بشأن انتشار مسببات الأمراض التنفسية المعروفة، ومدى قدرة النظام الصحى على التعامل مع مثل هذه الحالات. كما حثت منظمة الصحة العالمية الصينيين على اتخاذ الإجراءات الاحترازية والعودة لارتداء الكمامات للوقاية من العدوى.

فهل هناك عودة وشيكة لكابوس كورونا الذى مر به العالم على مدار عامين كاملين وكاد أن يوقف مظاهر الحياة بالكامل؛ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون حدثًا صحيًا طارئًا مقصورًا على فصل الشتاء وموجة البرد القاسية التى تواجه بكين حاليًا، والتى ساهمت فى انتشار الأمراض التنفسية المعدية المعروفة؟

إجابة هذه السؤال جاءت فى تحقيق استقصائى نشرته صحيفة «جلوبال تايمز» الصينية أخيرًا حول الوضع الصحى فى البلاد وأسباب ارتفاع حالات أمراض الجهاز التنفسى فى المستشفيات فى جميع أنحاء الصين، حيث أفادت الصحيفة الصينية بأن المستشفيات تواجه فى جميع أنحاء الصين ارتفاعًا كبيرًا فى حالات أمراض الجهاز التنفسى لدى الأطفال، وخاصة الارتفاع المفاجئ فى الالتهاب الرئوى الميكوبلازما. 

وأن السلطات الصحية فى البلاد عملت على توفير المزيد من الأسرّة لعلاج الالتهاب الرئوى وتخصيص المزيد من القوى العاملة، بالإضافة إلى تمديد ساعات العمل فى المستشفيات.

 اكتظاظ المستشفيات

وجاء فى هذا التحقيق أن صحيفة جلوبال تايمز علمت من العديد من المستشفيات والعيادات فى بكين وشانغهاى ومقاطعة خنان بوسط الصين أنه على الرغم من مواجهة تلك الزيادة الواضحة فى زيارات المرضى الخارجيين والمرضى الداخليين لأمراض الجهاز التنفسى هذا الشتاء؛ فإن النظام الصحى فى البلاد لم يتعرض للإرهاق كما حدث خلال المرحلة المبكرة من المعركة ضد «كوفيد- 19».

كما نقلت الصحيفة عن مسئولى الصحة فى بكين والمدن الكبرى الأخرى شمالى الصين، أن الأمراض الموسمية، بما فى ذلك الأنفلونزا والفيروس التنفسى المخلوى، (فيروس شائع جدًا ومعدٍ يسبب التهابات فى الجهاز التنفسى)، وكذلك الالتهاب الرئوى (الميكوبلازما)، وهي عدوى بكتيرية عادة ما تكون خفيفة وتؤثر على الأطفال، كانت الأسباب وراء اكتظاظ المستشفيات.

وكانت لجنة الصحة الوطنية الصينية قد كشفت قبل أيام قليلة أن أمراض الجهاز التنفسى المعدية التى أبلغت عنها أنظمة المراقبة والمستشفيات حديثًا فى جميع أنحاء الصين، كانت ناجمة عن مسببات أمراض وبائية معروفة.. وتشمل مسببات الأمراض تلك بشكل أساسى فيروس الأنفلونزا والميكوبلازما الرئوية والفيروس الغدى والفيروس المخلوى التنفسى.

وأصدرت اللجنة تعليمات إلى المحليات فى البلاد لضمان تنفيذ التشخيص والعلاج المقررين، وتعزيز التوجيه التقنى للمرافق الطبية على المستوى الأولى لتعزيز قدراتها، وفقًا لما ذكره هو تشيانغ تشيانغ، المتحدث باسم لجنة الصحة الوطنية الصينية، خلال مؤتمر صحفى.. وقال هو إن اللجنة طلبت أيضًا من المحليات نشر معلومات عامة بشأن المرافق الطبية التى تقدم خدمات للأطفال، لمساعدة الآباء فى العثور على أقرب مستشفى لهم.

 تفشى المرض بين الأطفال 

جاء ذلك بالتزامن مع إعلان منظمة الصحة العالمية أنها تسعى للحصول على معلومات إضافية عن هذه الإصابات.

وأضافت إنها توصى السكان فى الصين «باتباع التدابير اللازمة للحد من مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسى»، ومن هذه التدابير «التطعيم الموصى به، والابتعاد عن الأشخاص المرضى، والبقاء فى المنزل عند المرض، وإجراء الفحوص، وتلقى الرعاية الطبية عند الحاجة، ووضع كمامات عند الاقتضاء، وضمان التهوية الجيدة، وغسل اليدين بانتظام».

وأشارت المنظمة إلى أن السلطات الصينية أرجعت هذه الزيادة فى أمراض الجهاز التنفسى إلى رفع القيود المرتبطة بـ«كوفيد- 19» وانتشار مسببات الأمراض المعروفة.

وكان مفاد ما جاء ببيان منظمة الصحة أن الصين أبلغتها أنها لم تكتشف مسببات غير عادية لتزايد حالات الأمراض التنفسية فى البلاد.. وأضافت إنها طلبت فى 22 نوفمبر معلومات وبائية وسريرية إضافية، بالإضافة إلى النتائج المخبرية حول حالات تفشى المرض المبلغ عنها بين الأطفال.

ومن أجل إدارة الطلب المرتفع فى المستشفى، كانت هناك زيادة بنسبة 86.36 بالمائة فى عدد الأطباء المتاحين للزيارات. علاوة على ذلك، تم تنفيذ نظام المسار السريع المخصص للأطفال المصابين بأمراض خطيرة، مما يسمح لهم بتلقى التقارير التشخيصية على الفور، حسبما ذكر تقرير صحيفة بكين يوث ديلى. 

 طوابير طويلة

وشدد تشو على أنه «على الرغم من أن بعض مستشفيات الأطفال قد يكون لديها طوابير طويلة وتوافر أجنحة محدود؛ فإن الموارد الطبية بشكل عام لم تصل إلى حالة من الضغط الشديد. لقد تعلمت المستشفيات من تجاربها مع كوفيد-19 وطورت استراتيجيات لتحديد أولويات الحالات الشديدة وتصنيف العلاج على أساس الأعراض».. كما قامت المستشفيات الكبرى  والسلطات الصحية المحلية بنشر معلومات حول تدابير الوقاية من الأنفلونزا والالتهاب الرئوى على المجتمعات والمستشفيات الشعبية وقال تشو إنها محاولة لتخفيف الضغط.

من ناحية أخرى، كشف خبير من مركز شنغهاى الطبى للأطفال، الذى طلب عدم الكشف عن هويته، لصحيفة جلوبال تايمز، أن الوضع الطبى العام فى المستشفيات مستقر حاليًا، مع انخفاض عدد الأطفال الذين يبحثون عن علاج لعدوى الالتهاب الرئوى الميكوبلازما وزيادة فى حالات الأنفلونزا.

 عيادات إلكترونية 

كما علمت صحيفة جلوبال تايمز فى شنغهاى أن المستشفيات الكبرى فى هذه المدينة تضيف اختبارات ما قبل الفحص، والجدولة الطبية، وتعزز خدمات العيادات الخارجية القائمة على الإنترنت كجزء من جهودها لتخفيف ضغط استقبال المرضى. كما أدت هذه الخطوة إلى تقليل وقت انتظار المرضى. 

وذكرت الصحيفة بأنه وعلى الرغم من الاكتظاظ فى المستشفيات، لا يزال معظم الناس يميلون إلى البحث عن الأطباء فى المستشفيات الكبرى. ومع ذلك، قال الخبراء إن المستشفيات المجتمعية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا فى إدارة هذه الموجة من أمراض الجهاز التنفسى. 

 السبب وراء الزيادة الملحوظة

وكشفت جلوبال تايمز عن السبب الحقيقى وراء اكتظاظ مستشفيات الصين بالأطفال المصابين، موضحة أن أمراض الجهاز التنفسى هذا العام تنجم عن مسببات الأمراض المعروفة، ولكن كانت هناك زيادة ملحوظة فى حالات الالتهاب الرئوى الميكوبلازما، وهو الأكثر مقاومة للمضادات الحيوية بسبب الإفراط فى استخدامها على المدى الطويل. وذكر تشو وهو نائب مدير قسم طب الأطفال فى المستشفى الأول التابع لجامعة خنان للطب الصينى أنه فى ممارسته السريرية، فإن حوالى 80-90 فى المئة من الأطفال المصابين بالالتهاب الرئوى الميكوبلازما لديهم مقاومة للأدوية شائعة الاستخدام. وقال: لم يعد العلاج المبكر عن طريق الفم فى العيادات الخارجية فعالًا، مما يؤدى إلى دخول المزيد من الحالات إلى المستشفى.

 الضجيج متحيز

الضجيج متحيز، هكذا وصفت صحيفة جلوبال تايمز التقارير الخارجية التى تتحدث عن الوضع الصحى فى الصين. وأشارت الصحيفة إلى أنه وسط تصاعد أمراض الجهاز التنفسى فى الصين، والتى أرجعتها السلطات الصحية فى البلاد بالفعل إلى مسببات الأمراض المعروفة، كانت بعض تقارير وسائل الإعلام الخارجية تبالغ فى إثارة خطورة الأمراض، بل إنها تثير الشكوك حول شفافية الصين فى التعامل مع أمراض الجهاز التنفسى. وأثارت هذه التقارير مخاوف بشأن ما إذا كان ينبغى فرض قيود على السفر على الصين. 

ونقلت الصحيفة رفض خبراء الجهاز التنفسى وطب الأطفال فى الصين هذه الادعاءات، حيث أشاروا إلى أن مثل هذه الضجة لا تستند إلى حقائق، مذكرين الدول ووسائل الإعلام الخاصة بتجنب وجهات نظرهم المتحيزة عند الإبلاغ عن الشئون المتعلقة بالصين.. وكشفت الصحيفة انتقاد خبراء الصحة الصينيين لهذه التقارير الأجنبية والتى اعتبروها أنها تتعمد تقديم صورة غير إنسانية للصين. 

 الحقائق تتحدث عن نفسها

وقالت الصحيفة إنه عندما تقدمت منظمة الصحة العالمية بطلب قياسى إلى الصين الأسبوع الماضى للحصول على معلومات بشأن حالات «الالتهاب الرئوى غير المشخص» المبلغ عنها، نشرت بعض وسائل الإعلام الغربية هذا الطلب باعتباره غير عادى. وأشار الخبراء إلى أن هذه كانت محاولة لإضفاء الإثارة على شفافية الصين بشأن زيادة أمراض الجهاز التنفسى.

وتعليقًا على القلق والمخاوف المبالغ فيها لوسائل الإعلام بشأن مرض الجهاز التنفسى فى الصين، قال تشو، من المستشفى الأول التابع لجامعة خنان للطب الصيني، لصحيفة جلوبال تايمز إنه ليس من المستغرب أن نرى بعض وسائل الإعلام الغربية تنشر معلومات كاذبة عن الصين. «لكن الحقائق تتحدث عن نفسها».