السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد تكريمها فى مهرجان شرم الشيخ المسرحى: سميرة محسن: لا تراجع عن قرار اعتزالى.. ولا توجد أدوار تناسب جيلنا

فنانة لها «تيمة» خاصة استطاعت أن تثبت جدارتها فى مجالات فنية مختلفة، جنت على أثرها عددا كبيرا من التكريمات، يأتى أحدثها من خلال مهرجان شرم الشيخ لمسرح الشباب.. هى الفنانة القديرة «سميرة محسن» التى تم إهداء الدورة الثامنة من عمر المهرجان لاسمها، نظرا لما قدمته من بصمات فى الدراما والسينما والعمل الأكاديمى ما جعلها تحفر اسمها كـ«أستاذة وكاتبة وفنانة شاملة» بمعنى الكلمة.



 

وفى الحوار التالى تفتح الفنانة القديرة «سميرة محسن» قلبها لـ«روزاليوسف» لتتحدث عن تفاصيل اعتزالها واختياراتها الفنية وشهادتها فى حق الفن الذى شهدت تطوره لأكثر من أربعة عقود.. فإلى نص الحوار:

 كيف تلقيتِ خبر تكريمك وإهداء الدورة الثامنة من مهرجان شرم الشيخ المسرحى لاسمك؟

- سعدت كثيرا خاصة أن التكريمات التى تلقيتها حتى الآن لم يكن لى يد بها وكلها جاءت حصيلة لجهودى وأعمالى، مثلما حدث فى تكريم مهرجانى السينما والمسرح القوميين.. وأكثر ما يسعدنى بفكرة التكريم هى إسعاد أولادى به سواء أولادى الحقيقيين أو أولادى من طلبة المعهد.

 هل التكريمات برأيك جاءت متأخرة؟

- لا إطلاقا.. فأنا تم تكريمى بمهرجان تليفزيون الخليج منذ 15 عاما وتم تكريمى من المهرجان القومى للسينما عن دورى بفيلم (شيء من الخوف) منذ الستينيات من القرن الماضى، وتم تكريمى عن إنتاج فيلمى (سنة أولى نصب) و(ملاكى إسكندرية) بجوائز أفضل إنتاج. وبرأيى لا يوجد فارق بين تكريم العمل الواحد لى وتكريمى عن مجمل أعمالى لذلك أنا أعتبر نفسى أحصل على التكريمات منذ بداياتى.

 بما أنك من متابعى مهرجان شرم الشيخ المسرحى كيف تقييمين خطواته فى السنوات الماضية؟

- حضرت جميع دوراته تقريبا إلا دورة واحدة بسبب انشغالى بالامتحانات بالمعهد. وفى كل عام كان المهرجان يتقدم بخطوات كبيرة فى جودته واتساع رقعة جمهوره ومستوى العروض من مختلف دول العالم وعلى مستوى التنظيم ولجنة التحكيم. ومنذ بداياته وهو يخطو خطوات ناجحة وثابتة واستطاع أن يثبت نفسه وأكبر دليل على ذلك تولى قامات مثل «محمد صبحى» والقديرة «سميحة أيوب» رئاسته الشرفية فى كل عام. فصناعه من أبناء المعهد العالى للفنون المسرحية ونجاحهم هو نجاحنا.

 رغم نجاحاتك فى السينما والتليفزيون ولكن ظل المسرح له مكانة خاصة عندك.

- كانت بداياتى من خلال خشبة المسرح عندما قدمنى المخرج «كمال ياسين» فى إحدى مسرحياته عندما كنت طالبة بالمعهد أمام مجموعة كبيرة من نجوم وعمالقة المسرح مما أعطانى دفعة كبيرة بأننى يجب أن أثبت نفسى وموهبتى. وعملت فى عدد كبير من المسرحيات بتوقيع أساتذتى «كمال ياسين، نبيل الألفى، حسين جمعة وحسن عبدالسلام». وأذكر أننى قدمت مع الأستاذ «نبيل الألفى» مسرحية (الحكيم) مع «سهير البابلى وحمدى غيث ونور الشريف ومحمد وفيق» وغيرهم، وكنت أنا أقدم العمل يوم و«سهير البابلى» تقدمه فى الليلة الأخرى مما وضعنى فى مكانة كبيرة وأعطانى حافزا كبيرا. وبالمناسبة كانت بدايتى السينمائية من خلال المسرح لأن المخرج الراحل «حسين كمال» كان قد شاهدنى فى عرض مسرحى ورشحنى للمشاركة بفيلم (شيء من الخوف).

 ألم يؤثر اختيارك للعمل الأكاديمى على نجوميتك بالفن فى أول طريقك؟

- لا.. لم يؤثر إطلاقا.. فأنا عملت كثيرا فى السينما وقدمت أكثر من عمل مع مخرجين كبار مثل «حسين كمال وعاطف الطيب» وغيرهما.. حتى جاءت البعثة الأكاديمية وقررت السفر لاستكمال دورى الأكاديمى، وقد كان ذلك بناء على نصيحة أساتذتى الذين قالوا لى إن الفنان كلما كبر عمره قل ثمنه بينما الأستاذ كلما كبر عمره زاد ثمنه وقدره. وأصبح الأمر حقيقة فأنا معتزلة عن العمل الفنى منذ 3أو 4 سنوات والعمل بالمعهد هو الباقى لى وكتب لى الاستمرارية. وبالمناسبة الدراسة الأكاديمية ثبتت خطاى أكثر بالفن فأصبحت على دراية بأبعاد الدور واختلفت اختياراتى بعدها. وصرت بشكل عام أحب الخوض بمجالات كثيرة تكتب لاسمى الاستمرارية فلو لم أمثل أقوم بالتأليف، لو لم أكتب أقوم بالإنتاج، لو تركت الفن استمر بالتدريس وهكذا.

 بالحديث عن الاعتزال ما الأسباب التى أدت إلى هذا القرار؟

- لأن فى تيمة السينما والتليفزيون لا يعطون بطولات لكبار السن ويكتفون بالشباب الصغار فقط، ولا أعنى هنا البطولة المطلقة ولكن البطولة هى دور مؤثر بالعمل ولا يمكن حذفه. وأنا بدأت بطلة ومن الصعب أن أقدم دورا لا يتفق مع تاريخى. فكلما كبرنا توجد لنا أدوار ملائمة لعمرنا ومكانتنا الفنية ومع عدم وجود نص يمكن تقديمه أو يعتمد على أدوار لجيلنا فقررت الابتعاد والاكتفاء بعملى كأستاذة. 

 ألم تفكرى بالعدول عن هذا القرار؟

- لا.. لأن أى قرار أقوم باتخاذه بناء على دراسة نفسية وأسرية ومادية وقد اقتنعت تماما فنحن كجيل يجب علينا الابتعاد لأننا حصلنا على «زُبد» الفن، ويجب أن نترك المجال لغيرنا من أجيال، وأنا أظهر بدورى كأم وكأستاذة وفخورة بأولادى فى المجال فأنا قمت بالتدريس لأجيال من النجوم وتخرج على يدى ممثلون ذوي موهبة كبيرة منهم «خالد النبوى وأحمد السقا ومجدى كامل ومحمد رياض ورانيا فريد شوقى وماجد الكدوانى وأشرف زكى وأحمد حلمى وسوسن بدر وروجينا وكمال أبو رية وطارق لطفى وحسن الرداد» وغيرهم الكثير. 

 مَن مِن تلامذتك الأقرب لك فى التواصل؟

- كلهم محبون وعلى تواصل دائم معى ونقوم بالتجمع سنويا معا.. ولكن أقربهم لى «خالد النبوى» وهو من أول الدفعات التى تخرجت على يدى وهو متواصل معى حتى الآن ويسرد لى شكواه الفنية. وأنا سعيدة جدا به وباختياراته لأدواره بعناية شديدة وعدم استهلاك نفسه.

 بالعودة للمسرح كيف تقيمين وضعه الحالى من خلال مشاهداتك؟

- لا يوجد مسرح نظرا للظروف التى نمر بها ولكنى لا أنكر وجود عدد كبير من التجارب التى نالت إعجابى ربما كان آخرها مسرحية (الحفيد). والحركة الفنية بشكل عام تتأثر بالسلب بالحركة السياسية والاقتصادية، ونحن منذ عهد الإخوان تقريبا ونحن فى صراع اقتصادى وفنى بحيث نقدم أفضل ما لدينا فى أقل الإمكانيات ولكن هذه ليست القيمة الإنتاجية لمصر. الفن يحتاج إلى ميزانية كبيرة وبجانب هذا أعتقد أن هناك مشكلة كبيرة فى النصوص والتأليف.

 هل هناك أمل فى مسرح الشباب؟

- بالطبع فهناك مسرح الجيب أو التجارب فهو يعرض كل فترة مجموعة من المسرحيات المتميزة جدا وعروضا قيمة ولكن المشكلة فى المشاهدين أنفسهم فلا يوجد إقبال جماهيرى على عروض المسرح بشكل عام. ولكن بشكل عام التجارب الشبابية هى الأجدر حيث إنها تعتبر نتاج طلبة الماجستير والدراسات العليا هنا بالمعهد، وبالتالى لا يتم صرف الكثير من التكاليف على العرض نفسه والمسرح يحصل على مصروفات الكهرباء وغيرها من خلال التذاكر الرمزية فقط.

 ما رأيك فى المسرح الذى تم استحداثه فى بعض الدول؟

- ما يتم تقديمه لا يمكن تصنيفه بأنه مسرح، فالمسرح ليس فقط صرحا ومبنى ولكنه نص وروح وأداء وإتقان وفن وكلمة ومخرج، ولكن كل بلد حرة فى أمرها.

 ما سبب ابتعاد أولادك عن الوسط الفني؟ 

- أنا لم أحببهم فى الوسط الفنى، بسبب عدم الاستقرار العائلى الذى يعانى منه أهل الفن..ولكنهم مشاهدون جيدون جدا ويفهمون بالفن والثقافة والقراءات وغيرها ولكن فى النهاية كل منهم اختار طريقه فأحدهم يعمل بالشرطة والآخر يعمل بالبحرية التجارية وليس لهم أية علاقة بالفن. 

 وماذا عن كتاباتك؟ ألم تفكرى بالعودة للمجال؟

- آخر ما كتبته للتليفزيون كان مسلسل (الست أصيلة).. والمخرجون الذين يختارون النصوص الآن يختارونها متشابهة تسير بتيمة واحدة ولا يبحثون عن الجديد. والحقيقة أن الدراما تعانى أيضا من أزمة كتابة سببها الرئيسى هو ظهور الورش، فلا يمكن أن تتم كتابة نص متناسق ومترابط من خلال عدة أشخاص كل منهم يقوم بكتابة حلقة من العمل. وهناك عدة أسماء للمؤلفين الكبار مثل «محمد جلال عبدالقوى» لم تتم الاستعانة بهم رغم مكانتهم الفنية الكبيرة.

 هل توقفك عن الإنتاج كان بسبب أزمة مالية؟

- لا إطلاقا.. ولكن لك أن تتخيلى أننى قمت بإنتاج فيلم (سنة أولى نصب) بمشاركة «محمد حسن رمزى ووائل عبدالله» بـ10 ملايين جنيه فقط، بينما الآن أجر النجم الواحد قد يصل لمئة مليون جنيه فكيف لى أن أقوم بإنتاج فيلم كامل. 

 أنت شاهدة على ما يزيد على أربعة عقود فنية فما تقييمك لتطور الفن خلال تلك الفترة؟

- الفن يتطور فى الأمور التكنولوجية والتكنيكية مثل التصوير والإضاءة والمونتاج وغيرها، كما أن هناك كوادر إخراج وتصوير وفنانين جيدين جدًا.. ولكن لا يوجد نصوص لا يوجد ورق يعملون عليه.

 مَن مِن النجوم الشباب يستطيع ترك بصمته للاستمرار؟

- نحن لا نملك شبابا فأصغر من ترك بصمة قوية من الفنانين قد تعدى عمره الـ45 عاما، لا أستطيع القول بأن هناك شخصا ترك بصمة مثل الراحلين «نور الشريف ومحمود ياسين» أو مثل «عادل إمام» وغيرهم من الذين تركوا أعمالا وفنا يعيش لأجيال. فالجيل الجديد ربما لم يجد النص الجيد الذى تظهر قدراته من خلاله ويترك بصمته الخاصة فى تاريخ السينما.. وأعتقد أن الذين استطاعوا تحقيق تلك البصمة هم الأجيال السابقة للشباب ومنهم «أحمد حلمى وكريم عبدالعزيز وأحمد عز وأحمد السقا» والذين وجدوا مساحات لأدوار مكنتهم مما هم عليه حاليا.