الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. الفاتيكان والقضية الفلسطينية

ع المصطبة.. الفاتيكان والقضية الفلسطينية

ظل الفاتيكان رافضًا لإقامة دولة إسرائيل، مما أثار القلق لدى «تيودور هيرتزل» مؤسس الصهيونية، بعد أن أصدر الفاتيكان بيانا جاء فيه: «أما فيما يتعلق بإعادة بناء القدس بحيث تصبح مركزا لدولة إسرائيلية يعاد تكوينها، فإن ذلك يتناقض مع نبوءات المسيح الذى أخبرنا بأن القدس سوف تدوسها العامة حتى نهاية الزمن»



 

وفى عام 1917 رفع البابا بنديكت الخامس عشر شعار: «لا لسيادة اليهود على الأرض المقدسة» وعارض وعد بلفور منذ صدوره.. واستقبل البابا البعثة العربية الفلسطينية التى زارت الفاتيكان فى العام 1921 وتبنى رفض منح اليهود أى وضع مميز فى فلسطين، وشجع الفاتيكان المسيحيين العرب على المشاركة فى النضال ضد الحركة الصهيونية.

 

وما لا يعلمه كثيرون أنه من أوائل لجان المقاومة ضد العصابات الصهيونية التى قدمت إلى أرض فلسطين تلك اللجنة التى تشكلت بين الفاتيكان ومفتى القدس فى ذلك الوقت، أمين الحسينى، وظل موقف الفاتيكان واضحًا، إلى أن بدأ يتراجع أو بمعنى أدق يتم تحييده جزئيًا نتيجة لعدة عوامل متشابكة أبرزها ضغوط الولايات المتحدة والحرب الباردة، بالإضافة إلى قلق الفاتيكان من تنامى حركة لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينية.

 

وعندما تولى قداسة البابا يوحنا بولس الثانى كرسى القديس بطرس، ظهر على الساحة رجل أمريكى لعب دورًا بارزًا فى هذا الشأن، وهو وليم كيسى مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى رونالد ريجان، وهو بالمناسبة مهندس الصفقة المعروفة باسم «إيران جيت».

 

فبينما كان ريجان يحضر نفسه للانتخابات الأمريكية، كان جيمى كارتر يمر بفترة حرجة نتيجة لاحتجاز موظفى السفارة الأمريكية فى طهران من قبل ثوار الثورة الإسلامية فى إيران، حيث استمر احتجازهم وهى الأزمة التى استمرت من عام 1979 وحتى مطلع 1981 لمدة 444 يومًا.

 

ومع نشوب الحرب العراقية الإيرانية فى سبتمبر 1980 وجدت إيران نفسها فى مأزق لأن تسليح الجيش الإيرانى أمريكى منذ عهد الشاه وكانت طهران بحاجة للذخيرة وقطع غيار السلاح، هنا جرت لقاءات سرية بين وليم كيسى ومسئولين إيرانيين فى إسبانيا تم خلالها الاتفاق على المماطلة فى الإفراج عن الرهائن حتى يسقط كارتر فى الانتخابات على أن تمد أمريكا طهران بالذخيرة وقطع الغيار بعد فوز ريجان، وتم هذا بالفعل عبر إسرائيل التى قدمت الذخيرة لطهران وتم إرسال عائدات هذه الصفقة إلى متمردى الكونترا فى نيكارجوا».

 

وبعد نجاح ريجان أصبح وليم كيسى مستشارًا للأمن القومى، وكان وسيلة الإدارة الأمريكية فى التواصل مع الفاتيكان، خصوصًا أن كيسى نفسه كان كاثوليكيًا، وتقرب من البابا يوحنا بولس الثانى، واستطاع تحييد موقف الفاتيكان تجاه القضية الفلسطينية باعتبار أن إسرائيل تقف حائلًا أمام انتشار الشيوعية فى الشرق الأوسط خصوصًا أن الكثير من الدول العربية كانت حليفة للاتحاد السوفيتى، وفى ذلك الوقت كانت واشنطن بحاجة لمساعدة الفاتيكان لإسقاط الشيوعية فى شرق أوروبا بينما قامت المخابرات الأمريكية بالتخفيف من وطأة لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينية.

 

لكن رغم ذلك ظهر من قلب الكنيسة الكاثوليكية رجال دين شاركوا بشكل مباشر فى النضال ومنهم المطران الفلسطينى إيلارى كابوتشى الذى كان يهرب السلاح فى سيارته للفصائل الفلسطينية حتى تم نفيه من وطنه وظل بالفاتيكان حتى وفاته.  لكن هناك دائمًا تباين كبير بين الفاتيكان وفلسطين فيما يخص القدس، بعد يونيو 1967 واحتلال القدس، حيث اعتبر البابا بولس السادس وضع مدينة القدس الأساس فى العلاقة بين الفاتيكان وإسرائيل، وحددها فى ثلاث نقاط: حماية الأماكن المقدسة والطابع التاريخى والدينى لمدينة القدس، والطبيعة الدولية للقانون الذى يجب أن يطبق على الأماكن المقدسة والقدس، وضمانات خاصة بالحقوق المدنية والدينية للطوائف فى فلسطين.. أما بشأن العلاقة مع إسرائيل فقد أكد أنه لا يستطيع المشاركة فى أى اتفاق مع بلد لا يعترف به الفاتيكان، ولا يستطيع الاعتراف به طالما استمرت حالة الحرب فى الشرق الوسط قائمة، ولم يقم «الفاتيكان» علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا فى ديسمبر 1993، بعد اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل.