السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لتوحيد الرؤى والموقف المشترك العلاقات «المصرية - الإيرانية» تدخل مرحلة جديدة

فى ظل العدوان الغاشم، والاعتداء السافر، والحصار الشامل، الذى يفرضه الاحتلال الإسرائيلى على قطاع «غزة»، ما يسفر عن استشهاد وإصابة الآلاف من الفلسطينيين، إلى جانب تفاقم معاناة عشرات الآلاف غيرهم، فى صورة من صور الإبادة الجماعية، التى تمارَس بمنتهى القسوة التى أضيفت على قلوب كالحجارة، ضد شعب أعزل؛ تبذل الدولة المصرية كامل جهودها الحثيثة؛ لتقديم يد العون للأشقاء فى «فلسطين» بكل السُّبُل، والوسائل.



 

فالدولة المصرية، وجّهت جهودَها- منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى على «غزة»، فى السابع من أكتوبر الماضى- لدعم القطاع المحاصَر لأكثر من 40 يومًا متواصلًا، ليس عبر فتح مَعبر «رفح» لاستقبال الجرحى، وإرسال قوافل وشاحنات المساعدات التى تهدف لمساعدة سكان «غزة» فحسب؛ بل عَبْرَ استخدام كل وسائل الدبلوماسية من اتصالات، ولقاءات، واجتماعات ثنائية، وإقليمية، ودولية، من أجل تحقيق مزيد من توحيد الرؤى، والمواقف الدولية المشتركة، التى تهدف إلى دعم القضية الفلسطينية بشكل عام، وإنقاذ «غزة» بشكل خاص.

 اللقاء الأول منذ عقود

وفى ظل التحركات المكوكية للدولة المصرية لتعزيز الرؤى المشتركة؛ اتخذت «مصر»، و«إيران»- فى تحرُّك هو الأول من نوعه منذ عقود- خطوةً عملاقة نحو إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، عندما التقى زعيماهما للمَرّة الأولى منذ 45 عامًا على هامش (القمة العربية الإسلامية) فى العاصمة السعودية «الرياض» مطلع الأسبوع الماضى.

وبحث اللقاء بين الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، والرئيس الإيرانى «إبراهيم رئيسى» العلاقات الثنائية بين البلدَيْن، إلى جانب التركيز على الأوضاع فى قطاع «غزة»، إذ شدّدا على ضرورة منع تفاقم الصراع، والحفاظ على الاستقرار الإقليمى.

وقال- حينها- المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن الزعيمين بحثا تخفيف المعاناة الإنسانية، التى يواجهها الشعب الفلسطينى فى غزة؛ حيث أطلع الرئيس «السيسى» نظيره الإيرانى على جهود «مصر»، من أجل تحقيق وقف إطلاق النار فى قطاع «غزة»، وكذلك الجهود المصرية لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين فى القطاع.

ثم أوضح المتحدث الرئاسى، أن لقاء الرئيس «السيسى» مع الرئيس الإيرانى، جاء فى إطار فتح الأبواب لكل ما من شأنه أن يسهم فى وقف إطلاق النار، ويسهم فى إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع «غزة»، ويحفظ الأمن والاستقرار فى منطقة «الشرق الأوسط».

من جانبه، وصف الرئيس الإيرانى «مصر»- خلال اللقاء- بأنها (دولة صديقة). مسلطًا الضوءَ على الحاجة إلى مزيد من الوحدة بين الدول الإسلامية، قائلًا، إنه: «لا توجد أى قيود تَحُول دون تعزيز العلاقات مع دولة «مصر» الصديقة».

وفيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان «غزة»، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية «ناصر كنعانى»، إن بلاده أجرت مفاوضات متعددة مع الدول الإسلامية، بما فى ذلك «مصر». مشيرًا- فى هذا السياق- إلى أن وزيرَى خارجية البلدَيْن أجريا- بالفعل- ثلاث جولات من المحادثات الهاتفية.

ونَوّه «الكنعانى» إلى اللقاء الأخير بين رئيسَى «مصر»، و«إيران» فى «الرياض» بأنه تمحور حول تقديم المساعدات الإنسانية لأهل «غزة». مضيفًا أنه أجريت- أيضًا- نقاشات كبيرة حول القضية الفلسطينية، وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدَيْن، وبعض القضايا الإقليمية الأخرى.

ووصف المسئول الإيرانى لقاء الرئيس «السيسى»، و«رئيسى» بأنه (حدث مهم) فى العلاقات السياسية بين البلدَيْن وحظى باهتمام عالمى. مُعتبرًا أن تحسُّنَ العلاقات بين «مصر»، و«إيران» يصب فى مصلحة البلدَيْن، والعالم الإسلامى.

كما لفت إلى أن الجانب الإيرانى لديه تقييم إيجابى حول هذا اللقاء. مضيفًا- فى السياق ذاته- أنه تقرّر أن يقوم وزيرا خارجية البلدَيْن بإجراء لقاءات، واتخاذ خطوات متبادلة، من أجل تعزيز العلاقة بين الجانبَيْن.

جاء هذا اللقاء، بَعد أيام من تأكيد وزارة الخارجية، بإجراء اتصال هاتفى بين وزيرَى خارجية «مصر»، و«إيران» ناقشا خلاله الإعداد لقمّة «الرياض»، كما تبادلا التقييمات بشأن الوضع الأمنى والإنسانى فى قطاع «غزة».

وأكد وزير الخارجية الإيرانى «حسين أمير عبداللهيان»- حينها- تطلع بلاده لتطوير علاقتها مع «مصر»، واستعادتها لمسارها الطبيعى، الذى يتسق مع الميراث التاريخى والحضارى للدولتين. مُعتبرًا أن لقاء رئيسَى البلدَيْن خطوة مهمة على مسار تطبيع العلاقات.

جاء هذا، بَعد أن شهدت الأشهُر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين فى مناسبات عدة، من بينها لقاء وزيرَى خارجية البلدَيْن فى سبتمبر الماضى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى «نيويورك»؛ حيث بحثا- وقتها- سُبُل تطوير العلاقات بين البلدَيْن.

 تقريب وجهات النظر

عكس لقاء الرئيس «السيسى» مع نظيره الإيرانى، على هامش (القمة العربية الإسلامية)، رغبة البلدَيْن فى الانفتاح على إعادة العلاقات بينهما؛ خصوصًا مع تكرار المَطالب الإيرانية للاستعادة الكاملة للعلاقات، ورفع المستوَى الدبلوماسى بين البلدَيْن.

كما أكد اللقاء، إلى جانب الاتصالات بين الجانبَيْن فى الفترة الأخيرة على أهمية الحفاظ على لقاءات مستدامة، وبوتيرة متقاربة بين المسئولين المصريين ونظرائهم الإيرانيين، إذ يُعزز تواصُل اللقاءات سُبُل التفاهم المشترك، ويوفر فرصة للارتقاء بمستوى تلك اللقاءات، التى وصلت مؤخرًا إلى المستوى الرئاسى، وهو أمْرٌ يفتح الطريقَ أمام مزيد من التطور على المستوى الثنائى، ما يؤكد ثقل الدولة المصرية إقليميًا ودوليًا. 

 

 محدّدات مصرية واضحة

 

أوضح اللقاءُ بين رئيسَى البلدَيْن أن «القاهرة» تتبنّى نهجًا عقلانيًا وهادئًا فى إدارة علاقاتها مع القوَى الإقليمية، كما كشف عن إرادة الدولة المصرية فى تطوير علاقات متأنية مبنية على تفاهمات عميقة، بشأن عدد من الملفات التى قد تكون موضع تبايُن فى وجهات النظر؛ حيث جاء اللقاءُ انطلاقًا من الموقف المصرى، الذى كان ولا يزال مشجعًا على الانفتاح على كل القوَى الدولية، بما يخلق مسارًا لوقف العدوان الإسرائيلى على «غزة»، وتجنيب المنطقة مزيدًا من الضغط، أو مَخاطر توسيع نطاق الصراع.

 

بشكل عام، يبدو أن العلاقات «المصرية- الإيرانية» تدخل مرحلة جديدة بَعد طى صفحات الماضى، إذ عَززها الموقف المشترك بشأن مساندة شعب «غزة» من العدوان الإسرائيلى المتواصل، ولعل أبرز دليل على هذا، هو تأكيد عدد من المحللين السياسيين أن الاجتماع بين رئيسَى البلدَيْن عُقد وسط مخاوف من احتمال تصاعُد العدوان فى «غزة» إلى صراع أوسع، تشارك فيه جماعات موالية لدولة «إيران» وغيرها؛ بسبب ارتفاع عدد الشهداء المدنيين فى «غزة».

 

على كلٍّ، أكد اللقاء الثنائى أن «مصر» لا تدخر جهدًا دبلوماسيًا؛ لإجراء مناقشات جادة مع كل الأطراف الدولية؛ وبخاصة الأطراف المؤثرة إقليميًا؛ بغية احتواء الموقف داخل قطاع «غزة»، وضمان عدم استفحال الصراع إلى أزمة إقليمية كبرَى، بما يتماشى مع رؤيتها فى هذا الصدد؛ حيث جاء اللقاءُ فى وقت بالغ الأهمية للمنطقة؛ ليرسّخ فكرة استمرار الاتصالات المصرية الثنائية مع كل الأطراف، من أجل صياغة موقف قوى، وموحّد عربيًا، وإسلاميًا، يهدف إلى تشكيل جبهة ضغط قوية على الموقف الدولى، ومواجهة المسارات الإنسانية والدبلوماسية المُلحة، التى يتعين العمل على حلها.

 

فى النهاية؛ تؤكد التحركات المصرية خلال الفترة الأخيرة أمام العالم، أن الدولة عازمة على بذل كل مساعيها الممكنة، للحيلولة دون تفاقم الموقف فى قطاع «غزة»، ومن أجل الحد من أضرار العمليات العسكرية الوحشية، التى يقوم بها الاحتلال الإسرائيلى، بما يخالف القانون الدولى الإنسانى، وكل الأعراف والمواثيق الدولية.