الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
طوفان الأقصى المواجهة السابعة فى اليوم السابع والبادئ أظلم

طوفان الأقصى المواجهة السابعة فى اليوم السابع والبادئ أظلم

سردية كل من الحكومات الغربية والإعلام الغربى منذ أن بدأ الصراع الفلسطينى - الصهيونى الأخير تدور على اعتبار أن الصهاينة من حقهم الرد والدفاع عن أنفسهم انتقاماً للعملية الهجومية الخاطفة والموجعة التى قامت بها قوات من المقاومة الفلسطينية فى غزة فى عمق الأراضى التى يسيطر عليها الصهاينة، إضافة إلى واجب الحكومة الصهيونية فى تحرير المختطفين المدنيين المقدر عددهم بنحو مائتين.



ما تتجاهله الحكومات الغربية ومن يدور فى فلكها هو واقع المرارة والتنكيل والإرهاب الذى تعرضت له غزة والشعب الفلسطينى بعمومه خلال العقدين الماضيين، وهنا لن أتحدث عن الألم والظلم الذى تعرض له الشعب الفلسطينى منذ بدايته عام 1948، بل سأضع فقط جردًا يعود بنا للذاكرة لخمس عشرة سنة أخيرة، لكنها كفيلة لنكتشف من خلالها حقيقة من هو البادئ بالهجوم والمتسبب والمحفز الحقيقى لما حدث فى السابع من أكتوبر الماضى، فالصورة لكى تتضح لا بد أن ترى بألوانها وبملامحها الكاملة لا مجتزأة وانتقائية زمانياً ومكانياً كما يراها السياسى الغربى وإعلامه الإمعة.

البداية الحديثة كانت فى السابع عشر من ديسمبر من عام 2008 حينما شن الكيان الصهيونى عملية على قطاع غزة أسماها (الرصاص المصبوب) والتى استمرت لمدة ثلاثة وعشرين يوماً ردت على أثرها المقاومة الفلسطينية بعملية أسمتها (معركة الفرقان)، وبعدها بأربعة أعوام وفى الرابع عشر من نوفمبر من عام 2012 شن الصهاينة مجدداً عملية أسموها (عامود السحاب) واستمرت لمدة ثمانية أيام ردت عليها المقاومة الفلسطينية بمعركة (حجارة السجيل)، وبعد ذلك بعامين وفى السابع من يوليو 2014 أطلق الكيان عملية أسماها (الجرف الصامد) استمرت واحدًا وخمسين يوماً ردت عليها المقاومة بمعركة أطلقت عليها اسم (العصف المأكول).

البطش الصهيونى لم يتوقف عند هذا الحد الشنيع، بل استمر ليستيقظ أهالى غزة مجدداً فى صباح الثانى عشر من نوفمبر عام 2019 على دوى انفجار بصاروخ أطلق من طائرة صهيونية مسيرة اغتالت أحد قيادات المقاومة الفلسطينية ردت على أثر ذلك المقاومة بمعركة أطلقت عليها اسم (صيحة الفجر) استمرت المواجهات بعدها لعدة أيام، لتشهد المنطقة بعد ذلك وفى عام 2021 عملية جديدة شنها الصهاينة أسموها (حارس الأسوار) بعد استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين فى حى الشيخ جراح، وقبل نحو عام أو يزيد قليلاً وتحديداً فى الخامس من أغسطس من عام 2022 أطلق الصهاينة عملية عسكرية أسموها (الفجر الصادق) اغتالت بها أحد قيادات المقاومة فى غزة، ردت بعدها المقاومة بعملية سمتها (وحدة الساحات).

الجرد السابق للمواجهات العسكرية التى سبقت عملية (طوفان الأقصى) الأخيرة تبين بما لا يدع المجال للشك بأن هناك ست عمليات عسكرية كبرى فى السنوات الخمسة عشرة الأخيرة كان الكيان الصهيونى هو دائماً المبادر بالهجوم والتنكيل والإرهاب وارتكاب المجازر، والسؤال هنا يعيدنا للإشارة للسردية التى بدأنا بها هذا المقال فنقول: لماذا، إذن، جن جنون الكيان ومن خلفه حكومات الغرب المنافقة هذه المرة بعد أن بادر الفلسطينيون ولأول مرة بهجوم شامل ومنظم؟! ألا يحق للفلسطينى أن يعيد ولو شيئًا بسيطًا من كرامة شعبه وإثبات وجوده، ألا يحق له أن يشعر مجدداً بذلك الفرح الذى أعاد للعرب الأمل بعودة الحق لأهله، ذلك الشعور الذى عم العرب جميعاً بعد حرب 73 عندما بادرت مصر بهجوم خاطف سجله التاريخ باسم (انتصار أكتوبر) كما سجله التاريخ باعتباره أول حرب هجومية عربية على الكيان الغاصب؟!

لعل الجواب ببساطة يكمن فى أن عملية (طوفان الأقصى) أيقظت الصهاينة ومن يدعمهم من وهم أن القضية الفلسطينية ماتت وأن السنوات الخمسة عشرة الأخيرة كانت كفيلة باستنزاف وتقليم مخالب العزيمة الفلسطينية، لعله الشعور بالهزيمة الداخلية أمام أول اختبار حقيقى منذ عقود، شعور بأن ما بنوه فى سبيل طمس الحق الفلسطينى لا يمكن له أمام الواقع المعاش إلا أن ينهار ويتبخر، أو ربما لأنهم أيقنوا أن فلسطين الاسم والشعب والأرض ستبقى حقيقة وكابوسًا فى ضمير هذا العالم المغمى عليه، حقيقة وكابوس لن يزول حتى ينتصر الحق ويعود لأهله.