الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كل واحد على دينه الله يعينه

كل واحد على دينه الله يعينه

قبل نحو أربعين عامًا كان يعمل لدى والدى رحمه الله مواطن لبنانى مسيحى منتمٍ سياسيًا لما يعرف بالقوات اللبنانية التى أسسها الدكتور سمير جعجع أو كما يسمى بالـ«الحكيم»، كان ذلك فى أواسط الثمانينيات الميلادية فى عز مواجهات الحرب الأهلية التى قطّعت جنة الشرق إلى أوصال، وحولتها إلى جحيم أرضى ما زال إلى يومنا هذا يحاول أن يعيد ولو شيئًا بسيطًا مما كان عليه فى السابق من عظمة عرفت بها أرض لبنان، والتى جعلت منها قبلة المصطافين والمريدين من جميع أقطار العالم.



تذكرت جوزيف والذى بقى فى ذاكرتى رجلًا من أرقى الرجال أخلاقًا وأكثرهم حرصًا على العمل وأكثرهم قدرة على التفاؤل فى وجه عالمه الذى آلمه كثيرًا واغتال من شبابه أجمل أيامه فى غربة أبعدته عن أهله وأحبته وجيرانه، تذكرته اليوم حينما رددت كلماته التى كان دائمًا ما يرددها لزملائه من باقى الموظفين العرب المسلمين والذين كانوا يحاولون بين الحين والآخر دعوته إلى الإسلام إما بالمزاح أو بالعتاب أو بالحديث الجاد حول عظمة الإسلام ومعجزة القرآن.

كان يردد عليهم جملة وجدت نفسى هذه الأيام أرددها بين الحين والآخر خصوصًا أمام المهاترات التى تدور بين طرفى نزاع أو نقاش أو سباب سمه ما شئت، لأنه فى ظل العبث الفكرى لا يمكن أن يكون هناك منطق للتعاطى إلا بترديد ما قاله صديقى جوزيف.

«كل واحد على دينو .. الله بيعينو» كان يقولها بابتسامة ساخرة فى الغالب وقد صدق وأصاب وحسم وأخرج النقاش الذى لن يتفق بخصوصه الطرفان، فلا الأول قادر على الإقناع ولا الثانى مستعد أن يقتنع، وبالتالى فما الداعى للاستمرار فى نقاش وتبادل مواقف وتراشق اتهامات فكاهية فى حين وجارحة فى حين آخر.

ماذا لو طبقنا فلسفة صديقى جوزيف وقلنا لمن اختلف معنا بأننا سنطلب من الله أن يعيننا على أن نكون أفضل من فى الوجود وندعوكم يا إخوتنا فى الدين والوطن والمصير أن تدعو الله أن يجعل منكم أفضل ما فى الوجود فبالله وحده العون والمستعان.

ما يخيفنى فى هذا الزمان «الأغبر» كما يقول إخوتنا المصريون أننا أصبحنا قوم لا نعى من دروس التاريخ إلا أسماء ومواقف نسطرها فى كتب لا تلبث أن تصبح زينة فى مكتبة مركزية تحمل اسم فطحل من الفطاحل، وما زلنا نتجاهل بغباء أو بتآمر أو بجهل أن التاريخ يُصنع لتستفيد منه شعوب الأرض فتلك هى حكمة التاريخ، فلا فائدة من شعب لا يفقه دروس التاريخ ولا يتعلم من تجارب الغير.

أخاف على أوطاننا من غباء أبنائه ومن تآمر من يصح تسميتهم بأحاديى العقل ومن جهل ما تبقى من قوم لا يستخدمون من العقل إلا بحدود ما تسمح لهم محافظهم المالية من صف وريقات العملات التى تكفيهم اليوم وقد لا تكفيهم غدًا، فما حصل للبنان فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى ما هو ببعيد خصوصًا إذا كان كل طرف لا يرى حقًا للطرف الثانى فى رأيه ولا مسوغًا منطقيًا لإيمانه، علينا أن نقتنع بأن كل فرد منا له الحق فى أن تكون له قناعاته ومعتقداته الدينية والمذهبية والسياسية، الكل سواء أمام القانون وأمام الأوطان، وما دام الجميع ملتزمًا بحدوده فبإذن الله رب العباد سيعينه مهما كان دينه.