الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كابوس «إسرائيل الكبرى» نتنياهو يواجه «مقصلة» شعبه

إسرائيل الكبرى أو أرض إسرائيل الكاملة  باللغة العبرية، وهى الأرض التى وعد بها الله -وفق المعتقدات اليهودية- أبناء إسرائيل، من نيل مصر إلى أرض الفرات.. حلم سعت إلى تحقيقه الحكومات الصهوينية على مر العصور وحاولت بكل السبل تحقيقه مستخدمة أبشع الأساليب اللاإنسانية من تهجير وحروب وسفك دماء وشراء أصوات داعمين لسياساتهم حتى يتحقق هذا الحلم.. لكن يبدو أنه فى السابع من أكتوبر الجارى تحول الحلم إلى كابوس، ولكن بداية الكابوس كانت قبل ذلك بعدة أشهر بعد استفحال الانقسامات داخل إسرائيل وبدا المشهد وكأن إسرائيل تتآكل من الداخل، أصوات الشعب المنقسم.. مظاهرات فى كل شارع فى حدود الأراضى المحتلة.. مطالبات شعبية باستقالة رئيس وزارتها بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة.. سياساته الجشعة التى حاول فرضها على أبناء بلده أكدت أن هذا الشعب لا مستقبل له.. الانقسامات التى ظهرت أكدت هشاشة التماسك الشعبى أمام أى موقف.. وعلى الجانب الآخر ورغم بشاعة ما يشهد قطاع غزة من حرب دامية فإن الشعب مازال متماسكًا، الأب يمسك بجثمان ابنه ويهتف فلسطين «ابنى شهيد أرضه».. هذه هى الأمة المتماسكة وهذا هو الفرق بين أصحاب الأرض والمحتل.



 

 موت «الملك»

 حتى السابع من أكتوبر الجارى، كان بنيامين نتنياهو ذلك السياسى الإسرائيلى المحنك الذى استطاع أن يسيطر على دفة الحكم لنحو أكثر من 16 عامًا، وقد سجل فى تاريخ الدولة العبرية محطات عدة تخللها نجاحات وأخرى إخفاقات بل حتى إحراج للدولة فى بعض الأحيان، لكنه بقى يسيطر على لقب «ملك إسرائيل» الذى منحه إياه مؤيدوه بالرغم من أنه رئيس الحكومة الإسرائيلى الأول الذى استمر فى رئاسة الحكومة بعد تقديم لائحة اتهام جنائية خطرة ضده تصل عقوباتها إلى السجن -وفق القانون الإسرائيلى- يصل إلى عشرات السنين. حتى اللحظة ورغم ما تمر به الدولة الصهيونية من فترة عصيبة وحرب بكل معانى الكلمة، مازالت الأصوات فى تل أبيب ترتفع مطالبة باستقالة نتنياهو لعدم اعترافه بمسئوليته فيما تشهد البلاد من فنترة عصيبة بعد اندلاع عملية «طوفان الأقصى» ونجاح جماعة «حماس» فى اختراق أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، على الرغم من اعتراف عدة مسئولين داخل الحكومة الإسرائيلية بإخفاقهم ووقفوا أمام الشعب وأعلنوا «تحمل المسئولية عن الإخفاق»، كما فعل وزير دفاعه، يوآف جالانت، وقياديون أمنيون وعسكريون سابقون وحاليون.

ومع الانقسام الذى تعيشه إسرائيل اليوم، وبعد الإرباك والتأجيل المستمر للعملية البرية فى غزة وعدم التقدم فى ملف الإفراج عن نحو 200 محتجز لدى «حماس»، وصف البعض نتنياهو بـ«القائد الضعيف» غير القادر على إدارة الحرب و«الخاضع لواشنطن» وجعل إسرائيل مرتبطة بها، وهو أمر بات يفقده شعبيته فى أخطر فترة يمر بها ليس فقط متخذو القرار فى إسرائيل من سياسيين وعسكريين، بل تمر بها إسرائيل منذ 50 عامًا على الأقل بعد أن أصاب اختراق «حماس» الجنوب الإسرائيلى والسيطرة على أكثر المعسكرات حساسية أمنيًا فى المنطقة الحدودية، صميم أمن الدولة الصهيونية وقوة استخباراتها وردعها.

 أدلة ضد جيش بلاده

وفق تقرير لصحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، أكدت أن نتنياهو، «يشن حملة لإلقاء اللوم على الجيش الإسرائيلى، لفشله فى التنبؤ بهجوم حماس» حيث أسفرت عملية «طوفان الأقصى» التى باغتت مستوطنات غلاف غزة عن مقتل أكثر من 1400 إسرائيلى وأسر المقاومة الفلسطينية لـ212 آخرين.

ونقلت الصحيفة عن مسئول بالجيش لم تسمه قوله: «نتنياهو يقوم بحملة، يجمع الأدلة ضد الجيش، ويشرح فى محادثات خاصة لماذا لا يقع عليه اللوم، ويردد أنه لم يحصل على المعلومات الاستخبارية».

وقال مسئول آخر بالجيش للصحيفة: «من الواضح ما يفعله نتنياهو.. إنه أمر مشين».

وألمحت «هآرتس» إلى «تعيين نتنياهو، متحدث جيد للتنسيق مع المراسلين العسكريين الإسرائيليين، بعد 4 أيام فقط من الحرب».

وأوضحت أن «إيلى فيلدشتاين، عمل متحدثًا باسم فرقة الضفة الغربية التابعة للجيش، ما جعله على دراية جيدة بالمراسلين العسكريين، وكان فيما بعد المتحدث باسم وزير الأمن القومى إيتمار بن جفير».

وأضافت «ها آرتس»: إن عدة مصادر «وصفت التعيين بأنه غير عادى، خاصة خلال الحرب، حيث يحتفظ وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش عادة باتصالات مستمرة مع المراسلين العسكريين».. وبحسب مصدر فى الجيش فإنها «خطوة مشكوك فيها، خاصة بالنظر إلى أن كبار القادة العسكريين تحملوا مسئولية الفشل فى توقع الهجوم، بينما رفض نتنياهو الاعتراف بأى دور».

ونقلت الصحيفة الاسرائيلية عن وزير من حزب «الليكود» لم تسمه قوله: «أى شخص يعتقد أنه يمكن أن يفلت من تحمل المسئولية الجسيمة عن أسوأ فشل منذ تأسيس الدولة، يرتكب خطأ فادحًا».

وفى إشارة إلى احتمال حل الحكومة الحالية بعد انتهاء الحرب، قال الوزير: «لقد حُدد مصير هذه الحكومة فى 7 أكتوبر، كما حُسم مصير الليكود أيضًا فى ذلك «السبت الأسود»، الأمور لن تستمر كما كانت من قبل».

وأردف: «من يسعون إلى التنصل من مسئوليتهم، لا يؤدون إلا إلى تفاقم وضعهم؛ فالجمهور الإسرائيلى يحمل غضبًا».

من جهة أخرى، نقل موقع «والا» الإسرائيلى أن نتنياهو «يعمل بنشاط على بناء قضيته ضد الجيش».

ونقل الموقع عن مصادر قريبة من رئيس الوزراء قوله: إن «زوجته سارة، طلبت منه جمع كل الاتصالات العامة والمحاضر السرية من اجتماعات مجلس الوزراء الأمنى والمناقشات حول قضايا الدفاع».

وأضاف: «طلبت سارة منه أيضًا أن يجمع كل الاقتباسات، من كبار مسئولى الدفاع السابقين والحاليين، التى تعكس تقييمات استخباراتية خاطئة، فيما يتعلق بقدرات حماس ونواياها».

 الخوف القاتل

مثلت عملية «طوفان الأقصى» مفاجأة صادمة للداخل الإسرائيلى، ليس على المستويين العسكرى والاستخباراتى فحسب، بل على المستوى السياسى أيضًا، وكتبت رويترز، فى وصف العملية التى أطلقتها المقاومة الفلسطينية، أنها أسوأ اختراق لدفاعات إسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973.

وتسقط المسئولية السياسية كاملة على عاتق التحالف الحكومى الذى يقوده بنيامين نتنياهو، هذا ما تكشف عنه استطلاعات أخيرة، مشيرة إلى أن 80 % من الإسرائيليين يحملون رئيس الحكومة مسئولية ضربة الـ7 من أكتوبر.

ويواجه نتنياهو موجة انتقادات واسعة، يزيد من وطأتها مطالبات عائلات الأسرى الإسرائيليين، بالإفراج عن ذويهم المحتجزين لدى المقاومة. وتنذر هذه الوقائع بأزمة سياسية داخلية جديدة فى إسرائيل، بعد أسابيع قليلة من «أزمة المحكمة العليا» التى شهدتها البلاد.

ويعانى الداخل الإسرائيلى انقسامات حادة وغضبًا عارمًا من الإسرائيليين الثائرين على بنيامين نتنياهو، وطالت الانقسامات جيش الاحتلال بشأن الدخول البرى إلى غزة، إذ كشفت تقارير إعلامية صهيونية بأن «ثلاثة وزراء، على الأقل، يدرسون الاستقالة من حكومة نتنياهو وفرض تحميل المسئولية عليه».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد أوضحت فى تقرير نشر الأسبوع الماضى، أن نتنياهو متردد بخصوص العملية البرية ويعرقل المرحلة التالية، بل يخشى التورط فى الجنوب، وفى الشمال على الحدود اللبنانية، لافتًا إلى أنه «يمكن لحزب الله أن يشغل الكيان بهذه الطريقة إلى الأبد، ويدفع ثمنًا ضئيلاً جدًا مقارنة بالثمن الذى تدفعه إسرائيل».

وكانت الصحيفة كتبت على صفحتها الأولى، أن هناك أزمة ثقة بين نتنياهو وجيش الاحتلال، مضيفة أنه «بعد 17 يومًا من الهجوم على الكيان الغاصب، بات الكل واقعًا فى مصيدة، فرئيس الحكومة غاضب على الجيش، المتهم برأيه بكل ما حدث، ويجد صعوبة فى اتخاذ قرار دخول برى إلى غزة، وحسب شهود فى مقر قيادة الجيش، فإن النقاش هناك ليس مركزًا، وليس هناك من يدير المجهود المدنى».

وأكدت الصحيفة أن «العلاقة المتوترة بين نتنياهو ووزير الدفاع تجعل أمر العملية صعبًا للغاية». لافتة إلى أن الحكومة تجد صعوبة فى التوصل إلى قرارات موحدة فى موضوعات مركزية، مع زيادة الخوف من العاصفة التى ستأتى فى اليوم التالى لانتهاء الحرب، على قيادة الجيش والحكومة فى آن واحد.

وأوضحت يديعوت أحرونوت على موضوع الثقة قائلة: «يمكن إعادة بناء المنازل لكن من الصعب إعادة بناء الثقة»، لافتة إلى أن الحرب فى غزة ولدت ارتباكًا وخلافًا بين رأس الحكومة والجيش، وخلقت أحداث السابع من أكتوبر أزمة ثقة بين نتنياهو الغاضب على مسئولى الجيش، الذين يتحملون برأيه الذنب فى كل ما حدث.

وتضيف الصحيفة أن نتنياهو يتعامل بضيق صدر مع الآراء والتقديرات التى يعبّر عنها ضباط الأركان، ويماطل فى تبنى الخطط التى يقدمونها. موضحة أن «داخل الجيش يقولون إن الذنب يقع على عاتق القيادة السياسية لعدم تحديد أهداف واضحة للجيش، الذى لن يعرف متى حقق أهدافه، أو متى انتصرت إسرائيل، بعد أن وعد نتنياهو وغالانت بمحو حماس من على وجه غزة، ولم يشرحا ما هو المعنى العملى لهذا».