الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. مأساة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة فضحت المتاجرين بحقوق الإنسان أمريكا.. دولة الأكاذيب

حقك.. مأساة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة فضحت المتاجرين بحقوق الإنسان أمريكا.. دولة الأكاذيب

تشتعل الأوضاع فى قطاع غزة وتتصاعد صرخات النساء والأطفال بلا مجيب، وسط صمت أصبح معتادا من وسائل الإعلام الدولية وتواطؤ من الإدارة الغربية بقيادة الولايات المتحدة على المجازر الحاصلة فى القطاع وتنقلها شاشة القاهرة الإخبارية على مدار الساعة.



الحدث جلل وازدواجية المعايير أصبحت هى النهج الأمريكى المستدام فى التعامل مع جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلية، أمريكا تتحدث وتنتقد حكومات عديدة حول العالم بسبب حقوق الإنسان وتتشدق بأنها جزء أصيل من سياستها الخارجية، ويهدد الكونجرس بقطع المعونات عن حلفاء واشنطن بسبب عدم الالتزام بالمعايير الأمريكية لحقوق الإنسان، وإذا دققت ستجد أن أغلبها انتقادات تتجه نحو حماية حرية الرأى والتعبير أو دعم المعارضة السياسية، بينما فى إسرائيل نرى الانحياز الكامل للموقف الإسرائيلى وتجاهل الأصوات الفلسطينية، بل وصل الأمر إلى منع التظاهر تأييدا لفلسطين وملاحقة وسائل التواصل الاجتماعى الأمريكية سواء منصات مثل «ميتا» و«إكس» تويتر سابقا لأى تدوينة تنقل صورة الواقع الإنسانى المؤلم فى غزة وجثث الأطفال بين أنقاض المنازل المحطمة.

لم يشغل الإعلام الأمريكى نفسه سوى بالتفتيش فى ضمائر المسئولين والمشاهير العرب لإدانة ما قامت به المقاومة، بينما تغافل تماما عن توجيه أى انتقاد لجرائم الحرب اليومية ضد سكان القطاع من المدنيين.

القناع يسقط عن معايير أمريكا الزائفة للمرة المليون.. نحن نرى الآن دولة الأكاذيب وازدواجية المعايير وتكريس مبدأ الكيل بمكيالين، ففى الوقت الذى تقوم فيه بتقليص المساعدات العسكرية لمصر على خلفية اتهامات زائفة تتعلق بعدم إحراز أى تقدم فى ملف حقوق الإنسان، تشجع إسرائيل على الاستمرار فى انتهاكها لجميع المواثيق الدولية باستمرار القصف العشوائى على قطاع غزة، رغم المجازر التى ترتكبها تل أبيب منذ يوم 7 من شهر أكتوبر الجارى، بحق الشعب الفلسطينى وحصار القطاع.

 

دائما ما تتحدث الولايات المتحدة عن محاربة الإرهاب واجتثاثه واحترام حقوق الإنسان، ولكنها تقوم بممارسات مناقضة تماما، الأمر الذى أكدته تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن، الأخيرة واستعداده لتلبية كل احتياجات إسرائيل العسكرية «للدفاع عن نفسها»، منها توفير الذخائر والصواريخ للقبة الحديدية. 

أخبر بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، إن رد إسرائيل على العملية العسكرية التى باغتتها يجب أن يكون حاسما، وتصريح مثل هذا يمنح إسرائيل غطاء مشروعًا لمواصلة القصف العنيف لقطاع غزة، ويستكمل مجازره بحق النساء والأطفال وفرض أبشع أشكال العقاب الجماعى على أكثر من مليونى فلسطينى فى قطاع غزة.

تجلى الدعم الأمريكى للمجازر الإسرائيلية، من خلال وصول حاملتى طائرات هى «يو إس إس أيزنهاور» ومجموعة السفن الحربية التابعة لها بالإضافة إلى حاملة الطائرات «جيرالد فورد» التى وصلت إلى المنطقة فى أعقاب هجوم «طوفان الأقصى» فضلا عن طائرة نقل عسكرية أمريكية محملة بالسلاح والذخيرة مقدمة لتل أبيب لتمكين جيش الاحتلال من توجيه ضربات ضد الفلسطينيين فى غزة. 

ونشر الجيش الإسرائيلى صور وصول أول طائرة تحمل ذخيرة أمريكية متقدمة، قائلا -فى بيان- إنها ستسمح بتنفيذ ضربات كبيرة، كما أنها تأتى استعدادا لسيناريوهات أخرى، وتغض النظر نهائياً عما يحدث من انتهاكات ضد النساء والأطفال الفلسطينيين.

لم يقتصر الأمر على هذه الأفعال فقط، ففى الوقت الذى تتظاهر فيه بالدفاع عن حقوق الإنسان فى الدول الآمنة، تترك الولايات المتحدة إسرائيل تفعل ما تريد فى تنفيذ حصار كامل على غزة، فوفقاً لتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلى «يواف جالانت» لن يصل قطاع غزة لا ماء ولا كهرباء ولا طعام، بل تغض الطرف عن وصفه للفلسطينيين بالحيوانات البشرية، فى تصريحات تنم عن عنصرية وكراهية كبيرة وتهدد القطاع بوقوع جريمة الإبادة الجماعية التى وقعت ضد الأرمن فى القرن الماضى. 

كما تقف الولايات المتحدة الأمريكية، عائقًا أمام اتخاذ مجلس الأمن الدولى العديد من القرارات التى تدين إسرائيل واستخدمت أمريكا «الفيتو» أكثر من 44 مرة لعرقلة إصدار قرار من مجلس الأمن يدين الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

ويصل الأمر إلى حد تجاهل تقرير أممى تحدث عن جريمة وقعت داخل مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» حيث تعرضت للقصف من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية وسقط فيها مئات الضحايا.

والحقيقة أن الازدواجية الأمريكية تجلت فى عهد الرئيس بايدن وظهرت واضحة عندما اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فكان المبدأ الأساسى للولايات المتحدة الأمريكية رفض الحرب واستهداف المدنيين، وأشادت بقوة بالمقاومة الأوكرانية ضد موسكو ووصفت من يقاتلون القوات الروسية «بالأبطال»، بينما وصفت الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال الإسرائيلى بـ«الإرهابيين».

وقدمت واشنطن إلى كييف كل المساعدات الممكنة من أجل استعادة السيطرة على الأراضى التى حصلت عليها موسكو، لكن الأمر كان مختلفًا حين طالبت فلسطين بحقها فى أراضيها والتصدى للاحتلال الإسرائيلى، ووصفت وسائل الإعلام الأمريكية التحركات العسكرية الأوكرانية مقاومة ضد روسيا، بينما وصفت المقاومة الفلسطينية بأنها إرهاب ضد إسرائيل. ويتناقض اندفاع الولايات المتحدة لنجدة أوكرانيا مع موقفها فى حالات مثل غزة التى تواجه حالة من الإبادة الجماعية والتطهير العرقى، على الرغم من أنه يجب إدانة جميع أشكال العدوان، ورفض انتهاك الحرية والديمقراطية فى جميع الحالات.

التناقض والتعالى وازدواجية المعايير تظهر أيضا فى التناول الإعلامى الأمريكى، فقد أشارت شبكة «سى بى إس الأمريكية»، إلى أن أوكرانيا «دولة أوروبية حضارية» ولا تشبه فلسطين أو سوريا أو العراق. 

ناتج ما يحدث يضعنا أمام حقيقة ساطعة مثل الشمس وهى أن أمريكا هى دولة الأكاذيب وأنها لا تدافع عن المبادئ التى تدعى الدفاع عنها بالصرامة والقوة اللازمتين، فعندما يتعلق الأمر بانتهاكات فى حق الفلسطينيين من حلفائها الإسرائيليين لا تطبق هذه المعايير، بينما تتحدث على أساس المصالح السياسية وبطريقة منحازة دون اعتبار لمعيار العدالة فى التعامل مع القضية الفلسطينية.