الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
بختك يا أبو بخيت   وتقلص القامات

بختك يا أبو بخيت وتقلص القامات

«يستخرج الكثير من مستودع موهبته.. ويغازل حبات المطر»..العبارة السابقة أطلقها المعلق الكروى البارع «ميمى الشربينى» أيقونة المبدعين فى الزمن الجميل واصفاً روعة أداء «محمود الخطيب» نجم نجوم الكرة المصرية فى بلاغة آسرة ورشاقة لغوية بديعة وخيال شاعر أو أديب أريب.. فهو يستخدم فى تعليقاته على المباريات التشبيه والاستعارة والجناس والطباق.. والبيان وجميع أشكال المحسنات البديعية والزخرف اللفظى والمفارقات اللغوية الطريفة.. ففى إشادته باللاعب الرائع «حسام حسن» يقول إنه «بابا نويل» الكرة المصرية الذى يرتقى فوق الجميع ويعطى الأذن لرأسه لتظهر فى الفضاء.. فهو من مواليد منطقة الجزاء.. ويرى فى «حازم امام» إنه إكسترا مهارات.. وعنقود مهارات تلتف حول قدميه.. ويقول عن تألق «طاهر أبوزيد» إنه يعيد اكتشاف نفسه فى مشهد دراماتيكى عجيب.. ويصف المدرب القدير «محمود الجوهرى» أنه من المدربين أعضاء جمعية أصحاب الكرافتات الشيك.



لم يكن إذن «ميمى الشربينى» مجرد ناقل تقريرى لأحداث المباراة.. بل صاحب رؤية جمالية ورصيد هائل من مخزون ثقافة ومعرفة راسخة وأسلوب متفرد فى التعليق ورقى المحتوى وحياد فى الطرح.. لا ينزلق فيه إلى تعبيرات سوقية أو تحيز بغيض أو تنمر رخيص.. أو سعى كريه لمؤازرة مغرضة.

فما أبعد اليوم عن البارحة وقد تغيرت الدنيا وتبدلت الأحوال ودار الزمن دورته وتقلصت القامات البازغة فى جميع المجالات ومنها مجال التعليق الكروى بأشكاله المختلفة من مقدمى البرامج الرياضية أو محلليها ومراسليها فى القنوات الفضائية المتعددة.. فشاع الاعتداء القبيح على مفردات لغتنا العربية الجميلة.. وتفشى الجهل المروع بأبجديتنا وقواعدها الأولية التى يدرسها التلاميذ فى المرحلة الابتدائية.. أن التعبيرات والألفاظ المغلوطة التى يستخدمونها لا تتصل فقط بنصب الفاعل وجر المفعول به.. ولكن فى المفردات اللغوية الغريبة ومنها مثلاً استخدام لكلمة «الشراسة» والتى تعنى «العدوان» و«الإجرام» ليعبروا بها عن «قوة الأداء» وتفوق اللاعبين.. وعبارة «اللعيبة كانوا رجالة» للتعبير عن جهدهم الكبير فى المباراة.. ونحن نتساءل هل هم فى مباريات أخرى كانوا جنسًا آخر؟! كما أنهم يستخدمون مصطلحًا غريبًا من تأليفهم هو «نرفزة ملعب» ويعنون إنها واردة وشرعية فى حالة اعتداء لاعب على خصم بالصفع والسباب وليست جريمة يعاقب عليها القانون.. وبالتالى فهم يكرسون للبلطجة ويباركون الاعتداء.

وإذا كان الشربينى يصف ضربات الجزاء بأنها ركلات المعاناة الترجيحية.. فإنهم يصفونها بضربات الحظ وهذا يعنى الترويج أن النجاح والإخفاق فيها ليس مسئولية اللاعب.. ولكنها مسئولية القدر والنصيب وإرادة السماء.. و«بختك يا أبو بخيت».. و«قليل البخت يعضه الكلب فى المولد».. والمطلوب إذن «عك وربك يفك».