الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«النازيون الجدد» فى إسرائيل ومحاولة تنفيذ خطة الإبادة أو التهجير محرقة «المعمدانى» عار على جبين المحتل والغرب المؤيد

مجزرة جديدة يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلى فى حق المدنيين العزل فى قطاع غزة المنكوب.. أصوات الأطفال والنساء تتعالى وسط بركة من الدماء بعد قصف الجيش الصهيونى لمستشفى المعمدانى بقطاع غزة الذى يضم أغلبه نساء وأطفالًا احتماءً من قنابل العدو الغشيمة.. أكثر من 500 ضحية بين شهيد وجريح حتى الوقت الراهن.. لتنضم مجزرة المعمدانى إلى سلسلة جرائم الإبادة والحرب التى ترتكبها إسرائيل فى الأراضى المحتلة.. ليس هذا حقا للدفاع عن النفس ولكن إبادة جماعية بكل الصور، هذه الجرائم التى يحاكم عليها القانون الدولى والتى يطالب بتطبيقه أصحاب «الديمقراطية المزيفة».. ففى عشية زيارة بايدن إلى إسرائيل لتقديم دعمه لجيش الاحتلال كانت هدية استقباله أرواح الأبرياء الفلسطينيين.. ومع تصاعد أصوات العرب المنددة بالمجازر الإسرائيلية تتجه أنظار العالم الآن للرد على هذه الانتهاكات الغشيمة.. بين محاولة تهجير أهالى القطاع لسيناء.. وقطع كل سبل العيش.. وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية.. يبقى حق الرد مفتوحا لردع المحتل الصهيونى.. فالوقت يمر والقادم سيكون أسوأ بكثير.  



 يوم الغضب

عقب استهداف مستشفى المعمدانى، مساء الثلاثاء الماضى، أعلن حزب الله اللبنانى- فى بيان- الأربعاء، «يوم غضب غير مسبوق» ضد إسرائيل وزيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن لها. كما أصدر رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية بيانًا أوضح فيه أن مجزرة مستشفى المعمدانى التى راح ضحيتها مئات الشهداء «تؤكد وحشية العدو وحجم الهزيمة المدوية التى مُنى بها»، مضيفا أن «العدو واهم إن ظن أن هذه المجازر ستغطى على هزيمته المدوية أو تدفع شعبنا للاستسلام».

وأضاف هنية أن «العدو لا يحترم قيما ولا قوانين ولا أعرافا ولا شرائع»، مؤكدا أن «الأمريكيين الذين أعطوا غطاء غير محدود للاحتلال يتحملون مسئولية مجزرة المعمدانى».

وتابع أن «من ارتكبوا مجزرة المعمدانى ارتكبوا مجزرة صبرا وشاتيلا وبحر البقر وقتلوا أسرى الجيش المصرى».

وشدد رئيس المكتب السياسى لحماس على أن «المقاومة مستمرة ولن تتوقف إلا برحيل المحتل عن أرضنا ومقدساتنا».

ودعا الفلسطينيين فى الضفة والقدس والداخل إلى الخروج فى كل المدن والقرى والمخيمات فى وجه المحتل، كما دعا شعوب الأمة العربية والإسلامية إلى الخروج تنديدا بهذه المجزرة الوحشية.

وأكد هنية أن «هذه المجزرة ستشكل نقطة تحول وطوفانا يضاف إلى طوفان الأقصى».

وكان مدير عام وزارة الصحة فى غزة قد صرح سابقًا، بأنه يصعب التعرف على جثث ضحايا مجزرة مستشفى المعمدانى التى ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلى وأوقعت أكثر من 500 شهيد ومئات المصابين.

وأضاف أن مستشفى المعمدانى كان يعتبر ملاذا آمنا لسكان القطاع، مؤكدا أن كل الشهداء والجرحى فى المجزرة مدنيون.

وأضاف مدير وزارة الصحة أن مستشفى المعمدانى لم يُستهدف فى الحروب السابقة، مشيرا إلى أنه بعد قصف مستشفى المعمدانى «كُسرت كل الخطوط الحمراء ونخشى على مستشفى الشفاء».

وأكد أن إحداثيات المستشفيات تسلم للصليب الأحمر الدولى الذى يسلمها للاحتلال الإسرائيلى.

كما أصدرت كلٌّ من مصر والسعودية وقطر والأردن والجزائر ولبنان والعراق والبحرين وسلطنة عمان والإمارات العربية وتركيا وغيرها بيانات إدانة لمجزرة مستشفى المعمدانى فى غزة، كما تم إلغاء القمة الرباعية بين مصر والأردن وفلسطين للقاء الرئيس الأمريكى جو بايدن فى عمان بعد مجزرة المستشفى.

كما خرجت مظاهرات فى رام الله والخليل بالضفة الغربية المحتلة، وعمّان والعقبة وتونس وأنقرة وإسطنبول ونواكشوط وإدلب احتجاجا على مجزرة مستشفى المعمدانى فى غزة التى ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلى وأوقعت أكثر من 500 شهيد ومئات المصابين.

وحاول متظاهرون اقتحام السفارة الإسرائيلية فى عمّان احتجاجا على المجزرة التى ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلى.

وعقب مجزرة مستشفى المعمدانى، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى إنه قد أنذر المستشفى بالإخلاء قبل استهدافه، وقال: «كنا قد أنذرنا بإخلاء مستشفى المعمدانى و5 مستشفيات أخرى كى لا تتخذها حماس ملاذا لها».

بى بى سى صحافة مراوغة

ومع وقوع الحادث الأليم اتجهت أصابع الاتهام إلى شبكة بى بى سى البريطانية بعد نشرها تقريراً قبل أيام تزعم فيه قيام حركة حماس ببناء العديد من الأنفاق أسفل المستشفيات.

التقرير الذى حمل عنوان «تعتبر أنفاق غزة بمثابة متاهة مترامية الأطراف لدرجة أن الجيش الإسرائيلى يطلق عليها اسم «مترو غزة»، والذى نشر قبل أيام، ذكر الكثير من التفاصيل عن الأنفاق فى غزة، ووضعت الشبكة عدداً من الخرائط داخل التقرير لبعض الأماكن التى قالت إنها للأنفاق أغلبها فى أماكن مكتظة بالسكان.

ورغم أن التقرير نُشر قبل أيام إلا أنه وبعد وقوع المجزرة مساء الثلاثاء 17 أكتوبر ألقى عدد كبير من المتابعين على شبكات التواصل الاجتماعى باللوم على شبكة بى بى سى فيما ذهب البعض لاتهامها بأنها حرضت على وقوع هذه المجزرة.

 النزوح أو القتل 

الإبادة الممنهجة تجاه سكان قطاع غزة جاءت فى توقيت تسعى فيه الحكومة الصهيونية بالتعاون مع حليفتها الأمريكية للضغط على مصر لإنشاء منطقة آمنة لسكان قطاع غزة فى سيناء، وهو ما يعيدنا إلى ما عرف بـ«اتفاقية القرن» التى حاولت فيها أمريكا والكيان الصهيونى الضغط على مصر لإنشاء وطن موازٍ فى شمال سيناء يضم سكان قطاع غزة وإخلاء الأراضى المحتلة بزعم «محاربة جماعة حماس».

وكان رد مصر واضحا إزاء هذه الفرضية، حيث صرح الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن التصعيد الإسرائيلى فى قطاع غزة «خطير للغاية»، وله تداعيات قد تؤثر على أمن المنطقة واستقرارها. وأضاف أن بلاده «لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى»، فى إشارة واضحة إلى خطر دفع الفلسطينيين إلى سيناء.

تصريحات الرئيس السيسى لم تقف عند هذه النقطة حيث أبلغ وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى لقاء جمعه مع الأخير فى القاهرة، أن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية وأن من حق الشعب الفلسطينى الحفاظ على أرضه موضحًا أن اليهود فى بلاد العرب لم يتعرضوا لأى مضايقات قبل قيام دولة إسرائيل بل كان اضطهادهم من قبل الأوروبيين، مثلما حدث فى محرقة الهوليكسوت.

الرد المصرى على واشنطن ومن ورائه الحكومة الصهيونية لم يكن متوافقا مع طموحاتهم، وكان نتاج ذلك أن بعث ثلاثة من نواب الكونجرس الأمريكى بخطاب لسفير مصر لدى واشنطن، معتز زهران، يطالبون فيه بضرورة لعب مصر «دور بناء» إزاء العملية العسكرية فى قطاع غزة وفتح معبر آمن لخروج سكان القطاع من أراضيهم، وفق ما نقله موقع «أكسيوس» الاستخباراتى الأمريكى.. خطاب نواب الكونجرس حمل لغة تهديد مستترة خاصة بعد استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلى لمعبر رفح تجاه غزة أربع مرات منذ بداية عملية «طوفان الأقصى».

اللهجة الأمريكية وحشد اللوبى الصهيونى فى الكونجرس ضد مصر أمر توقعته الإدارة المصرية، وجاءت تحركات الجيش لتعزيز تواجده قرب معبر رفح ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين أكدا أن القاهرة تتحرك لمنع نزوح جماعى من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء، وأعلنت الإدارة المصرية بصورة مؤكدة أن نزوح الأشقاء من قطاع غزة يعنى شهادة وفاة للقضية الفلسطينية بأكملها.

من جهة أخرى، نقلت صحيفة فينانشيال تايمز الأمريكية عن مسئول مصرى، لم يتم تسميته، أكد أنه تم إبلاغ رسالة مصر بصورة مؤكدة للغرب، وقالت الصحيفة البريطانية إن مسئولا مصريا كبيرا قال لنظيره الأوروبى: «هل تريد منا أن نأخذ مليون شخص؟ حسنًا، سأرسلهم إلى أوروبا، أنت تهتم بحقوق الإنسان كثيرًا، حسنًا، خذها».

وقال المسئول الأوروبى مستذكرًا المحادثة التى دارت بينهما: «المصريون غاضبون جدًا من الضغوط التى يتعرضون لها لاستقبال اللاجئين، ومن خطر إعادة توطين الفلسطينيين فى سيناء وهو ما يعنى تفريغ القضية الفلسطينية الأساسية».

وأوضحت فينانشيال تايمز أن تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى بداية الأزمة من أن سكان غزة يجب أن «يغادروا» أدى إلى تعميق الشكوك حول رغبته فى إجلائهم إلى مصر، على الرغم من نفى الحكومة.

وتابعت أن بعض الدول الأوروبية دعت علنًا إلى فتح معبر رفح الحدودى للسماح للمدنيين الفلسطينيين بالفرار، حيث دعا وزير إيطالى مصر إلى «إظهار قيادتها للعالم العربى».

وأشارت إلى أن النخبة السياسية والشعب فى مصر رفضوا هذه المقترحات بشكل قاطع، مؤكدين أن إفراغ غزة من شعبها «سينهى حلم الدولة الفلسطينية»، وقالت وسائل إعلام رسمية إن ذلك سيعفى إسرائيل أيضا من مسئولياتها القانونية باعتبارها «محتلا»، ولا ترغب مصر بالتأكيد أن تكون طرفًا يساعد فى تمكين الاحتلال الإسرائيلى من الأراضى الفلسطينية بتفريغ قطاع غزة من سكانه.

وأوضحت أنه بدلًا من ذلك، شددت مصر مرارًا وتكرارًا على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، والتوقف عن استهداف المدنيين والأطفال، وتوفير المياه والإمدادات الغذائية والكهرباء لسكان القطاع.

كما أوضح مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، رخا أحمد حسن، أن المخاطب بقضية الممرات الآمنة «هو إسرائيل وليس أى دولة أخرى»، مشيراً إلى أن تعمد قوات الاحتلال الإسرائيلى قصف الجانب الفلسطينى من معبر رفح «يمثل رسالة واضحة على الإمعان فى خنق وحصار قطاع غزة، وقطع السبيل أمام أى محاولة لفتح ممرات إنسانية لدعم سكان القطاع بعدما نجحت مصر فى إدخال شاحنات تحمل أغذية وأدوية».

وأضاف حسن خلال حديث صحفى، أن ما حدث عام 2008 من دخول آلاف الفلسطينيين إلى الأراضى المصرية والتزود باحتياجاتهم وبموافقة السلطات المصرية «كان أمراً مختلفاً»، مشيراً إلى أن ما وصفه بـ«حالة الهوس الإسرائيلية الراهنة والضربات المسعورة لسكان القطاع تحاول فرض واقع جديد لا يمكن قبوله».