الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سب نتنياهو وتصدُّع داخلى وملامح تحول خارجى هل زاد «طوفان الأقصى» من تفكك إسرائيل فى الداخل والخارج؟

خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى مركز عسكرى فى مستوطنات غلاف غزة  سبّه أحد الضباط ووصفه بالكاذب، الأمر الذى دفعه لإلغاء كلمة كان مقررًا أن يلقيها على الجنود والضباط وأكثر من ذلك، يكشف مراسل قناة 12 الإسرائيلية الذى نقل الخبر أن جنودًا فى الاحتياط يرفضون زيارة نتنياهو الذى أتى إليهم تحضيرًا لاجتياح برى محتمل لقطاع غزة. هذه الحادثة قد تكون منفصلة أو فردية، ولكن إذا أُسقطت على مسار الأحداث وسيل المطالبات بإقالة نتنياهو وتراجع شعبيته قد تؤشر بأن هناك تصدعًا بالجبهة الداخلية وسط حديث وسائل إعلام عبرية عن عمليات تمرد بعدد من ألوية الجيش وخاصة مع تصاعد الحديث عن اجتياح برى. وتكشف الفيديوهات والأخبار القادمة من إسرائيل عن حالات ذعر وخوف بصفوف الجيش كل مرة تطلق الصواريخ على الأراضى المحتلة، بينما تكشف وسائل إعلام إسرائيلية عن قتل أو إطلاق النار على إسرائيليين بالخطأ معتقدين أنهم فلسطينيون أو مقاومون.



 

فمثلا تقول وسائل الإعلام الإسرائيلية إن الجيش قتل مستوطنًا بالخطأ فى مستوطنة أوفاكيم بغلاف غزة بعد أن اعتقدوا أنه مقاوم. وأيضًا، قتل عامل بشركة الكهرباء وحارس أمن برصاص الجيش بالخطأ فى غلاف غزة، وكل هذا يدل إما على إرباك شديد وصدمة أو أن انهيار المعنويات وتصدع الجبهة الداخلية يسيران بصمت. وما يحدث داخليًا بصمت امتد إلى الخارج بشكل علنى مؤشرًا إلى صحوة خجولة من دول أوروبية أصبحت تنظر بعينين وتسمع الوجهتين ولا تأخذ طرفًا على حساب الآخر. وينشر حساب الخارجية الإسبانية الرسمى على منصة «إكس» منشورًا تقول فيه إن الحكومة ترفض بشكل قاطع سيل المغالطات الواردة فى بيان السفارة الإسرائيلية حول بعض أعضائها، ولا تقبل هذه التلميحات الموجهة إليهم والتى لا أساس لها. والقصة تعود إلى إيونى بيلارا رئيسة حزب أونيداس بوديموس اليسارى وهى وزيرة التضامن الاجتماعى بالإنابة بالحكومة برئاسة بيدرو سانشيز والتى اعتبرت أن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية مخططة بقطاع غزة من خلال ترك مئات آلاف السكان دون ماء وكهرباء والمطالبة بإجلائهم دون أى ضمانات أمنية.

كما دعت الوزير الإسبانية الشعوب إلى النزول إلى الشوارع والتظاهر ضد الهجوم العسكرى الإسرائيلى، بينما ذهب الرئيس الكرواتى زوران ميلانوڤيتش أكثر من ذلك، ووصف رفع العلم الإسرائيلى على مبنى خارجية بلاده بأنه حركة غبية وقال إن التعاطف المفقود مع إسرائيل تلاشى بسبب الإجراءات فى غزة.

وأضاف: إنه مع كل تعاطفى مع إسرائيل الذى خسروه للأسف فى خلال 15 دقيقة لا يوجد مكان لأعلام أخرى فى كرواتيا.. أدنت جرائم القتل بل وأعربت عن اشمئزازى ومقتى لكن حق الدفاع لا يشمل الانتقام وقتل المدنيين. وإلى ذلك رفعت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الصوت فى مقال عنوانه «الزعماء الأوروبيون يدعمون إسرائيل عكس شعوبهم» وتقول هذه الصحيفة الإسرائيلية: اليهود والإسرائيليون فى جميع أنحاء العالم يشعرون بالقلق وسط موجة من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والتهديدات الموجهة للمؤسسات اليهودية.

 

وتوضح: أصداء الحرب بين إسرائيل وحماس مسموعة بوضوح فى مختلف أنحاء العالم وخاصة أوروبا والدول التى تضم عددًا كبيرًا من السكان المسلمين. ومنذ نهاية الأسبوع الماضى شهدت المجتمعات اليهودية والإسرائيلية فى جميع أنحاء العالم لحظات من القلق فى أعقاب موجة من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين. وتشير «يديعوت أحرونوت» دون أن تقدم دليلا أو ڤيديو أو صورة إلى أن هناك أيضًا الكثير من التضامن الاجتماعى ومظاهرات الدعم المؤيد لإسرائيل من قبل غير اليهود. بل إن من يتابع الإعلام الغربى الأيام القليلة الماضية وخاصة بعد المجازر التى ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين فى غزة يرى ملامح تغير فى الخطاب والمقاربة وحتى تبرير أفعال الاحتلال. 

كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز وقالت أنه بعد أن كانت أغلب الصحف البريطانية والأمريكية تطالب فى الأيام الأولى بعد عملية طوفان الأقصى بـسحق حماس وتدمير بنيتها العسكرية والأمنية واحتلال غزة وغزوها بريًا بدأت تتواضع وتتراجع خطوة للوراء، وتقدم النصائح، وتعتبر أن غزو غزة والتفكير على طريقة مرة واحدة وإلى الأبد خطأ لإسرائيل. ولكن الضربة القاضية جاءت من داخل البيت وتحديدًا من أبرز وسائل الإعلام الإسرائيلية وأكثرها متابعة وهى «هآرتس» التى كان أحد مقالاتها بعنوان الأخطاء الفادحة التى جعلت إسرائيل دولة مفككة. وقد حصرت هذه الأخطاء فى 10 نقاط رغم أن القائمة طويلة جدًا. واعتبرت الصحيفة أنه لا أحد ينكر أن إسرائيل فى وضع حرج للغاية ليست هناك حاجة حتى للشرح والتبرير.. إسرائيل مفلسة.. الدولة لا تصبح فاشلة بسبب الرغبة فى أن تكون فاشلة. يحدث ذلك ببساطة. من باب الإهمال أو الاستهتار أو الخبث أو الغباء أو مجموعة من الأخطاء. وأبرز الأخطاء العشرة وفقا لهآرتس:

• أخطأنا عندما لم نطرد موشيه لفينجر (حاخام ومن أوائل قادة المستوطنين الذين كان لهم دور محورى بالحركة للتوسيع والدفاع عن المستوطنات بالضفة الغربية) ورفاقه من فندق بارك بالخليل ووضعناهم فى حافلة عائدين إلى وطنهم قبل أن يحتفلوا بعيد الفصح عام 1968.

• أخطأنا عندما فشلنا فى الأخذ بكلام حكمائنا ولم نمنع كما فعلوا الصعود على جبل المساجد فى القدس.

•  أخطأنا عندما لم نصدر قوانين تحمى ديمقراطيتنا.

• أخطأنا عندما لم نحاكم كل عنصرى وكل مناهض للديمقراطية وكل فاشٍ.

• أخطأنا عندما أسسنا المشروع الاستيطانى الخبيث والزائد على الحاجة والشرير والإجرامى.

• أخطأنا عندما أيقنا أنه بسبب هتلر أصبح كل شىء مباحًا لنا.

• أخطأنا عندما ظننا أن الجيش الذى عمل 55 عامًا كقوة شرطة مهنية سيبقى جيشًا.

• أخطأنا عندما اعتقدنا أنه إذا ذبح المتوحشون أكثر من ألف من المدنيين الأبرياء فإن ذلك يمنحنا الإذن بإخراج عدة آلاف من المدنيين الأبرياء من بؤسهم.

وهناك الكثير من الأخطاء ولكن توجد فرصة وحيدة للعودة والتراجع عنها وأبرز نقاطها: أخطأنا عندما لم ننسحب فى الوقت المناسب من جميع المناطق التى احتللناها بالخطأ عام 1967. لقد حان الوقت للانسحاب من كل هذه المناطق، باتفاق أو بدونه. وببساطة سنقول للمستوطنين: إذا أردتم، ارحلوا إذا كنتم لا تريدون البقاء. وحذر كاتب المقال من أنه إذا لم تعالج إسرائيل هذه الأخطاء ستتحول إلى دولة فاسدة أخذت رهينة من قبل عصابة من المتعصبين الدينيين الذين يصرون على الحفاظ على الوعد الإلهى.. ومن هذه الحفرة السوداء لن ينقذنا احتجاج ولا نصر ولا وحدة ولا حكومة خاصة ستنقذنا.. وهكذا إلى التفكك النهائى. ومع استمرار التصعيد فى قطاع غزة الذى يتلقى ضربات جوية عنيفة من الجيش الإسرائيلى ووسط ترجيحات بقرب تنفيذ توغل برى فى القطاع الفلسطينى المحاصر تتباين مواقف اليهود الأمريكيين من هذه العمليات بين مؤيد ومعارض.

ويبرز فى صدارة معارضى الدعم العسكرى الأمريكى لإسرائيل المنظمة اليهودية اليسارية التى تحمل اسم«الصوت اليهودى من أجل السلام» إذ قادت مؤخرا تجمعًا من آلاف المحتجين ضد الإبادة الجماعية التى ينفذها الجيش الإسرائيلى ضد الفلسطينيين وفقًا لبيانات المنظمة. واحتشد المحتجون أمام منزل زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ الأمريكى، السيناتور اليهودى تشاك شومر فى بروكلين. ودعت المنظمة شومر الذى يفترض أن يتوجه إلى إسرائيل مع مشرعين آخرين إلى العمل من أجل وقف فورى لإطلاق النار فى النزاع الذى اندلع فى السابع من أكتوبر الجارى عندما نفذت حركة حماس هجمات غير مسبوقة ضد إسرائيل وردت عليها الأخيرة بقصف عنيف لقطاع غزة فى عمليات أسفرت عن سقوط الآلاف.

وعلى حسابها على إنستجرام نشرت المنظمة اليهودية اليسارية صورًا للمحتجين وهم يحملون لافتة مكتوبًا عليها: يهود يقولون أوقفوا الإبادة الجماعية للفلسطينيين مشيرة إلى اعتقال السلطات الأمريكية العشرات منهم. وقالت المنظمة إن أكثر من 100 متظاهر تتراوح أعمارهم بين 20 و85 عامًا جرى اعتقالهم بينهم نائبان عن نيويورك، وحاخامات، وأحفاد ناجون من محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية هولوكوست. وانتقدت المنظمة دعوة الجيش الإسرائيلى المدنيين فى غزة إلى الانتقال إلى الجنوب فى خلال 24 ساعة بعدما جمع الدبابات تمهيدًا لغزو برى متوقع. وأشارت إلى أن الأمم المتحدة اعتبرت إجلاء الجميع أمرًا مستحيلًا مع انقطاع إمدادات الكهرباء وانقطاع الغذاء والمياه فى القطاع بعد أن فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على السكان. وفى بيان لها قالت المنظمة: نحن ندعو إلى وقف فورى لإطلاق النار لوقف الإبادة الجماعية للفلسطينيين فى غزة وأن يتخذ قادة الأغلبية الأمريكية إجراءات لمنع المزيد من الخسائر فى الأرواح. وأضافت: يجب ألا نفاقم العنف من خلال تسليح الحكومة الإسرائيلية؛ لأنها ترتكب فظائع جماعية. هناك طريقة واحدة فقط لإنهاء العنف وهى معالجة السبب الجذرى لما نراه: 75 عاما من الاحتلال العسكرى الإسرائيلى والفصل العنصرى.