الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الاحتلال الإسرائيلى يصرّ على تأجيج حرب دينية للاستيلاء على الأقصى المبارك .. الأزهر يرصد جرائم إسرائيل

فى تحرك أزهرى واضح ضد الانتهاكات الإسرائيلية، قام مرصد الأزهر بإصدار أكثر من تقرير يرصد انتهاكات  القوات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية، حيث كشف تحليل لمرصد الأزهر أن الأعياد والمناسبات الصهيونية، لم تعد مجرد تواريخ يحتفى بها الصهاينة داخل المسجد الأقصى المبارك فقط، بل باتت مناسباتٍ لاستعراض القوة الصهيونية، وتأجيج الحرب الدينية داخل الأقصى المبارك للاستيلاء عليه وفرض السيادة الصهيونية.



 

استشهد تقرير الأزهر باستغلال «جماعات الهيكل» المزعوم لزيادة عدد المقتحمين للمسجد الأقصى المبارك، موسم الأعياد الصهيونية لممارسة المزيد من الطقوس الدينية المتعلقة بالهيكل داخل المسجد بشكل علنى، حيث شهد المسجد المبارك فى «يوم الغفران» الأحد 24 سبتمبر، اقتحام 670 مستوطنًا ساحات الأقصى المبارك، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، وذلك بزيادة تقدر بنحو 34 % عن العام الماضى 2022، وبأكثر من 72 % عن العام قبل الماضى 2021.

أضاف: إنه وفقًا لأعداد المقتحمين المذكورة خلال العامين الماضيين، فقد تزيد بشكل تدريجى ومدروس خلال السنوات الأخيرة، بهدف فرض أوضاع جديدة داخل الأقصى وتزييف الحقائق القائمة بالفعل، عبر إدخال الأدوات الدينية التوراتية، ونفخ البوق، وتقديم القرابين النباتية، والصلاة الجماعية داخل باحاته، ضمن خطط السيطرة التدريجية على الأقصى المبارك.

ومن هذا المنطلق، يشدد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف على أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلى  بجميع أذرعه جريمة حرب ضد الأقصى والأمة الإسلامية والعربية، الأمر الذى من شأنه يوجِب محاسبة مرتكبى تلك الجرائم الصهيونية واتخاذ موقف موحد وحازم يضع حدًا لتدنيس المسجد الأقصى المُبارك، مجددًا تحذيره من أن هذا العام– وفقًا للإحصائيات والأرقام- سيكون واحدا من أسوأ الأعوام على الأقصى المبارك.

كما سجل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف فى تقريره الشهرى اقتحام أكثر من 4,000 مستوطن للمسجد الأقصى المبارك خلال شهر سبتمبر الماضى، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، ما يشير إلى زيادة نوعية فى عدد الانتهاكات والمقتحمين.

وأكد المرصد أن ارتفاع أعداد المُقتحمين، وأداء الطقوس النوعية خلال سبتمبر، يعود إلى تزامنه مع عدد من الأعياد الصهيونية الرئيسية؛ والتى جاء أولها رأس السنة العبرية، ثم تبعه ما يُطلق عليه «عيد الغفران – يوم هكيبوريم»، وفى نهاية الشهر بدأ ما يُعرف بعيد «العُرش– سوكوت»، والذى يستمر حتى 7 أكتوبر الجاري، ويتوقع أن تشهد هذه الأيام طفرة كبيرة فى أعداد المُقتحمين المتطرفين مثلما يحدث كل عام؛ لمركزية هذا العيد، وسَعْى المستوطنين إلى إدخال القرابين النباتية إلى الأقصى.

إقامة الصلوات داخل «الأقصى»

وعن نشاط المنظمات المتطرفة خلال هذا العيد، أعلنت مدرسة «الهيكل الدينية» عن إقامة صلاة داخل الأقصى هدفها الدعاء لتطهير الهيكل، ويقصدون بهذا الدعاء إزالة المسجد المبارك من الوجود؛ حتى يتسنى لهم إقامة الهيكل. فيما تعهدت منظمة «جبل المعبد فى أيدينا– بيادينو» بتحقيق أرقام قياسية فى أعداد المستوطنين هذا العام، حيث وفرت وسائل مواصلات من مناطق مختلفة لتيسير وصول المقتحمين، وأعلنت تواجد عدد من الشخصيات والحاخامات الكبار على رأس مجموعات المقتحمين، أمثال «يتسحاق شيمون شيتز»، أول جندى صهيونى اقتحم الأقصى عند احتلاله عام 1967م، والناشط الإعلامى «أرنون سيجال»، وزعيم حزب الهوية ونائب رئيس الكنيست «موشيه فيجلين»، والمستشرق «موردخاى كيدر». وكان موقع «هار هبيت حدشوت» قد أجرى استطلاعًا للرأى لمعرفة مطالب المستوطنين لتسهيل الاقتحامات، خاصة بعدما سجل العام العبرى المنصرم -الذى انتهى فى مطلع سبتمبر- اقتحام أكثر من 42 ألف مستوطن؛ كثانى أكبر الأعوام تسجيًلا للمقتحمين منذ احتلال شرقى القدس.

وأشار المرصد فى تقريره إلى دور سلطات الاحتلال التى كثفت من أعمالها القمعية ضد رواد الأقصى المبارك، ومارست سياستها المعهودة الساعية إلى تعبيد الطرق أمام اقتحامات المستوطنين، ومن ذلك إخراج المرابطين من الأقصى أثناء الاحتفال برأس السنة العبرية، وفرض الإغلاق الشامل على المناطق الفلسطينية، وتسهيل اقتحام 426 مستوطنًا للأقصى، ونحو 670 مستوطنًا فى عيد الغفران؛ بزيادة بلغت 34 % مقارنة بالعام الماضى، وبأكثر من 72 % من العام قبل الماضى. وإصدار 36 قرارًا بالإبعاد بحق مواطنين فلسطينيين، معظمهم من مدينة القدس المحتلة، واستدعاء الكثير منهم للتحقيقات.

هذا وحذر المرصد من الطقوس النوعية التى يقوم بأدائها المستوطنون خلال احتفالاتهم، فخلال الشهر الماضى تم النفخ بالبوق للسنة الثالثة على التوالي، حيث نُفخ مرتين قرب باب الرحمة، وبشكل أطول من السنوات السابقة؛ إذ يرمز هذا الطقس –فى فكر منظمات الهيكل- إلى الإعلان عن بدء الزمان اليهودى فى الأقصى وانتهاء الزمن الإسلامى به، وإشارة إلى المُضى فى حلم الإحتلال الذى يهدف إلى تحويل الأقصى بكامل مساحته إلى هيكل، إضافة إلى ارتداء عدد من المستوطنين لباس التوبة الأبيض، وارتفاع صوت المستوطنين بالغناء والرقص أمام بابى القطانين والملك فيصل.

 الحفريات.. خطر يحيق بالأقصى

وسلط تقرير المرصد الضوء على خطر آخر يحيق بالأقصى المبارك، ألا وهو الحفريات التى تجريها سلطات الاحتلال بشكل مُخطط ومنظم، فقد كُشف النقاب عن بناء نفق تهويدى جديد يمتد من ساحة البراق إلى منطقة القصور الأموية مقابل المصلى القبلى بطول 200 متر يُفضى إلى متحف ومعرض صور؛ يروج من خلالهما إلى إقامة الهيكل المزعوم فى باحات الأقصى المبارك وعلى أنقاضه متى استطاع الصهاينة إلى ذلك سبيلا. 

وحذر مرصد الأزهر، بعد متابعة إصدارات الاحتلال ومنظماته، من قيام سلطات الاحتلال بالتعاون والتنسيق مع الجمعيات الاستيطانية ومنظمات المعبد، لحفر شبكة أنفاق أسفل الأقصى المبارك وأحياء البلدة القديمة المحيطة به؛ بهدف الإضرار بأساسات الأقصى، والبحث عن إشارات تُؤيد مزاعمهم وأباطيلهم حول الهيكل المزعوم.

وفى ختام التقرير، شدد المرصد على أن الاحتلال ومنظماته يوظفون الأعياد الصهيونية لتحقيق مطامعهم الخبيثة فى فرض سياسة الأمر الواقع، وتغيير الوضع القائم داخل الأقصى بما يتيح لهم تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا، وهو ما وصفه مرصد الأزهر بأنه جريمة ضد الأقصى واستفزاز لمشاعر جموع المُسلمين حول العالم، مجددًا دعوته باتخاذ موقف إسلامى ودولى حازم لوقف الانتهاكات التى يتعرض لها أولى القبلتين وثالث الحرمين.

ويذكر المرصد بمطالبة فضيلة الإمام الأكبر، فى اللقاء الدولى من أجل السلام حين قال إن «حرمان الشعب الفلسطينى من حقوقه وعيشه على أرضه وصمت العالم المتحضر عن هذه المأساة الإنسانية ظلم بالغ طال أمده.. وأن المنطق الذى يقرر أنه لا يسلم الكل إلا إذا سلم الجزء، يقرر بنفس الدرجة أنه لا سلام فى أوروبا بدون سلام الشرق الأوسط، وبخاصة سلام فلسطين.

 اغتيال الطفولة الفلسطينية

وفى تقرير آخر أكد الأزهر الشريف على أنه لم يسلم أى من مكونات الشعب الفلسطينى من بطش الاحتلال الصهيونى، فجرائم الكيان الغاصب طالت حتى براءة الطفل الفلسطينى، ليصبح العامان 2022م و2023 الأكثر دموية حيال الأطفال منذ (15) عامًا، مشددا على أن هذا الأمر ليس بجديد، فالكيان الصهيونى يتغذى على سفك الدماء، وقتل الأبرياء، والتنكيل بهم؛ لافتا إلى وجود العديد من الجرائم التى تعرض لها الطفل الفلسطينى منذ بداية عام 2023م.

وأوضح مرصد الأزهر أنه فى تقرير للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال– وهى منظمة حقوقية مستقلة فلسطينية مقرها فى مدينة نابلس- ذُكر أن (37) طفلًا فلسطينيًّا استشهدوا برصاص جنود الاحتلال منذ بداية العام الجارى 2023م. فى حين ذكرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش» أن العامين «2022م- 2023م» هما الأكثر دموية على الأطفال الفلسطينيين فى الضفة الغربية منذ (15) عامًا؛ بسبب انتهاكات الاحتلال الصهيونى. 

ولفت إلى أن وما يندى له الجبين، أن قتلة هؤلاء الأطفال الأبرياء لم يتعرضوا لأى محاسبة، أو مساءلة، وهو ما يعنى تشجيع قادة الاحتلال لجنودهم على إراقة المزيد من الدماء الفلسطينية، حتى وإن كانت لأطفال لا يمثلون أى تهديد على حياة أولئك الجنود المحتلين. 

وقال تقرير الأزهر: «إن معاناة الطفل الفلسطينى تمتد من القتل إلى الاعتقال فى ظروف غير إنسانية، ويبلغ عدد الأطفال المعتقلين لدى الاحتلال الصهيونى نحو (170) طفلًا، موزعين على معتقلات «مجدو»، و»عوفر»، و«الدامون»، والتى وصفتها «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» الفلسطينية بأنها سجون تفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات المعيشية الإنسانية.

وكشف مرصد الأزهر أنه وفقًا للإحصائيات الصادرة، فقد اعتقلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن (17,000) قاصر فلسطينى، تتراوح أعمارهم ما بين (12) إلى (18) عامًا، منذ عام 2000م، كما سُجلت العديد من حالات الاعتقال، والاحتجاز لأطفال لم تتجاوز أعمارهم (10) سنوات، مشيرا إلى أن ثلاثة أرباع الأطفال الأسرى تعرضوا لشكل من أشكال التعذيب الجسدى، فيما تعرض جميع المعتقلين للتعذيب النفسى خلال مراحل الاعتقال المختلفة، حسب آخر الإحصاءات، والشهادات الموثقة لهم من خلال زيارة الطاقم القانونى لهم فى سجون الاحتلال.

جدير بالذكر أن الاحتلال ما زال يتبع سياسة «جز العشب» فى مدينة القدس المحتلة؛ حيث كشفت الإحصائيات أن نسبة اعتقال القاصرين المقدسيين هى الأعلى، إذ يتعرض العشرات منهم للاعتقال والاحتجاز ويتم بلا سند قانوني، إضافة لفرض سياسة الحبس المنزلى بحقهم، والإبعاد عن القدس، وفرض غرامات مالية باهظة عليهم. والاحتلال يسعى من خلال ذلك إلى إبعاد الشبان المقدسيين عن الأقصى والقدس؛ فهم خط الدفاع الأول عن الأقصى أمام انتهاكات المستوطنين واستفزازاتهم.

وأمام هذا الإرهاب، يستنكر مرصد الأزهر الصَّمت الدولى تجاه ما يُرتكب من جرائم بحق الأطفال الفلسطينيين، وشدد على أن حقوق أبناء الشعب الفلسطينى فى أن يعيشوا حياة كريمة على أراضيهم هى حقوق وليست مطالب، كما أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكفُل للفلسطينيين الاستقلال والكرامة هو حق ينادى به أصحاب الضمائر الحرة.