الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. بين «طفولية» التيار المدنى والناصرى المزيف وشائعات الجماعة الإرهابية .. الانتخابات الرئاسية.. لمصلحة مَن التشكيك؟

حقك.. بين «طفولية» التيار المدنى والناصرى المزيف وشائعات الجماعة الإرهابية .. الانتخابات الرئاسية.. لمصلحة مَن التشكيك؟

أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عن الجدول الزمنى للانتخابات الرئاسية فى مصر 2024، وانطلق السباق على المنصب الأرفع بين المرشحين المحتملين، وبدأت خريطة القوى السياسية فى التشكل بعد إعلان فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى وهو أحد قيادات التيار المدنى؛ عن رغبته فى الترشح واتخاذه خطوات عملية فى ذلك الاتجاه واستضافته فى برنامج «مساء دى إم سى» مع الإعلامى أسامة كمال للحديث عن برنامجه الانتخابى وتوضيح موقفه من القضايا السياسية المطروحة، مؤكدًا التزامه بقواعد العملية الانتخابية والتزامه بقرارات اللجنة العليا وتتضمن الخطوات المعلنة للترشح.



تعامل المرشح المحتمل فريد زهران مع الترشح بجدية وأعلن عن موقفه المُعارض للنظام وأنه يقدم بديلاً ورؤية مختلفة للتعامل مع الملفات المختلفة تنطلق من توجهه اليسارى، واتفق مع بيان حزب التجمع اليسارى أيضًا فى نقطة مهمة وهى الرفض الكامل للقبول بعودة تنظيم الإخوان الإرهابى إلى الحياة السياسية فى موقف قوى يرد على ما طرحه أحمد طنطاوى الرئيس السابق لحزب الكرامة الناصرى وأحد أقطاب التيار المدنى والذى أفصح عن رغبته فى الترشح ودعا لعودة التيار الإرهابى وأنه ليس فى خصومة معه.. وهو ما فسّرته القوى السياسية بأنه إعلان من «طنطاوى» إلى اعتماده على التنظيم الإرهابى فى الانتخابات القادمة.

الانقسامات بين القوى السياسية ذات المرجعيات المشتركة أو التوجهات الموحدة، وهو أمر مفهوم فى العملية الانتخابية وقائمة على التربيطات وجمع التأييد وفق قواعد مصلحة تحكمها فرص نجاح المرشح، لكن تبقى سلامة العملية الانتخابية بعيدة عن الشد والجذب، إلا أن بعض القوى لا تزال تعيش فى الحالة السياسية المرتبكة التى حكمت المشهد السياسى المصرى قبل 10 سنوات، والحديث هنا تحديدًا عن بيان أصدره التيار المدنى المُعارض ينتقد فترة جمع توكيلات تأييد المرشحين. 

أى عملية انتخابية فى دولة ذات سيادة تبدأ وتنتهى بقرارات من هيئة عليا تشرف على الانتخابات، بعض الدول ومن بينها مصر لديها جهاز يعمل على تنظيم العملية الانتخابية واختارت مصر أن يكون ذلك الجهاز تحت إشراف قضائى كامل ما يضمن سلامة ونزاهة واستقلالية القرارات المنظمة عن السلطة التنفيذية، وهو أمر مهم ومطلوب لتحصين موقع رئيس الجمهورية.

المعايير الدولية اتفقت على أن قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات يجب أن تخضع لقواعد دستورية وقانونية مستقرة، وبالفعل حدد الدستور قواعد الترشح للمنصب الرفيع فى المادة 142 وتقول نصًا: «يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكى المترشح عشرون عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها. وفى جميع الأحوال، لا يجوز تأييد أكثر من مترشح، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.

طلب التزكية والتوكيلات هدفه الحفاظ على رونق العملية الانتخابية وألا يترك التقدم للمنصب الرفيع متروكا للتلاعب من أى شخص أو راغب فى الشهرة؛ حيث حرص الدستور على ضمان جدية العملية بطلب تزكيات من نواب البرلمان أو توكيلات 25 ألف مواطن من 10 محافظات فى مدة زمنية حددتها الهيئة العليا فى الفترة من 25 سبتمبر حتى 14 أكتوبر، وهى مده كافية جدًا لجمع التوكيلات وتقديمها طالما وجد المرشح من يؤيده من بين قاعدة ناخبين تحتوى على ملايين المواطنين ممن يتمتعون بحقوقهم السياسية.

وهنا السؤال: إذا كان المرشح لا يستطيع جمع 25 ألف توكيل من 10 محافظات فى 20 يومًا؛ فكيف سيكون الموقف فى اليوم الانتخابى، وهل ذلك يعكس الجدية أم لا وبالتالى يصبح بيان التيار المدنى يعبر عن طفولية شديدة أصبحت علامة من علامات مشاركتهم السياسية منذ عام 2004 حينما تقدم مرشحهم السابق خالد على مرتين فى 2014 و2018 للترشح ثم لم ينجح فى جمع التوكيلات رغم أنه أعلن عن ترشيحه مبكرًا فى عام 2018  ومع ذلك لم يجمع سوى 19 ألفًا و300 توكيل قبل أيام من غلق باب الترشح، وعلى إثر ذلك قرر الانسحاب. 

لا تتوقف مشكلة «طنطاوى» عند ممارسة التشكيك فى العملية الانتخابية لكنه تسبب فى شرخ كبير فى صفوف التيار الناصرى بدعوته إلى عودة تنظيم الإخوان، وهو ما يتنافى مع أدبيات التيار الناصرى الرافض لوجود تنظيمات دينية فى العملية السياسية ولأن التيار الناصرى كان جزءًا من التحرك ضد التنظيم وإنهاء حكم المرشد.

الخلل الذى أحدثته دعوة «طنطاوى» لعودة الجماعة الإرهابية فى التيار الناصرى يضع ضغطا على قادة التيار الناصرى فى الرد على دعوة «طنطاوى» والتعامل مع الأزمة الأيديولوچية الناشئة عن تصريحات «طنطاوى» وإشارته إلى عودة التنظيم الإرهابى وما ينجم عن ذلك من إحداث أزمة أكبر بين التيار الناصرى والشارع المصرى الرافض لعودة التنظيم بأى صورة من الصور لجرائمه المتعددة ضد الشعب المصرى خلال سنوات المواجهة مع الإرهاب.

قيادات ناصرية ترى أن «طنطاوى» بالأساس ناصرى مزيف؛ بل إن توجهاته المصلحية المنفعية تغلب على انتمائه للتيار الناصرى قد تدفعه إلى التحالف مع تيار ظلامى لديه مشروع إقليمى ودولى يمثل خطرًا على الدول ذات السيادة وعدوانًا على مدنية مجتمعاتها.

وربما يأتى الرد على محاولات البعض التشكيك فى الضمانات القانونية لسلامة العملية الانتخابية من جانب منظمات المجتمع المدنى العاملة على متابعة الانتخابات ومن بينها الائتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية الذى تحدّث فى تقريره الأول عن الانتخابات الرئاسية فى مصر تحت عنوان «المُناخ السياسى والاقتصادى والاجتماعى والاقتصادى الذى تجرى فيه الانتخابات الرئاسية»، ويستعرض التقرير السياق السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى تجرى فيه تلك الانتخابات.

التقرير فى رصده للمُناخ السياسى أشار إلى أن مصر مرّت مثل غيرها من دول العالم بتداعيات تفشى وباء « الكورونا» الذى ظهر فى نهاية عام 2019 وما ترتب عليه من موجات عاصفة  اجتاحت الاقتصاد العالمى، وتسببت فى أكبر أزمة اقتصادية عالمية التى أثرت تأثيرًا حادًا على معدلات الفقر وعدم المساواة على مستوى العالم.

كما شهد قطاع الصناعة المصرى نموًا كبيرًا على مدار السنوات الماضية، لتلبية احتياجات المشروعات القومية وتعزيز نمو الاقتصاد وزيادة فرص العمل؛ حيث تم الانتهاء من إعداد قائمة بـ100 إجراء لتحفيز للنهوض بالصناعة المصرية شملت 58 إجراءًا قصير الأجل و33 إجراءًا متوسط الأجل و9 إجراءات طويلة الأجل. وساهمت تلك الإجراءات فى تحقيق مؤشرات إيجابية للتجارة الخارجية المصرية، من حيث زيادة الصادرات وتراجع الواردات وتحسين الخلل فى الميزان التجارى وتحقيق أعلى معدل تاريخى للصادرات المصرية بإجمالى 32.4 مليار دولار بارتفاع نسبته 46 % خلال عام 2021 وبلغت الصادرات فى أول 9 أشهر من 2022 قيمة تجاوزت 27 مليار دولار، وسط توقعات بوصول إجمالى الصادرات الصناعية والسلعية لأكثر من 33 مليار دولار بنهاية العام.

وفيما يتعلق بملف حقوق الإنسان أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، الاستراتيچية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان، التى تهدف لتعزيز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية داخل البلاد. وتعد استراتيچية حقوق الإنسان، أول استراتيچية ذاتية متكاملة وطويلة الأمد فى مجال حقوق الإنسان فى مصر، إذ تتضمن تطوير سياسات وتوجهات الدولة فى التعامل مع عدد من الملفات ذات الصلة بحقوق الإنسان، والبناء على التقدم الفعلى المُحرز خلال السنوات الماضية فى مجال تعظيم الحقوق والحريات والتغلب على التحديات فى هذا الإطار.

كما جاءت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عام 2022 إلى حوار سياسى حول أولويات العمل الوطنى لتمثل خطوة جديدة تضاف إلى مجموعة من الخطوات المهمة فى إطار بناء نموذج مصرى فى الانفتاح والإصلاح السياس، وقد نتج عن هذه الدعوة بدء نقاش واسع داخل المجتمع المصرى، وبين القوى والتيارات السياسية والفكرية، على منصات الصحافة والإعلام، حول دوافع الدعوة وأهدافها النهائية، كما أثارت الدعوة جدلًا حول القوى التى يجب أو لا يجب أن يشملها الحوار الوطنى، والمرجعيات الأساسية الحاكمة له، وطبيعة القضايا التى يجب أن يشملها، ومعايير تحديد القوى السياسية المشاركة، ومعايير تمثيلها داخل الحوار، وغيرها من التساؤلات المنهجية والإجرائية.

واعتبر التقرير أن عمليات الإفراج عن المحتجزين ومشاركة القوى السياسية فى الحوار الوطنى إجراءات ايجابية لبناء الثقة قبل المشاركة فى الحوار، تتمثل على رأس هذه الإجراءات الإفراج عن السجناء السياسيين، وبالفعل تم إطلاق عشرات السجناء المحبوسين على ذمة قضايا سياسية. 

ورصد التقرير حزمة الإجراءات التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مارس الماضى؛ للتخفيف من تلك الآثار، ومنها : زيادة المرتبات والمعاشات ضمن حزمة تحسين دخل العاملين بالجهاز الإدارى للدولة وأصحاب الكادرات الخاصة اعتبارًا من أول إبريل 2023، ورفع الحد الأدنى للأجور بقيمة 1000 جنيه شهريًا، واستهدفت الحكومة زيادة الرواتب و تخفيف أثر تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية الضرورية على المواطنين، وتماشيًا مع حجم التضخم وزيادة الأسعار الناتجة عن أزمات عالمية متتالية، بشكل يحقق زيادة حقيقة فى دخول العاملين بأجهزة الدولة من خلال استهداف معدل نمو سنوى للأجور يفوق معدل التضخم.

وفق تلك الصورة يمكن ببساطة أن نفهم لمصلحة مَن التشكيك فى العملية الانتخابية وأن خطر الجماعة الإرهابية لا يزال قائمًا وتهديدهم المستمر؛ إمّا العودة أو الفوضى والخراب.