الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مرصد الأزهر يحذر من الإرهاب البيئى.. وظهور تنظيم إرهابى جديد

لا يزال الإرهاب وجماعاته المتطرفة تسعى بكل قوة للنيل من الدول ومقدراتها، وفى هذا الإطار ظهر إرهاب من نوع جديد يستهدف البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية من أجل إخضاع الدول لتلك الجماعات، حيث يسعى إلى تدمير الموارد الطبيعية والبيئية؛ بهدف تحقيق أهداف بيئية، أو سياسية. والإرهاب البيئى مصطلح يستخدم لوصف سلوك، أو مواقف متطرفة فيما يتعلق بالقضايا البيئية، واستخدام العنف، أو العمليات غير القانونية فى سبيل تحقيق أهداف بيئية، أو إثارة تغييرات فى سياسات البيئة من خلال القوة، والتهديد.



 

هذا النوع من الإرهاب حذر منه مرصد الأزهر فى تقرير له أوضح فيه أنواع الإرهاب المختلفة والتى ظهرت على مختلف الأصعدة، ولفت إلى أن أشكال الإرهاب متعددة فهى لا تقتصر على استخدام السلاح، وفرض الرأى بالقوة ضد المخالفين، كما لا تقف عند حدود العمليات الإجرامية التى تنفذها تنظيمات، ومجموعات تتبع فكرًا متطرفًا، وسلوكًا منحرفًا تشمل التفجيرات، أو الاغتيالات، أو الاختطاف، أو تخريب الممتلكات العامة والخاصة على السواء، فهناك الإرهاب الناتج عن تطرف فكرى بدعوى إقامة الدين، وهناك الإرهاب السياسى الذى يستخدم العنف، أو التهديد بالعنف لتحقيق مكاسب، وأهداف سياسية، والإرهاب النفسى ويستهدف مهاجمة معنويات الفرد، وزعزعة أمنه النفسي، عبر خلق حالة من الخوف، والرعب عن طريق الهجمات الصغيرة، والاعتداءات التى تستهدف الأفراد العاديين.

كما أشار المرصد إلى أن ما يعرف بالإرهاب الاقتصادى الذى يستهدف ضرب البنية الاقتصادية والتجارية من أجل تحقيق أهداف معينة، مثل الضغط على الحكومات، أو المؤسسات لتنفيذ تغييرات معينة تخدم مصالح أفراد، أو دول أخرى من خلال الضغط، والابتزاز الاقتصادى والإرهاب العرقى والقومى ويستند إلى العنصرية، والتفرقة بين الأعراق والثقافات، والإرهاب الرقمى ويشمل الهجمات السيبرانية، واختراق المواقع الإلكترونية لتعطيل الأنظمة، ونشر الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، وشن هجمات ابتزاز لضحايا هذا النوع من الإرهاب. 

أما الإرهاب البيئى فيرى تقرير الأزهر انه يتضمن أشكالًا، وصورًا مختلفة منها: التلويث والتدمير البيئى وكذلك تخريب البنية التحتية حيث يمكن أن يستهدف الإرهاب البيئى البنية التحتية المرتبطة بالبيئة مثل محطات توليد الطاقة ومحطات معالجة المياه، مما يتسبب فى تأثيرات سلبية على البيئة والمجتمع وتهديد الأمن الغذائى ومن خلاله يمكن أن يستخدم الإرهابيون أساليب مثل تخريب المزارع، أو تعطيل نشاطات الصيد لتهديد الأمن الغذائي، وتحقيق أهداف اقتصادية عن طريق الاحتكار، أو حتى سياسية من خلال توجيه الرأى العام نحو نظام بعينه، أو إحداث فتنة بالإضافة إلى التأثير على الاقتصاد والبنية الاقتصادية من خلال تدمير الممتلكات الاقتصادية المرتبطة بالبيئة.

ويدعو المرصد إلى اتخاذ مجموعة من الخطوات، والإجراءات للوقاية، والحد من الإرهاب البيئى، أهمها وضع تشريعات وقوانين صارمة تستهدف مكافحة الإرهاب البيئي، وحماية البيئة، والممتلكات البيئية من الاعتداءات، وتعزيز الرصد والمراقبة: من خلال تطوير نظم فعالة للرصد، والمراقبة تتيح تحديد أى نشاطات مشبوهة، أو تهديدات بيئية، واتخاذ إجراءات مبكرة. 

كما طالب بتعزيز ورفع درجة الوعى العام من خلال تقوية الحماية البيئية عن طريق تعزيز الإجراءات الأمنية، والتقنيات الحديثة لحماية المرافق، والممتلكات البيئية المهمة. فضلاً عن أهمية التعاون الدولى والذى يتضمن تعزيز التعاون بين الدول لمكافحة الإرهاب البيئى من خلال مشاركة المعلومات، وتبادل الخبرات، وتطوير استراتيجيات مشتركة بين مختلف دول العالم لمواجهة خطر الإرهاب، والحد من تأثيراته على البيئة. وكذلك تطوير البحث العلمى والذى يسهم فى التوصل لآليات، وتقنيات جديدة، وفعالة للكشف المبكر، والوقاية؛ بهدف مكافحة الإرهاب البيئى.

كما يدعو المرصد إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال تطوير إستراتيجيات مستدامة من خلال تعزيز استخدام الممارسات البيئية المستدامة، والتحول نحو اقتصاد أخضر مما يقلل من تأثير الأنشطة البشرية على البيئة، وبالتالى يقلل من تداعيات الإرهاب البيئى، وآثاره. 

وطالب المرصد بتعزيز التعليم والتوعية البيئية من خلال تشجيع التعليم، ورفع الوعى بالقضايا البيئية، وأهميتها للمجتمع بما يسهم فى خفض الاستجابة للمشاركة فى الأنشطة الإرهابية المرتبطة بالبيئة.

تنظيم إرهابى جديد 

وفى سياق رصد الأزهر للإرهاب سلط مرصد الأزهر الضوء على تنظيم «جهاد باكستان» بعد العمليات الإرهابية التى تبناها التنظيم وأثار تساؤلاتٍ ومخاوفَ كثيرة بشأن ظهور تنظيم إرهابى جديد على الساحة الباكستانية، ربما يكون أداة جديدة وذراعًا لإحدى الجماعات الإرهابية التى ترغب فى التمدد والسيطرة على الأماكن الخاضعة لسيطرة قوات الأمن، أو ربما يكون سلاحًا مستقلًّا موجهًا نحو العسكريين والشرطة، ومسئولًا عن عملياته مسئولية كاملة. 

وتابع المرصد: إن تنظيم «جهاد باكستان» برز بتاريخ 6 من مارس 2023، بعد إعلان مسئوليته عن الهجوم على سيارة للشرطة بالقرب من مدينة «سبي» الباكستانية، بالتوازى مع الهجوم على معسكر «باغ مسلم» بإقليم بلوشستان وراح ضحيته 6 من قوات الأمن. ومنذ ذلك الحين تبنى «جهاد باكستان» مسئولية عدد من الهجمات الإرهابية التى استهدفت قوات الأمن (الجيش والشرطة) والمدنيين على السواء؛ إذ بلغ عددها نحو 9 هجمات فى أقل من 6 أشهر منذ ظهور التنظيم. وربما تفسر حداثة التنظيم أسباب الغموض الذى يحيط بالقيادات، حتى إن هوية المُلا «محمد قاسم» المتحدث باسم التنظيم ما زالت مجهولة. لكن بصفة عامة، ومن خلال المعلومات المتاحة، فقد تشكل التنظيم حديثًا ويعتنق الفكر الجهادي. الحضور الفعلى للتنظيم لا يُعرف للتنظيم مقر محدد أو زعيم على أرض الواقع؛ بل يستغل الواقع الافتراضى وسيلةً للانتشار، وذلك لما اكتسبته الدعاية عبر الإنترنت من أهمية متزايدة تضاعف أثرها بفضل تعدد وسائل التواصل، فأصبحت التنظيمات الإرهابية تروج من خلالها للأفكار والأيديولوجيات التى تخدم مصالحها، وهذا ما أدرك التنظيم أهميته وقرر استغلاله للفت الانتباه ونشر تفاصيل عملياته الإرهابية لضمان بقائه على الساحة، وجاء ذلك بعد أن تصدّرت جماعتان إرهابيتان المشهدَ فى باكستان: حركة «طالبان» باكستان وتنظيم «داعش» خراسان، وكلتاهما تستخدم «سلاح الدعاية والترويج» بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي.

 وعن علاقة التنظيم بالجماعات الأخرى قال المرصد إنه ارتبط بعدد من الهجمات الإرهابية الأحدث فى باكستان بتنظيم غير معروف حتى بالنسبة للسلطات، وقد تتردد طالبان باكستان فى الكشف عنه.

 ذلك التنظيم هو ما بات يُعرف باسم تنظيم «جهاد باكستان»؛ إلا أن بعض التصريحات الأمنية والصحفية تشير إلى احتمالية ارتباط التنظيم بطالبان باكستان.

وطبقًا لما رصده مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، شهدت باكستان فى 2023 ارتفاعًا ملحوظًا فى عدد الضحايا والهجمات الإرهابية فى مناطق مختلفة من باكستان، وقد تبناها عدد من التنظيمات الإرهابية كان أبرزها طالبان باكستان، والانفصاليون البلوش، وداعش خراسان والتنظيم الوليد «جهاد باكستان» الذى أعلن مسئوليته عن العديد من العمليات الإرهابية حديثًا، واستهدفت جميعها الجيش الباكستانى والشرطة والمدنيين والطوائف الدينية المختلفة. كذلك لوحظ ارتفاع فى عدد القتلى والمعتقلين فى صفوف التنظيمات الإرهابية، ما يشير إلى الدور الأمنى الفعال للحكومة الباكستانية، إذ يوجد استنفارٌ أمنى مصحوب باعتماد استراتيجيات حديثة متطورة لتتبع الإرهابيين الفارين خارج البلاد، هذا إلى جانب عمليات التطهير الداخلية التى تباشرها قوات الأمن للقضاء على آفة الإرهاب بما يُبرز جهود باكستان فى مكافحة التطرف وعزم الدولة على اجتثاث جذور الإرهاب وتجفيف منابعه فى البلاد.