الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أول وجهة لحل الأزمة البرهان يفتح من مصر نافذة أمل فى السودان

فى أول زيارة خارجية منذ اندلاع الأزمة السودانية أبريل الماضى، توجه عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السودانى، إلى مدينة العلمين لعقد لقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسى لمناقشة وضع السودان والأزمة، عقب طرح قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، رؤية للحل الشامل وتأسيس الدولة السودانية الجديدة، وفق آرائه.



وبعد رفض البرهان رؤية حميدتى التى جاءت فى عشر نقاط تتمحور حول تحويل البلاد إلى حكم فيدرالى وبناء جيش سودانى جديد من الجيوش المتعددة الحالية، بغرض بناء مؤسسة عسكرية قومية مهنية واحدة تنأى عن السياسة، هذا بجانب عدة نقاط أخرى تم طرحها وتشمل اشتراكًا أوسع للأحزاب والقوى المدنية وتصفية النزعات «الاحتكارية» غير المشروعة للسلطة والنفوذ سواء أكانت أيديولوجية راديكالية أو حزبية أو أسرية أو عشائرية، وفق البيان.

إلا أن زيارة البرهان إلى مدينة العلمين جاءت لمناقشة الأوضاع مع الشقيقة مصر، وذلك قبل زيارته إلى المملكة العربية السعودية التى عرضت مساعيها للتوافق بين القوى المتنازعة للتوصل إلى حل للأزمة التى تركت البلد الأفريقى الذى يعانى اقتصاديًا أمام كارثة إنسانية وسط نزوح ملايين السودانيين جراء المعارك الدائرة فى شوارع العاصمة قبل أن تنتقل إلى عدد من المدن الأخرى.

دلالات الزيارة

ووفق خبراء، فإن زيارة البرهان إلى مصر فى أول تحركاته الخارجية منذ اندلاع الأزمة من 5 أشهر، جاءت ردًا على قمة دول جوار السودان التى وضعت «خارطة طريق» على ثلاثة مسارات تتمثل فى وقف التصعيد بين الطرفين المتصارعين، والمسارين الإنسانى والسياسى، وإعادة الإعمار، وهى المسارات الجارى العمل على متابعتها وتنفيذها.

ووصف الخبراء فى الوقت ذاته، زيارة البرهان بـ«الناجحة» وسيتم البناء عليها لحل الأزمة وإن استغرق الأمر بعض الوقت، دون أن يستبعدوا حدوث تنسيق عربى واسع مع مبادرة دول الجوار خلال الفترة المقبلة.

وأجرى البرهان خلال زيارته لمدينة العالمين مباحثات مع الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بجانب تطورات الأوضاع فى السودان.

وأكد البرهان فى تصريحات أعقبت المباحثات أن القوات المسلحة (السودانية) لا تسعى للاستمرار فى الحكم، وأن ما يسعى له الجيش هو إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وأضاف قائد الجيش السودانى قائلاً: «نسعى لاستكمال المسار الانتقالى الديمقراطى إلى أن يختار الشعب السودانى من سيحكمه».

مسارات الحل

ويرى السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق ونائب رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية، أن زيارة البرهان تعكس نجاح وتوافق رؤى الجيش السودانى بمسارات مؤتمر دول الجوار، موضحًا فى حديث صحفى، قائلاً: إن الزيارة يمكن البناء عليها لقطع خطوات إيجابية وبناءة فى سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وحل الأزمة السودانية وإن استغرق الحل بعض الوقت.

وأكد حليمة أن زيارة رئيس مجلس السيادة السودانى لمصر، تأتى فى إطار التوافق حول مبادرة دول جوار السودان، ومتابعة تنفيذ خطة العمل التى وضعها اجتماع دول جوار السودان الذى عُقِد فى تشاد أغسطس الماضى، موضحًا أن الزيارة ترتبط بمخرجات قمة دول الجوار، التى حددت 4 مسارات كخارطة طريق لحل الأزمة السودانية، الأول: وقف التصعيد بين الطرفين المتصارعين، وضرورة وقف شامل ومستدام لإطلاق النار، أما الثانى فهو إدارة القضايا الإنسانية.

وأضاف نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية، أن «الزيارة ربما ركزت على المسار السياسى، المتعلق بإدارة حوار بين الأطراف السودانية، والوصول لرؤية شاملة لمشاركة جميع القوى المدنية فى التوصل لتوافق سياسى فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية وتشكيل حكومة كفاءات لفترة انتقالية، وتسليم السلطة لحكومة مدنية وهو أمر أكد عليه رئيس مجلس السيادة السودانى عبدالفتاح البرهان ودار فى المحادثات بينه وبين الرئيس السيسى باعتباره جزءًا لا يتجزأ من مبادرة دول الجوار».

كما نبه حليمة إلى أن زيارة البرهان جاءت أيضًا فى إطار التطورات التى يشهدها السودان سواء فى الخرطوم أو فى بعض الولايات، والتى تتعلق بالصراع المحتدم بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات سلبية على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وفرص التدخل فى الشأن الداخلى وهو أمر ترفضه مصر بشدة، وأيضا دول الجوار.

وعقد فى 6 أغسطس الماضى فى العاصمة إنجامينا، اجتماعات وزراء خارجية دول جوار السودان، وفقًا للتكليف الصادر من قمة رؤساء دول وحكومات الدول المجاورة للسودان، والتى انعقدت بالقاهرة فى 13 يوليو الماضى، وشارك فيها قادة 7 دول إفريقية.

وأعلنت 5 دول مجاورة للسودان فى 7 أغسطس الماضى، خطة عمل، وشددت خلالها على أهمية «الاتصالات المباشرة والمستمرة» مع الأطراف المتحاربة من أجل وقف دائم لإطلاق النار.

مساعى الحل

من جهته، أوضح السفير محمد العرابى، رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن الجهود الدبلوماسية تستمر لحلّ الأزمة السودانية، والوصول لحل سياسى يحافظ على وحدة الأراضى السودانية.

وأكد العرابى فى حديث صحفى، أن «الجهود المصرية تتكامل وتكمل بعضها لوقف التصعيد بين طرفى الصراع، والتوصل لحكومة وحدة وطنية، ووحدة المؤسسات السودانية، وذلك ضمن موقف القاهرة الثابت من الأزمة السودانية منذ بدايتها.

ولمح رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية إلى أن زيارة البرهان للقاهرة تدعم موقفه، وتحركاته الخارجية كرئيس للسودان، واستقباله كرئيس للدولة تصحيح لموقف أدى لتفاقم الأوضاع».

ووصف وزير الخارجية المصرى الأسبق، زيارة البرهان للقاهرة والسعودية لاحقًا، بالتحرك الذكى؛ لما للبلدين من تأثير فى الموقف الداخلى بالسودان.

من جهة أخرى، يرى الأكاديمى وأستاذ العلاقات الدولية طارق فهمى، أن القاهرة طرحت رؤية لحل الأزمة السودانية، تحمل تأكيدًا على مرجعيات عملية السلام، وتحقيقها وحل وتحليل الصراع فى السودان بصورة كبيرة وتوحيد المؤسسات السودانية، وفقا لآلية عمل خطة دول جوار السودان، والجهود التى تقوم بها الأطراف الإقليمية والدولية فى هذا الإطار.

ورأى فهمى أن أبرز تداعيات زيارة البرهان لمصر، هى التأكيد على أن رئيس مجلس السيادة السودانى بعد أشهر من الحرب يخرج إلى الواجهة السياسية، ويطل من أكبر دولة عربية ثم تليها زيارات لاحقة للسعودية وقطر والكويت وتشاد.

كما أوضح فهمى أن زيارة البرهان تعتبر عودة للجانب التفاوضى مرة أخرى، المرتبط بالخطاب الجديد الذى أعلنه (قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) فى مبادرة النقاط العشر الرئيسية فى هذا الإطار ورغبة الطرفين فى إمكانية التلاقى.

كما رأى أستاذ العلاقات الدولية، أن الوساطة المصرية لها دور مركزى لحل الأزمة السودانية خاصة بعد طرح القاهرة رؤيتها وآلية العمل على المستويين الإقليمى والدولي، مضيفا أن «القاهرة تقف على مسافة واحدة من الطرفين، واستقبالها للبرهان يأتى فى هذا السياق بمعنى أن القاهرة تفتح الباب المغلق أمام إمكانية لعب دور مباشر تجاه الطرفين فى هذا التوقيت»، وبين أن القاهرة تتمتع بمصداقية فى التحرك لدى الجيش والدعم السريع، لأنها تعمل لحسابات الحفاظ على مقدرات الدولة السودانية، ووحدة التراب السودانى فقط».

وإلى جانب آلية عمل دول الجوار، أكد الأكاديمى المصرى، أيضًا أن هناك فرصًا لإمكانية التنسيق العربى مع دول الجوار، بما تملكه القاهرة من اتصالات مع الأشقاء العرب، والاتصالات التى جرت مع الإدارة الأمريكية وكل ذلك يخدم مسارات الحركة المصرية فى هذا الإطار.

لكنه فى الوقت نفسه حذر من أن «استمرار الأوضاع فى السودان بهذا الشكل خاصة فى دارفور تشير إلى أننا أمام سيناريو صعب، وربما سيؤدى إلى كوارث عديدة».