الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عن غزو الشريحة الإلكترونية للدماغ البشرية علماء الأزهر: قد تساعد بعض المرضى.. لكنها اعتداء على خلق الله غير مأمون الجانب

مع إعلان شركة «نيورالينك» المملوكة للملياردير الأمريكى إيلون ماسك، والتى تُجرى تجربة زراعة شريحة إلكترونية فى دماغ بشرى، أنها حصلت على الضوء الأخضر من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، لبدء أول تجربة إكلينيكية على الإنسان، ظهرت حالة من التخوفات على المستويين الإنسانى والاجتماعى حول استخدام شرائح إلكترونية تتحكم فى دماغ الإنسان، خاصة أن «ماسك» سبق أن تطرق أيضًا إلى فكرة دمج الدماغ البشرى بالذكاء الاصطناعى، فوفقًا لـBusiness Insider (وهى صحيفة رقمية تهتمّ بعالم المال والتجارة) قال ماسك فى عام 2019 إن هذه الشريحة «تهدف إلى معالجة المخاطر الوجودية المرتبطة بالذكاء الرقمى الخارق»، مضيفًا أن الإنسان لن يكون قادرًا على أن «يكون أكثر ذكاءً من الحواسيب الرقمية العملاقة، لذلك، إذا لم يتمكن من التغلب عليها، فينبغى الانضمام إليها».



وشريحة «إيلون ماسك» عبارة عن شريحة إلكترونية بحجم العملة المعدنية الصغيرة تحتوى على 2000 موصل إلكترونى متناهى الصغر يتم ربط كل موصل منها بموصل عصبى فى المخ، ومن المتوقع أن تقوم تلك الشريحة بإرسال إشارات كهربائية إلى المخ البشرى للقيام بمهام معينة أو لمعالجة بعض أوجه القصور مثل بعض الأمراض والإعاقات.

وتعتمد فكرة الشريحة الذكية للبشر وفق ما أعلنه مختصون فى الذكاء الاصطناعى على زراعة جهاز يبلغ 8 ملليمترات تقريبًا فى الجمجمة، وسيضم الجهاز آلاف الأقطاب الكهربائية فى أكثر عضو بشرى تعقيدًا. إذ يتم توصيله بأسلاك صغيرة إلى المخ وبمساعدة روبوت متطور يتم زرع خيوط مرنة أو أسلاك فى المناطق المسئولة عن وظائف الحركة والإحساس فى الدماغ، وتسمح الشريحة للأجهزة الذكية مثل الكمبيوتر بالتفاعل والتواصل مع الدماغ.

والتعامل مباشرةً مع بيانات الأجهزة العصبية فى دماغ الإنسان.

إلا أن بعض المختصين اعتبروا أن هناك فائدة من الشريحة تعود على الأشخاص الذين يعانون العمى والزهايمر إضافة إلى الشلل ويمكن تطويرها أيضا لضبط السكرى فى الدم وبالتالى مساعدة مرضى السكرى.

ومع تعدد مكاسب الشريحة فى زيادة مدارك ومفاهيم ومعلومات البشر، مما يعطيهم قدرة أفضل على التعامل مع المواقف والاسئلة أو المعوقات التى تعترى حياتهم العملية والفكرية إلا أن المهندس محمد مدكور استشارى الذكاء الاصطناعى قال فى تصريحات صحفية إنه رغم الفائدة التى تعود على الإنسان، من خلال زرع شريحة إلكترونية، بالمراقبة كل ثانية فى حياته لعلاج أى خلل أو أى احتمال خلل يتم تسجيله والتعرف عليه والوقوف عليه قبل أن يتفاقم وهذا فيه مكسب كبير للصحة العامة وعمر البشر إلا أنه يثير مخاوف البعض من تسجيل بيانات الاشخاص وتحركاتهم.

وأوضح أن هناك تخوفات مشروعة من الشريحة من خلال مراقبة الشخص والسيطرة عليه من خلال الشريحة، ومن الممكن توجيهه والتأثير فى شخصيته بل فى عمره، حيث يمكن السيطرة على الجانب الذهنى وتشكيل حركة الإنسان من خلال إعطاء أوامر للمخ من خلال الشريحة والانصياع إلى المتحكم بها، مشيرًا إلى أن السيطرة على الأذهان استعمار أكثر بكثير من الاستعمار المادى الذى عايشته البشرية والدول التى صاحبت نسبة من التقدم.

رفض أزهرى

ومن داخل الأزهر كان هناك رفض لفكرة التحكم بعقل الإنسان من خلال شريحة إلكترونية حتى وإن كان الهدف الظاهر لها هو علاج بعض الأمراض، فمن جهتها ترفض د. سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر فكرة استخدام الشرائح الذكية فى دماغ الإنسان، فهذا مخالف لسنة الله فى خلقه، والذى خلق الإنسان فى أحسن تقويم.

وقالت د. سعاد صالح: «إن الله تعالى يقول فى كتابه الكريم: «ورَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون) ولذلك أرى أن هذا الاكتشاف ما هو إلا تخريب فى مخ وأعصاب الإنسان الذى خلقه الله وصوره وكرمه وهذا فيه اعتداء على خلقه».

وأوضحت أن القاعدة الشرعيه تقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» فينبغى أن ننأى عن هذه الدعوات التى من شأنها السيطرة على عقل الإنسان من خلال ذرع شريحة إلكترونية تتحكم فى تصرفاته.

وتتفق د. إلهام شاهين أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، والأمين العام المساعد لشئون واعظات الأزهر مع ما أعلنه الحقوقيون من خطورة هذا النوع من التقنيات الحديثة، وأن قبول وضع شريحة مباشرة بداخل طيات العقل يعنى أن الإنسان يضع جسده حرفيًا تحت تصرف شخص ما ليتحكم فيه بتحديث برمجى يجعل عقله بالكامل رهن إشارته.

وأكدت أنه لا يأمن أحد ما يمكن أن يفعله أو يطلبه المتحكم فى عقل إنسان ما من خلال تلك الشريحة، خاصة إذا كان ذلك الإنسان بفعل هذه الشرائح يمتلك قدرات هائلة.

وتقول د. إلهام: «إنه إذا كان الله نبهنا إلى أن الشيطان يفعل بنا ذلك عن طريق الوسواس، وأعلمنا أنه ليس له سلطان على المؤمنين حيث يقول تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ).. فإن الله نبهنا أيضًا من تسلط الإنسان على أخيه الإنسان وتحكمه بفعله وفكره، وهذا نجده فى آخر سورة بالقرآن الكريم، حيث نبه إلى خطورة ذلك الفعل وأنه مما لا يمكن أن نعصم أنفسنا من مفاسده وشروره إلا باللجوء إلى رب الناس.

أما الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق فيشير لقوله تعالى: «(ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)، ويرى أنه لابد من بحث الأمر من خلال المجامع الفقهية كمجمع البحوث الإسلامية حتى يتم إصدار بيان علمى شرعى يوضح حكم التعامل مع هذا الأمر فى صوره المختلفة.

رؤية مفصلة

بينما يقدم د. علاء الشال الباحث فى شئون العقيدة والدعوة رؤية شرعية مفصلة عن التعامل مع الشريحة الذكية لأدمغة البشر حيث يقول أن ما قاله إيلون ماسك عن الشريحة من حل كثير من الأمراض مثل الزهايمر والخرف، والأرق، ليس به مشكلة، لكن هناك تخوفات من استخدام تلك الشريحة خاصة أنه سيمكن عن طريقها التلاعب بذكريات الإنسان، كما أن الإنسان قد يتعرض للاختراق من خلال تلك الشريحة، وزراعة أفكار إلحادية وإباحية فى دماغ البشر، وهنا يجب الوقوف عند هذه النقطة.

أضاف أن زراعة الشريحة الإلكترونية لا ينبغى أن تجعل من الإنسان آلة يتم التحكم بها وأفكارها ومشاعرها لأن فى هذا مخالفة لما خلق الله الإنسان عليه، حيث إن الإنسان مكون من عقل وجسد وعاطفة، ويحمل العديد من المشاعر كالخوف والسرور والحب، وعليه ينبغى الحذر من وضع شريحة فى دماغ الإنسان إن كانت ستتحكم فى الجهاز العصبى للإنسان.

وحذر الشال من مخاطر عديدة من استخدام شرائح إلكترونية لأدمغة البشر، ومنها اختراق دماغ الإنسان التى توجد به تلك الشريحة، من خلال منظمات مختصصة فى نشر أفكار وشبهات معينة حول الديانات والعرقيات وتسببت فى حرب بشرية واسعة.

وقال: «هل زرع الشريحة فى دماغ الإنسان ستجعله أقوى أم أضعف؟ وهو سؤال لا بد من توضيحه لكل من يتكلم عن ضرورة برمجة العقل البشرى، وزمن الرقمنة، لأننا باستخدام تلك الشريحة سنلغى العديد من العواطف والمشاعر وستصبح الأفكار المغلوطة الطريق إلى عقول البشر من خلال السيطرة على تلك الشرائح المستخدمة لأدمغة البشر».

ويوضح د. علاء أن الله تعالى يقول: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)، وكل علم لا يضر بالبشرية، ومعتقداتها، وأفكار الشعوب وعلاقتها، فهو أمر مقبول، لأن الإسلام هو دين العلم، لكن إذا تم استخدام هذا العلم فى الإضرار بالبشرية، والسيطرة على البشر، أو الإضرار بالأديان والخلاق فهذا علم مرفوض.