الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حورية الدقاق مؤسسة فرقة «باب الحكايات» لـ«روزاليوسف»: هدفنا التعبير عن أنفسنا وحكايتنا الشخصية

المشوار صعبًا للغاية، «لم تتقبل بسهولة عائلتى فى البداية عملى فى الفن والمسرح، كانوا يعتقدون أن حبى وشغفى بالمسرح مجرد لعب عيال، وسنتين ثلاثة وهتزهق وتتجوز» واستمر هذا الاعتقاد حتى شاهدوا أول عرض لى، وأصبحت أدعو أفراد أسرتى وأصدقائى لمشاهدة العروض المسرحية. تحكى المخرجة المسرحية حورية الدقاق مؤسسة فرقة «بيت الحكايات» عن التحديات التى واجهتها كفنانة ومخرجة مسرحية ورفض مجتمعها لعملها بالفن، كما تتحدث عن تجربة تأسيسها «فرقة بيت الحكايات» منذ عشر سنوات، وتنظيمها مئات من ورش الحكى الشخصى التى تهدف لتكون مساحة آمنة تشارك فيها النساء تجاربهن وحكايتهن، التى تتحول لعروض حكى مسرحى يشاهدها ويتفاعل معها الجمهور.



 

«الدقاق» مدربة حكى وتمثيل، مخرجة، عضو نقابة المهن التمثيلية، حاصلة على ليسانس الآداب من جامعة الإسكندرية، قسم المسرح، أسست فرقة «باب الحكايات» عام 2014 .

وبدأت أول أعمالها الفنية بإخراج العرض المسرحى مطلوب آنسة، بالتعاون مع مؤسسة المرأة الجديدة فى مركز الجزويت الثقافى بالإسكندرية. وكانت هذه هى البداية، ثم توالت الأعمال المسرحية التى تتناول أفكارًا نسوية، ليس هدفها مهاجمة الرجل، بل توعية المرأة دائمًا بمشاعرها واحتياجاتها، وتسليط الضوء على مشاكل المرأة فى المجتمعات العربية. 

 فى البداية.. حدثينا عن شغفك بالتمثيل ودراسة المسرح؟

- شغفى بالتمثيل والرقص والموسيقى منذ الصغر، كنت أهوى المشاركة فى العروض المدرسية، ولكن أسرتى كانت لا تشجعنى على ذلك كثيرًا آنذاك للاهتمام بالدراسة والنجاح.

وبعد اجتياز الثانوية العامة، كان كل حلمى وطموحى الالتحاق بكلية فنية، وتقدمت للعديد من امتحانات القدرات بكلية الفنون الجميلة، النوعية وغيرها ولكن رسبت، امتحانات لم تكن لها علاقة بالفن! وانتهى المطاف بالالتحاق بكلية الآداب، ولكن القدر حقق رغبتى عندما عثرت بالصدفة على كتاب صغير يضم جميع أقسام الكلية، واكتشفت قسم المسرح وعالم مواده المتنوعة بين التمثيل، الرقص، الموسيقى، الديكور، الإخراج، وهناك قبضت على حلمى وتفوقت وتخرجت عام 2008، ثم انطلقت أختبر كل مجالات القسم فى الحياة العملية لاستكشاف ذاتى، وأيهما أرغب فى استكمال حياتى المهنية.

 وكيف وصلت لتأسيس فرقة «باب الحكايات»؟

- التحقت بورشة حكى فى جيزويت الإسكندرية عام 2014 أيضًا كانت بالصدفة، كل شىء مبنى فى حياتى على القدريات، وتعلمت فيها الكثير، كانت ورشة ثرية للغاية على المستوى الفنى والإنسانى، وبعد انتهاء مدتها، قررنا كأصدقاء، أن نستكمل ما بدأناه ونقدم الحكى الشخصى، ونحكى حواديت تتكلم عن حياتنا، وأسسنا فى البداية «بيت حواديت الإسكندرية» ثم عدلنا فى الاسم ليكون شاملًا حكايات لكل المشاركين /ات من مصر، لتصبح فرقة «باب الحكايات». 

ما الذى يميز فن الحكى ليصبح أكثر من مجرد جلسات فضفضة ؟

- الحكى من أقدم أنواع الفنون، والتراث العربى عامر بالحكايات الشعبية ولدينا العديد من القصص الشهيرة، ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة، أبو زيد الهلالى، الأميرة ذات الهمة، أى أن فكرة الحكى موجودة منذ قديم الأزل، وكان هناك طقس شعبى فى أحياء القاهرة على المقاهى، حيث يقوم مجموعة من الحكائين بسرد الحواديت بمصاحبة عازف الربابة. كما مارس الحكى النساء، فى الماضى كن يجلسن على مصاطب البيوت بعد انتهائهن من الطبخ، لتبادل الأحاديث على الأزواج أو أحوال الحياة وتربية الأولاد. ولكن فى فرقة «باب الحكايات»، نمارس فن الحكى الشخصى، نحن نعطى مساحة لأنفسنا كبشر عاديين لنروى قصصنا وحكايتنا الشخصية، ولا نقوم بحكى قصص الآخرين من أزمنة ماضية، حياتنا الشخصية كافية بالدرامى والصراع ولدينا قصصًا تستحق الحكى والحديث عنها وتؤثر فى الآخرين. 

كيف تسير رحلة كل مشارك/ة فى ورش الحكى حتى تظهر على خشبة المسرح؟ 

نقضى فترة تدريب مدتها 3 شهور على فن الحكى، نتعلم فيها كيف نصيغ الحكاية، كيف نقدمها للجمهور بطريقة جذابة وليست نمطية، كيف نتفاعل معه ويتفاعل معنا وما هى تيمات الحكى. وليلة الحكى تكون ليلة أو أكثر من ليلة، وفرقة «باب الحكايات» لا تقدم ليالى حكى فقط، ولكن تقدم عروض مسرح أيضًا، وهذا دورى كمخرجة مسرحية «كيف نمسرح الحكى الذى يحدث فى الورش»، ولا يبقى مجرد حدوتة فقط، بل نخلق خطًا دراميًا يربط بين الحواديت كلها يسمى حكى مسرحى. 

وفن الحكى هو علم له قواعد ومنهج، ويعتقد كثير من المتقدمين/ات للورش أنها مجرد جلسات فضفضة، ولكن يكتشفون أن هناك جزءًا نظريًا وعمليًا فى الورشة وخطة زمنية نسير عليها بانضباط لتطوير الحكاية التى نحكيها، الحكى أشبه بكتابة القصة القصيرة، فالقصة تكتب بالفصحى مثلا، بينما عروض الحكى تُكتب بلغة صاحبها. 

مفاجاة أن عندنا جزء نظرى وآخر عملى وخطة زمنية ماشيين عليها بدقة، وأن فى منهج محتاجين يتابعواه والموضوع مش مجرد فضفقة، الحدوتة أشبة بالقصة القصيرة لكن القصة تكتب بالفصحى مثلا، والحدوتة تكتب بالعامية وتكتب بلغة صاحبها. 

 ما أبرز ردود الفعل من مشاركين/ات بعد خوضهم تجربة الحكى؟

- معظم التعليقات من جانب المشاركين الرجال باعتقادهم أن ورش الحكى تخص النساء فقط، وأنها مجرد فضفصة ولكن اكتشفوا أن هناك منهجًا وخطوات لاستكمال رحلة الحكى، أحد المشاركين قال «إنه لأول مرة استطاع اكتشاف وفهم مشاعره، وربما لو خاض تجربة الحكى مبكرًا كانت طريقة معاملته مع النساء تغيرت وحياته  أيضًا كانت ستتغير للأفضل».

وهذا أحد الثمار الإيجابية لورش الحكى، النساء لا يصبحن من الزهرة والرجال من المريخ، ولكن أشخاصًا طبيعية كل منهم له طريقة تفكيره وحياته وقصصه، بعيدًا عن تلك الصور النمطية المستهلكة من الطرفين والتى يفرضها المجتمع. 

 ما أبرز الحكايات التى تخص النساء المشاركات فى الورش؟

- أحيانا لا تكون حكايات نسائية صريحة تخصهن بمفردهن، مثلا فى ورش للحكى الحر تتحدث إحداهن عن ارتفاع سعر الطماطم مثًلا فهو مدخل لحكاية نطورها ونتتبع كيف يشتبك العام والخاص بها، هذا الأزمة الاقتصادية التى تخص المجتمع كله وحياتها كامرأة داخل المجتمع.

ولكن فرقة «باب الحكايات» لديها عروض نسوية صريحة مثل عرض «حنة» وهو يرصد حياة أى امرأة منذ أن تنتقل من خانة طفلة إلى فتاة، مرورًا بتعليمها ثم زواجها، إنجابها، طلاقها، كل ما تواجهه النساء لمجرد أنها تحمل لقبًا مختلفًا، كيف يعامل المجتمع المطلقة ويفرض عليها صورة نمطية معينة تكون مختلفة عندما يتعامل مع امرأة أرملة، وغيرها لو كانت غير متزوجة، نحن ننتقد هذه الصور النمطية السلبية التى تحول النساء لقوالب جاهزة وتفرض عليهن شروطًا ومعايير معينة يجب الالتزام بها ودونها يصبحن متمردات خارجات عن قيم المجتمع.

  ماذا عن العرض المسرحى «مطلوب آنسة»؟

- الحكى فيه كان عن وضع المرأة المصرية فى سوق العمل، وإنها مجرد «ست حلوة»، وكيف يتم «تسليعها» بطريقة مهينة، نجد كثيرًا من الإعلانات تطلب فتاة حسنة المظهر ترتدى الكعب العالى والجونلة القصيرة، وهو ينفى وجود شخص لديه مؤهلات وكفاءة علمية وعملية للوظيفة، ويتم اختزاله فى هيئته الجمالية الخارجية فقط.  

 ما الاختلاف بين هموم نساء الأقاليم والمحافظات البعيدة ونساء المركز والعاصمة؟

- بلاشك حرية التنقل والحركة أحد أبرز الاختلافات بين نساء الأقاليم والمركز، هناك صعوبة من حركة النساء بمفردهن فى محافظات الصعيد مثلا، يجب دائمًا أن يصاحبها الأخ أو الزوج أو الابن، وحرية الحركة يترتب عليها الحرمان من حقوق أساسية كثيرة على رأسها التعليم، الخدمات الطبية، الترفيه.. إلخ.

ولكن الأخطر هو النساء الذكوريات أى اللواتى يحملن أفكارًا ذكورية، واجهنا صدام من المشاركات فى إحدى ورش الحكى، رافضات لظهور المرأة فى المجال العام والحكى أمام الجمهور، منطلقات برأى أن صوت المرأة عورة، ودار جدل كبير حول هذه الفكرة، سواء من زاوية ضعف هذا الحديث، أو الاستشهاد بوجود قارئات للقرآن فى الإذاعة المصرية مطلع القرن العشرين، وفى النهاية من أهم المخرجات لورش الحكى هو النقاش وتبادل الآراء المختلفة، هذا التنوع يُغنى فكرة الحكى الشخصى ويقويها. وهذا ما نسعى له حتى تتعرف النساء على حقوقها وتكتشفن أنفسهن من خلال فن الحكى.

 بعد مرور 10 سنوات على تأسيس فرقة «باب الحكايات».. كيف كانت رحلتكِ كفنانة ومخرجة مسرحية، كيف كان دعم عائلتك لحلمك؟

- كان المشوار صعبًا للغاية، عائلتى لم تتقبل بسهولة فى البداية عملى فى الفن والمسرح، كانوا يعتقدون أن حبى وشغفى بالمسرح «مجرد لعب عيال، وسنتين ثلاثة وهتزهق وتتجوز» واستمر هذا الاعتقاد حتى شاهدوا أول عرض لى، وأصبحت أدعو أفراد أسرتى وأصدقائى لمشاهدة العروض المسرحية. هنا تغيرت وجهة نظرهم، وتأكدوا أن هذا ما أريده فى الحياة، وأن هناك أفكارًا تناقش على المسرح، والمسألة «ليست لعب عيال»، وأمى كانت تتهمنى دائمًا بأن أهاجم الرجال من أجل الهجوم، ولكن عندما شاهدت العروض المسرحية تأكدت أن صراعنا ليس مع الرجال ولكن صراعنا مع الأفكار الذكورية.

وهذه فعًلا رؤيتنا سواء فى عروض الحكى أو المسرحيات، مناقشة أهمية اتحاد النساء وتكاتفهم خاصة أننا نعلم أن المرأة عدوة نفسها، وعندما يكون لنا صوت واحد كنساء سنواجه المجتمع الذكورى الذى يأكل حقوقنا، وهذا لن يحدث إلا بتعليم المرأة ومعرفتها بحقوقها.