الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ملتقى أزهرى يناقش التغيرات المناخية ويؤكد على رؤية مصر 2030 فى الأمن البيئى الأزهر يرفع شعار إنقاذ إفريقيا

تظل إفريقيا هى القارة السمراء التى تحمل هموم التنمية، وإيمانا من مصر بدورها القيادى فى إفريقيا كان اهتمام جميع المؤسسات بتفعيل هذا الدور التنموى، وعلاج جميع المشكلات التى تواجهها وفى مقدمتها قضايا المناخ التى تؤثر بصورة مباشرة على حركة التنمية فى إفريقيا .. وفى هذا الإطار عقد الأزهر الشريف الملتقى البيئى العاشر بعنوان: «من أجل المناخ.. إفريقيا فى القلب» تحت شعار «بيئتنا حياتنا»، حيث ناقش الملتقى خمسة محاور رئيسة هى: التنمية الاقتصادية وبناء المرونة للعمل المناخى، الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ES6، دور الجامعات فى التحول الرقمى نحو الاقتصاد الأخضر، حشد التمويل العلمى للتكيف والمرونة، المساهمات الطلابية فى المشروعات الخضراء، تنمية الأفكار والإبداع لطلاب الجامعات.



 

الاهتمام بإفريقيا كان هو الشعار الأول بالملتقى حيث تناول د. محمد الضوينى، وكيل الأزهر، خطورة التغيرات المناخية على إفريقيا وضرورة مواجهتها بفعالية، وأكد أنه إذا كانت إفريقيا أكثر تضررا بسبب التغيرات المناخية؛ التى لم تكن العامل الأكبر فى إيجادها، فإنها قادرة بإرادتها وجهود شعوبها وبتطبيق مبدأ المسؤلية المشتركة، أن تلتف حول هدف واحد طموح، يعمل على خفض الانبعاثات ولو بنسبة قليلة، من خلال برامج تتولى تنفيذها الحكومات والمؤسسات، على أن تشتمل على مؤشرات واضحة لمتابعة التكيف فى مجالات الحياة، وأثق أن إفريقيا قادرة على أن تثبت أنها قارة غنية بالموارد والأفكار معا.

وأوضح أن قراءة متأنية لموضوع ومحاور الملتقى البيئى العاشر لجامعة الأزهر «من أجل المناخ إفريقيا فى القلب»، تحت شعار «بيئتنا حياتنا» ،لتأخذنا مباشرة إلى التحديات الخانقة التى تواجه العالم المعاصر سواء أكانت اقتصادية، أو سياسية، أو اجتماعية، والتى أصابت العالم كله ولم تتوقف عند مكان بعينه، فما تكاد تسمع بأزمة فى ناحية من نواحى الأرض إلا وتظهر آثارها فى نواح أخرى.

وأضاف وكيل الأزهر أنه إذا كانت التغيرات المناخية نتيجة حتمية لسلوكيات لم تحترم البيئة ولا مكوناتها؛ وظاهرة غير طبيعية أسهمت دول العالم فى صناعتها؛ فإن أفريقيا لم تسهم إلا بجزء ضئيل جدا من هذه السلوكيات، ومع هذا فقد تكون المنطقة الأكثر حساسية وتضررا بسببها.

وأضاف أنه من الواجب ونحن نتباحث حول المحافظة على البيئة وإدارة مواردها أن نعترف أن الإسلام قد سبق الحضارات الحديثة فى العناية بالبيئة، والارتقاء بها، وحمايتها من الفساد والتلوث، وذلك بوضع تشريعات خاصة وضوابط محكمة تدور حول العمارة والتثمير، والتشجير والتخضير، والنظافة والتطهير، وغير ذلك من آليات تتجاوز حد المحافظة على البيئة إلى الإحسان إليها، واستثمار مواردها بما لا يضر بالتوازن الطبيعى.. وتابع وكيل الأزهر أن من يتأمل هذه التشريعات والأوامر والنواهى التى تعنى بالبيئة يرى أنها تنتظم فى سياق لا يجعل العلاقة بين الإنسان والكون علاقة مسيطر بمسيطر عليه، أو علاقة مالك بمملوك، وإنما هى علاقة أمين بما استؤمن عليه، غير أننا نحتاج إلى أن نستحضر هدى السماء ليكون واقعا حياتيا وسلوكا حضاريا يحسن إلى الكون، ويحفظ لنا مواردنا ولأجيال المستقبل حظهم منها.

وأكد الدكتور الضوينى أن تغير المناخ من أكثر القضايا انتشارا وتهديدا فى عصرنا، وأحد أسباب ظهورها هو طغيان اللذات، والحرص على الشهوات، وتحول الإنسان من كائن معمر- وهذا هو الأصل- إلى كائن مستهلك؛ فالواقع المعاصر يغذى المادة وحدها، ويحجب أو يؤخر على الأقل المكون الأصيل للإنسان، وهو الروح، وما يتعلق به من قيم حضارية، ومن ثم، فإن نظرة الإنسان المادى إلى الكون من حوله نظرة المستهلك المنتفع، وليست نظرة المؤتمن المحسن، فهو واقع فى الإسراف والتبذير إرضاء لشهوته، وهو يرمى المخلفات أو يحرقها، أو يستخدم مواد تؤثر سلبا على البيئة طالما أدى هذا إلى مكسب كبير وسريع بغض النظر عن أى قيمة دينية أو حتى أخلاقية.

وأوضح وكيل الأزهر أن بداية الخير أن يصح الوعى فى نفوس الناس، ومن تتمة الخير أن تتناقل البشرية تجاربها وخبراتها، وأن تعلى من قيمة أصحاب الأفكار الإبداعية، والأعمال الريادية، والمشروعات المستقبلية، الذين يعملون من أجل تحسين الوضع البيئى، وابتكار حلول صديقة للبيئة، وتأملوا كيف وجه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة إلى التخطيط للمستقبل، وبين حق الأجيال المتعاقبة فى الموارد، وذلك حين أراد سعد بن أبى وقاص أن يتصدق بماله، فظل يفاوضه حتى قال له: «إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس».

وشدد وكيل الأزهر على أن التخطيط للمستقبل ليس شعارا براقا، ولا رجما بالغيب، ولا تعلقا بالظن، وإنما هو علم له مناهجه وأسسه وأدواته، يستخدم الماضى المدروس، والحاضر الملموس لبناء مستقبل أفضل، ولا يجوز فى عرف الإسلام الذى أمر بالعلم أن يتخلف المسلمون عن علوم المستقبل، وأن يعيشوا بمعزل عنها، وخاصة أنها تتطور يوما بعد يوم، وتخدمها عقول كبيرة، ومؤسسات ضخمة فى أنحاء العالم.

وبيّن أنه ليس من التدين أن نعيش الحياة حاضرا ومستقبلا بلا خطة ولا منهج ولا نظام، بل إن من التدين أن نخطط لحياتنا، فالمتدين مأمور بأن يأخذ من يومه لغده، ومن دنياه لآخرته، بل إن الجنة ونعيمها مشروع مستقبلى يجب على المؤمنين أن يخططوا له، موضحا أن تناقل الخبرات والتجارب بين سكان هذا الكوكب ضرورة تفرضها التحديات التى لا تعترف بحدود ولا حواجز، وإن أحد أدلة وعى الأمم وتحضر الشعوب هو مدى استفادتها من هذا الفيض المعلوماتى والتراكم المعرفى المتاح.

 أوجب الواجبات 

من جانبه، أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عيّاد أن قضية التغيرات المناخية تعد من أوجب الواجبات فى هذه الآونة التى تسعى فيها الدولة المصرية إلى الجمهورية الجديدة والتنمية المستدامة، خصوصًا وأن التغيرات المناخية تؤثر على التنمية المستدامة وحركة البناء وعلى البيئات والأوطان.

أضاف عيّاد أن الناظر إلى الشرائع السماوية من سيدنا آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يجد أن الشرائع السماوية اتفقت فيما بينها على أن الدين ما جاء إلا ليحقق الخير للعباد فى الدين والدنيا والآخرة، وبالتالى فأى سلوك متناقض أو فعل شاذ أو أى عمل غريب لا يُنسب إلى الدين، وإنما ينسب لمن قام بالفعل أو السلوك.

وأشار الأمين العام للبحوث الإسلامية إلى أن مناقشة ما يتعلق بالتغيرات المناخية ينبغى أن ينظر إليه على أنه من أوجب الواجبات، وأن الحديث عما يجب على الإنسان تجاه المحافظة على البيئة يعد فريضة حياتية ودينية ينبغى أن نقوم بها، ولهذا قام الأزهر الشريف على التوعية بهذا الجانب منذ أمد بعيد من خلال الملتقيات العلمية فى الداخل والخارج بتوجيهات من فضيلة الإمام الأكبر، فضلا عن الإصدارات العلمية، والمبادرات التى قام بها مجمع البحوث الإسلامية بالتعاون مع مؤسسات الدولة مثل مناخنا حياتنا، بر الأمان، فيها الحياة، ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها.

من جهته قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، إن حرص جامعة الأزهر على إقامة الملتقيات والمنتديات البيئية، يدل على عنايتها البالغة بقضية البيئة والمناخ، التى أصبحت تشغل العالم بأكمله، لما يشهده من تغيرات صارخة، أثرت تأثيرا سلبيا على حياة الأمم والشعوب، حيث ارتفاع درجات الحرارة والتصحر والجفاف وكثرة الفيضانات والأعاصير والزلازل، حتى هلك الضرع والزرع، وتعالت صيحات الدول بضرورة الاتحاد لمواجهة هذه المخاطر العظيمة.

وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن تلك التأثيرات الخطيرة ترجع إلى سوء تدخل الإنسان فى البيئة، وعدم حرصه على سلامتها وأمنها واستقرارها، حتى وقع العالم فى فتنة لن تميز بين الغنى والفقير، أو القوى والضعيف، وبين الدول المتقدمة والنامية، بل أصابت الجميع دون تمييز، مؤكدا أنه يجب على الإنسان أن يحسن التعامل مع البيئة، حتى تنعم الإنسانية جمعاء بالأمن والاستقرار البيئى.

 رؤية وجهود الأزهر المناخية 

وفى سياق توضيح رؤية الأزهر فى قضية المناخ قال نائب رئيس جامعة الأزهر، د. محمود صديق أن البشرية مهما بلغت من مكانة وسطرت من ابتكارات وإبداعات، فإنها لم ولن تنعم بحياة آمنة دون أن تعود إلى أخلاقيات الكون التى تضمن الأمان للجميع، ليعلموا أن القرار الفردى فى الحفاظ على البيئة جزء لا ينفكُّ عن القرارات الدولية، وكلاهما رهينة أساسية لقاعدة الاستخلاف فى الأرض وإعمارها.

وأكد صديق أن العالم اليوم أمام أزمة كونية قاسية لم تعد تتحمل أن نقف أمامها موقف المتفرج بعد أن سمع الجميع صيحاتها تدق كل نواقيس الخطر، وتطرق أبواب أصحاب القرار فى عالمنا المعاصر لأن يكون مشكاة نجاة لأنفسهم قبل بيئتهم، مشددا على دور الإنسان فى التخفيف من حدة آثار تلك الكوارث البيئية؛ لكونه المسئول الأول فى تسببها.

وأضاف نائب رئيس جامعة الأزهر، أن ديننا الحنيف كان موقفه من هذه الأزمة شديد الوضوح فى التأكيد على وجوب احترام البيئة احترامًا شرعيًا والتحذير من العبث بها، فلم يكن الإسلام يومًا ما حائلًا بين الإنسان ومتاع الدنيا، وإنما منهجه يقوم على الحفاظ على هذا المتاع.

واستعرض صديق أبرز جهود جامعة الأزهر تجاه الأزمة العالمية للتغيرات المناخية والبيئية، والتى انطلقت بتوجيهات من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر بالاستجابة العاجلة لكل مشاركة محلية ودولية من شأنها أن تسهم فى تقديم حلول ناجعة لعبور هذه الأزمة، حيث شاركت جامعة الأزهر بمؤتمر التغيرات المناخية الذى نظمته الأمم المتحدة واستضافته مصر فى مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر 2022، بالإضافة إلى المشاركة فى مؤتمر الأطراف (COP27) والتأكيد على مجموعة من الحلول العلمية والواقعية لتجاوز هذه الأزمة الكونية وتداعياتها على الجيل الحالى والأجيال القادمة. 

وأضاف صديق أن جامعة الأزهر نظمت خلال السنوات الماضية نظمت العديد من الملتقيات العلمية، ففى عام 2017م أطلقت الجامعة المؤتمر العلمى الدولى الأول للبيئة والتنمية المستدامة وخدمة المجتمع بعنوان: «الطاقة.. حق ومسئولية»، كما عقدت الجامعة مؤتمرها العلمى الدولى الثانى للبيئة والتنمية المستدامة بعنوان: «مواردنا .. حياتنا»، كما أطلقت الجامعة منتدياتها الدولية التى انعقدت خلال الأعوام السابقة، والتى كان أبرزها:

«نقطة مياه تساوى حياه 2019م، منتدى التنوع البيولوجي، منتدى التكيف والتخفيف 2022م، المنتدى الحوارى الأول للقضايا المجتمعية 2022م، ومنتدى من أجل المناخ أفريقيا فى القلب 2022م، ومنتدى تعزيز قدرات المجتمع المدنى تجاه التغيرات المناخية 2022».

كما أكد صديق أن تلك الجهود تأتى انطلاقًا من الدور الإقليمى لجامعة الأزهر لتعزيز جهود الدولة المصرية فى مواجهة القضايا المحلية والعالمية، حيث استهدف المؤتمر تبنى سياسات وآليات التنفيذ لمواجهة هذه التغيرات وفقًا لرؤية مصر 2030 فى جانب الأمن البيئى.