الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رغم ترجيح ثلاثة سيناريوهات محتملة مستقبل غامض ينتظر مقاتلى «فاجنر»

أثار حادث تحطم طائرة ركاب فى روسيا كان على متنها قائد مجموعة فاجنر يفجينى بريجوجين؛ تساؤلات بشأن مستقبل المجموعة القتالية خلال الفترة المقبلة، وبالنظر للأحداث المتعاقبة التى مرّت بها فاجنر مؤخرًا سواءً أزمة تمردها على السلطات الروسية فى يونيو الماضى، أو تحطم طائرة زعيمها الأربعاء الماضى ظهرت تساؤلات عديدة عن إمكانية نقل سلطة فاجنر ليتولى مهامها اسمٌ آخر؟ أم ستتفكك الجماعة العسكرية الأشهَر عالميًا؟ أمْ ستعمل روسيا على فرض سيطرتها الكاملة على المجموعة القتالية وأذرعها الخارجية؟



 

كان الجدل مستمرًا بشأن مستقبل المجموعة منذ أزمة التمرد الذى انتهى باتفاق بعد وساطة من رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، ونص على مغادرة بريجوجين، قبل أن يلتقيه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لاحقًا.

 الولاء أولًا

الأزمة الكبرى بعد تأكيد وفاة قائد فاجنر، أن الجماعة تحمل الكثير من الأذرع الخارجية؛ خصوصًا فى إفريقيا، كما عمل يفجينى بريجوجين على تأكيد قوة جماعته المسلحة فى العديد من المعارك سواء فى أوكرانيا أو غيرها من الدول التى شهدت بعض التوترات على مر العشرة أعوام الماضية.

وكان بوتين قد أكد عقب إعلان يفجينى عن تمرده ضد قادة روسيا؛ أن الجماعة يجب أن تنضم إلى الجيش الروسى، وهو الأمر الذى رفضه قائد فاجنر بشدة.

وعقب لقاء جمع القائدين فى الكرملين عقب إفشال الانقلاب، لم يتم تنفيذ هذا الشرط ولم تنضم الجماعة إلى القوات الروسية.

ووفق تصريحات لمدير مركز التحليل السياسى العسكرى فى معهد هدسون، ريتشارد وايتز، أوضح أن وفاة يفجينى لها العديد من التداعيات الخطيرة على جماعة فاجنر فى الداخل الروسى وخارجه.

وأوضح وايتز، فى تصريحات صحفية، أن هذا الحادث يعتبر فرصة للحكومة الروسية لفرض سيطرتها كاملة على جماعة فاجنر المسلحة، وهو الأمر الذى سيجعلها أقل فعالية.

وأضاف وايتز: إن وزارة الدفاع الروسية قد تستوعب فاجنر بالكامل أو ستتجه لتعمل على إنشاء قوة بديلة تحل محلها.

وأوضح مدير مركز التحليل السياسى العسكرى فى معهد هدسون، أن القيادة الروسية ستحاول التأكد من ولاء أعضاء الجماعة لها، وأن هذا الأمر سينعكس على قوة الجماعة وأن ولاءها سيكون لروسيا فقط وليس لقائد بعينه.

من جهة أخرى؛ أوضح محرر الشئون الأمنية والدفاعية فى Evening Standard، روبرت فوكس، أن المجموعات العسكرية تتوسع فى روسيا، إذ بات هناك الكثير من الشركات الخاصة على غرار فاجنر.

وبشأن تأثير حادث تحطم طائرة بريجوجين، قال «فوكس» إنه: «لا يعتقد أن فاجنر ستختفى بشكل كامل، إذ أقامت لنفسها مصالح واسعة فى إفريقيا جذبت من خلالها الكثير من الأموال والذهب».

وأوضح محرر الشئون الأمنية، فى تصريحات صحفية: «لن تختفى تمامًا، ولكن بسبب وضع قائدها فى الدائرة المحيطة بالنظام فلا يمكن استبدالهما بسرعة، كما أن ما قامت به فى باخموت كان مثيرًا للاهتمام، فالدور الذى لعبه بريجوجين، كمحرر لباخموت مَثّل دعاية واسعة بالنسبة له وللشركة».

 فاجنر والتواجد الإفريقى

وفق تقرير لوكالة «يورو نيوز» الإخبارية، أوضح أن وفاة بريجوجين قد تكون أولى الخطوات لتفكيك فاجنر.

ورغم أن العقيدة العسكرية المعروفة تؤكد أن المؤسسات العسكرية تظل متماسكة لأنها لا تقوم على شخص واحد، إذ يمكن تعويضه، إلا أن حادث بريجوجين ربما يكون له تداعيات أخرى على فاجنر»، فإن الأمر المرجح هو أن تكون المجموعة العسكرية قد دخلت فعلاً فى مرحلة من التفكيك».

يذكر أن هناك العديد من التساؤلات دار حول مستقبل فاجنر فى إفريقيا منذ إعلان تمرد بريجوجين يونيو الماضى طرحت العديد من وسائل الإعلام العالمية السؤال حول مستقبل فاجنر فى إفريقيا، أرض بريجوجين الرئيسية أو «إمبراطوريته»، بعد نفيه إلى بيلاروس. حالياً، تبدو هناك ثلاثة خيارات ممكنة: حلّ المجموعة، أو تأميمها من قبل الدولة الروسية، أو تعيين زعيم جديد. وهذه السيناريوهات لا تزال نفسها اليوم بعد ترجيح مقتل الرجل قائد فاجنر.

 مكاسب روسيا

يرى مراقبون أن روسيا لن تضحى بمكاسبها الخارجية تحديدًا، وأن ما قدمته الجماعة المسلحة من مكاسب خارجية مازال يحسب إلى القيادة الروسية والرئيس بوتين.

ووفق تحليل للسياسية الفرنسية رحمة ياد، أوضحت أن «مقتل» زعيم فاجنر، لن يؤثر على تواجدها فى إفريقيا، موضحة خلال تصريحاته لـ«يورونيوز»: «بالنسبة للروس، من المهم جداً أن يستمر عمل فاجنر فى مالى وجمهورية إفريقيا الوسطى بالطبع»، وهو الأمر الذى كان قد أكده وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف بعد تمرد بريجوجين قبل بضعة أسابيع لأصدقائه الأفارقة، الذين كانوا قلقين للغاية بشأن الوضع.. وهكذا، مع بريجوجين أو بدونه، فإن الروس يريدون بشدة الحفاظ على مصالحهم التجارية والأمنية فى إفريقيا. بالنسبة للكرملين هذا هدف أساسى واقتصادى وسياسى.

وتشكل إفريقيا عنصرًا أساسيًا فى استراتيجية بوتين خاصة بعد حربها فى أوكرانيا وفرض العديد من الدول عقوبات على الرئيس الروسى ومعاونيه، فالعلاقة الجيدة مع الدول الأفريقية تثبت أن بوتين ليس معزولًا، كما تفيده اقتصاديًا.

ومع تقليص دور فاجنر البارز فى العمليات العسكرية الروسية فى أوكرانيا بشكل كبير فى أعقاب تمرّده بدا أن بريجوجين كان يحاول استعادة بعض نفوذه، وزار إفريقيا بحسب فيديو نشره مؤخرًا. 

وكان بريجوجين قد أصدر بيانًا يدعم فيه القادة العسكريين فى النيجر. وفى الفيديو الذى نشره الاثنين الماضى، أصر بريجوجين على أنه كان يقوم بالتجنيد لعمليات فى إفريقيا، بينما دعا أيضًا المستثمرين من روسيا إلى الاستثمار فى جمهورية إفريقيا الوسطى من خلال البيت الروسى، وهو مركز ثقافى فى عاصمة الدولة الأفريقية.

 قلة المقاتلين

وفق تقرير لصحيفة «الجارديان» البريطانية، أوضح أن المئات من مقاتلى فاجنر الذين تم نفيهم إلى قواعد فى بيلاروسيا قد غادورا هذا البلد وذلك بعد تدنى مستويات الأجور، كما حاول البعض الآخر أن يترك الجماعة المسلحة، بينما انتقل آخرون للعمل فى غرب إفريقيا.

وانخفض عدد قوات فاجنر فى إفريقيا من أكثر من 5.000 عنصر إلى نحو ربعهم. وذلك يوضح أنه خلال الأسابيع الماضية فتحت فاجنر الباب للانضمام إلى صفوفها القتالية بعض انخفاض عدد المقاتلين سواء بالخروج من الجماعة أو بالقتل فى أوكرانيا.

وفى روسيا نفسها، كانت عمليات فاجنر فى حالة من التوقف خلال الشهرين الماضيين، حيث بدا أن بريجوجين وحلفاءه كانوا يبحثون عن دور جديد فى ظل استياء بوتين.

ومع خروج فاجنر من أوكرانيا بعد نشر مقاتليها كوقود للمدافع فى معركة باخموت، ربما يكون السؤال الأكبر هو ما إذا كان بإمكانها الاستمرار بأى شكل قابل للتطبيق فى الدول الأفريقية حيث كانت نشطة.

 التحول إلى قوات نظامية

من جهة أخرى، ووفق معطيات المشهد منذ تمرد فاجنر على الإدارة الروسية يونيو الماضية، فمن المؤكد أن موسكو قد وضعت جميع التدابير والخطط المستقبلية للجماعة المسلحة، فالرئيس الروسى فلاديمير بوتين وقادة الجيش لن يتركوا مستقبل التواجد الروسى وأذرعه الخارجية كاملة فى يد جماعة قد أعلنت تمردها مستقبلًا.

ووفق تصريحات لرئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، العميد سمير راغب أوضح فيها أن الدولة الروسية اتخذت جميع الإجراءات التى تكفل لها السيطرة التامة على قوات فاجنر، وهذه الإجراءات تمثلت فى حصر الأمور التى كانت فى يد بريجوجين بشكل شخصى، وتغيير القيادة الهرمية لفاجنر من خلال إقصاء جميع القادة الموالين لبريجوجين.

وهذا ما يفسر إعفاء الجنرال سيرجى سوروفيكين، قائد القوات الجوية الروسية وأحد أبرز الضباط فى الجيش، من مهامه، فى نفس يوم سقوط طائرة يفجينى، حيث كان سوروفيكين أحد أقرب الشخصيات فى الجيش الروسى لقائد فاجنر.

من جهة أخرى فقد عملت موسكو على تغيير خطابها حول ملكية فاجنر من أنها مجرد شركة عسكرية خاصة روسية، إلى أنها أصبحت ممثلاً للدولة الروسية.

كما أن وجود فاجنر فى إفريقيا لن يتأثر بمقتل بريجوجين؛ لأن الحكومة الروسية هى التى ستدير هذه المجموعة مستقبلا بشكل نظامى، ومن المتوقع ألا نرى أى انسحاب لقوات فاجنر من مواقعها فى منطقة الساحل (بوسط وغرب).

ووفق مراقبين فإن المحك الأهم لفاجنر سيكون محاولة الإبقاء على فاعلية المجموعة فى ظل القيادة الجديدة التى ستخضع للنظامية الروسية، وهى تختلف عسكريا عن طريقة « العصابات» التى كانت متّبعة تحت قيادة بريجوجين.