الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. العفو الرئاسى عن دومة وإغلاق قضية التمويل الأجنبى..شهادة نجاح جديدة للحوار الوطنى دولـة القانـون تكتب كلمة النهاية فى القضية 173

حقك.. العفو الرئاسى عن دومة وإغلاق قضية التمويل الأجنبى..شهادة نجاح جديدة للحوار الوطنى دولـة القانـون تكتب كلمة النهاية فى القضية 173

رغم ما تشهده الحدود المصرية من عدم استقرار وغياب للأمن وأحداث ساخنة ومشتعلة بفعل ضربات المدافع وسقوط عشرات الضحايا يوميًا فى أسوأ لحظات الإقليم والقارة الإفريقية، والتحدى الاقتصادى الخانق لكل دول العالم، تخطو مصر نحو جمهوريتها الجديدة بتراكم مهم من حل القضايا العالقة بالشق السياسى من عملية الإصلاح الواصلة لكل مجالات الحياة المصرية وتمثل تجربة خاصة فى الإصلاح الشامل مبنية على حوار وطنى جامع لكل التيارات السياسية المصرية باستثناء وحيد وهو تنظيم الإخوان الإرهابى الرافض للدستور ودولة القانون، وقد حظى الحوار بدعم مجتمعى مكثف وتوفر له إرادة سياسية راغبة فى التغيير وإغلاق كل ملفات الماضى.



والحقيقة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى حقق اختراقًا فى قضايا صعبة واستخدم صلاحياته الدستورية من أجل العفو الرئاسى عن قوائم أحزاب المعارضة ليصنع مساحة ثقة جديدة بين الأحزاب السياسية المعارضة والدولة المصرية فى تجربة جديدة كليًا على الحياة السياسية، ودعا إلى حوار وطنى جامع يضم جميع أطياف المجتمع من أجل الاتفاق على حل قضايا تساهم فى خلق مناخ جديد للحياة السياسة فى مصر، وقد تلا ذلك خطوات مهمة تساهم فى استدامة ذلك المناخ الإيجابى وربما أهمها الإفراج عن نشطاء سياسيين مثل زياد العليمى ومحمد الباقر وأحمد دومة وغيرهم من الذين دعت أحزاب المعارضة للإفراج عنهم، ثم إعلان وزارة العدل عن الاتجاه إلى حفظ قضية التمويل الأجنبى وإغلاق الملف المثير للجدل لسنوات.

وبحسب محكمة استئناف القاهرة فى قضية التمويل الأجنبى والمتهم بها 85 منظمة، تم الانتهاء من التحقيق لـ 75 منظمة، وصدرت لها أوامر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أوامر حفظ، وبالنسبة للمنظمات الباقية فبعضها على وشك الانتهاء منها، والبعض الآخر جار التحقيق بشأنها.

ويترتب على صدور أوامر الحفظ إلغاء جميع قرارات المنع من السفر أو الوضع على قوائم ترقب الوصول أو التحفظ على الأموال الصادرة فى هذه التحقيقات.

وقالت الوزارة إنها تتابع وزارة العدل عن كثب ما يصدر من قرارات عن قاضى التحقيق وتعمل على تنفيذ هذه القرارات وما يترتب عليها من آثار قانونية بكل دقة حرصًا على ترسيخ مبدأ سيادة القانون.

باختصار كانت دولة القانون صاحبة كلمة النهاية فى القضية 173 المثيرة للجدل ومثلت دفعة قوية لعمل منظمات المجتمع المدنى وردت على المشككين فى جدية عمل الحوار الوطنى وتوجه الدولة للإصلاح.

تحدث مجلس أمناء الحوار الوطنى فى بيانه عن قرب إسدال الستار على القضية لافتًا إلى أن مثل هذه الإجراءات تصب يقينًا فى صالح الأجواء الإيجابية التى تبعث على الثقة فى مسار الحوار الوطنى والأجواء المصاحبة له، ويرسخ بخطوات ثابتة الاتجاه نحو الجمهورية الجديدة.

ترافق ذلك مع الإعلان عن توصيات الحوار الوطنى والمتعلقة بحقوق الإنسان والحريات العامة وكانت قضية التمييز، وكان حولها إجماع وطنى واضح على أهمية دعم قضايا حقوق الإنسان باعتبارها مستهدفًا وطنيًا تعمل على تحقيقه جميع مؤسسات الدولة، ولكن ارتكزت المناقشات على الوسائل والإجراءات والبدائل المتاحة لتحقيق هذه الغايات فى الموضوعات المختلفة.

وجاء فى البيان إشارة دالة أخرى وهى أن الدولة المصرية، نفاذًا لدستور 2014، قطعت أشواطًا وخطوات واسعة فى سبيل تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، وأولت اهتمامًا تشريعيًا وتنفيذيًا فى سبيل حماية الفئات الأولى بالرعاية وتمييزهم تمييزًا إيجابيًا مثل المرأة وذوى الإعاقة، كما أصدرت القانون الذى يضمن حرية بناء الكنائس ودور العبادة للمسيحيين بعد حوالى 150 عامًا من الأمر العالى الصادر المنظم لهذه المسألة.

وبحسب البيان فقد قطعت الدولة شوطًا كبيرًا فى سبيل التوزيع الجغرافى العادل للتنمية التى طالت شمال سيناء وجنوبها والصعيد والريف المصرى، ويعتبر مشروع حياة كريمة درة تاج هذه المشروعات التى تعبر وبحق عن صدق الدولة المصرية فى إيصال التنمية الحقيقية إلى كل شبر فى الأراضى المصرية، كما اتفق الحضور على أهمية سرعة إصدار قانون يضمن حقوق كبار السن والمسنين وتنظيم المجلس القومى لذوى الإعاقة، وأهمية تطبيق الاستحقاق الدستورى فى نص المادة 53 «بإصدار قانون ينظم إنشاء وإدارة مفوضية منع التمييز»، حيث تنص المادة المشار إليها على أن: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى، أو الجغرافى».

واستعرض البيان تفاصيل التوصية بإصدار تشريع لإنشاء مفوضية مُناهضة التمييز، مؤكدًا أن الأساس الدستورى للتشريع، هو أنه: «يجب أن يستند أى تشريع لإنشاء المفوضية على الدستور، والاتفاقيات الدولية، والمصدق عليها والنافذة التى انضمت إليها جمهورية مصر العربية، بحسبان أن تلك الاتفاقيات بموجب نص الدستور هى جزء من التشريع الداخلى ولها مرتبة القوانين، وضرورة التفرقة بين التمييز المُباشر وغير المُباشر ووضع تعريف لكل منها، وتوافق الحاضرون على أن يميز التشريع بين التمييز، والتمييز المُباشر، والتمييز غير المُباشر، بأن يكون التمييز هو كل تفرقة بين الأشخاص، بسبب المعاملة المتحيزة، أو التفضيلية لشخص بسبب الجنس، أو اللغة، أو الأصل، أو السن، أو المعتقد الدينى والممارسة الدينية، أو الانتماء السياسى، أو المكانة الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو الانتماء المهنى، أو الموقع الجغرافى، أو الظروف الصحية، أو لأى سبب آخر، مما يؤدى إلى الحرمان الكلى، أو الجزئى لفئة، أو لشخص طبيعى، أو اعتبارى من بعض الحقوق المنصوص عليها فى الدستور المصرى والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، أما التمييز المباشر، فهو التفرقة بين الأشخاص بالمعاملة المتحيزة أو التفضيلية لشخص على أساس عضويته الحقيقية أو المتخيلة فى مجموعة أو فئة بشرية، وهو أى استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أى معايير تحكمية مثل الجنس، أو اللغة، أو الأصل، أو السن، أو المعتقد الدينى والممارسة الدينية، أو الانتماء والنشاط السياسى، أو المكانة الاجتماعية، أو الظروف الصحية وخاصة الإعاقة، أو المسئولية العائلية، أو المطالبة بحقوق العمال، أو لأى سبب آخر، ويؤدى إلى الحرمان الكلى أو الجزئى لفئة أو أكثر من المواطنين من بعض الحقوق المنصوص عليها فى الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، أما التمييز غير المباشر، فهو التفرقة بين الأشخاص هو التأثير غير العادل لتطبيق قاعدة أو سياسة عامة على بعض الفئات الذين يشتركون فى سمة معينة كالنساء أو ذوى الإعاقة بما لا يُمكنهم من التمتّع بنفس الفرصة المتاحة للآخرين».

اختيار لجنة حقوق الإنسان لقضية منع التمييز والدعوة لإنشاء مفوضية معنية لمنع التمييز انتصار للرؤية الوطنية فى تحسين أوضاع حقوق الإنسان وفق أولويات المجتمع المصرى كما أن التحركات الأخيرة فى ملف حقوق الإنسان تستكمل شروط المناخ الإيجابى للعمل السياسى وساهمت بالتأكيد فى إنجاح الحوار لأنها أثبتت حسن النوايا بين كل الأطراف واستجابة القيادة السياسية لطلبات القوى والتيارات السياسية المشاركة فى الحوار كانت محفزًا كبيرًا لكل الأطراف أن تشارك بجدية وأن تتوافق على جملة من الموضوعات والقضايا محل اهتمام الجميع، وساهمت أيضًا فى الرد بشكل واقعى وعملى وأثبتت جدية التعامل مع الحوار الوطنى ومخرجاته واستجابة الرئيس لتوصياتها تقدم دفعة كبيرة لعملية الإصلاحات السياسية الجارية.

ومنذ الإعلان عن بدء الحوار الوطنى أصبح لدينا مسار واضح تتراكم فيه التحركات الإيجابية من جميع الأطراف من أجل إنجاح الحوار وتأسيس مناخ سياسى جديد يدعم التعددية والتشاركية والتنوع ويحافظ على مسار التحول نحو جمهورية جديدة مدنية وحديثة تدعم مشاركة كل التيارات فى اتخاذ القرار وتحافظ على الاصطفاف الوطنى فى مواجهة جميع التحديات.

بالتأكيد لتلك التحركات تأثير إيجابى على مصر فى الداخل والخارج، فهى تأكيد على نهج الفرصة الثانية فى الحياة أمام المفرج عنهم، وعلى رغبة القيادة السياسية فى تصفية التحديات التى كانت تواجه ملف حقوق الإنسان وتؤكد أن ما تدعيه بعض الأصوات حول أوضاع حقوق الإنسان فى مصر غير صحيح وبه كثير من المغالطات، وأن الواقع الجديد المنفتح فى مصر يفرض نفسه ويؤكد أن الجمهورية الجديدة تهتم بالإنسان المصرى وتمكنهما الوصول إلى حقوقه التى كفلها الدستور والقانون المصرى والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

التواصل مع المفرج عنهم فى إطار الرعاية اللاحقة مطلوب لأنهم يواجهون تحديات عديدة عقب الإفراج عنهم وأتصور أن ذلك دور أصيل لمنظمات المجتمع المدنى سواء فى تقديم الدعم النفسى أو توفير فرص للعمل أو تقديم مساعدات فورية تحافظ على أن يعيش المفرج عنه حياة كريمة ومساعدتهم فى العودة إلى الحياة مرة أخرى بشكل طبيعى. 

التحركات الإيجابية متصلة  بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وهى تجربة أثبتت ريادة مصر فى عملية إيصال مفهوم حقوق الإنسان إلى كل بيت مصرى ووضعت قضايا حقوق الإنسان على تنوعها فى بؤرة اهتمام صانع القرار وهو تطور شديد الأهمية يساهم فى تسريع وتيره نشر الوعى بقضايا حقوق الإنسان ويساهم فى تقليل الانتهاكات إلى حدها الأدنى ويساعد فى وضعها ضمن أولويات صناعة التشريعات بما يحافظ على تطورها ونموها. 

وبالتأكيد لها إسهام إيجابى على ملف حقوق الإنسان فى مصر خلال مناقشته أمام الآليات الدولية الأممية ويؤكد على انفتاح مصر على جميع التوصيات القادمة من الشركاء وأن الدولة المصرية تسعى إلى رفاهية شعبها بشكل دائم ومستمر.