الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد مطالبات الخليج بمغادرة رعاياه.. ماذا يحدث فى لبنان؟

«لقد ارتكبت أخطاء فى الماضى ودفعت ثمنًا باهظًا للغاية، إذا تطور هنا تصعيد أو صراع سنعيد لبنان إلى العصر الحجرى».. بهذه الكلمات توعد وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت حزب الله من أى تصعيد قد تشهده الأراضى اللبنانية المحتلة بعد توتر الأوضاع وزيادة المناوشات مع الحزب اللبنانى على الحدود بين البلدين خلال الأسابيع الماضية.



وتشهد لبنان على مدار أسابيع توترات متفرقة فى الجنوب كذلك أزمة مخيم عين الحلوة بين الفصائل الداعمة لمنظمة فتح وحماس، ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد بل فاجأت عدة دول من الخليج على رأسهم المملكة السعودية والكويت وغيرهم بإصدار قرار ضرورة مغادرة رعاياها للأراضى اللبنانية فى أسرع وقت.. الأمر الذى يطرح العديد من التساؤلات.. ماذا يحدث فى لبنان؟ وهل خطر المواجهة بين حزب الله وإسرائيل هو فقط الخطر القادم.. أم أن هناك كارثة جديدة تنتظر هذا البلد الجريح.

إنذار الخطر

مع بداية الأسبوع الماضى حذرت المملكة السعودية رعاياها من التواجد أو الاقتراب من المناطق التى تشهد نزاعات مسلحة، مطالبة المواطنين بمغادرة الأراضى اللبنانية بسرعة، وانضم لاعلان المملكة تحذيرات مماثلة من كلًا من الكويت وقطر والبحرين وعمان ومطالبات بمغادرة رعاياها للأراضى اللبنانية فى توقيت حمل علامة استفهام، خاصة أن السعودية فى 1 أغسطس الجارى كانت قد عدلت تحذيراتها لمواطنيها للسفر إلى لبنان إلا للضرورة القصوى، وهذه التحذيرات جاءت عقب اشتعال أزمة مخيم عين الحلوة لللاجئين الفلسطينيين، وعلى الرغم من توقف الاشتباكات بين عناصر حماس وفتح، إلا أن إمكانية نشوب صراعات جديدة داخل أكبر مخيمات فى لبنان مازالت ممكنة.

من جهة أخرى، جاء توعد وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت خلال جولة على الحدود مع لبنان، موجهًا خطابه للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله «بعدم ارتكاب أى خطأ». وقال «لن نتردد فى استخدام كل قوتنا إذا اضطررنا لذلك».

ولم يصدر بعد أى تعليق من حزب الله على التهديد الإسرائيلى.

ودأبت إسرائيل وحزب الله على إطلاق مثل هذه التهديدات منذ الحرب الأخيرة بينهما عام 2006، لكنها باتت أكثر حدة مؤخرا الأمر الذى قد يشير إلى اندلاع مواجهة محتملة بين قوات الاحتلال وحزب الله فى أى وقت قريب.

ووفق تقرير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» كشف خلالها عن توتر الأوضاع فى الأراضى اللبنانية يضع العديد من السيناريوهات لاندلاع حرب وشيكة بين قوات الاحتلال وحزب الله.

الأرض المشتعلة

وفق صحيفة «فورين بولسى» الأمريكية فإن لبنان أصبحت من أكثر الدول «مأوى للعناصر الإرهابية الخطرة»، ليس هذا فحسب، بل بعد تكرار عدد من الاتهامات لرجال الدولة اللبنانية منذ اتهام سفير بيروت لدى باريس رامى عدوان باعتدائه على موظفتين فى السفارة يونيو الماضى، وبعد مطالبات باريس من حكومة اللبنانية برفع الحصانة لإجراء تحقيقات حول الحادث استدعت بيروت سفيرها دون رفع الحصانة عنه، من جهه أخرى جاءت اتهامات فرنسا وألمانيا لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وإصدار مذكرة اعتقال له من قبل باريس لاتهامه «باستغلال سلطاته للاستيلاء على ما يقرب من 330 مليون دولار من المال العام»، إلا أن قضاء لبنان اصدر أمر بمصادرة جواز سفر سلامة قبل أن يقدم الأخير استقالته من منصبه.

ووفق الصحيفة الأمريكية فإن لبنان أصبحت تواجهه العديد من الأزمات فمع عجز البرلمان للتوافق على رئيس للبلاد فضلًا عن الخلافات الداخلية بين الأحزاب والعائلات السياسية داخل الحكومة، إلا أن البلاد، وفق فورين بولسى، أصبحت رهينة لدى حزب الله.

ومن جهه أخرى نقلت شبكة سى إن إن الأمريكية عن المحلل السياسى عبدالبارى عطوان الذى أوضح أن تحذيرات دول الخليج جاءت بعد ظهور تكهنات بان القادم أسوء، موضحًا أن الخطر القادم يمكن أن يكون عدوانًا إسرائيليًا أو اقتحام عسكرى لمخيم عين الحلوة لنزع أسلحته، أو ربما يكون باشتعال حرب شاملة بين قوات حزب الله والجيش الإسرائيلى.

سيناريو الاشتعال

وفق معطيات الموقف، يوجد ثلاث سيناريوهات وراء تأزم الوضع فى لبنان:

السيناريو الأول: المواجهة

على مدار الأشهر الماضية بدأ حزب الله فى استغلال تأزم الوضع الداخلى فى إسرائيل بعد إقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لقانون التعديلات القضائية واشتعال الجبهه الداخلية ضد حكومة الاحتلال، واتخذ حزب الله خطوات لاستعراض قوته على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وبدأ حزب الله فى توجيه عدة ضربات صاروخية فى الداخل الإسرائيلى كذلك أقدم على تنفيذ عدد من المناورات العسكرية بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

من جهه أخرى، اقام حزب الله عدة خيام بقرية «الغجر» الحدودية بين لبنان وإسرائيل الأمر الذى حذرت فيه تل ابيب باستعدادها للقتال فى حال عدم إزالة خيام حزب الله من هذه المنطقة الحدودية.

ووفق صحيفة «نيويورك تايمز» فإن تحركات حزب الله جاءت بتوجيهات إيرانية ردًا على شن قوات الاحتلال عدد من الضربات الصاروخية فى سوريا استهدفت قوات إيرانية وسورية.

السيناريو الثانى: الجمود

رغم استفزازت حزب الله لقوات الاحتلال إلا أن وزارة الدفاع الإسرائيلية أصدرت بيانًا أكدت فيه أن تل أبيب لن تنجرف وراء تحركات حزب الله لاشعال الوضع فى لبنان، وقد صدق رئيس الوزراء الإسرائيلى على بيان قوات الدفاع، وهو الأمر الغير متوقع ويحدث للمرة الأولى من قبل إسرائيل على أى تهديدات لحزب الله، وهنا كان التساؤل الأهم.. لماذا لجأت إسرائيل لهذا الرد؟

الأمر يتعلق بمحاولة تل أبيب المتواصلة لتطبيع العلاقات مع السعودية، وعلى الرغم من أن هذا الأمر لم يتخذ فيه قرار بعد إلا أن تأزم المصالحة الإيرانية - السعودية بعد أزمة حقل الدرة من جهه، كذلك تأزم رجوع سوريا إلى الحض العربى بسبب تعثر الرئيس بشار الأسد فى تنفيذ الاتفاقات بعودة اللاجئيين وإصلاح الأوضاع الداخلية فى سوريا، كل هذا يمكن أن يدفع عجلة التطبيع بين تل أبيب والرياض إلى الأمام، وهو الأمر الذى تغشاه ايران وتحاول أن تشعل حرب بين حلفاءها حزب الله وإسرائيل لوقف هذا الأمر.

السيناريو الثالث: الحرب الشاملة

أما السيناريو الثالث فى تأزم الوضع عرضته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» حيث أوضحت أن المواجهة بين حزب الله وقوات الاحتلال أصبحت وشيكة مشيرة إلى تزايد الحوادث على الحدود الشمالية مع لبنان فى الأشهر الأخيرة، فضلا عن استمرار الأزمة الداخلية فى إسرائيل بشأن الإصلاح القضائى وهو الأمر الذى قد يدعو إسرائيل لافتعال أزمة «وطنية» لتوحيد صفوف شعبها أمام «أعداءهم».

ووفق الصحيفة الإسرائيلية، فإن جيش الاحتلال يتوقع فى حالة نشوب حرب مع حزب الله أن يتم إطلاق نحو ستةَ آلاف صاروخ يوميا خلال أيام الحرب الأولى، ليتراجع العدد إلى ما بين 1500 و2000 صاروخ بعد بضعة أيام من بدء الحرب، مشيرة إلى أن هذه المرة لن «تنحصر فى جبهة واحدة فقط، بل ستكون متعددة الجبهات ومتداخلة، ومن غير المستبعد أن ينضم قطاع غزة أيضا إلى المعركة، وستنطلق منه كذلك صواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية، وستكون إسرائيل مطالبة بالتصدى للهجمات والعمليات فى الضفة الغربية»، بالإضافة إلى هبة داخل الخط الأخضر وأراضى عام 1948.

وإضافة «تايمز أوف إسرائيل» أن هناك توقعات بمقتل نحو 500 مدنى إسرائيلى، وآلاف الجرحى، وهذه الأرقام لا تشمل العسكريين. كما توقع الجيش أن يواجه صعوبات فى حماية المواقع الحساسة التى ستكون هدفا للقصف مثل محطات الكهرباء والمصانع ومراكز التموين، وأضافت الصحيفة أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تعرف سيناريو الحرب مع حزب الله بالخطير والمرجح.

وخلصت الصحيفة - فى نهاية تقريرها - إلى المخاطر العالية التى تواجهها إسرائيل خلال تلك الحرب التى تجعل من اليسير إدراك «إحجام الجيش الإسرائيلى عن الانجرار إلى حرب مع حزب الله، وأن يختار بدل ذلك ردود فعل معتدلة على استفزاز اته».