الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الدول العظمى قبل النامية تطبق «القطع المبرمج للكهرباء» صيف «ساخن» و«مظلم» جدا

عانت الدول الأوروبية وأمريكا وآسيا من ارتفاع درجات الحرارة فى يوليو الشهر الماضى؛ خصوصًا فى ألمانيا واليونان وإيطاليا وسط اندلاع حرائق فى اليونان وتركيا التى يقع جزء منها فى أوروبا وجزء فى آسيا وامتدت الموجة الحارة إلى الدولة المطلة بشكل عام على البحر الأبيض المتوسط سواء فى جنوب أوروبا أو فى شمال إفريقيا. وشهدت العديد من الدول الغربية والأوروبية إجراءات لقطع وترشيد التيار الكهربائى لمواجهة الظروف المُناخية الاستثنائية عالميًا.



فى بريطانيا بدأت السُّلطات البريطانية فى تطبيق القطع المبرمج للتيار الكهربائى لمواجهة نقص إمدادات الطاقة. وأشار تقرير إعلامى بريطانى إلى أن ملايين الأسر البريطانية ستواجه سياسة تقنين فى الكهرباء لعدة ساعات يوميا؛ بسبب تراجُع الإمدادات فى ظل ارتفاع درجات الحرارة. ورجح خبراء إعلان بريطانيا حالة الطوارئ فى إمدادات الغاز والتى بموجبها يمكن أن تنقطع الإمدادات عن بعض محطات الطاقة الكهربائية التى تعمل بالغاز ما يجعلها غير قادرة على توليد الكهرباء. كما أشارت صحف بريطانية إلى أن من المرجح أن يزيد هذا التصريح من الخوف من انقطاع التيار الكهربائى المخطط له لأن المملكة المتحدة تعتمد على محطات الطاقة الكهربائية بشكل واسع. وفى جزيرة صقلية ترك مئات الآلاف من السكان والسياح من دون كهرباء لعدة أيام، بالإضافة إلى اندلاع حرائق غابات فى الجزيرة ذاتية الحُكم وتواجه أجزاء من الجزيرة بما فى ذلك مدن مثل سيراكيوز وكاتانيا وإتنا. وانقطاع التيار الكهربائى المتداول، الذى أثر بدوره على إمدادات المياه الخاصة بهم، كما أفاد مسئول محلى بالجزيرة بأن المنطقة كانت تخبز تحت حرارة شديدة لعدة أيام متتالية دون راحة.

وتواجه الولايات المتحدة ارتفاعًا غير مسبوق فى درجات الحرارة فى عدد من الولايات التى يخضع سكانها لتحذيرات حول التعرض للشمس، وأصدرت الجهات الرسمية وشركات الكهرباء بيانات وإخطارات تحذر من انقطاعات فى الطاقة بسبب الموجة الحارة وناشدت الأمريكيين بترشيد الاستخدام، كما يتعرض الجزء الآخر من الولايات لخطر الفيضانات والأعاصير المفاجئة. وفقًا لشبكة «إيه بى سى» تخضع أكثر من 20 ولاية لتحذيرات حول الحرارة ويواجه أكثر من 110 ملايين أمريكى درجات حرارة شديدة قد تكسر حاجز الـ 60 درجة من ساحل كاليفورنيا إلى الغرب الأوسط إلى الجنوب الشرقى والشمال والوسط الأطلسى. وفى وقت سابق حذرت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية من استمرار حرارة الصيف الشديدة فى جميع أنحاء البلاد بسبب تداعيات التغيُّر المُناخى التى تؤثر على العالم، ففى منطقة واشنطن العاصمة، استقرت الارتفاعات اليومية عند نحو 48 درجة ووفقًا للأرصاد الوطنية فى مدينة نيويورك تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة. وقالت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية فى أحدث نقاشها المتوقع حول الطقس استمرار الحرارة ثلاثية الأرقام فى النصف الجنوبى من السهول إلى الساحل الشرقى للخليج، بينما يستمر الطقس البارد وغير المستقر فى السهول الشمالية باتجاه الغرب الأوسط. ووفقًا للتقرير، أحداث الحرارة هى أكبر قاتل سنوى متعلق بالطقس فى الولايات المتحدة؛ خصوصًا عندما تستمر لفترة طويلة من الوقت كما هو الحال فى موجة الحرارة الحالية فى العديد من المواقع. فى الوقت نفسه، يحذر مزودو الطاقة الأمريكيين من استخدام أجهزة تكييف الهواء؛ حيث قد تؤدى الحرارة الشديدة وزيادة الطلب إلى انقطاع التيار الكهربائى، وأعلنت أكبر شبكة كهرباء فى أمريكا حالة الطوارئ من المستوى الأول وشهر يوليو هو أكثر الشهور سخونة على وجه الأرض منذ بدء حفظ السجلات. 

كما حذرت PJM Interconnection الشركة المسئولة عن إمداد الطاقة فى 13 ولاية وواشنطن العاصمة من أن الحرارة الشديدة و/ أو الرطوبة قد تسبب مشاكل فى السّعة على الشبكة. وقالت الشركة فى بيان: من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة 90 فهرنهايت مما يزيد الطلب على الكهرباء. وفى نيويورك حيث من المتوقع أن يرتفع مؤشر الحرارة إلى 110 درجات فهرنهايت، يطلب مزود الطاقة كون إديسون السكان من تقليل استخدام الطاقة فى المنزل للمساعدة فى تجنب انقطاع الكهرباء. وقالت الشركة فى بيان الحرارة الشديدة والطلب المتزايد على أجهزة التكييف يمكن أن يسبب ضغطا على النظام الكهربائى وقد يؤدى إلى انقطاعات. وقد أعلن مشغلو الشبكة فى جميع أنحاء البلاد عن تنبيهات الطقس الحار وطلبوا من شركات الطاقة تأجيل أعمال الصيانة غير الضرورية حتى تكون جميع محطات التوليد وخطوط الطاقة المتاحة جاهزة للخدمة. كما تواجه أجزاء من الغرب الأوسط تهديدًا بفيضانات مفاجئة من العواصف الرعدية الشديدة المتوقعة على أجزاء من البحيرات العظمَى إلى وادى ميد ميسورى وفقًا لـهيئة الأرصاد الوطنية. وقد أدى تغيُّر المُناخ الناجم عن النشاط البشرى إلى زيادة تواتر موجات الحر وزيادة شدتها واستمراريتها. فى الولايات المتحدة يموت ما يقدر بنحو 702 شخص كل عام بسبب الأمراض الناجمة عن الحرارة. ويؤثر انقطاع التيار الكهربائى على قدرة رجال الإطفاء على أداء وظائفهم مما يجعل السكان المُسنين والمرضى أكثر عرضة للخطر.

 

وتحديدًا فى ولاية كاليفورنيا التى أصبحت خدمات الكهرباء بها تنقطع بشكل دورى فى محاولة من السُّلطات لتقليل استخدام الطاقة بما يكفى احتياجات السكان. وأصدر المشغل الرئيسى لشبكة الكهرباء فى ولاية كاليفورنيا إشعارًا بإعلان ساعة الطوارئ بعد أن كثف السكان من استخدام مكيفات الهواء لمواجهة الموجة الحارة، وتسبب الاستخدام الكثيف للطاقة فى قطع التيار الكهربائى عدة ساعات. وحسب وكالة بلومبرج الأمريكية حذر مشغل النظام المستقل فى كاليفورنيا فى بيان على موقعه الإلكترونى من أن استخدام الطاقة قد يفوق الإمدادات المتاحة ويؤدى إلى نقص محتمل فى الكهرباء. وشجع مشغل الشبكة على تقديم خدمات دعم إضافية لاستقرار الشبكة، مع مطالبة العملاء بتقليل الضغط عليها؛ لتجنب الانقطاع المتكرر للتيار. وأضافت الوكالة الأمريكية: إن هناك انقطاعات منتظمة للتيار الكهربائى فى ولاية كاليفورنيا؛ خصوصًا فى ذروة ساعات النهار التى تشهد الارتفاع الأكبر لدرجات الحرارة.. موضحة أن الولاية لجأت إلى قطع التيار فى الأوقات التى تغيب فيها الشمس وتنخفض فيها درجات الحرارة فى خطوة لتخفيف الضغط على الشبكات. وتابعت: بالرغم من مخططات مشغل الكهرباء فى الولاية الأمريكية؛ فإن الطلب على الكهرباء ظل مرتفعًا بشكل قياسى؛ خصوصًا فى مناطق جنوب الولاية مع إصدار تحذيرات شديدة من الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة؛ خصوصًا فى مدن الجنوب الغربى الأمريكى.

 

وقال ماسيميليانو روسو مسئول فى كاتانيا لميل أونلاين: الوضع صعب للغاية وكبار السّن يعانون كثيرًا حتى المطاعم أجبرت على الإغلاق بسبب نقص الكهرباء وفى الوقت الحاضر لم يتم اتخاذ أى إجراء كبير لمساعدة المدينة، وتسببت الحرارة فى ارتفاع درجة حرارة الأسفلت إلى 122 درجة فهرنهايت فى بعض الأماكن، مما أدى إلى ذوبان كابلات الطاقة تحت الأرض.

 

وقال رئيس بلدية سيراكيوز فرانشيسكو إيطاليا لصحيفة لا صقلية: إن مئات الفنيين يعملون على إصلاح المشكلة وتركيب كابلات جديدة بعد أن اعتقدوا أن انقطاع التيار الكهربائى نتج عن الحمل الكهربائى المفرط. وطلبت إيطاليا من القوات المتطوعة أن تكون قادرة على دعم المواطنين فى حالة الحاجة. واضطرت الحكومة الإيطالية لاتخاذ إجراءات وقائية وقطع الكهرباء فى جميع أنحاء البلاد بعد الارتفاع الكبير الذى تشهده البلاد فى درجات الحرارة، وما تبعه من زيادة استخدام الطاقة ومكيفات الهواء وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة ميامى هيرالد الأمريكية. واتخذ مسئولو الصحة فى إيطاليا إجراءات للسلامة من الحرارة مثل مطالبة المشاهير بالظهور على التليفزيون لبث رسائل السلامة وذلك فى إطار محاولة تقليل الطلب على تشغيل الكهرباء.

وفى إسبانيا البلد الذى لديه سوق وبنية تحتية متنوعة للطاقة ليس استثناءً من هذا الاتجاه إذ أصبحت آثار تغيُر المُناخ على سوق الطاقة والبنية التحتية فى إسبانيا واضحة بشكل متزايد مع وجود آثار كبيرة على أمن الطاقة فى البلاد والنمو الاقتصادى والاستدامة البيئية وفقًا لما ذكره موقع إنيرچى باترول والذى قال إن أحد أبرز تأثيرات تغيُر المُناخ على الطاقة فى إسبانيا هو زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل موجات الحر والجفاف والعواصف ويمكن لهذه الأحداث أن تعطل إنتاج الطاقة ونقلها وتوزيعها مما يؤدى إلى انقطاع التيار الكهربائى وارتفاع أسعار الطاقة وزيادة التكاليف للمستهلكين والشركات.

ونتيجة أخرى لتغيُّر المُناخ فى سوق الطاقة فى إسبانيا؛ الطلب المتزايد على خدمات التبريد؛ خصوصًا خلال أشهُر الصيف الحارة مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة بسبب الاحتباس الحرارى ومن المتوقع أن تزداد الحاجة إلى تكييف الهواء والتبريد بشكل كبير مما يضع ضغطا إضافيًا على شبكة الكهرباء ويزيد من استهلاك الطاقة وهذا بدوره قد يؤدى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء وزيادة الاعتماد على الوقود الأحفورى المستورد، مما يقوّض جهود إسبانيا للانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون وتحقيق أهدافها المتعلقة بالمُناخ والطاقة.

وفى اليونان يواجه نظام الطاقة اليونانى تحديًا مستمرًا بسبب موجات الحر المتتالية وحرائق الغابات منذ بداية يوليو الماضى، وعلى الرغم من ذلك ذكرت المنظمة أنها استجابت للتحدى بنجاح مطلق وكفلت استمرار تشغيل النظام وشكلت فترات بعد الظهر الصيفية أصعب الأوقات لحماية نظام الكهرباء من انقطاع التيار الكهربائى فى اليونان. وشجعت وزارة البيئة والطاقة اليونانية مستهلكى الكهرباء على استخدام كهرباء الشبكة بشكل أساسى بين الساعة 2 بعد الظهر و6 مساء عندما يكون حقن الطاقة الشمسية فى الشبكة وفيرًا، كما نصحت الوزارة اليونانيين بتجنب الأنشطة كثيفة الطاقة مثل الغسيل أثناء الليل عندما لا تعمل حدائق الطاقة الشمسية.

وفى ألمانيا عانت من قطع التيار الكهربائى فكان على الأسر فى ألمانيا أن تعيش من دون كهرباء لمدة 10.73 دقيقة فى المتوسط ولم يكن هناك انقطاع واسع النطاق وطويل الأمد للتيار الكهربائى أو ما يسمى بانقطاع التيار الكهربائى.. وألمانيا جهزت نفسها لمواجهة هذه الأزمة منذ عقود لأن الشعب الألمانى لا يستخدم الطاقة بشكل كبير فى الصيف لأن الجو ليس حارًا، ولكن يحتاج الشعب الألمانى التيار الكهرباء والطاقة بشدة فى الشتاء فى ظل انخفاض درجات الحرارة والحاجة إلى استخدام المدفأة.

ودائمًا إذا خرجت الطبيعة عن المسار الطبيعى فيجب بالضرورة توخى الحذر وانتظار رد قاسٍ يأكل الأخضر واليابس، فالحرب مع الطبيعة لا نتيجة لها سوى الفناء، وهذا ما حدث فى معظم بلاد العالم، فقد خرجت درجات الحرارة عن السيطرة لتخرج معها محطات الكهرباء عن السيطرة. ففى أمريكا لقى ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص مصرعهم وظل الآلاف من دون كهرباء بعد أن اجتاحت عواصف شديدة عدة ولايات أمريكية؛ حيث ضربت عاصفة شديدة وأعاصير مقاطعة مارتن بولاية إنديانا شهر يونيو الماضى وفقًا لصحيفة ذا هيل الأمريكية. وقالت الصحيفة إن السُّلطات أكدت وفاة سيدة وإصابة أخرى بالمنزل الذى كان يقع فى منطقة سقطت فيها عدة أشجار بسبب الرياح الشديدة. 

وفى الصين انتهج سكان المقاطعات جنوب غرب الصين أساليب خلاقة للتخفيف من وطأة درجات الحرارة غير المسبوقة والتى تخطت 40 درجة مئوية. وتوجّه سكان شونكينج وسيشوان المجاورة إلى الأقبية والمطاعم الموجودة فى الكهوف فى محاولة لتجنب الحرارة العالية.. ويقول بعض الخبراء إن شدة الموجة الحارة قد تجعلها واحدة من أسوأ الموجات الحارة فى تاريخ العالم وتتسبب موجة الحر الممتدة فى جفاف شديد فى الصين. وقللت بعض محطات القطار فى المقاطعات من الأضواء من أجل الحفاظ على الكهرباء، وأظهرت منشورات ومقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعى صورًا غريبة لأشخاص يجلسون فى قطار بإضاءة خافتة فى شونكينج ويسيرون فى شوارع مظلمة. وطلب المسئولون الحكوميون من المواطنين فى سيشوان ترشيد استخدام الكهرباء وعدم ضبط درجات حرارة المكيفات أقل من 26 درجة، بينما طلبت سُلطات شونكينج من المؤسّسات الصناعية تقليل الإنتاج. وبدلاً من ذلك استخدمت بعض الشركات قطعًا ضخمة من الثلج لتقليل درجة الحرارة داخل المكاتب وخارجها، واتجه البعض إلى تحت الأرض فى محاولة للهرب من الموجة الحارة. ويرتاد الأشخاص غالبًا مطاعم تعرف باسم كهوف هوت بوت خلال أشهُر الصيف؛ حيث درجات الحرارة منخفظة تحت الأرض، لكنها تحولت إلى مركز دائم للإقامة. فى أحد المطاعم كانت درجة الحرارة 16 مئوية مقارنة بـ 42 فى الخارج وذلك وفقًا لموقع تشاينا دايلى. 

وتضرر المنتجون الزراعيون بشكل خاص خلال موجة الحر والجفاف الناتج عنها، وأظهر أحد مقاطع الڤيديو الذى انتشر على نطاق واسع صاحبة مزرعة دجاج فى سيشوان وهى تبكى بعدما نفقت جميع الدجاجات فى مزرعتها خلال الليل بسبب انقطاع التيار الكهربائى فى يوم حار. لكن أجزاء من سيشوان أكبر منتج للطاقة الكهرومائية فى البلاد حصلت على بعض الراحة عندما هطلت أمطار غزيرة خلال الليل على الرغم من أنه كان لا بُد من إجلاء 30 ألفًا بسبب العواصف، وفقًا لقناة «سى سى تى ڤى» التابعة للدولة. لكن ليس سيشوان وحدها هى التى تأثرت مع تدفق قليل للأمطار إلى نهر اليانجتسى الصينى وانخفاض مستويات المياه؛ فقد انخفضت الطاقة من خلال مدن مختلفة فى الصين بما فى ذلك المركز المالى لشنغهاى نتيجة للموجة الحارة. وفى تقرير للأمم المتحدة قال الأمين العام يحذر من عصر الغليان العالمى ويدعو إلى تسريع العمل المُناخى.

وصلت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية فى جميع أنحاء العالم فى عام 2023، وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن «عصر الاحتباس الحرارى انتهى وبدأ عهد الغليان الحرارى العالمى»، جاءت تصريحات أنطونيو جوتيريش فى مؤتمر صحفى عقده فى نيويورك للتعليق على تسجيل ارتفاع قياسى فى درجات الحرارة العالمية فى يوليو وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالاشتراك مع خدمة كوبرنيكوس لمراقبة تغيُّر المُناخ. وأوضح الأمين العام أن عواقب هذا الارتفاع القياسى فى درجات الحرارة واضحة ومأساوية؛ حيث تجرف الأمطار الموسمية الأطفال وتهرب العائلات من لهيب النيران وينهار العمال بسبب الحر الشديد. وأضاف إن هذا الصيف قاسٍ بالنسبة لأجزاء شاسعة من أمريكا الشمالية وإفريقيا وأوروبا.. مؤكدًا أنها «كارثة للكوكب بأسْره».

وأكد الأمين العام أن هذا الأمر يتسق مع التوقعات والتحذيرات المتكررة لكن المفاجأة الوحيدة هى سرعة التغيُّر، مشيرًا إلى أن تغيُّر المُناخ صار هنا.. وقال جوتيريش إنه لا مزيد من التردد لا مزيد من الأعذار، لا مزيد من انتظار الآخرين للتحرك أولاً.. وأضاف إن بعض التقدم تحقق لكن هذا الأمر لم يذهب بعيدًا بما فيه الكفاية أو بالسرعة المطلوبة.. مؤكدًا أن هناك العديد من الفرص الحاسمة لتحقيق هذا الأمر بما فيها قمة المُناخ فى إفريقيا وقمة مجموعة العشرين وقمة الأمم المتحدة للمُناخ (COP28). ودعا قادة العالم لاسيما دول مجموعة العشرين لتسريع وتيرة العمل والعدالة المُناخيين فى مجالات ثلاثة.

أول هذه المجالات الانبعاثات؛ حيث شدد الأمين العام على ضرورة وضع أهداف وطنية جديدة طموحة للحد من الانبعاثات من قِبَل أعضاء مجموعة العشرين قائلاً: نريد أن تتخذ جميع الدول إجراءات تتماشى مع ميثاق التضامن المُناخى وخطة تسريع العمل المُناخى. وشدد جوتيريش أيضًا على أهمية دور الجهات غير الحكومية؛ حيث دعا الشركات والمدن والأقاليم والمنظمات المالية للمشاركة فى قمة الطموح المُناخى بخطط انتقال موثوقة تتماشى مع معيار الانبعاثات الصفرى للأمم المتحدة. سجلت درجات حرارة سطح البحر العالمية أعلى مستوى لها فى مايو ويونيو 2023. أمّا الأمر الثانى الذى دعا الأمين العام للتركيز عليه فهو التكيف؛ حيث حث الدول كافة على الاستجابة وحماية شعوبها من الحرارة الشديدة والفيضانات المميتة والعواصف والجفاف والحرائق المستعرة التى تنجم عن ذلك.

وقال إن تلك الدول على الخطوط الأمامية التى لم تفعل سوى القليل للتسبب فى الأزمة ولديها أقل الموارد للتعامل معها ويجب أن تحصل على الدعم الذى تحتاجه للقيام بذلك. وأضاف إنه حان الوقت لحدوث طفرة عالمية فى استثمارات التكيف لإنقاذ ملايين الأرواح من المذبحة المُناخية. وأفاد الأمين العام للأمم المتحدة بأن المجال الثالث اللازم لتسريع وتيرة مواجهة التغيُّر المُناخى هو التمويل. وقال إن الدول المتقدمة يجب عليها أن تفى بالتزاماتها بتقديم 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية من أجل الدعم المُناخى وتجديد موارد الصندوق الأخضر للمُناخ بالكامل. وأعرب عن قلقه من أن دولتين فقط حتى الآن من دول مجموعة السبع وهما كندا وألمانيا قدمتا تعهدات بتجديد موارد الصندوق. كما حث الدول على تفعيل صندوق الخسائر والأضرار أثناء قمة المُناخ (COP28) المقررة هذا العام فى الإمارات العربية المتحدة قائلاً: لا مزيد من التأخير أو الأعذار. وشدّد جوتيريش على أهمية تصحيح مسار النظام المالى العالمى كى يدعم العمل المُناخى المتسارع. وأنهى الأمين العام كلمته بالتأكيد على ضرورة أن نحول سَنّة حرارة محرقة إلى عام طموح متقد.

وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالاشتراك مع خدمة كوبرنيكوس لمراقبة تغيُّر المُناخ أصدرت تقريرًا عن درجات الحرارة المسجلة فى شهر يوليو الماضى، وأظهرت بيانات سجلتها خدمة كوبرنيكوس لتغيُّر المُناخ الممولة من الاتحاد الأوروبى أن الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر يوليو كانت الأسابيع الثلاثة الأكثر دفئًا التى تم تسجيلها على الإطلاق كما أن هذا الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق. وأوضحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن درجات الحرارة هذه مرتبطة بموجات الحر فى أجزاء كبيرة من أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا والتى كان لها تأثير بالغ على صحة الناس والبيئة والاقتصادات فضلاً عن التسبب فى حرائق كبيرة للغابات فى دول مثل كندا واليونان. وفى السادس من يوليو تجاوز المتوسط العالمى اليومى لدرجة حرارة الهواء السطحى الرقم القياسى المسجل فى أغسطس 2016 مما جعله اليوم الأكثر سخونة على الإطلاق يليه يوما 5 و7 يوليو من الشهر نفسه. وأشار التقرير إلى أن متوسط درجة الحرارة العالمية تجاوز لفترة مؤقتة عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الحقبة الصناعية خلال الأسبوعين الأول والثالث من يوليو. ومنذ مايو كان المتوسط العالمى لدرجة حرارة سطح البحر أعلى بكثير من القيم التى سجلت سابقًا فى نفس الوقت من العام الأمر الذى ساهم فى ارتفاع الحرارة بصورة استثنائية فى يوليو.

وقال مدير خدمة كوبرنيكوس لتغيُّر المُناخ كارلو بونتمبو إن درجات الحرارة القياسية هى جزء من اتجاه عام لزيادة كبيرة فى درجات الحرارة العالمية. مؤكدًا أن الانبعاثات البشرية المنشأ هى المحرك الرئيسى لارتفاع درجات الحرارة هذه. وأضاف إن توقعات خدمة كوبرنيكوس تشير إلى أن درجات الحرارة على اليابسة ستكون أعلى بصورة لافتة من المتوسط.. وبدوره أكد الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية البروفيسور بيتيرى تالاس أن الطقس القاسى الذى أثر على ملايين الأشخاص فى يوليو هو للأسف الواقع القاسى لتغيُّر المُناخ ونذير للمستقبل، سجلت سياتل درجات حرارة قياسية؛ حيث استقرت قبة من الهواء الساخن للغاية فوق شمال غرب المحيط الهادئ للولايات المتحدة. وأضاف إن الحاجة إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى أصبحت أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى.. قائلاً إن «العمل المُناخى ليس ترفًا؛ بل ضرورة». وتتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن هناك احتمالية بنسبة 98 % أن تكون واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة هى الأكثر دفئًا على الإطلاق، وأن هناك فرصة بنسبة 66 % لأن تتجاوز الزيادة فى درجات الحرارة مقدار 1.5 درجة مئوية مؤقتًا فوق متوسط الفترة ما بين عامى 1850-1900 لعام واحد على الأقل من السنوات الخمس المقبلة. لكن المنظمة تؤكد أنه لن يتم تخطى مستوى 1.5 درجة مئوية بشكل دائم، والذى حددته اتفاقية باريس ويؤشر إلى احترار طويل الأمد على مدى سنوات عديدة. 

وأمام هذه التغيُّرات كيف نحمى أنفسنا؟ أصبح هذا هو السؤال الذى يبحث عن إجابة، فقد أوضح خبراء أن جسم الإنسان يمكن تأهيله لفكرة ارتفاع درجات الحرارة والتسامح مع هذه المشكلة حتى لو لم يمر الشخص بمثل هذا الطقس شديد الحرارة من قبل- وفقًا لصحيفة واشنطن بوست. فقد شرح طبيب الطوارئ فى كلية الطب بجامعة واشنطن ستيڤان ويت أن جسد الإنسان مذهل يمكنه التكيُّف مع الحرارة فى ظل ظروف معينة.. مشيرًا إلى أن هذا التكيف يستغرق وقتًا ولا يكون من خلال الخروج والتعرض للحرارة الشديدة بشكل مفاجئ وسريع حتى لا يتعرض الشخص لتداعيات صحية، وذلك وفقًا لاستعراض طرُق آمنة لتمرين الجسم على التعامل بشكل أفضل مع ارتفاع درجات الحرارة. بدوره، أوضح الأستاذ فى علم وظائف الأعضاء دابليو لارى كينى أن أفضل طريقة لتأهيل الجسد هو بتعريضه بشكل آمن لفترات قصيرة من الحرارة والرطوبة وزيادة مدة هذه الفترات بشكل تدريجى.. مضيفًا إن هذه العملية تعرف بالتأقلم الحرارى. وأوضح أن هذا «التأقلم» يعمل على توسيع حجم البلازما فى الجسم وزيادة كميات الدم مما يعنى أن القلب لن يكون مضطرًا لبذل جهد مضاعف وأن أجسامنا تحوى المزيد من السوائل التى تعوّض عملية التعرُّق الضرورية للحفاظ على برودة الجسد. كما تابع أنه يمكن لمن يعيشون فى مناطق تشهد درجات حرارة منخفضة فى الظروف العادية أن تستغرق عملية تعوُّد أجسادهم على الحرارة نحو أسبوع أو أسبوعين.. داعيًا إلى ضرورة العمل على تأهيل الجسد للحرارة قبل وصول الموجات شديدة الحرارة بالفعل؛ لأن حينها ربما يكون قد فات الأوان لذلك. يشار إلى أن عملية تأهيل الجسد أو جعله متسامحًا مع الحرارة تتوقف عادة على عدة عوامل بينها العمر والحالة الصحية وما إذا كان الشخص يتناول أدوية معينة.