الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

23 يوليو.. ويبقى الأثر بعد 71 عامًا من ثورة تحالف الشعب مع الجيش ضد الظلم والاستعمار (عبدالناصر ونجيب) والضباط الأحرار.. رموز الوطنية والولاء للشعب والجيش المصرى

قد نسمع ونشاهد أو نقرأ من يقول (يا سلام فين أيام الملك والملكية).. فمن وقت لآخر يخرج علينا الجالسون خلف أو أمام الشاشات ليكتبوا مثل تلك الكلمات بنوايا أغلبها خبيثة وإسقاطات بأهداف معينة، مراهنًا على ضعف ذاكرة الشعوب فى بعض الأحيان وعدم قيام قادة الرأى فى تذكير الشعوب بالحقائق والوقائع بشكل مستمر.



وثورة 23 يوليو من عام 1952.. واحدة من العلامات الفارقة ليس فى تاريخ مصر فقط، ولكن فى الوطن العربى والإفريقى، بل العالمى أيضًا، وهى للأسف لم تسلم من محاولات التشكيك والأقاويل من نوعية أنه لم يكن هناك داعٍ لقيامها أصلاً وأن الشعب كان عايش فى نعيم قبلها.

فهيا بنا نعود بالزمن حوالى 71 عامًا وما قبله حتى نتعرف على أسباب قيام الثورة الفاصلة والتى ضربت أروع الأمثال على اتحاد الجيش مع الشعب لرفع الظلم وتوفيره حياة كريمة بدون وصاية لكل مصرى وكيف كانت هذه الثورة ملهمة لتحرير شعوب كثيرة من الاستعمار.

 

أسباب الثورة

وتكمن أسباب الثورة فى فساد الحكم الملكى وسيطرة الحاشية الإيطالية على الملك، وسيطرة الاحتلال البريطانى على الأراضى المصرية، زيادة نفوذ الجاليات الأجنبية على أرض مصر، غياب العدالة الاجتماعية والإقطاع، وارتفاع معدلات الفقر بين المصريين.

وكان من أسباب قيام الثورة أيضًا استمرار الملك فاروق فى تجاهله للأغلبية واعتماده على أحزاب الأقلية، فضلاً عن الاضطرابات الداخلية والصراع بين الإخوان المسلمين وحكومتى النقراشى وعبدالهادى، وقيام حرب فلسطين وتوريط الملك للبلاد فيها دون استعداد مناسب ثم الهزيمة وسوء الحالة الاقتصادية فى مصر وغياب العدالة الاجتماعية.

جمال عبدالناصر

سبب رئيسى من أهم أسباب قيام ونجاح الثورة هو جمال عبدالناصر والثقة بها والذى رفع روحه على كفه ومَنْ معه من الضباط الأحرار من أجل رفض الظلم وتخليص البلاد من الظلم والاستعمار، ضاربًا عرض الحائط بأنه قد يعرض نفسه للموت فى أى لحظة لو انكشف أمره.

ولذلك وجب علينا أن نسرد بعضًا من سيرة (عبدالناصر)، فقد ولد فى 15 يناير 1918، فى 18 شارع قنوات فى حى باكوس الشعبى بالإسكندرية، وأبوه هو عبدالناصر حسين المولود فى 1888 فى قرية بنى مر فى صعيد مصر، وكان يعمل فى مصلحة البريد بالإسكندرية، والتحق بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبة بين 1923 و1924.

ولما أتم دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا فى القسم الأدبى قرر الالتحاق بالجيش، حيث أيقن أن تحرير مصر لن يتم بالخطب، بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكرى بجيش وطنى، وتقدم إلى الكلية الحربية ونجح فى الكشف الطبى، ولكنه سقط فى كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بنى مر وابن موظف بسيط لا يملك شيئًا، ولأنه لا يملك واسطة.

الالتحاق بالجيش

ولما رفضته الكلية الحربية، تقدم فى أكتوبر 1936 لكلية الحقوق فى جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة 1936.

واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصرى من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم، فقبلت الكلية الحربية دفعة فى خريف 1936 وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية، ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيرى، الذى أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطًا فوافق على دخوله فى الدورة التالية فى مارس 1937.

ووضع أمامه هدفًا واضحًا فى الكلية الحربية وهو أن «يصبح ضابطًا ذا كفاية وأن يكتسب المعرفة والصفات التى تسمح له بأن يصبح قائدًا»، وفعلًا أصبح «رئيس فريق»، وأسندت إليه منذ أوائل 1938 مهمة تأهيل الطلبة المستجدين الذين كان من بينهم عبدالحكيم عامر.

وتخرج فى الكلية الحربية بعد مرور 17 شهرًا، أى فى يولية 1938، فقد جرى استعجال تخريج دفعات الضباط فى ذلك الوقت لتوفير عدد كافٍ من الضباط المصريين لسد الفراغ الذى تركه انتقال القوات البريطانية إلى منطقة قناة السويس.

وفور تخرجه التحق بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد فى الصعيد، وهناك وقف على أوضاع الفلاحين وبؤسهم، والتقى بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات، وفى 8 مايو 1951 رقى جمال عبدالناصر إلى رتبة البكباشى (مقدم) وفى نفس العام اشترك مع رفاقه من الضباط الأحرار سرًا فى حرب الفدائيين ضد القوات البريطانية فى منطقة القناة التى استمرت حتى بداية 1952، وذلك بتدريب المتطوعين وتوريد السلاح الذى كان يتم فى إطار دعوى للكفاح المسلح من جانب الشباب من كل الاتجاهات السياسية والذى كان يتم خارج الإطار الحكومى.

محمد نجيب

وبعد نجاح الثورة قدم الضباط محمد نجيب على أنه قائد الثورة، إلا أن السلطة الفعلية كانت فى يد مجلس قيادة الثورة الذى كان يرأسه جمال عبدالناصر حتى 25 أغسطس 1952، عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبدالناصر. محمد نجيب كان أيضًا صاحب دور بارز فى إنجاح ثورة 23 يوليو خاصة فى شهورها الأولى، فهو أول ضابط فى الجيش المصرى يحصل على ليسانس الحقوق عام 1927، ثم دبلوم الدراسات العليا فى الاقتصاد السياسى عام 1929، ودبلوم الدراسات العليا فى القانون الخاص عام 1931، وعقب حرب فلسطين عُيّن مديرًا لمدرسة الضباط عام 1948، ثم تعرَّف على تنظيم الضباط الأحرار من خلال الصاغ عبدالحكيم عامر، وبعد نجاح ثورة 23 يوليو عام 1952 والإطاحة بالملك فاروق، اُخْتِير رئيسًا لمجلس قيادة الثورة.

اجتماع الضباط الأحرار

ونعود مرة أخرى إلى تفاصيل الساعات الحاسمة من ثورة 23 يوليو.. فقد عقد الضباط الأحرار عدة اجتماعات يتدارسون من خلالها الموقف فى حذر وحيطة، كان آخرها الاجتماع الذى عقد يوم 22 يوليو عام 1952 للاطلاع على الخطة النهائية للتحرك، والعمل الإيجابى، وقد شارك زكريا محيى الدين فى وضع خطة التحرك النهائية مع جمال عبدالناصر، وكانت الخطة تحمل فى طياتها عوامل نجاحها لبساطتها وتحقيق السيطرة الكاملة على القوات المسلحة، وبالتالى الاستيلاء على سلطة السيادة فى البلاد، وكانت مقسمة لعدة مراحل.

المرحلة الأولى تمثلت فى السيطرة على القوات المسلحة بالاستيلاء على مبنى القيادة العسكرية بمنطقة كوبرى القبة باقتحامها والاستيلاء عليها بمجموعة من الضباط الأحرار، وتقدم مجموعة أخرى من الضباط الأحرار باعتقال بعض كبار ضباط الجيش والطيران من منازلهم لضمان عدم تحرك قوات عسكرية، والمرحلة الثانية هى السيطرة على جهاز الحكومة المدنى، وإنزال قوات إلى الشوارع للسيطرة على عدد من المواقع المدنية الحيوية، والمرحلة الثالثة كانت التحرك لمحاصرة الملك ومنعه من الاتصال بأى وحدات من القوات المسلحة أو القوات البريطانية، كل ذلك تمهيدًا لعزله ولكن فى سرية تامة.

ساعة الصفر

بعد اجتماع لجنة القيادة بعد ظهر 22 يوليو 1952، تحدد لبدء التحرك ساعة الصفر فى منتصف ليلة 22 يوليو، ومع غروب شمس يوم 22 يوليو كان معظم الضباط الأحرار المكلفين بمهام التحرك موجودين بمعسكراتهم تحسبًا لأى مفاجآت، منتظرين تعليمات القيادة بالتحرك.

أما عن الساعات الأولى قبل الثورة فقد وصلت إلى جمال عبدالناصر أنباء عن نية القصر القبض على 13 من الضباط المنتمين للتنظيم والاتجاه لتعيين حسين سرى وزيرًا للحربية، فاجتمع مجلس قيادة حركة الثورة فى نفس يوم الثورة لإقرار الخطة التى وضعها زكريا محيى الدين بتكليف من جمال عبدالناصر ومعاونه عبدالحكيم عامر، حيث تقوم الكتيبة 13 بقيادة أحمد شوقى المكلف بالسيطرة على قيادة القوات المسلحة فى سرية كاملة وقرروا أن تكون ساعة الصفر، الواحدة ليلة الأربعاء 23 يوليو 1952.

واتفق الضباط أيضًا على أن يكون مركز الثورة فى منطقة ثكنات الجيش من نهاية شارع العباسية إلى مصر الجديدة واتفقوا على الترتيبات الأخيرة، غير أن خطأً فى إبلاغ يوسف صديق قائد ثانى الكتيبة 13 بساعة الصفر تسبب فى نجاح الثورة، حيث تحرك صديق بقواته فى الساعة الحادية عشرة واستطاع السيطرة على مجلس قيادة القوات المسلحة فى كوبرى القبة واعتقال كل من قابلهم فى الطريق من رتبة قائم مقام فما فوق والاستيلاء على مراكز القيادة بالعباسية وعلى مبنى الإذاعة والمرافق الحيوية بالقاهرة واعتقال الوزراء.

بيان الثورة

وأصدرت الثورة بيانها الأول والذى جاء فيه: «اجتازت مصر فترة عصبية فى تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون المغرضون فى هزيمتنا فى حرب فلسطين، أما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمرهم إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا فى داخل الجيش رجال نثق فى قدرتهم وفى خلقهم وفى وطنيتهم ولابد أن مصر كلها ستلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب».

وتابع: «أما عن رأينا فى اعتقال رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم فى الوقت المناسب، وإنى أؤكد للجيش المصرى أن الجيش كله أصبح يعمل لصالح الوطن، وأنتهز هذه الفرصة وأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس فى صالح مصر وأن أى عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن فى الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاونًا مع البوليس وإنى أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولا عنهم والله ولى التوفيق، اللواء أركان حرب محمد نجيب».

وكلف مجلس قيادة الثورة على ماهر باشا بتشكيل الوزارة بعد إقالة وزارة الهلالى باشا بعد يوم من تشكيلها، ثم قام الثوار بالاتصال بالسفير الأمريكى لإبلاغ رسالة إلى القوات البريطانية بأن الثورة شأن داخلى، وتم طرد الملك وأجبر على التنازل عن العرش إلى ولى عهده ابنه الرضيع أحمد فؤاد وتم ترحيل الملك وأسرته إلى إيطاليا على متن يخته الخاص (المحروسة).

تأييد الشعب

أظهر الشعب تأييده التلقائى للجيش، وخرج بجميع فئاته وطوائفه ليعلن مساندته لهذه المجموعة الوطنية من أبنائه الضباط الأحرار، وكان هذا التأييد بمثابة تكليف لقادة الحركة بالاستمرار، وبذلك استمدت ثورة يوليو شرعيتها من الشعب بعد تأييده لها، وتعبيرها عن واقعه وآماله فى تحقيق الاستقلال والكرامة.

وأصدر مجلس قيادة الثورة قرارًا فى 18 يونيو 1953 بإلغاء النظام الملكى وإعلان الجمهورية، وبذلك استطاع الشعب المصرى أن يسترد حقه الشرعى فى اختيار حكامه، وتم تعيين اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية كما تولى الحكومة، وتم تعيين جمال عبدالناصر فى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، وفى 24 فبراير 1954 تولى رئاسة مجلس الوزراء لفترة قصيرة.

مبادئ الثورة

وقامت الثورة على مبادئ 6 وهى القضاء على الإقطاع، والاستعمار وسيطرة رأس المال، وبناء حياة ديمقراطية سليمة، وبناء جيش وطنى، وتميزت هذه الثورة أنها كانت ثورة بيضاء لم ترق فيها الدماء، وقدمت وجوها وطنية شابة لواجهة الحكم فى مصر مما مثل أمرًا جديدًا فى عالم الانقلابات العسكرية التى كان يقوم بها عادة قادة الجيوش وأصحاب الرتب الكبيرة، كان تشكيل الضباط الأحرار من مختلف الاتجاهات السياسية.

وتبنت الثورة فكرة القومية العربية، وساندت الشعوب العربية المحتلة للتخلص من الاستعمار، وحققت الوحدة مع سوريا واليمن، كما سعت إلى محاربة الاستعمار بكل صوره وأشكاله فى أفريقيا وآسيا، وكان لمصر دور رائد فى تأسيس جماعة دول عدم الانحياز.

وقد غيرت الثورة أوضاع مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية تغييرًا جذريًا، فكانت لصالح الأغلبية العددية من المصريين، حيث دعمت المصريين وخاصة الطبقة التى عانت من الظلم والحرمان والعدالة الاجتماعية، كما كان تشكيل الضباط الأحرار لا يمثل اتجاهًا سياسيًا واحدًا، بل ضم مختلف الاتجاهات السياسية، كما حظيت بتأييد شعبى واسع، والتى حققت نقلة نوعية لمصر.

حققـت ثـورة يوليـو الكثير من المشـروعات الكبـرى والإنجـازات القوميــة  مثل زيادة الرقعة الزراعية عن طريق استصلاحها فكانت مشروعات استصلاح الأراضى الصحراوية فى مشروعين كبيرين هما مشروع مديرية التحرير ومشروع الوادى الجديد اللذان أضافا إلى مصر مساحات مزروعة إلى مساحتها التقليدية فى الوادى والدلتا.

 قادت ثورة يوليو مجالات التصنيع من منطلق أن الصناعة هى الطريق نحو تحقيق النهضة، فكانت المشروعات الصناعية العملاقة فى مجال صناعة الحديد والصلب والكيماويات والدواء والإنتاج الحربى، فتحققت لمصر قاعدة صناعية مكنتها من الوفاء باحتياجاتها المتزايدة من الإنتاج، كما تم الاهتمام بصناعات التعدين والبتروكيماويات.

نفذت ثورة يوليو مشروع السد العالى كأحد أهم المشروعات القومية العملاقة فى تاريخ مصر الحديث، بهدف توفير المياه لزيادة الرقعة الزراعية، وحرصت الثورة على توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية لأهل الريف فأنشأت الوحدات المجمعة بالريف لرفع الوعى العام بين الفلاحين.

تأميم قناة السويس

كما تم تأميم قناة السويس، واسترداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدى المستعمر المعتدى، وتم توقيع «اتفاقية الجلاء» بعد أكثر من سبعين عامًا من الاحتلال، كما تم إنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديمقراطى عادل للثقافة، وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذى احتكرته مدينة القاهرة، وإنشاء أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية، ورعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية التى أنشاها النظام السابق ثقافى، وسمحت الثورة بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصرى الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.

اهتمت الثورة بالتعليم لأهميته فى بناء الوطن، وقامت سياسة الثورة فى التعليم على الجمع بين التربية والتعليم لإعداد المواطن إعدادًا سليمًا والأخذ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين فى التعليم بعد أن جعلته مجانيًا، كما أنشأت حكومة الثورة وزارة للتعليم العالى عام 1961، كما اهتمت بتحقيق التعاون الثقافى مع البلدان العربية الأخرى ومن مظاهر ذلك إنشاء جامعة القاهرة فرعا لها بالخرطوم بدأ العمل به فى أكتوبر 1955.

البحث العلمى والثقافة

نظراً لأهمية البحث العلمى فى تحقيق مسيرة النهضة انشئت لأول مرة فى مصر وزارة البحث العلمى لتنسيق الجهود بين مختلف المعاهد والهيئات ومراكز البحوث العلمية، كما تأسس المركز القومى للبحوث الذى صدر به قانون رقم 243 لسنة 1956، وأنشئ فى عام 1956 أيضًا المجلس الأعلى للعلوم، ويكفى أن حكومة الثورة قد خصصت لأول مرة فى تاريخ الشرق العربى عيدًا للعلم.

اهتمت ثورة يوليو بالثقافة اهتمامًا بارزًا، فتم إنشاء وزارة الثقافة والإرشاد القومى عام 1958 والتى حرصت على الاهتمام بميادين التأليف والترجمة والنشر، ونشر دور الثقافة والمكتبات العامة، كما عملت وزارة الثقافة على رعاية النهضة الفكرية بتشجيع المجلات الأدبية والعلمية فضلا عن تشجيع الفرق المسرحية والفنون الشعبية.

ومن ضمن إنجازات ثورة يوليو، توحيد الجهود وحشد الطاقات العربية لصالح حركات التحرر العربية، حيث أكدت للأمة العربية من الخليج إلى المحيط أن قوة العرب فى وحدتهم، يجمعهم تاريخ واحد ولغة مشتركة ووجدان واحد، وكانت تجربة الوحدة العربية بين مصر وسوريا فى فبراير 1958 نموذجًا للكيان المنشود.

القصة الفلسطينية

ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻤﺼﺮ ﺩﻭﺭ ﺑﺎﺭﺯ ﻭﻣﺴﺘﻤﺮ ﻓﻰ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄينية ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺃﻳﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻰ ﻭﺣﺚ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻓﻰ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، ﻭﺃﻳﻀًﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻤﺼﺮ ﺍﻟﺴﺒﻖ ﻓﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻫﻴﺌﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻰ ﻭﺗﺠﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺍﺗﺨﺬﺗﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ 1974 ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻨﻴﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ ﺩﻋﻮﺓ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑاﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻤﺜﻼً ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻰ ﻹﺭﺳﺎﻝ ﻭﻓﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻳًﺸﺎﺭﻙ ﻓﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻖ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺩﻳﺎﺭﻫﻢ ﻭﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ، ﻭإﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﻛل ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻌﻘﺪ ﺗﺤﺖ إﺷﺮﺍﻑ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺑﺮﺯﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻭﻟﻰ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻰ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺘﻰ ﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪﺭًﺍ ﻛﺒﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ.

إن مصر فى أعقاب ثورة 23 يوليو امتد دورها بشكل كبير فى إفريقيا والمنطقة العربية، حيث لاقت جميع حركات التحرر التى انطلقت فى أعقابها الدعمين المادى والمعنوى من مصر، حيث نجحت القاهرة فى دعم حركات التحرر فى عدن وخرجت بريطانيا منها بعد إنشائها قاعدة عسكرية فيها.

دعم الجزائر

دعمت ثورة يوليو ﻭﻗﻴﺎﺩﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻠﻴﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﻴﻦ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺗﻤﺜﻞ ﺩﻋﻤًﺎ ﺇﻋﻼﻣﻴًﺎ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﺸﺌﺖ ﻓﻰ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ﺳﻨﺔ 1955 إﺫﺍﻋﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﺗﺬﻳﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ، وﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺧﻴﺮ ﻋﻮﻥ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﺑﻨﺸﺮ ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﺎ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺗﻬﺎ، ﻭﺃﻧﺸﺌﺖ ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﻔﻰ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺳﻨﺔ 1958، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل استمرت الثورة  فى ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺘﺼﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻰ ﻭﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﺳﻨﺔ 1962، ﻭﻇﻠﺖ ﻣﺼﺮ ﺗﺪﻋﻢ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴًﺎ ﻭﻋﺴﻜﺮﻳًﺎ ﻭﻣﺎﺩﻳًﺎ ﻭﻓﻨﻴًﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻷﻋﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺣﺘﻰ ﺗﻌﻴﺪ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.