الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

صراع نفوذ بين حمزة يوسف وريشى سوناك: قوانين مثيرة للجدل تفجر مواجهة بين أسكتلندا وبريطانيا

فتح مشروع قانون اقترحته الحكومة الأسكتلندية حول رفع التجريم عن الاستعمال الشخصى للمخدرات مواجهة جديدة بين حكومة حمزة يوسف فى أسكتلندا وحكومة ريشى سوناك فى بريطانيا وذلك لأن تمرير مثل هذه القوانين يحتاج لموافقة من الحكومة البريطانية ومن البرلمان فى لندن، وينص مشروع القانون المقترح من الحكومة الأسكتلندية على أن أى شخص يلقى القبض عليه سيتم توجيهه إلى العلاج بدلا من اعتقاله أو متابعته قانونيًا كما سيكون أمام الأشخاص الذين يخوضون مسار العلاج من الإدمان فرصًا أكبر للتوظيف من خلال إلغاء سجلهم الجنائى.



 

ومباشرة بعد الإعلان عن هذه الوثيقة التى لم يصوت عليها البرلمان الأسكتلندى بعد خرج ناطق باسم رئيس الوزراء البريطانى ليعلن أن ريشى سوناك لن يدعم هذا القانون ولن يؤيد تمريره فى البرلمان البريطانى مما أغضب زعيم الحزب الوطنى الأسكتلندى (SNP) حمزة يوسف وهو الذى قدم نفسه للأسكتلنديين باعتباره المدافع الشرس عن استقلال بلاده من التبعية لبريطانيا.

وليست هذه المرة الأولى التى تقف فيها لندن عائقًًا أمام القوانين المقبلة من أسكتلندا حيث قامت حكومة سوناك باستعمال ڤيتو ضد قانون يسمح للأطفال ما دون سن 16 سنة بتغيير جنسهم؛ وهو القانون الذى كان ضمن أسباب سقوط حكومة الوزيرة الأسكتلندية الأولى السابقة نيكولا ستورجن. حمزة يوسف يتزعم الحزب الوطنى الأسكتلندى الذى حاول الحصول على قرار بإجراء استفتاء على الانفصال دون موافقة لندن. وتسارع لندن فى كل مرة لتذكير أسكتلندا أنها صاحبة القرار الأول والأخير فيما يتعلق بالقرارات الكبرى والمصيرية، ووصلت المواجهة بين الحزب الوطنى الأسكتلندى وحزب المحافظين فى بريطانيا إلى أعلى مستوياتها عندما قرر الحزب الأسكتلندى اللجوء للمحكمة العليا من أجل تنظيم استفتاء حول الانفصال دون الحاجة لموافقة لندن لتقرر المحكمة العليا أن أى استفتاء دون موافقة البرلمان البريطانى سيكون مخالفًا للقانون وغير شرعى.

وأبرز مظاهر هذه الأزمة هو غياب أى لقاء بين رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك والوزير الأول الأسكتلندى حمزة يوسف رغم مرور أشهر على تعيين الأخير فى منصبه. ويعلم سوناك أن أى تفريط فى جزء من صلاحيات لندن لصالح أسكتلندا لن يكون فى صالحه ولا فى صالح شعبية حزب المحافظين الذى يضم كتلة مهمة تعارض انفصال أسكتلندا عن المملكة المتحدة. فى المقابل يواجه الوزير الأول حمزة يوسف ضغوطًا متزايدة للقيام بخطوات حقيقية فى اتجاه إقرار استفتاء الانفصال بعد أن وعد خلال حملته الانتخابية بجعل هذا الملف أولوية له، وخروجه من معركة قانون رفع تجريم الاستعمال الشخصى للمخدرات مهزومًا أمام لندن سيزيد من حدة هذه الضغوط عليه ويرفع منسوب المواجهة مع ريشى سوناك.

وعلى جانب آخر وبكثير من الغضب تحدثت عضو حزب ألبا الأسكتلندى إيڤون ريدلى عن القرارات التى تتخذها لندن من أجل إيقاف القوانين المقترحة من أسكتلندا وقالت: إن الأمر أشبه بممارسة العنصرية ضد الأسكتلنديين لأن البريطانيين يقولون لنا إننا تحت وصايتهم وهذا هو التسلط بعينه. وقالت الصحفية والسياسية الأسكتلندية المؤيدة للانفصال: إن بلادها لديها حكومة وبرلمانًا أعلم بمشاكلها من السياسيين الموجودين فى لندن مضيفة أن اتحاد المملكة المتحدة لم يعد عادلا كما أن لندن أصبحت تمنع السياسيين الأسكتلنديين من الحديث مع قادة العالم تحت مبرر توحيد خطاب السياسة الخارجية وهذا ظلم كبير لبلد عريق مثل أسكتلندا.

وتوقعت ريدلى أن تحمل الانتخابات العامة القادمة فى بريطانيا لسنة 2025 الكثير من المفاجآت، كما أن الانتخابات فى أسكتلندا ستظهر أن المواطنين أصبحوا أكثر اقتناعًا بأهمية الانفصال مشيرة إلى أن المحافظين يعلمون هذا، ولذلك يظهرون الكثير من التشدد فى تسليم أية صلاحيات لأسكتلندا. ولم تظهر السياسية الأسكتلندية أى حماس لاستطلاعات الرأى التى تقول إن حزب العمال البريطانى هو من سيقود الحكومة البريطانية المقبلة لأنها لا تتوقع تحولا كبيرًا فى تعامل لندن مع أسكتلندا خصوصًا أن كل السياسات التى يعلن عنها زعيم حزب العمال كير ستارمر هى سياسات تقليدية ومحافظة.

ومن ناحيته اعترف الخبير السياسى البريطانى كريس دويل بوجود توتر حقيقى بين حزب المحافظين والحزب الوطنى الأسكتلندى؛ ذلك أن الحزب الأخير يعلم أن حزب المحافظين فى أضعف حالاته، لهذا فهو يريد زيادة الضغط عليه خلال الفترة المقبلة. وفى المقابل يفسر دويل أن تشدد حكومة المحافظين مع القوانين القادمة من أسكتلندا بكون حزب المحافظين ليس لديه الكثير مما يخسره فهو يعلم أن شعبيته فى تراجع فى أسكتلندا ولن يراهن عليها فى الانتخابات المقبلة كما أنه يعلم أن حظوظه للفوز بالانتخابات تتراجع بشكل كبير. وتوقع الخبير السياسى البريطانى أن الوضع سيزداد سوءًا بين بريطانيا والحزب الوطنى الأسكتلندى خلال الأشهر المقبلة ومع اقتراب الانتخابات العامة فى بريطانيا أيضًا وحتى حزب العمال من مصلحته إضعاف الحزب الوطنى الأسكتلندى لأن العمال هو ثانى حزب حاليًا فى أسكتلندا وهو المرشح للوصول لقيادة أسكتلندا أمام تراجع شعبية الحزب الوطنى الأسكتلندى.

والجدير بالذكر؛ أنه وسط خلافات داخل حزبه حصل حمزة يوسف البالغ من العمر 37 عامًا على النسبة الأكبر من التصويت ليتقدم للمرتبة الأولى ويصبح أصغر زعيم للحزب الوطنى الإسكتلندى من أصول مهاجرة مسلمة. وفى الأساس ينتمى يوسف لأصول باكستانية لأبوين مهاجرين من جنوب آسيا فهاجر أجداده من باكستان منذ 60 عامًا إلى جلاسكو التى ولد بها يوسف عام 1985 كواحدة من أكبر مدن اسكتلندا برفقة أبيه ووالدته شايتسا بوتا التى ولدت بكينيا. تخرج من جامعة جلاكسو وحصل على ماجستير العلوم السياسية عام 2007 ومن ثم تم انتخابه عضوا بالبرلمان عام 2011. وتزوج من نادية النقلة هى الأخرى ذات خلفية سياسية من أصول فلسطينية وناشطة بالدفاع عن الحقوقى الفلسطينية وعضو مجلس محلى منتخبة عن الحزب نفسه. وكان مساعدا برلمانيا لـعضو البرلمان الأسكتلندى بشير أحمد ومن ثم شغل منصب مساعد لأليكس ساموند. وتم انتخابه ضمن قائمة الحزب الوطنى الأسكتلندى لمنطقة جلاسكو عام 2011 ثم تم تعيينه وزيرًا للتنمية الدولية لأوروبا بعد عام واحد فقط. فكان المرشح الأول من الأقليات العرقية يفوز بمقعد فى البرلمان الأسكتلندى.

ولم تكن الديانة وحدها هى عنصر لفت الانتباه للرئيس الأسكتلندى الجديد الذى أصبح أول مسلم يقود حزبًا كبيرًا فى المملكة المتحدة بل هو السياسى الأول الذى يفوز بهذا المنصب من الأقليات يتولى منصبًا قياديًا وعن حزب قومى وكثيرًا ما تحدث يوسف عن الإساءات العنصرية التى تعرض لها والآن يدعو للاستقلال.

وفى البداية كان ينظر إليه على أنه المرشح المفضل لزعامة الحزب وحصل على تأييد من قبل أعضاء البرلمان البريطانى والبرلمان الأسكتلندى بفارق كبير عن منافسيه وتوقع نائب الوزير الأول جون سوينى أن يوسف سيكمل رحلتنا نحو الاستقلال. فهو الوحيد من بين المتنافسين الثلاثة على المنصب الذى قال إنه سيطعن فى منع الحكومة البريطانية إصلاحات ستيرجن المثيرة للجدل حول الاعتراف بالنوع الاجتماعى فى المحاكم بحجة أن الاستقلال عن المملكة المتحدة لن يتحقق إلا إذا استمر الحزب فى دفع القيم التقدمية.

أما عن تاريخ تدرجه السياسى فقد بدأه يوسف منذ عام 2012 وشغل خلالها منصب وزيرًا للصحة والعدل والنقل فكان الأكثر خبرة بين المتنافسين الثلاثة على زعامة الحزب. فينظر إليه على أنه مرشح الاستمرارية كما لقبته الصحف العالمية التى أفادت بتميزه كمحاور محنك يتم اعتباره الأقدر على توحيد الحزب والحفاظ على اتفاق تقاسم السلطة مع حزب الخضر الاسكتلندى بعد ما كان منقسما على القيادة وذلك غير الخلاف الأبدى بين كونه من أصول باكستانية وسوناك من أصول هندية.