جلسة مغلقة و5 دول إفريقية خطة مصرية لخروج السودان من مأزقه بقمة دول الجوار

داليا طه
استضافت مصر مؤتمر قمة دول جوار السودان لبحث سُبل إنهاء الصراع الحالى والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى لتسوية الأزمة.
المبادرة المصرية تأتى بعد سلسلة محاولات دبلوماسية من أجل التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وترتكز على الوصول لجلسة تجمع كبار مسئولى الجيش السودانى والدعم السريع خلال الأسابيع القادمة. كما تسعى لإبرام اتفاق ملزم بين طرفى النزاع السودانى مدّته ثلاثة أشهر على الأقل.
عقد المؤتمر فى ظل الأزمة الراهنة فى السودان، وحرصًا من الرئيس عبدالفتاح السيسى على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المباشر، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السودانى، وتجنيبه الآثار السلبية التى يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل.
ولقيت دعوة مصر استجابة وترحيباً من السودان وجيرانه، فضلاً عن عدد من المنظّمات الإقليمية والعربية، من بينها جامعة الدول العربية والاتّحاد الإفريقى، وذلك فى ظل مخاوف دولية من تمدّد خطر الصراع إلى دول الجوار أو حتى من تسلل العناصر الإرهابية إلى السودان.
وتوسطت الولايات المتحدة والسعودية فى عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار فى السودان، لكنهما علقتا المحادثات بسبب انتهاكات من طرفى الصراع. واستضافت إثيوبيا فى وقت سابق من الأسبوع الماضى قمة إقليمية لدول شرق إفريقيا لكن الجيش السودانى قاطعها متهمًا كينيا الراعى الرئيسى، بالتحيز.
كما فشلت حتى الآن مساعى مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقى للجمع بين طرفى القتال، والتى تدمج بين رؤية منبر جدة الذى تقوده الولايات المتحدة والسعودية وأطراف عربية أخرى، إضافة إلى مقترحات «الإيغاد» والتى تنص على إجراءات تؤدى لوقف الحرب وإطلاق عملية سياسية تفضى لانتقال السلطة للمدنيين.
ويرى مراقبون أن استضافة القاهرة لقمة دول جوار السودان تمثل مسارًا إضافياً لمسعى وقف إطلاق النار ودفع طرفى الصراع إلى طاولة المفاوضات، على الرغم من وجود عدد من التحديات على رأسها غياب الإرادة السياسية لطرفى الحرب لوقف القتال، وبعض الخلافات بين دول الجوار نفسها.
خطة مصرية
حذر الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى من خطورة الوضع فى السودان، وتداعياته السلبية على دول العالم وخاصة دول الجوار السودانى.
وطالب السيسى بوقف القتال الدائر حفاظًا على مؤسسات السودان، ومعالجة جذور الأزمة، والوصول لحل سياسى شامل يستجيب لآمال وتطلعات السودانيين، مشيدا بموقف دول الجوار التى استقبلت مئات الآلاف من النازحين ووفرت لهم سبل الإعاشة.
وكشف السيسى خطة مصر لحل الأزمة، وتتضمن وقف التصعيد، وبدء المفاوضات لحل مستدام، وإقامة ممرات آمنة لمرور المساعدات الإنسانية والإغاثية، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية بمشاركة القوى السودانية والمدنية لبدء عملية سياسية شاملة تلبى تطلعات الشعب السودانى، داعيا كذلك إلى تشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر لوضع خطة عملية تنفيذية لوضع حل شامل للأزمة والتنسيق مع جميع الأطراف فى السودان.
وطالب السيسى جميع أطراف المجتمع الدولى بتنفيذ تعهداتها بدعم دول جوار السودان الأكثر تضررا من الأزمة، مشيرا إلى أن مصر استقبلت مئات الآلاف من السودانيين النازحين الذين انضموا إلى 5 ملايين من السودانيين يقيمون بالفعل على أرض مصر.
وأكد أن مصر ستبذل ما فى وسعها مع جميع الأطراف لوقف نزيف الدم فى السودان، والمساعدة فى تحقيق تطلعات الشعب السودانى بالعيش فى وطنه بأمن وحرية وسلام وعدالة، وتسهيل مرور المساعدات إلى السودان عبر الأراضى المصرية بالتنسيق مع الوكالات العالمية والإغاثية.
وقال السيسى: إن السودان يمر بلحظة فارقة فى تاريخه، ويمر بأزمة كبيرة لها تداعياتها السلبية على السودان ودول جواره، داعيًا إلى توحيد رؤية دول الجوار فى مواقفها تجاه الأزمة، واتخاذ قرارات تسهم فى حل الأزمة حفاظا على مقدرات السودان وأمن واستقرار دول المنطقة.
وتابع.. أن الأزمة الحالية فى السودان خطيرة وتداعيات الاقتتال الدائرة حاليا نتج عنها مقتل المئات ونزوح الملايين داخل وخارج السودان وتدمير اقتصاد البلاد، وتعرضه لخسائر، فضلا عن أزمات اجتماعية وصحية وغذائية.
كما أشاد بالجهد الكبير والموقف النبيل الذى اتخذته دول جوار السودان، والتى استقبلت مئات الآلاف من النازحين، وشاركت مواردها المحدودة فى ظل وضع اقتصادى عالمى بالغ الصعوبة.
خارطة طريق
وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فقيه أن الأزمة السودانية تؤثر على الجميع، وأن الاتحاد الإفريقى وضع آلية من أجل الوصول لاتفاقية ولحل المشكلة التى بدأت فى 16 إبريل بالسودان.
وكشف أن الاتحاد الإفريقى طالب بوقف إطلاق النار، وأن حل الأزمة تأتى من السودان، من قبل الأطراف، دون التدخل، وأن الاتحاد الإفريقى، نادى بالتعاون للوصول لـ الحل.
ولفت إلى أنه تم وضع خارطة طريق، منها وقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات، وتقديم حوار سياسى شامل، وأن كل دولة لها دور، وأن الاتحاد مستعد للقيام بدوره.
وقدم الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور أحمد أبو الغيط، مجموعة من القرارات من أجل معالجة الوضع فى السودان.
وقال: «دعم مسار سياسى سودانى شامل لكل الأطياف السودانية، يحقق تطلعات الشعب السودانى فى السلام والأمن والتنمية، وتشكيل حكومة قادرة على معالجة القضايا الرئيسية».
وأضاف أنه سيتم أيضا الاستمرار فى التنسيق والتعاون بين الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى للمساهمة فى جهود علاج الأزمة السودانية على أساس السيادة السودانية، والمشاركة فى المبادرات التى يجرى إطلاقها جنبا إلى جنب مع آلية دول جوار السودان.
وتابع أنه سيتم تعزيز الاستجابة الإنسانية العاجلة فى الوضع بالسودان، لافتا إلى أن الجامعة العربية أطلقت مبادرة عاجلة لإنقاذ الموسم الزراعى السودانى، ويجرى حاليا بحثها مع الجانب السودانى، مجددا التزام الجامعة بالاستمرار فى بذل جميع الجهود التى من شأنها تعزيز الجهود العربية والإفريقية لإنقاذ مستقبل السودان.
فرصة للتباحث
فى السياق نفسه، أكد رئيس جمهورية جنوب السودان، سلفا كير ميارديت أن قمة دول جوار السودان تأتى من أجل مناقشة سبل إنهاء الأزمة فى السودان، لافتا إلى أنها عقدت فى وقت حرج لجميع دول الجوار.
وقال سلفا كير: «إن هذه القمة تعطى لنا الفرصة لتباحث الوضع فى السودان، وإنهاء الأزمة السودانية والتغلب على آثارها الجسيمة»، لافتًا إلى أن منظمة (إيغاد) والاتحاد الإفريقى يعملان أيضا على ذلك».
وطالب رئيس جمهورية جنوب السودان، بوقف إطلاق النار بصورة فورية، مؤكدا أنه يعلم أن حال الحرب سيكون له تداعيات على الوضع الأمنى فى السودان، كما سيكون لتلك الحرب تداعيات على الوضع الأمنى والاجتماعى والاقتصادى على دول الجوار.
وأشار إلى أن الخطوات التى اتخذتها العديد من الأطراف المعنية بالأمر يجب أن تصل لوقف إطلاق نار مستدام، لافتا إلى أن دولة السودان تشهد أوضاعًا حرجة من حيث الصحة، كما أن انتشار الدمار يؤثر على جميع المناحى فى السودان، لذلك تركز دولة جنوب السودان على إيجاد حلول لهذه الأزمة القائمة، ونرى أن دول الجوار والمنطقة بأكملها يجب أن يجتمعوا ويجدوا حلا لهذه المشكلات.
رؤية واضحة
وقال رئيس دولة إريتريا، إنه لا يوجد مبرر للحرب فى السودان، مشيرا إلى أن المطلوب الأن هو إعطاء فرصة للشعب السودانى للانتقال بالسودان إلى حالة تساعد بتأمين الاستقرار هناك، ثم التأثير على الدول المجاورة.
وأضاف من هذا المنطلق فإن قمة دول جوار السودان تعد مبادرة طيبة، ويجب أن يكون لها نفس طويل ورؤية واضحة وآليات فعالة وعملية.
وتابع: «الالتزام بالقضية السودانية هو التزام طبيعى وهذه المنصة طبيعية يجب أن تستمر وتنجح فى نهاية المطاف».
ووجه أسياس أفورقى رئيس إريتريا الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى على انعقاد قمة دول جوار السودان، مؤكدا أن هذه القمة تعتبر فرصة سانحة لشعب السودان، لإيجاد مخرج للأزمة.
عواقب وخيمة
وقال الفريق أول محمد إدريس ديبى إتنو، رئيس جمهورية تشاد، إن دولة تشاد تعانى من العواقب الوخيمة بسبب تلك الأزمة الجارية فى السودان، مشيرا إلى أنه خلال أسبوع استقبلت تشاد أكثر من 150 ألف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال الذين هربوا من القتال.
وأضاف أنه قد جاء 600 ألف لاجئ سودانى فى تشاد منذ 20 عاما، موضحا: «الحمل الذى يمثله عدد كبير من اللاجئين له أثر شديد على الموارد، إلا أننا نقوم بواجبنا الأخوى».
وتابع: «مؤخرًا قمنا بزيارة الحدود الشرقية فى التشاد لتفقد الوضع هناك وعندما التقيت باللاجئين كنت مصدوما مما رأيته من الأطفال والنساء الذين تركوا كل شىء وجاءوا بأيدٍ فارغة، وفروا من دولتهم وعائلتهم، وعلينا أن نتجنب تلك الحرب والعواقب الوخيمة التى تمس المنطقة».
وأكد: «استقبلنا فى التشاد السودانيين من أجل أن يكفوا عن الحرب ونتواصل معهم وناشدناهم لوقف إطلاق النار من أجل إيجاد حل سلمى، ونحن على قناعة من أن خطوتنا ومسيرتنا بالنسبة لدول الجوار الذين تأثروا بالتأثيرات السلبية من الحرب بالقيام بجهود لتسوية سلمية للسودان».
موقف موحد
وأكد محمد المنفى رئيس المجلس الليبى، أنه يقدم الشكر لمصر والرئيس عبدالفتاح السيسى، على استضافة قمة دور جوار السودان، من أجل حل الأزمة فى السودان، وأن هذه الأزمة بدأت من منتصف إبريل.
وأضاف إن بلاده أعلنت منذ اليوم الأول لـ الأزمة عن استعدادها لـ التعاون من أجل الاستقرار، وأن تكون هناك تنمية وعدم إطلاق نار.
وكشف أن بلاده فى قمة السعودية الخاصة بالسودان ووقف الحرب، طالبت بوقف الحرب، وأن بلاده جاهزة لبذل أقصى جهد من أجل مصلحة السودان.
ولفت إلى أنه يجب اتخاذ موقف موحد تجاه الصراع فى السودان، وأن يكون هناك وقف لجميع أنواع العمليات المسلحة فى السودان.
وأشار إلى أن قمة اليوم تكون من أجل حل المشكلة فى السودان، وليس من أجل خوف دول الجوار، من تأثير ما يحدث عليهم.
وطالب بالتركيز على توحيد جميع المبادرات، لعلاج آثار الأزمة، وتكون هناك لجنة اتصال مع الأطراف، ويكون هناك توافق دولى وإقليمى.
كما أكد الرئيس محمد ديبى رئيس دولة تشاد أن دولته ستفعل كل ما فى وسعها لكى تنتهى المبادرة بتسوية سلمية للنزاع فى السودان.
وأضاف رئيس دولة تشاد إن المواجهات التى تدور فى السودان تشكل لدولتنا وكل دول الجوار مصدر قلق بالغًا وأن دولة تشاد لم تكف عن المعاناة منذ بداية الأزمة السودانية.
عملية انتقالية
وقد دعا رئيس وزراء إثيوبيا آبى أحمد إلى احتواء الصراع بين الجيش والدعم السريع فى السودان فى أسرع وقت ممكن، مؤكدًا ضرورة «تنظيم عملية انتقالية».
وقال «لا بد من احتواء الصراع بالسودان فى أسرع وقت ممكن»، مضيفًا: «رجوت أن يكون لقاؤنا من أجل التحدث عن التنمية وليس النزاع»، مضيفًا: «نقدر الجهود السعودية لوساطتها فى الأزمة السودانية».
آبى أحمد حذر أيضًا من أن «منطقة القرن الإفريقى ستعانى إذا استمرت أطراف النزاع فى تجنب حل أزمة السودان».
وشكر الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى على عقد قمة لإيجاد حل للأزمة السودانية»، متابعًا: «يجب تنظيم عملية انتقالية فى السودان».