الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بريطانيا.. خلافات چونسون وسوناك تهدد بانقسام «المحافظين» قبل الانتخابات

توصلت لجنة مختصة فى مجلس العموم البريطانى إلى أن رئيس الوزراء السابق بوريس چونسون قام بتضليل البرلمان فيما يعرف بـفضيحة الحفلات (بارتى جيت) ولكن چونسون استبق حكم اللجنة بالاستقالة من منصبه كنائب عن دائرة هيلنكدون وأكسبريدج ثم فتح النار على رئيس حكومة بريطانيا الحالى سوناك وأشعل معركة داخل حزب المحافظين. واشتدت الخصومة بين رئيس الوزراء الحالى ريشى سوناك والسابق بوريس چونسون وأصبحت المواجهة بين حلفاء الأمس وأعداء اليوم تهدد مستقبل المحافظين ليس فقط بزيادة احتمال خسارة الانتخابات العامة المقررة فى العام المقبل، وإنما أيضا لإمكانية انقسام الحزب الحاكم وتصدعه. وأكد محللون أن المعركة المشتعلة بين معسكرى سوناك وچونسون مؤجلة منذ الانتخابات الأخيرة على زعامة المحافظين بعد استقالة رئيسة الحكومة السابقة ليز ترس، مشيرين إلى أن ما قد تتمخض عنه المعركة سيحدد قائد الحزب الأزرق فى استحقاق 2024 ومحددات عهده الذى تقول استطلاعات الرأى إنه لن يكون غالبا داخل 10 داونينج ستريت مقر الحكومة.



 

وبين سوناك وچونسون هناك برلمان يحاكم أخطاء قادة محافظين ارتُكِبت بمناسبات مختلفة ومعارضة تنفخ النار فى خلافات نواب الحزب الأزرق وتدعو لانتخابات مبكرة تزيح من يقبضون على السلطة منذ 2010. والسؤال هنا: إلى متى تصمد الأكثرية النيابية ضد أى محاولة للإطاحة بورثة ونستون تشرشل ومارجريت تاتشر؟ صحيفة «الإندبندنت» نقلت عن لجنة الامتيازات فى البرلمان أن بوريس چونسون ضلل مجلس العموم فى قضية «بارتى جيت». وحكم اللجنة هذا سوف يوضع بين يدى المشرعين لاختيار نوع العقوبة المناسبة وهو ما لا يمكن الحسم فيه لأن چونسون قد استقال من عضوية المؤسسة التشريعية. وتعنى إدانة چونسون أن البرلمان لم يقتنع بالأدلة التى قدمها رئيس الوزراء السابق للتأكيد على أنه لم يضلل البرلمان عمدًا عندما قال إنه ليس مذنبًا بحضور حفلات أقيمت خلال فترة إغلاق ڤيروس كورونا التى فرضتها الحكومة عام 2020 لمواجهة جائحة كورونا، ثم تبين لاحقًا تورطه فى المخالفة وغُرِّم بسبب ذلك من قبل الشرطة البريطانية. ونقلت الصحيفة عن نائب فى الحزب الحاكم لم تسمه قوله إن قرار اللجنة البرلمانية يعنى خروج چونسون من المشهد بشكل كامل. ولكن رئيس الوزراء السابق لوح بالعودة فى خطاب استقالته ونقل عنه أصدقاء وحلفاء له أنه لن يتخلى عن المعركة السياسية ويمكن أن يترشح من جديد لمجلس العموم عن نفس الدائرة أو غيرها.  

ويتطلب أى إجراء ضد چونسون تصويت مجلس العموم بكامل أعضائه واستقالته بحسب عضو حزب المحافظين سامنثا سونز التى قالت عن يقين بأن الأكثرية المحافظة فى المجلس لن تقف على قلب رجل واحد لتحميه، أى أن خصومه فى الحزب الحاكم كانوا سيتعاونون مع المعارضة لإصدار قرار بطرده من المؤسسة التشريعية. وتوضح سونز أن استقالة چونسون لن تكون الإجراء الوحيد الذى سيفجر الحرب بين المحافظين وخصومهم، كما أن الخلاف القديم الجديد بين رئيس الوزراء السابق والحالى سيأخذ منحنى تصاعديًا حتى تحسم مسألة قيادة الحزب الحاكم فى الانتخابات المرتقبة وترسم توجهات المحافظين العامة للمرحلة المقبلة.   

الخلاف بين چونسون وسوناك ظهر على السطح مؤخرًا بعدما أعلن مجلس اللوردات أسماء الأشخاص الذين يستحقون امتيازات النبلاء بناء على توصية من رئيس الوزراء السابق، ولكن القائمة خلت من بعض أسماء تعد حليفة وقريبة من چونسون واستًبدلت بأشخاص يحسبون على دائرة رئيس الحكومة الحالى ريشى سوناك. معسكر چونسون اتهم سوناك وحلفاءه بين نواب المحافظين بتغيير القائمة، ولكن رئيس الوزراء نفى وقال إن چونسون طلب منه نقض اختيار مجلس اللوردات وإعادة الأسماء المحذوفة إلى مجموعة أصحاب الامتيازات المستحقة، فرفض سوناك الطلب بحجة أنه ليس مستعدًا لذلك ويرى فيه تجاوزًا للقانون. جواب چونسون على تصريح سوناك جاء مختصرًا جدًا ولكنه بالغ الدلالة. فقال إن رئيس الوزراء يتفوه بالتفاهات وانفجر بعدها السجال بين معسكرى القياديين المحافظين وانقسم النواب المحافظون بينهما.

وما كان يهمس به الأمس من خلافات داخل الحزب الحاكم أصبح محط صدام مسموعًا ومرئيًا من قبل وسائل الإعلام المختلفة. 

وقائمة الشرف أو الأشخاص الذين يرشحون لدرجة النبلاء ويستحقون عضوية مجلس اللوردات هى حق لكل رئيس حكومة يريد تكريم موظفين ونواب عملوا معه بإخلاص. ويقول محرر الشئون السياسية فى هيئة الإذاعة البريطانية كريس ماسون يصف ما يجرى بين چونسون وسوناك بمعركة الولاء والإخلاص ويقول إنها تتجاوز قائمة الشرف التى يعتقد ماسون أن رئيس الوزراء لم يتدخل فيها، مستندا فى ذلك إلى تصريحات لرئاسة الحكومة ولجنة هولاك المختصة بمراجعة الأسماء المرشحة. ويشير المحرر السياسى إلى أن المواجهة بين سوناك وچونسون لن تنتهى مع استقالة الأخير من البرلمان؛ فرئيس الوزراء السابق قادر على الفعل والتأثير فى الحزب ويجب على سوناك الاستعداد لمعارك مقبلة مع خصمه والنواب المؤيدين له فى البرلمان وحتى أولئك الذين استقالوا على ضوء حذف أسمائهم من قائمة الشرف. 

نادين دوريس كانت بين 3 نواب استقالوا بعد شطب اسمها من القائمة وقد اتهمت من خلال صحيفة «ديلى ميل» كلا من رئيس الحكومة ومستشاره السياسى چيمس فورسيث بتغيير لائحة المرشحين واصفة ما حدث بتآمر القوى الشريرة ضدها لجعلها حزينة ولكن قوة كبيرة بداخلها تدفعها إلى مواصلة القتال كما اعتادت دائمًا. استقالة چونسون ورفاقه تضع الحزب الحاكم أمام انتخابات برلمانية مبكرة فى مناطق محددة وهو استحقاق تشير استطلاعات الرأى إلى أن سوناك ليس مستعدا له؛ خاصة وأن المحافظين منقسمون بين معسكرين أحدهما مؤيد لرئيس الوزراء والآخر يدعم بقوة مسار وخط چونسون فى العمل السياسى أيًا كانت نتائجه لاحقًا. ما تسرب عن لجنة الامتيازات هو أنها كانت ستقترح على مجلس العموم تعليق عضوية چونسون لأكثر من 10 أيام وهذا يعنى وفق القانون إعادة الأمر إلى سكان المنطقة التى يمثلها لإجراء انتخابات مبكرة واختيار نائب جديد فى البرلمان ولكن استقالة چونسون المفاجئة خلطت الأوراق داخل الحزب الحاكم وخارجه. 

الوزير السابق والنائب فى الحزب الحاكم چاكوب ريس موج حذر سوناك من تداعيات حظر چونسون ومنعه من الترشح مجددا لانتخابات البرلمان، منوهًا فى تصريحات نقلتها قناة أخبار بريطانيا إلى أن هذا الإجراء سيؤدى دون شك إلى إشعال حرب أهلية بين المحافظين ويقود إلى تصدع الحزب على حد تعبيره ولا يخفى موج تأييده لرئيس الوزراء السابق ليس فى العودة إلى البرلمان فقط وإنما فى توليه قيادة الحزب الحاكم مجددًا. وموقف النائب والوزير السابق فى هذا الشأن يتسق مع رغبة قائمة طويلة من النواب المحافظين الذين يعتقدون أن چونسون تعرض لخديعة واستقالته من رئاسة الحكومة عصفت بمستقبل الحزب الأزرق. وما يثيره النائب موج تجاه احتمال تصدع حزب المحافظين فى حالة منع چونسون من الترشح لعضوية البرلمان مرة أخرى لا يأتى من فراغ. إذ قال الرئيس السابق لحزب الاستقلال نايجل فاراج إنه يخطط لتحالف مع چونسون فى سبيل حماية مكتسبات الخروج من الاتحاد الأوروبى وفق وصفه. وكشف فاراج أنه ناقش أمر التحالف السياسى الجديد مع مقربين من چونسون. كما أن هناك نوابًا آخرين من الحزب الحاكم يميلون لمثل هذه الفكرة ولكن الكاتب فى الشأن البريطانى جوش سيلف يستبعد وقوع مثل هذا الانشقاق بين المحافظين ولكنه لا يستبعد صدامًا داخليًا كبيرًا يهوى بمستقبل الحزب الأزرق لعقد من الزمن. ويقول سيلف فى مقال نشره موقع بولتيكس إن المعطيات تشير إلى تباين بين چونسون وفاراج فى ملفات عديدة. والواقع يقول إن مثل هذا التحالف يصعب تحقيقه قبل الانتخابات المقبلة. ولكن هذا لا يلغى حقيقة أن هذه الدعوة المبطنة التى وجهها فاراج لرئيس الوزراء السابق مجدية سياسيا للطرفين فى الوقت الراهن. وقد انتهى تحقيق برلمانى بريطانى إلى أن رئيس الوزراء السابق بوريس چونسون ضلل البرلمان عمدًا عدة مرات بتصريحاته بشأن الحفلات داخل مقر رئاسة الحكومة فى داونينج ستريت أثناء فترة إغلاق ڤيروس كورونا فيما وصف چونسون النتائج بأنها تأتى ضمن عملية اغتيال سياسى مطول. ووصفت لجنة الامتيازات التابعة لمجلس العموم البريطانى انتهاكات چونسون بالخطيرة قائلة إنها كانت لتوصى بتعليق عضويته من البرلمان 90 يومًا إذ كان لا يزال عضوا فيه، واستقال چونسون من عضوية البرلمان استباقا لنتيجة التحقيق التى علم أنها تتجه لإدانته. وتتجاوز هذه المدة بكثير الفترة اللازمة لبدء التماس لسحب الثقة وإجراء انتخابات جديدة فى دائرته. ووجدت اللجنة فى التقرير أن چونسون ضلل البرلمان فى عدة مناسبات وارتكب المزيد من السلوكيات الخاطئة الأسبوع الماضى من خلال توجيه اتهامات للجنة. واعتبر التقرير أن هجوم چونسون على اللجنة تقويض للعملية الديمقراطية فى مجلس العموم وتواطؤ فى حملة الإساءة إليها ومحاولة ترهيبها. واستبق چونسون نشر تقرير اللجنة واصفًا إياه بأنه مؤامرة سياسية علمًا بأن الهيئة تضم أغلبية من حزبه كما وصف اللجنة بأنها مخزية.. وقالت اللجنة فى توصيتها إنه بالنظر إلى أن چونسون قد استقال من منصبه كعضو فى البرلمان فإنه لا يجب أن يمنح تصريحًا للدخول إلى البرلمان باعتباره عضوًا سابقاً فى المجلس.