الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. فى عشرية «30 يونيو»: «مشاهدات مراسل أجنبى فى مصر» بين عامى 2012 و2013.. الحلقة (4) الطريق إلى الثورة: من «سب الدين» إلى «بطة» الإخوان

الطريق الثالث.. فى عشرية «30 يونيو»: «مشاهدات مراسل أجنبى فى مصر» بين عامى 2012 و2013.. الحلقة (4) الطريق إلى الثورة: من «سب الدين» إلى «بطة» الإخوان

يغفل البعض مشاهدات العوام من الناس مكتفين بما سجلته شهادات النخب من أهل الفكر والرأى فى الأحداث الكبرى التى تغير مسار الدول ومسيرة الشعوب، رغم أن معظم النار من مستصغر الشرر، وكل المنعطفات الكبرى فى تاريخ الأمم انطلقت من قلب صغير، وعقل بسيط يفكر فى احتياجاته الطبيعية وهمومه الشخصية.



وأجدنى وقد اقتربت حلقات كتاب «حركة شباب: مشاهدات مراسل أجنبى فى مصر» من محطتها الأخيرة، فخورًا بتصنيفها ضمن «أحاديث العوام»، لأنى حرصت على ذلك أثناء كتابة فصول الكتاب أن تكون عفوية وبلغة أقرب ما تكون إلى العامية، بعيدًا عن الأكليشيهات والتقعير، مسجلًا انطباعات وآراء لا تحتمل التنظير، رصدتها بعين «المواطن الإعلامي» الوافد الجديد على مهنة الكتابة الصحفية، والذى تبلورت تجربته فى بداية العقد الماضى من خلال ما سُمى بالمدونات الشخصية، والتى منحتها «السوشيال ميديا» سياقات أخرى أكثر اختزالًا وتمردًا على الكتابة التقليدية.

وفى هذه الحلقة قبل الأخيرة، نتوقف أمام معالم على طريق ثورة 30 يونيو، أثرت فى حياة الناس وصعَّدت من غضبهم، ومهدت طريق المجتمع ليصل إلى نقطة الغليان، التى دفعتنا جميعًا إلى مرحلة الـ (لا عودة).

ليلة الخميس.. تانى 

فى الثانى من ديسمبر 2012، كتبت تحت عنوان «نقاطع.. ولا نسب الدين».. مقالًا طويلًا من 3 أجزاء، أوجز هنا بعض مقاطعه..

سهرت حتى الصباح لليوم الثانى على التوالى أتابع اللمسات النهائية التى توضع على وجه دستور بلادى «القبيح» ربما تجمله، ولأن ذوق المجملين ردىء وغليظ، خرجت المسودة النهائية أكثر قبحًا. 

فقلت لنفسى بعد ضياع الوقت والعمر والحلم بمستقبل أفضل لأبنائى ولأبناء وطنى، «نعيمًا» يا مصر، و«نعيمًا» يقولها لك الحلاق بعد أن ينتهى منك شعرًا وذقنًا، والسيد الغريانى المفدَّى بعد ما حلق لمصر ولكل الأعضاء ولكل المتابعين، قال للجميع نعيمًا وسلم الدستور وحيا الجمهور، بعد أن حظى بإشادة من زبانية العشيرة الإخوانية، أرباب «الاستبن» وعشاقه الذين خرجوا فى حشود «انكشارية» يوم السبت الأول من ديسمبر أمام جامعة القاهرة، ليعزفوا أمام صرح العلم العظيم أحط ألحان النفاق والابتذال الدينى والإسفاف السياسى بكل منوعاته وتشكيلاته.

ليشهد تمثال «نهضة مصر» المواجه لجامعة القاهرة، على هذا اليوم التاريخى الذى اجتمع فيه أرباب السجون من إرهابيين وقتلة برعاية تجار الدين وحملة المباخر، وهو اليوم المشئوم الذى أعلن فيه رئيس الجمهورية المصرى المنتخب الاستفتاء على ما سماه دستور ثورة يناير، الدستور «الباطل» مهما جملوه وحملوه على أسنة الرماح ونصال السيوف، وزأروا وشخروا ونهقوا فى ميكرفوناتهم وفضائياتهم. 

نقاطع.. ولا نسب الدين؟

إن تدافعنا جميعًا كمصريين على منحدر التكفير الدينى أوصلنى إلى نهاية لم أكن أنتويها - وهى أن أكفر أحدًا - وكنت أعتبرها جريمة لا تغتفر، لكنى اليوم أجده حقا شرعيًا لى ولكل المنتسبين لتيار التفكير فى بلد سيطر عليه قطيع من «الخرفان» وفضلاتهم من تيار التكفير. 

جديد آخر أضيف إلى قناعتى، هو القوة كوسيلة وحيدة للتواصل مع الآخر، فلا بديل عنها بعد غياب العقل والمنطق ولجوء أطراف أخرى للاحتماء بالبلطجة والعنف، وأحداث الاتحادية لا تكذب ولا تتجمل. لتكتمل بذلك معادلة العمل السياسى فى هذه اللحظة الفاسدة من تاريخ مصر المعاصر بعد عامين فقط من ثورة شبابها التى ألهمت العالم بسلميتها. 

ولا ينقص الملهاة إلا هذا الدستور الباطل، كما لو كان مقدرًا لهذا الوطن أن يستمر الباطل فى حكمه وسيطرته وهيمنته، بعد أن تمنى الجميع بعد «يناير» أن ينتهى حكم الباطل، لكن مرسى وجماعته على عهد مبارك يكملون المسيرة فهو قدوتهم ومرشدهم الحقيقى، وهم أرباب نعمته، فى عهده عاشوا وتعلموا فى أعرق الجامعات المصرية والغربية وحصلوا على أعلى الشهادات وكونوا طائل الثروات.. وأبوك السقا مات.. يا اللى لسه تنتظر الخير اللى شايلينه لمصر.

بطة الإخوان

وفى الثانى عشر من ديسمبر من نفس العام، كتبت مقالًا تحت عنوان «بطة الإخوان.. وأسد العلبة الذهبية»، كان أبرز ما جاء فيه..

نجحت حملة إعلانية مكثفة، تذاع على معظم الفضائيات المصرية والعربية لتسويق منتج جديد يروج لأحد المنشطات الجنسية، نجاحا ساحقا فى خطف أنظار المصريين، رغم ما يحيط بهم من أحداث كئيبة، وتوقعات بمستقبل مجهول ينتظرهم فى إطار الخير الذى يحمله لهم «الإخوان»، وفق شعارهم الشهير: «نحمل الخير لمصر».

«العلبة الذهبية» التى يروج لها الإعلان والتى تقلب الزوج من «بطة» فى نظر زوجته إلى «أسد»، والمعنى الجنسى واضح ولا يحتمل تأويلا.. أصبحت هذه العلبة بثمنها الزهيد، الحلم الذى تعلق به الناس لعل موقفهم الزوجى يتحسن إلى الأفضل. 

نجح إعلان «بسيط» فى أن يداعب خيال شعب «محبط» ويجعله يتخيل إمكانية وجود «العلبة الذهبية» فى مجالات حياته كافة.. جعله يتمنى أن تكون هى «الحل» الذى يحقق له كل أحلامه.

وأحلام المصريين - لو تعلمون - بسيطة، لكنها لا تُحقق بسبب عجز الحاكم ورداءة حكومته، وتزداد صعوبة تحقيقها مع كل يوم يبقى فيه الفشل على رأس الدولة المصرية.. فشل تجلت ملامحه فى «استبن» يحكم ظاهريا ومن ورائه الحاكم الفعلى سواء كان «شاطر» أم «شطار»، فالنتائج تؤكد أننا أمام مجموعة من الهواة تتدرب فينا، أو مجموعة من المعقدين نفسيًا يصدّرون إلينا عُقَدهم، وينتقمون من الشعب المصرى كله على سنوات القهر التى قضوها فى السجون والمعتقلات. 

وبطريقة الإعلان التليفزيوني: لو بتشوفك خروف.. «خليك أسد».. وقول «لا» بثقة.. على دستور «تقسيم» مصر..

أزمة مصر

وفى 30 مارس 2013، كتبت مقالا مهمًا بعنوان «قول الفصل فى أزمة مصر»، وكان نصه هو التالى. 

ولأن «على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء»، بحسب عمنا وأستاذنا صلاح جاهين، فإننى أزايد عليه وأتطاول بالقول مضيفًا أنه «على اسم مصر المستقبل - برضه - يقدر يقول ما شاء»، ومبررى فى ذلك أن «الفيلم» الذى نعيشه كمصريين من أفلام النهايات المفتوحة.

يعنى. أى حد يسألك هى مصر رايحة على فين؟، جاوب وأنت مطمن وقوله أى إجابة ولا تقلق.. لأنها ممكن تروح الجنة وممكن تروح فى داهية.. وممكن ما تروحش أصلا وتفضل منتظرة.. وسواء مصر ربت دقنها أو حلقتها فلا يوجد عاقل فى بلاد المحروسة يملك سحر الإجابة المنطقية، حتى الإخوة الأمريكان اللى وضعوا الخطة - خطة الربيع العربى - وفجروا المنطقة العربية كلها لا يملكون سيناريو متكاملا للأحداث القادمة، وشكلهم من الآخر مقضينها اليوم بيومه. 

أول خطوة فى حل للأزمة، هو أنك تقلع «الجزمة».. وتضرب نفسك بيها.. ده جد مش هزار.. أما ثانى خطوات الحل أنك تغسل إيدك من العار.. والعار هو انتظارك لأن مرسى وجماعته يحلوا أزمتك أو يكون عندك أمل فى جبهة الدمار.

أما ثالث الخطى، قبل ما تشتم وتتطاول.. تنهض فورا وتنظر فى أقرب «مرايا».. وتغنى وتردد ورايا.. «أنا المصرى كريم العنصرين بنيت المجد بين الأهرمين». وممكن تدور على الأغنية على «اليوتيوب» وتسمعها، جايز تحس على دمك.

رابع الخطى، وخامسها، لازم تتعلم تستخدم «المطوة».. مش عايز أتقل عليك وأقولك سلاح وكلام يقلقك.. «المطوة» كفاية وهاتديك شوية ثقة بنفسك، أما الخطوة السادسة، فتنزل تشترى «دستين شمع» من الطويل - لا مؤاخذة - عشان مش كل ما النور يقطع، تسب وتلعن فى الحكومة واللى جابها، والسابعة، تشوف فى الأجزاخانة اللى جنب بيتكم علبة «جوانتيات» بلاستيك علشان الصوابع اللى قالك عليها الريس مرسى، اللى بتلعب جوه مصر، أول ما تحس بيها.. تلبسها الجوانتى علشان التلوث.

الخطوة التامنة، باحب رقم تمانية جدا بيفكرنى بمجدى عبد الغنى صاحب الهدف الوحيد لمصر فى بطولات كأس العالم، عشان كده ممكن أنصحك تحطه قدامك كتير وتفكر أنت بقى فى الخطوة التامنة، خلى عند دم وابذل مجهود معايا بدل ما أنت سلبى كده وبتكمل قراية رغم كل شتيمتى ليك.

والخطوة العاشرة، تقاطع التليفزيون وكل برامج التوك شو والكلام الفاضى ده، وأحذرك من الاستماع أو متابعة أى من خطابات الريس مرسى أو أى نطع من جماعاته الميمونة، ولا تقولى هاعصر ليمونة ولا هالبسها ولا الكلام الفاضى ده، ابعد عن الهم وغنى له، خليك فى نفسك.

واوعى تسأل عن الخطوة التاسعة.. لأن محدش بقى عنده ضمير..

ونكمل الأسبوع المقبل إن شاء الله.