الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. يوم انتفض المصريون ضد التمييز والإرهاب وانهيار الدولة  30 يونيو.. دولة المساحات المشتركة

حقك.. يوم انتفض المصريون ضد التمييز والإرهاب وانهيار الدولة 30 يونيو.. دولة المساحات المشتركة

لا تحمل كلمة معجزة معنيين، ولا يوجد وصف لما حدث يوم 30 يونيو 2013 سوى تلك الكلمة ذات المعنى الوحيد، والمعجزة هنا ليست فى إسقاط حكم الإخوان فهو كان قاب قوسين أو أدنى لفشله الذريع فى إدارة ملفات الدولة وقطع الوعود للمصريين دون تحقيقها، وانهيار تحالفاتهم أمام خروج ملايين المصريين فى كل ميادين القاهرة والمحافظات للمطالبة بإسقاط مشروع التلاعب فى السياسة باسم الدين والمحافظة على مدنية الدولة والقواسم المشتركة بين كل مواطنيها.



 

 لقد انتفض المصريون فى لحظة نادرة رغم التغييب والتخويف ودعوا المؤسسة العسكرية حصن مصر المنيع، الدرع والسيف إلى النزول وإنهاء حالة الفوضى وإنقاذ البلاد من الحرب الأهلية ودوى الهتاف أمام مقر وزارة الدفاع تدعو الرئيس –الفريق أول آنذاك – عبدالفتاح السيسى إلى إنهاء حكم المرشد ومنع الدولة المصرية من الانهيار.

أتذكر جيدا تلك الأيام، فقد كنت فى مطبخ أخبار موقع البوابة وبرنامج ممكن على قناة cbc وموقّع وداعم لحركة تمرد، عايشت مصر المتهدمة عقب أحداث 25 يناير، ميدان لا يهدأ وبناء لا يكتمل ومحاولات أخونة واحتكار للسلطة، سيناء تحت تهديد الجماعات الإرهابية ويسقط الشهداء فيها يوميا فضلا عن انهيار علاقات مصر العربية، قنوات تتاجر بالوطن ومصالحه تداس من كل حدب وصوب، جاسوس إسرائيلى فى ميدان التحرير بصحبة شباب الإخوان، وأحزاب بلا شعبية أو برامج تجلس مع المعزول فى قصر الرئاسة لبحث مسألة سد النهضة بشكل كوميدى هزلى يدفع دموع الحزن لا الضحك إلى عينيك.

لم تسلم مدينتى الجميلة بورسعيد من أثر الفوضى وتعرضت لمحنة الحظر وقبلها أزمة الاستاد، وتساقط القتلى فى الشوارع دون معرفة القاتل وتحولت اجمل مدن المتوسط إلى مدينة الأحزان والألم.

أتذكر جيدا محنة انقطاع التيار الكهربائى وتلف الأجهزة الكهربائية وطوابير البنزين التى وقفت فيها بالساعات مع عشرات المصريين الذين أصابهم اليأس من حال بلادهم، كان الألم يعتصر الجميع على حال البلد الذى يزداد سوء يوما بعد يوم.

لم تكن مهمة المعزول فى قصر الرئاسة حكم مصر بل تنفيذ أوامر مكتب الإرشاد، تارة بإصدار قرارات عفو رئاسى عن إرهابيين مدانين بقتل أو استضافة قتلة السادات فى احتفالات نصر أكتوبر العظيم، أو إصدار قرارات بقوة الدستور من أجل عزل النائب العام ثم إصدار دستور يكرس حكم الجماعة لمئات السنين.

دفعت الدولة المصرية ثمن اختيار خاطئ فى صندوق انتخابى لا يرى الواقع، ذهب البعض إلى الصندوق محمل بالعاطفة الدينية، وذهب آخرون بمنطق عصر الليمون، وقدم عدد من المثقفين والنشطاء فروض الطاعة والولاء للإخوان فى مؤتمر فندق فيرمونت الشهير حتى أن بعضهم لا يزال يعيش فى تلك اللحظة ويهاجم الدولة المصرية انتظارا لعودة حكم الإخوان مرة أخرى.

أتذكر الراحل العظيم جمال الغيطانى وهو يسأل عن مصير سيناء محذرا من نمو وانتشار الجماعات التكفيرية بفعل وصول الإخوان إلى السلطة.

مشهد بائس لبلد عظيم يملك حضارة جذورها ضاربة فى عمق التاريخ، وإنسان محطم تنهار أحلامه ويتعرض أمنه الشخصى للتهديد من أجل جماعة تحلم بأستاذية العالم وترى فى مصر خطوة على الطريق، جماعة تؤمن بأن الحدود تراب وبالتالى لا ضير من مرور الأسلحة والميليشيات لكل التنظيمات الإرهابية صديقة الجماعة، جماعة تربى أتباعها على أن الوطن مجرد حفنة من تراب عفن، وأن التقية أو الكذب لإخفاء النوايا الحقيقة للجماعة عمل مشروع من أجل نصرة الدين.. دين الجماعة بالتأكيد وليس دين الله.

تلك هى صورة مصغرة لمصر فى اليوم السابق على ثورة 30 يونيو، عشته وعاشه جيلى بكل تفاصيله، كان الأمل يخفت فى صلاح الأحوال، هدد الإخوان الجميع بالقتل، هددوا المسلمين والمسيحيين على حد سواء، لا حقوق لغير الإخوانى، لقد مارس الإخوان أقصى درجات الفاشية والعنصرية ضد جميع المصريين، عاملوا المرأة باحتقار، أذكر صفعات الإخوانجية للصحفيات أمام مكتب الإرشاد وكتم فم شاهندة مقلد وهى تهتف ضد المرشد.

تحرك الإخوان ضد الصحفيين والإعلاميين حاصروا مدينة الإنتاج الإعلامى، تعرضت للحبس خلال عملى داخل المدينة بسبب الخوف من أنصار حازم أبو اسماعيل، وقتل الشهيد الحسينى أبو ضيف خلال تغطية أحداث الاتحادية، وحصار وزارة الثقافة حينما رفض المثقفون قرارات وزير الثقافة الإخوانى.

عشرات وعشرات الذكريات المؤلمة تجمعت فى عام واحد من عمر حكم هذه الجماعة الإرهابية لمصر حتى اللحظة الحاسمة، لحظة اليقظة التى تحولت إلى لحظة صعود قوى ومثير للدولة المصرية بعد سنوات من فقدان الثقة والامل فى قدرة المصريين على ملاحقة تطورات العصر وبناء دولتهم من جديد.

وكان مشهد إفطار رمضان فى جمعة التفويض على صوت أجراس الكنائس إشارة بالغة الدلالة على وحدة المصريين وتمسكهم بالعيش المشترك فى وطن يتسع للجميع وهو ما تجدد فى دعوة الرئيس السيسى فى افطار الأسرة المصرية للحوار الوطنى.

واجهت مصر تحدى الإصلاح الاقتصادى وهى تحارب الإرهاب وفى نفس الوقت تبنى مشروعات عملاقة لا يتوقف التشكيك فيها لحظة من أبواق الخراب التابعة للجماعة الإرهابية فى الخارج.

ذلك هو حال العالم وعليك أن تقبل التحدى، أو ما أطلق علية الرئيس السيسى تحدى التحدى.

ان تسير من إنجاز إلى إنجاز دون أن تلتفت إلى المشككين وأن تنتصر على الإرهاب بينما تدافع عنهم أذرع الجماعة الإرهابية الإعلامية، تحدى تنظيم إرهابى ترعاه دول، تتحدى ظروف دولية بالغة الخطورة وحدود ملتهبة فى أركانها الأربعة تصدر لك الأزمات يوميا.

ظروف دولية غير مواتية للتنمية أو بناء الدول من إغلاق كورونا إلى تضخم مستورد يتصاعد بفعل الازمة الروسية الاوكرانية، واجندات اقليمة تبحث عن مصلحتها على حساب الآخرين، أن تعيش فى بقعة من العالم فاقدة لبوصلة السلام بينما توفر لشعبك الأمن ومتطلبات الحياة فى أجواء شديدة الصعوبة والتعقيد.

ومع ذلك لم تتوقف دولة 30 يونيو أو الجمهورية الجديدة عن البناء يوما واحدا، تضيف يوميا مشروعا جديدا لبنك الثروة القومية، تصنع تجربة مصرية فى التنمية والبناء رغم التحديات العالمية وتقدم إصلاحا سياسيا من نقطة قوة بحوار وطنى يبحث عن التوافق والمساحات المشتركة بين المصريين، دولة تحترم ماضيها وحاضرها ومستقبلها وتحترم قيم المواطنة والعيش المشترك وتصدر للعالم تجارب التسامح والإسلام الوسطى القابل للتجديد وتحارب التطرف والغلو ولا تقبل التمييز ضد أى فئة، تبنى مساكن وتؤثثها للمهمشين، وترعى 10 ملايين ضيف بينما تواجه أزمة سكانية ضاغطة.

بالتأكيد المعجزة مستمرة.. بفضل وحدة المصريين وتمسكهم بالمشترك بينهم وبالأمل الدائم فى قدرة مصر على العبور من أزماتها وأن المستحيل ممكن إذا توافرت العزيمة والمثابرة.