السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

النسوية الإسلامية (فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ): عدة المطلقة.. وزواج «الجيرل فريند»! "63"

يرى البعضُ أن تعاليم الإسلام تنظر للأنثى نظرة دونية مقارنة بالذكر، وهى رؤية تأسَّست على فهم غير صحيح لآيات قرآنية، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخـرف 19، (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) الطور 39، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى) النجم 21.



 

نتيجة تضرر الكثير من الأسر من قانون الأحوال الشخصية، جاءت الدعوة إلى تعديل القانون، لمعالجة المشاكل التى تنتج عن الطلاق ومنها نفقة الزوجة والأولاد وحق السكن وغيرها. 

كما ينظم مشروع القانون الجديد مسألة النفقة بعد الطلاق وذلك بإلزام الأب بالإنفاق على الطفل، وتستمر نفقة الأولاد على أبيهم إلى أن يتموا الثامنة عشرة من عمرهم ويكونوا قادرين على الكسب المناسب.

وتستمر على الأب حال وجود عجز للأولاد عن الكسب بسبب المرض أو طلب العلم، وتعود نفقة الأنثى على أبيها إذا طلقت بعد زواجها أو مات زوجها، وفى حالة تعثر الأب، أوجب مشروع القانون النفقة على الأم الموسرة، أو على الجد للأب.

وتضمن مشروع القانون تعديل بعض الأحكام بشأن النفقة وإثبات الطلاق، ليضمن حصول المرأة على النفقة بشكل عاجل وتوفير مسكن ملائم بما يحفظ للمرأة كرامتها وحقها فى العيش، بما يحفظ استقرار الطفل وضمان نشأته بعد طلاق الأم والأب.

وجاء فى تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن متوسط عدد حالات الطلاق بلغت 586 فى اليوم خلال عام 2020، وأن إجمالى حالات الطلاق 213950، منها 7065 حالة خلع.

 «جيرل فرند»

من العلاقات التى تجمع بين الشباب والفتيات فى الغرب، علاقة «بوى فرند»، و«جيرل فرند»، والتى يراها البعض نموذجًا للحرية، بينما هى ممارسات جنسية غير شرعية، والغرب يسمح بتلك العلاقات، ويمنع تعدد الزوجات.

والعلاقة الجنسية مع «بوى فرند» و«جرل فرند» هى زنى، والزنى نوعان، الأول المستمر بغير تمييز بين الأشخاص، بمقابل أو بدون مقابل، والثانى الزنى المستمر بين عشيقين، والنوعان حرام.

وإذا أراد رجل أن يتزوج بامرأة لها علاقات جنسية عابرة أو لها «بوى فرند»، تتحدد مدة لتوبتها وهى مدة العدة، أى ثلاث حيضات ليتم التأكد من خلو رحمها من أى حمل، فإذا تبين أنها حامل تمتد مدة العدة حتى تتم الولادة، ونسبة الولد إلى أبيه، وبعد ذلك يمكن الزواج بها زواجًا شرعيًا إسلاميًا بصداق وشهود.

والزواج يكون باطلًا إذا تم بعد طلاق بدون عدة، والزواج يكون صحيحًا بدون عدة فى حالة أن تكون العروس بكرًا، إن عقد عليها العريس ثم طلقها قبل الدخول بها فليست عليها عدة، وإذا دخل بها ثم طلقها فلا بد أن تعتد منه، وحين تنقضى فترة العدة ويتم التأكد من خلوها من الحمل تتزوج: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة 228، عدتها ثلاث حيضات متواليات.

وبالزواج يتم حفظ الأنساب والحقوق، ومن هنا نفهم تحريم الزواج بالزانية التى لا تتوب عن الزنى، ولا بالزانى الذى لا يتوب عن الزنى، ومع عدم التوبة يحرم نكاح المؤمن من الزانية ويحرم نكاح المؤمنة من الزانى: (ٱلزَّانِى لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَ‌لِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ) النور 3. 

والزنى نوعان، زنى بأجر أو بتعبير القرآن: (مُسَـافِحَاتٍ)، وزنى بعلاقة مستمرة بين اثنين أو بتعبير القرآن: (مُتَّخِذَا‌تِ أَخْدَانٍ)، فالارتباط الجنسى بين رجل وامرأة بدون عقد زواج يعتبر زنى ضمن (مُتَّخِذَ‌اتِ أَخْدَانٍ)، مثل علاقة «بوى فرند» و«جرل فرند». 

وعلى المرأة التى لها علاقة جنسية مستمرة برجل، وتريد الزواج منه أو من غيره، أن تتوب وأن تمر بفترة العدة مثل المطلقة التى تم الدخول بها. 

والزواج الباطل منه الزواج بامرأة كانت لها علاقات زنى ولم تمر بفترة العدة، والتى تعتبر فترة للتوبة حتى تتخلص من وصف الزانية، هنا يتم التفريق بينهما، وبعد إتمام العدة يتزوجان، قد يكون الزواج الباطل معترفًا به من المجتمع، ولكن عاقبته سيئة يوم الحساب.

 الطلاق الأول

إذا أراد الزوج الطلاق فعليه استدعاء الشهود، فكما تزوج بشاهدين فعليه أن يطلق بشاهدين، وهنا يقرر القرآن أن تظل الزوجة فى بيت الزوجية خلال فترة العدة، ويحرص القرآن على نسب البيت لها حتى مع وقوع الطلاق، ولا تخرج من بيتها إلا فى حالة ضبطها متلبسة بالزنى: (..لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ..) الطلاق 1.

وفى فترة العدة تعتبر زوجته ويجوز له أن يعاشرها، وإذا عاشرها فقد انتهى الطلاق وعادت بينهما الحياة، وعليهما إبلاغ الشاهدين بأن الموضوع انتهى.

وفترة عدة المطلقة فى بيت زوجها هى مرورها بثلاث حيضات لتتأكد من وجود حمل، وعليها أن لا تخفى حملها: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاحًا..) البقرة 228، وجاء الوصف (وَبُعُولَتُهُنَّ)، وليس أزواجهن، والفرق بين الزوج والبعل أن كلمة زوج فى القرآن تقال للرجل وللمرأة: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) البقرة 35، أما كلمة بعل فتعنى صاحب الأمر ويوصف بها الرجل الزوج فقط: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) النور 31.

وإن لم تكن المطلقة تحيض أو بلغت سن اليأس ففترة عدتها ثلاثة أشهر، أما إذا ظهر أنها حامل فإن عدتها تستمر إلى أن تضع حملها: (وَالَّلائِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِى لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) الطلاق 4.

فى نهاية فترة العدة وهى فى بيتها مع زوجها وبدون أن يعاشرها أو يتصالحا، يأتى الشاهدان ويقومان بتخيير الزوج بين أن يحتفظ بالزوجة بالمعروف، وتعود الحياة الزوجية بينهما ويحسب عليه أنه قام بتطليق زوجته مرة، وبين أن ينفصل عنها وتخرج من بيته الذى لم يعد بيتها، وتصبح حرة يمكن أن تتزوج فقد انتهت عدتها.

ويحذر تعالى من أن يتمسك الزوج بزوجته ليوقع بها الأذى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا..) البقرة 231، (..يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ..) البقرة 231، والتحذير والتنبيه على التقوى والخوف من الله تعالى بهدف حفظ حقوق المرأة. 

كما يحذر تعالى من عضل الزوجة بمعنى منعها من الزواج بعد طلاقها أو إجبارها على الزواج بمن لا تريده: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ..) البقرة 232.

وحكمة وجود الزوجة فى بيتها مع زوجها أثناء فترة العدة تعتبر فرصة للمراجعة، وبعدها يكون الانفصال التام، أو إعادة الحياة بينهما بالصلح أو بالمعاشرة الزوجية بينهما أثناء العدة، فإذا حدث الصلح أو المعاشرة انتهى موضوع الطلاق.

 

الطلاق الثانى

فإذا عادا إلى النزاع وطلقها للمرة الثانية، فسوف تتكرر نفس إجراءات الطلاق الأول من استدعاء الشاهدين وإعلان الطلاق أمامهما، وتظل فى بيتها فترة العدة، فإذا تصالحا قبل انتهاء العدة أصبح الطلاق الثانى ملغيًا، ويبلغا الشاهدين بانتهاء الطلاق قبل تمام العدة وقبل احتساب طلقة عليهما، أما إذا استمرا بدون صلح وبدون مراجعة وانتهت فترة العدة وحضر الشاهدان فيتم تخيير الزوج بين إمساكها بالمعروف أو فراقها بالمعروف، فإذا اختارا الاستمرار فى حياتهما الزوجية تحسب عليه طلقة ثانية: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة 229.

الطلاق الثالث

فإذا عادا إلى النزاع وطلقها للمرة الثالثة، يتم استدعاء الشاهدين، ولكن بعد أن تتم العدة لا يكون للزوج حق الاختيار فى الاستمرار مwع زوجته لأنها صارت محرمة عليه، ولا يتزوجها إلا بعد أن تتزوج زوجًا غيره ثم يطلقها الزوج الجديد بنفس إجراءات الطلاق السابقة، بعدها يمكن للزوج السابق أن يتقدم لها ويتزوجها بعقد جديد: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا..) البقرة 230، ولا يوجد فى القرآن ما تم تسميته بالمحلل.

تشريع الطلاق يمكن أن يؤدى إلى إعادة الحياة الزوجية، ويمكن أن يؤدى إلى الانفصال النهائى، وإجراءات الطلاق تشمل حساب فترة العدة وهى تعيش فى بيتها مع زوجها، وبعد تمام العدة يكون التخيير: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) الطلاق 2، ولعل الله تعالى يحدث أمرًا فتعود الحياة بينهما. 

ويحرص القرآن على أن يكون بقاء الزوجة بمعروف وإطلاق سراحها بمعروف، مثلما يحرص على أن تكون معاشرتها بالمعروف، وسداد نفقة طلاقها بالمعروف، وحقوق الرضاعة لطفلها تكون بالمعروف، وكلها حقوق للمرأة يؤكد عليها القرآن ومنها حقها فى الصداق: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النساء 4، وفى المؤخر: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة 241. 

إن آيات التشريع فى القرآن تدعو إلى التقوى وأن يتعامل المؤمن مع الله تعالى بأن يخشاه وحده، لذلك على الطرف الأقوى وهو الرجل أن يتذكر الله تعالى فيتقيه ويخشاه، ويعطى المرأة حقها باعتبارها الطرف الضعيف الذى يتعرض للظلم.