الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

12 لقاءً بين مصر وفرنسا خلال 9 أعوام: العلاقات «المصرية - الفرنسية» صداقة متبادلة وثقة تاريخية

ترجع العلاقات المصرية - الفرنسية إلى أسس تاريخية وحضارية وثقافية؛ فقد كان للبعثة العلمية التى رافقت الحملة الفرنسية على مصر السبق فى فك طلاسم حجر رشيد وقراءة اللغة المصرية القديمة، ما أسهم فى التعرف على حضارة الفراعنة وفهم ما تركوه من كتابات على جدران المعابد وعلى المسلات وشكلت بعثات الطلاب المصريين إلى فرنسا ركنا مهما فى بناء الدولة الحديثة فى عهد محمد على وخلفائه من الأسرة العلوية. وقد حافظت مصر وفرنسا على علاقات متميزة فى العصر الحديث على جميع المستويات ومختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها. والعلاقات الثنائية بين البلدين تتميز بالقوة والمتانة؛ وشهدت منذ تولى الرئيس السيسى طفرة هائلة وكبيرة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية. وتشهد العلاقات بين البلدين الصديقين حالة زخم وتميزت العلاقات المصرية - الفرنسية بخصوصية حيث ظلت طوال القرنين الماضيين مسيرة مفتوحة بين باريس والقاهرة جعلت من العمل السياسى والدبلوماسى بين البلدين ركيزة مهمة من ركائز العلاقات الثنائية.



 

وعن الزيارات المتبادلة بين البلدين واللقاءات؛ ففى نوفمبر2014 قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة رسمية إلى فرنسا حيث عقد لقاء مع رئيس الجمهورية الفرنسية والوزير لوران ڤابيوس والوزير چان إيڤ لودريان ورئيسى الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ؛ وفى عام 2015 شارك الرئيس الفرنسى بصفة ضيف شرف فى تدشين أعمال توسيع قناة السويس الجديدة؛ وفى أبريل عام 2016 أجرى الرئيس الفرنسى زيارة إلى مصر؛ وفى أكتوبر 2017 قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة لفرنسا على رأس وفد رفيع المستوى استقبله الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وبحث الجانبان القضايا ذات الاهتمام المشترك لا سيما الأزمات الإقليمية ومكافحة الإرهاب والملفات الثنائية وسبل تعزيز العلاقات فى مجالات الثقافة والتعليم ، وفى يناير 2019 أجرى الرئيس الفرنسى زيارة لمصر؛ وفى أغسطس 2019 قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة لفرنسا للمشاركة فى اجتماعات شراكة مجموعة الدول السبع الكبرى مع دول إفريقيا التى تترأسها فرنسا بصفتها رئيسا للاتحاد الإفريقى وألقى الرئيس السيسى كلمة تتضمن عدة محاور وتعكس وجهة نظر أفريقيا فى القضايا المطروحة وتطرق إلى تعزيز البنية الأساسية الخاصة بالأمن والسلم فى إفريقيا وكذلك مكافحة الفساد فى إفريقيا لأنها تستنزف الجهود والموارد؛ وفى ديسمبر 2020 قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة لفرنسا استقبله خلالها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وبحثا الجانبان كافة جوانب وموضوعات العلاقات الثنائية بين البلدين وكذلك التنسيق السياسى المشترك تجاه القضايا الإقليمية والدولية ودعم العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها؛ كما التقى الرئيس السيسى مع رئيس الوزراء الفرنسى وعدد من الوزراء وكبار المسئولين الفرنسيين ورئيسى الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الفرنسى وذلك لعرض الرؤية المصرية للأزمات الإقليمية وكيفية التعامل معها، خاصة المتعلقة بشرق المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى زيادة التعاون المشترك بين البلدين وتعزيز العلاقات الثنائية خاصة فى المجالات الاستثمارية والتجارية فى ضوء جهود مصر لتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية للمشاركة فى المشروعات القومية الكبرى فى إطار عملية التنمية الشاملة التى تشهدها مصر. وفى مايو 2021 قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة لفرنسا للمشاركة فى كلٍ من مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان وقمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية؛ حيث استقبله الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه. وفى نوفمبر 2021 قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة لفرنسا للمشاركة فى «مؤتمر باريس الدولى حول ليبيا» تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وفى ضوء العلاقات الوثيقة التى تربط مصر وفرنسا بالإضافة إلى دور مصر المحورى فى دعم المسار السياسى فى ليبيا على الصعيد الثنائى والإقليمى والدولى؛ وفى أبريل 2022 قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة لفرنسا تلبيته لدعوة الرئيس الفرنسى ماكرون للمشاركة فى قمة «محيط واحد» استقبله الرئيس الفرنسى فى مدينة بريست الفرنسية وأوضح الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال تلك الزيارة أن تلبيته لدعوة الرئيس ماكرون للمشاركة فى هذه القمة تعكس مدى حرص مصر على التعاون مع فرنسا فى هذا المجال؛ حيث إن مصر تولى أهمية قصوى لحماية البيئة البحرية؛ ثم فى يوليو 2022 قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة لفرنسا استقبله الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون. وبحث الزعيمان سبل تعزيز العلاقات الثنائية والاستراتيچية بين البلدين فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية وتعميق الشراكة المصرية الفرنسية وتطوير التعاون الاقتصادى وزيادة الاستثمارات الفرنسية فى مصر وخاصة فى قطاعات السكك الحديدية وتوطين صناعة السيارات الكهربائية وتطوير الموانئ والطيران المدنى والطاقة ومعالجة المياه والبنية التحتية والسياحة .

 

كما استقبل الرئيس السيسى فى شهر نوڤمبر 2022 الرئيس الفرنسى على هامش انعقاد قمة المناخ بشرم الشيخ؛ حيث أشاد الرئيس السيسى خلال اللقاء بتطور العلاقات الثنائية بين البلدين فى كافة المجالات معربا عن تطلع مصر لتعزيز التنسيق السياسى وتبادل وجهات النظر مع فرنسا تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خاصة ما يتعلق بقضايا أمن الغذاء وأمن الطاقة والقطاعات التى تتمتع فيها فرنسا بتميز مثل النقل وصناعة السيارات الكهربائية.

من ناحية العلاقات الاقتصادية بين البلدين تعد فرنسا شريكا اقتصاديا بالغ الأهمية لمصر كما تعد مصر أكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للشركات الفرنسية كما تعزز فى الفترة الأخيرة خاصة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ وتشمل أهم الصادرات المصرية إلى السوق الفرنسية كلا من الخضراوات والنباتات والبذور الصالحة للأكل والفاكهة والحمضيات والأسمدة والزيوت العطرية وأشغال الكروشيه والملابس والنسيج والألومنيوم وبعض الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية. فيما تضمنت أهم الواردات المصرية من السوق الفرنسية الحبوب والمنتجات الكيميائية العضوية ومنتجات الصيدلة وكذلك زيوت عطرية والمنتجات الكيميائية المتنوعة والألومنيوم ومصنوعاته وآلات وأجهزة ومعدات كهربائية وأدوات وأجهزة للبصريات. وفيما يخص الاستثمارات الفرنسية ؛ تعتبر فرنسا أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر كما تعد مصر ثالث أهم مستقبل للاستثمارات الفرنسية فى المنطقة وتعمل فى مصر حوالى 140 شركة فرنسية فى العديد من المجالات. وحجم الاستثمارات الفرنسية كبير فى مصر وتبلغ حوالى 5.5 مليار يورو فى مختلف القطاعات من بينها النقل ومعالجة المياه والطاقة وتصنيع الدواء وتوزيع المنتجات التجارية والإنتاج الصناعى وتنوى الشركات الفرنسية ضخ المزيد من الاستثمارات فى مصر. العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا تتسم بالقوة وهو ما يعكسه حجم التبادل التجارى إذ تبلغ الصادرات الفرنسية لمصر ما يقرب من 2 مليار يورو، فيما تقدر الصادرات المصرية إلى فرنسا بـ 800 مليون يورو فى الوقت الذى يسعى فيه الجانبان إلى تعظيم التعاون التجارى فيما بينهما فى ضوء الإمكانات الهائلة التى تزخر بها مصر وفرنسا. وقد حرص الجانبان على تعزيز التعاون فيما بينهما وتوج بتوقيع الاتفاق الحكومى فى 13 يونيو 2021 والذى يرمى إلى تمويل فرنسا والوكالة الفرنسية للتنمية مشاريع بقيمة 8.3 مليار يورو فى الفترة ما بين 2021 و2025.

أما العلاقات العسكرية بين البلدين فترتبط بتاريخ البلدين، فمنذ نهاية حملة نابليون بونابرت على مصر فى عام 1798 استعان محمد على باشا مؤسس الأسرة العلوية التى حكمت مصر حتى 1952 بضباط فرنسيين عندما أراد تأسيس جيش مصرى حديث وبحرية مصرية حديثة.

وعن العلاقات الدبلوماسية؛ ففى عام 1971 وبعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا ومصر بثمانى سنوات تم فتح بعثة عسكرية بسفارة فرنسا بالقاهرة مع تعيين مقدم من القوات الجوية ملحقًا للقوات المسلحة الفرنسية فى مصر. كما شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة عقد عدد كبير من الصفقات العسكرية بين البلدين خصوصا فيما يخص القوات الجوية والقوات البحرية.

ووقعت مصر فى 2015 اتفاقية مع فرنسا لتسليم 24 طائرة رافال وفرقاطة متعددة المهام من طراز فريم؛ وفى عام 2016 تسلمت مصر من فرنسا حاملتى المروحيات جمال عبدالناصر وأنور السادات من طراز ميسترال ؛ ومؤخرا أبرمت مصر اتفاقية لتوريد 30 طائرة من طراز رافال وجرى الاتفاق على تزويد البحرية المصرية بـ4 فرقاطات جونيد تم تصنيع 3 منها فى مصر، وفى عام 2017 انضمت الفرقاطة المصرية الفرنسية الصنع الفاتح للأسطول البحرى المصرى.

وقد وضع الرئيس السيسى خطوط الدبلوماسية المصرية منذ توليه الحكم والتى نجحت على مدار السنوات التسعة الأخيرة فى تحقيق انطلاقة جديدة لتعزيز وترسيخ ثقل مصر ودورها المحورى إقليميا ودوليا واستعادة مكانتها ودورها لصالح الشعب المصرى. ومصر تدير علاقاتها الخارجية إقليميا ودوليا بثوابت راسخة ومستقرة قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام وإعلاء قواعد القانون الدولى؛ تلك هى محددات السياسة الخارجية التى أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى.

فالسياسة الخارجية المصرية شهدت نشاطا مكثفا خلال هذه الفترة؛ حيث ارتكزت على الحفاظ على المصالح الوطنية وتحقيق التوازن والتنوع فى علاقتها مع مختلف دول العالم شرقا وغربا وفتح آفاق جديدة للتعاون من مبادئ السياسة المصرية القائمة على تعزيز السلام والاستقرار فى المحيط العربى والإقليمى والدولى وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول ودعم مبدأ الاحترام المتبادل وتعزيز التضامن والتمسك بمبادئ القانون الدولى.

وفى هذا الإطار كانت الروابط بين القاهرة وباريس شاهدًا على طفرة كبيرة تحققت على مدار الأعوام التسعة فى كافة المجالات انطلاقا من محورية تلك العلاقات وأهميتها والرغبة المتبادلة فى المزيد من الارتقاء بآفاق التعاون الثنائى خاصة فى المجالات الاستراتيچية والاقتصادية والثقافية وفى مواصلة التنسيق المشترك تجاه كافة القضايا والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك. ويحرص الرئيس السيسى والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على تكثيف الاتصالات واللقاءات والقمم بهدف الارتقاء بالعلاقات المتميزة واستمرار التنسيق المشترك وتبادل الرؤى تجاه الأزمات التى تشهدها المنطقة وعلى رأسها الأوضاع فى ليبيا وسوريا والعراق ومستقبل القضية الفلسطينية بخلاف ملف الإرهاب أو تلك الأزمات المستجدة وعلى رأسها الغذاء والطاقة. تنسيق وثيق على كافة المستويات بين القاهرة وباريس تجاه كافة القضايا محل الاهتمام المشترك والزيارات المتبادلة والاتصالات المستمرة بين الرئيس السيسى والرئيس الفرنسى وكان آخرها المباحثات التى عقدها الزعيمان على هامش مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة والذى عقد بالأردن نهاية العام الماضى.