الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

(الطريق إلى 30 يونيو).. تفاصيل الأسبوع الرابع من شهر نهاية الجماعة الإرهابية: الشعب ينتفض فى أعظم ثورات العصر الحديث.. و«الإخوان» يردون بأكبر اعتصام مسلح

حتى لا ننسَى.. نستكمل سويًا ونقدّم قراءة تحليلية لأيام واحد من الشهور الحاسمة فى تاريخ وطننا مصر وهو شهر يونيو من عام 2013، والذى كتب نهاية جماعة الإخوان الإرهابية وتحرير الشعب من فاشيتهم ومحاولة اختطافهم إلى مصير كانت نهايته واضحة منذ اليوم الأول لتوليهم السُّلطة وهو (الدمار والحرب الأهلية).



وقد شهد الأسبوع الرابع من يونيو 2013 العديد من الأحداث، والتى توّجت باليوم العظيم وهو ثورة 30 يونيو الذى كتب النهاية لأكبر جماعة إرهابية وفاشية، ففى هذا الأسبوع على سبيل المثال وتحديدًا يوم 27 يونيو خرجت جموع الشعب فى مظاهرات حاشدة عند قصر الاتحادية للمطالبة برحيل محمد مرسى وحكومته، وهى الأحداث التى شهدت تعذيبًا للمتظاهرين من قبَل عناصر الجماعة المسلحة.

 جمعة الإنذار الأخير

وفى  يوم 28  يونيو 2013، شهدت مصر مسيرات بالقاهرة والمحافظات تطالب برحيل مرسى فى جمعة «الإنذار الأخير»، وإعلان الاعتصام بالميادين، وأعلنت منصة الإرهاب فى «رابعة العدوية» الاعتصام، فقد خرج «المصريون» فى مظاهرات مليونية بميدان التحرير وميادين مصر، يطالبون برحيل «مرسى»، مشهرين البطاقات الحمراء فى وجه الإخوان، رافعين شعار «الإنذار الأخير»؛ وذلك تلبية لدعوة «تَمَرُّد»، فيما بدأ اعتصام بعضهم فى ميدان التحرير ليوم 30 يونيو.

وأعلنت حملة «تََمرُّد» جمع أكثر من 20 مليون توقيع، كما شهد اليوم خطاب «المعزول» الذى امتد لساعتين أو يزيد معلنًا تمسكه بالشرعية والدستور، ولو كان هناك عداد للنهايات فقد كان يتجه بوضوح، يراه الأعمى والبصير، وملايين الناس فى شوارع 30 يونيو أنها محتومة لا محالة لصالح الشعب المصرى.

اعتصام رابعة المسلح

ولا يفوتنا هنا الحديث عن الاعتصام الأكثر دموية فى تاريخ مصر وهو (اعتصام رابعة العدوية) بدأ يوم 28 يونيو 2013، وانتهى فى 14 أغسطس من نفس العام؛ حيث خرج المنتمون للجماعة الإرهابية والمؤيدون لبقاء «مرسى» واتخذوا من ميدان رابعة العدوية بقلب مدينة نصر مقرًا لاعتصامهم منذ يوم 28 يونيو، واتخذ شباب الإخوان وقياداتهم وأنصارهم كلمة «الشرعية» شعارًا لهم، فنصبوا الخيام الواحدة تلو الأخرى بالميدان، بعدها أعلنت «منصة رابعة» إنشاء مجلس للحرب وذلك لمواجهة الإرادة المصرية، فى ثورة 30 يونيو، وردد المعتصمون: (لا سلمية بعد اليوم).

اعتصام رابعة العدوية فى حد ذاته جريمة متفردة فى التاريخ ودليل قاطع على أن العنف متوارث فى چينات أفراد الجماعة الإرهابية، وسرعة تنمّيه دليل أنه كان سيكون الأسلوب المُتبع من الجماعة لمواجهة أى اعتراضات لو استمرت فى الحُكم.. الاعتصام كان تقريبًا أكبر تجمع مسلح حدث فى تاريخ مصر؛ بل العالم كله.

فقد استيقظ الشعب المصرى يوم 28 يونيو 2013 على منظر ليس مصريًا نهائيًا.. الإخوان يتجمعون فى ساحة ميدان رابعة العدوية وينصبون الخيام ويتخذون الأطفال والنساء دروعًا بشرية، وبيانات وزارة الداخلية وما كان يبثه الإعلام وقتها بالصوت والصورة؛ خصوصًا قبل وأثناء عمليات الفض كشف مدى دموية هذا الاعتصام، وهو ما يمكن رصده بعدة أمثلة.

عنف شباب الجماعة

«سلميّتنا أقوى من الرصاص»، كانت هذه مقولة مرشد جماعة الإخوان الأخير محمد بديع، إلا أن الواقع كان عكس ذلك تمامًا؛ حيث حرضت قيادات الجماعة الشباب على العنف، وأطلقوا الرصاص على الأمن، واختطفوا المواطنين وعذبوهم داخل مقر الاعتصام.

شهادات الشهود أمام المحكمة وثّقت العنف والتخريب الذى انتهجته جماعة الإخوان داخل مقر الاعتصام؛ حيث قال شاهد أمام المحكمة، إن جميع الأهالى الذين كانوا يسكنون فى العقار المتواجد فيه، بجوار اعتصام رابعة تركوا المنازل بالتزامن مع بدء الاعتصام، وأنه شاهد أسلحة بحوزة المعتصمين، كما شاهد رَجُلَيْن وسيدة من المعتصمين كسروا باب إحدى الشقق، لاستخدامها فى المبيت، فيما قال آخر إنه يعمل سباك أدوات صحية، ويسكن فى رابعة العدوية، وأنه تعرّض لذل وإهانة وضرب من المعتصمين بعد اعتقاد المعتصمين أنه من الداخلية، مشيرًا إلى أنه شاهد أشخاصًا ملفوفين بأكفان تحت منصة ميدان رابعة.

عنف الجماعة امتد لخارج الاعتصام؛ حيث قال شاهد آخر، إن المعتصمين كسروا البوابة الحديدية لمَدرسة يعمل بها؛ لاستخدام الحمّامات، ثم استخدموا المَدرسة فى المبيت، وأن المعتصمين كسّروا المَدرسة وما فيها من «دسكات» ومعامل، وقاموا بعمل خيام داخل المَدرسة، ودمروا جميع محتوياتها.

قبل فض الاعتصام، أصدرت وزارة الداخلية بيانين متعاقبين بشأن فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، حذرت فيهما المعتصمين من انتهاج العنف مع القوات، ودعتهم للخروج الآمن وإخلاء الأطفال، مؤكدة أن الأجهزة الأمنية لن تلاحق إلا المطلوبين قضائيًا.

 التحريض ضد الشعب

المَحكمة فى حيثيات حُكمها، قالت إنه عقب عزل مرسى اعتصم عدد من أنصاره وعناصر من جماعة الإخوان ببعض الميادين أشهرها رابعة العدوية وغيره من الميادين الأخرى وأصبحت تلك الاعتصامات تهدد الأمن القومى، وارتكبت العديد من الجرائم بداخل اعتصام رابعة العدوية وغيره من تلك الميادين تنوعت بين القتل والشروع فى القتل والتعذيب والتعدى بالضرب والاحتجاز وكذلك التعدى على المارة من المواطنين العُزّل وخطف بعضهم ومن بينهم رجال وأفراد شرطة أثناء قيامهم بتأدية واجبهم، بالإضافة إلى إحداث شلل مرورى كامل وإغلاق شوارع بكاملها وترويع سكانها والتعدى عليهم واتخاذهم كدروع بشرية والتخريب والإتلاف للممتلكات العامة والخاصة، واستمرت منابرهم الإعلامية فى التحريض والإثارة، كما استمر نهجهم العدوانى فى التصعيد؛ حيث حرصوا على احتلال مزيد من الأرض وتوسيع رقعة الاعتصام بمنطقة رابعة العدوية ومحيطها فشملت جميع الشوارع المؤدية إلى الميدان وتحصّنوا خلف سواتر أسمنتية أقاموها بعرض الطريق بعد أن قاموا بإتلاف أرصفة الشوارع».

الحيثيات قالت: «تبين أيضًا بالأسطوانات المدمجة بتاريخ 14 - 8 - 2013 إظهار حدود الاعتصام وظهرت استعدادات قوات الأمن لفض رابعة، وظهرت صورة لمحمد البلتاجى وبجواره صفوت حجازى وبعض القيادات، ويقول البلتاجى: «الإخوة فى الخيم نتجمع بجوار المنصة فى قلب الميدان ثابتين صامدين شهداء بالملايين جاهزين فى الميادين شهداء بالملايين».

المَحكمة قالت: «مصر لن تركع إلا لله، فهى ذات ثوابت لا يعرفها إلا من قرأ تاريخها، فلها أرض فريدة ولها جيش جَسور من أبناء هذا الشعب ليسوا من المرتزقة، يدافعون عن الوطن، ولها شرطة قوية تحمى الشعب وتدافع عنه فى الداخل، وأن الجيش والشرطة من نسيج هذا الشعب ومن أبناء هذا الوطن يشربون من نيله، ويخطئ من لا يرى أن مصر تقود حربًا على ما يمكن أن يوصف بأنه إرهاب دولى منظم، تدعمه دول أو جهات بعينها بقصد إضعاف البلد».

النساء والأطفال فى الاعتصام

ناشدت الداخلية المعتصمين بميدانى رابعة والنهضة بالاحتكام إلى العقل وتغليب مصلحة الوطن وإنهاء اعتصامهم فورًا، وأكدت وزارة الداخلية أنها حريصة كل الحرص على سلامة جميع المعتصمين وعدم إراقة نقطة دم واحدة، وتتعهد الداخلية بعدم ملاحقة جميع المعتصمين باستثناء الصادر بحقهم قرارات من النيابة العامة بالضبط والإحضار، كما ناشدت وزارة الداخلية المعتصمين برابعة الخروج الآمن من منفذ طريق النصر المؤدى إلى شارع الاستاد البحرى، وتناشد المعتصمين بالنهضة الخروج الآمن من منفذ شارع الجامعة باتجاه ميدان الجيزة.

وطالبت الداخلية المعتصمين بإخلاء الأطفال والنساء وكبار السّن من داخل الاعتصام وعدم اتخاذهم كدروع بشرية وتحذر المعتصمين من القيام بأعمال عنف أو استخدام السلاح ضد القوات والذى سيقابل بمنتهى القوة والحزم وفقًا لقواعد الدفاع الشرعى، وأكدت أن مقاومة قوات فض الاعتصام يعرّض حياتك للخطر وللمساءلة القانونية وفقًا لمقتضيات القانون، وأن عملية فض الاعتصام مراقبة ومصورة بشكل كامل، وسيتم رصد المخالفين وأى مخالفات ترتكب ضد القانون، وأن عملية فض الاعتصام تتم بقرار من النيابة العامة وبحضور وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدنى، وأن قوات الأمن تناشد سكان المنطقة بإغلاق جميع الشرفات والنوافذ والالتزام بالتواجد داخل المنازل أثناء فض الاعتصام؛ حرصًا على سلامتهم.

الخروج الآمن

وفى بيان آخر للوزارة أكدت أنه إنفاذًا لتكليف الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، وانطلاقًا من المسئولية الوطنية لوزارة الداخلية فى الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين، وأوضحت الوزارة فى بيانها أن الأجهزة الأمنية قامت باتخاذ الإجراءات اللازمة لفض الاعتصامين المشار إليهما مع السماح بالخروج الآمن للمتواجدين فيهما من خلال المنافذ المحددة، التى تم إعلانهم بها، وذلك عبر طريق النصر المؤدى لشارع الاستاد البحرى، وشارع الجامعة باتجاه ميدان الجيزة، مع تجديد التعهد بعدم ملاحقة أيّ منهم، عدا أولئك الذين طالتهم قرارات النيابة بالضبط والإحضار.

وأشارت إلى أن وزارة الداخلية وهى تؤدى واجبها حريصة كل الحرص على سلامة جميع أبناء الوطن، وعدم إراقة نقطة دم واحدة، وإنها فى ذات الوقت تلتزم بالضوابط المنظمة للتعامل مع الموقف وفقًا للقواعد القانونية والإجراءات المتعارف عليها.. وتحذر أن أىَّ تصرفات غير مسئولة ستواجه بكل الحزم والحسم وفى إطار ضوابط الدفاع الشرعى.

وفور فض الاعتصام، شهد محيط مسجد مصطفى محمود بالمهندسين وشارعى البطل أحمد عبدالعزيز وجامعة الدول العربية حرب شوارع افتعلها الإخوان الذين حاولوا نقل اعتصام رابعة لميدان مصطفى محمود، إلا أن الشرطة كانت حاضرة بقوة؛ حيث استخدمت قنابل الغاز للرد على الإخوان الذين استخدموا الأسلحة الآلية وحرقوا سيارات للشرطة.

وتصدى الأهالى لفئة من الضباط الملتحين الذين يتعاطفون مع الجماعة الإرهابية؛ حيث لقنت سيدة هؤلاء الأشخاص درسًا قاسيًا، قائلة لهم: «أنا أرجل منكم»، ثم قضت المحكمة بالسجن المؤبد لـ32 متهمًا والمشدد 15 سنة لـ29 متهمًا والسجن المشدد 5 سنوات لـ 81 متهمًا والمشدد 3 سنوات لـ 17 متهمًا والمشدد 10 سنوات لـ 36 متهمًا والسجن المشدد 7 سنوات لمتهم، على إنشاء خلية إرهابية تورط فيها الضباط الملتحون بقيادة محمد السيد الباكوتشى والتى خططت لتنفيذ اغتيالات.

8 شهداء واستهداف الشرطة

ورُغْمَ أن الداخلية بذلت جهودًا خرافية لإنقاذ أرواح المصريين من خطر اعتصامى رابعة والنهضة المسلحين؛ فإنه سقط منها شهداء أبرار وهم يؤدون واجبهم؛ حيث بلغ عدد شهداء الشرطة خلال فض رابعة 8 شهداء و156 مصابًا، كما استشهد اثنان من رجال الشرطة، وأصيب 14 آخرون خلال فض اعتصام ميدان النهضة، وأثبت تقرير اللجنة، أنه تم ضبط 41 سلاحًا ناريًا مختلف العيار وآلاف من الطلقات بميدان النهضة.

وانضم إلى قائمة شهداء الشرطة عقب فض الاعتصامين، 14 ضابطًا وفرد شرطة بمركز كرداسة؛ حيث اقتحم مسلحون مركز الشرطة بالأسلحة الثقيلة، وقتلوا مأمور المركز ونائبه و12 ضابطًا وفرد شرطة، وهى الواقعة التى عُرفت إعلاميًا بـ«مذبحة كرداسة»، كما تعرّض عدد من أقسام ومراكز الشرطة إلى الاقتحام، ومنها اقتحام قسم شرطة الوراق وإشعال النار به، والاستيلاء على الأسلحة النارية الميرى.

وعقب نجاح الأجهزة الأمنية فى فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، تكونت عدة خلايا إرهابية ونفذ عناصرها العديد من العمليات الإرهابية التى استهدفت رجال الشرطة، مما أسفر عن استشهاد عدد كبير من الضباط والأفراد، ونجحت وزارة الداخلية فى إسقاط عدد كبير من تلك الخلايا، وشملت اعترافات أفرادها أن عددًا منهم تواصلوا مع بعضهم خلال مشاركتهم فى اعتصامى رابعة والنهضة.

ووصل عدد شهداء الشرطة خلال الشهر الذى شهد أحداث رابعة والنهضة 114 شهيدًا، منهم 30 ضابطًا و82 مجندًا وفرد شرطة وموظف مدنى واحد وخفير، كانوا أشبه بـالدم اللى طهّر شوارع مصر.

استشهاد ضباط الداخلية

ومن أوائل الضباط الذين استشهدوا خلال الأحداث النقيب شادى مجدى، ضابط عمليات خاصة بقطاع الأمن المركزى؛ حيث أصيب بطلق نارى أدى إلى استشهاده فى الحال، ويُعَد من أوائل شهداء الشرطة خلال تلك الأحداث.

والد الشهيد كان قد ذكر عقب استشهاده أن ابنه كان يتمنى الشهادة؛ حيث كان يبذل جهدًا كبيرًا فى عمله، وشارك فى العديد من المأموريات الأمنية الصعبة، حتى استشهد خلال أحداث رابعة، تاركًا خلفه ابنته «فريدة».

واستشهد الملازم أول محمد محمود عبدالعزيز خلال أحداث فض اعتصام ميدان النهضة؛ حيث أصيب بطلق نارى واستشهد على أثره، وذكر قبل استشهاده أنه من الضباط الذين كانوا فى الصفوف الأولى لقوات الشرطة؛ حيث شاهد أحد الأشخاص من بين المعتصمين وبحوزته سلاح نارى؛ حيث رفض إطلاق النار عليه، بسبب أنه كان بصحبته زوجته وطفل آخر، إلا أن المسلح وجّه السلاح نحوه وأطلق النار عليه مما أسفر عن إصابته، وتم نقل الشهيد إلى مستشفى الشرطة؛ لإجراء عملية جراحية له؛ إلا أن حالته الصحية تدهورت وفارق الحياة.

ثورة 30 يونيو

فى مقابل الاعتصام الدموى لجماعة الإخوان الإرهابية.. خرج ملايين المصريين فى جميع المحافظات صباح يوم 30 يونيو فى أعظم مشهد فى تاريخ مصر رافضين حُكم الجماعة الإرهابية..خرج المصريون بجميع طوائفهم وأعمارهم، خرجوا فى  ثورة شعبية عارمة فى ميادين ومحافظات مصر المختلفة مُعَبّرين عن غضبهم من حُكم الإخوان، وما أنتجه من مخاطر عديدة على هوية الدولة المصرية ومؤسّساتها ومقدّراتها، فكانت 30 يونيو بمثابة تصحيح لمسار ثورة 25 يناير 2011 التى أتت بحُكم الإخوان بعد انتخابات الرئاسة التى أجريت عام 2012، ورفضًا لسعى الإخوان ونظام المرشد إلى «أخونة» مؤسّسات الدولة والتحكم فيها؛ لتكون تلك الثورة بداية تصحيح مسار الربيع العربى.

وقتها التف المصريون حول الجيش والشرطة لإنقاذ مصر من قبضة الإخوان الذين ارتكبوا العديد من الأخطاء الفادحة ضد الدولة فى كل المجالات السياسية والدستورية والقانونية والاقتصادية خلال عام واحد من وصولهم إلى الحُكم، وأصبح نظامهم يشكل تهديدًا للسلم والأمن العام فى المجتمع، وشكّل انحياز القوات المسلحة والشرطة لإرادة الشعب عاملا محوريًا فى سرعة الحسم وإنهاء حُكم الإخوان، بعزل الرئيس الراحل محمد مرسى، وتصنيف جماعة الإخوان على لائحة التنظيمات الإرهابية، لتبدأ بعدها الدولة المصرية مرحلة انتقالية رُغْمَ صعوبتها، لكنها اجتازتها بنجاح رُغْمَ التحديات الأمنية والاقتصادية.

السياسة الخارجية

ثورة 30 يونيو جاءت لإنقاذ مصر وليس كما يروج البعض أنها عكس ذلك وأنها استهداف وتربص بالجماعة الفاشية، فكانت لها أسبابها التى لا تخفى على أحد وانتهت بانفجار الشارع بعد عام من اختطاف الوطن، ونذكر منها على سبيل المثال، فعلى مستوى السياسة الخارجية فشلت الزيارات المتعددة التى قام بها مرسى شرقًا وغربًا فى فتح آفاق التعاون البنّاء بين مصر ودول عديدة فى العالم، وبات واضحًا أن علاقات مصر الخارجية تقزمت فى دول بعينها تدعم حُكم الإخوان فى مصر.. وتراجعت علاقات مصر بدول محورية عديدة؛ وبخاصة فى العالم العربى.

العلاقة بين أبناء الوطن الواحد

 رسّخ حُكم مرسى على مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسّم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامى الذى يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلًا واحدًا على هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف فى أغلب الأحيان بــ «العلمانى». وبدلاً من أن يتفرغ الشعب للعمل والإنتاج؛ اتجه إلى التناحر والعراك بين التأييد والرفض.

عمل حُكم مرسى وبسرعة كبيرة على ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رُغْمَ تنامى الشعور المُعادى له من يوم لآخر.

الدفاع والأمن

افتعال الأزمات الرامية إلى تشتيت جهود الأمن والحد من اكتمال البناء الأمنى، وكانت أبرز المَشاهد إحياء ذكرى أحداث محمد محمود، واستاد بور سعيد، وإحداث قلاقل أمنية من آن لآخر بالعديد من المحافظات؛ خصوصًا بور سعيد والسويس.

إصدار العديد من القرارات والإعلانات الدستورية التى تسببت فى زيادة الضغط الشعبى على الجهاز الأمنى بالخروج فى مظاهرات عارمة إلى الاتحادية والتحرير، فشهدت مصر أول حالة سحل لمواطن على مرأى العالم أجمع.

الإفراج عن سجناء جهاديين من ذوى الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية متطرفة تستمد العون من أنفاق التهريب مع قطاع غزة التى حظيت بكل الدعم والحماية من رئيس الدولة ذاته، نفذت هذه الجماعات فعلاً خسيسًا بالإجهاز على 16 شهيدًا من الأمن وقت الإفطار فى رمضان، وبعد أشهُر تم اختطاف سبعة جنود قبل أن يُفرج عنهم بفعل حشود الجيش لتعقب الإرهابيين، وتدخل جماعة الرئيس للإفراج عن الجنود. فضلًا عمّا تكشف بعد إقصاء هذا الرئيس من كون هذه الجماعات الإرهابية السند لجماعة الإخوان فى حربها الإرهابية ضد الدولة.

الأمن الغذائى والخدمى

استمرت الأزمات الغذائية، والارتفاع المتواصل فى أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومى يسعى لوقف جشع التجار، رُغْمَ سعى الحُكم إلى تحسين منظومة توزيع الخبز، وعبوات البوتاجاز.

تكررت وبشكل متواصل أزمات البنزين والسولار، بما أثر على الحركة الحياتية للمواطن، وانعكس ذلك على الانقطاع المتكرر للكهرباء.

بدا واضحًا اتجاه الحُكم لاستخدام المنظومة التموينية لخدمة أغراضه الانتخابية، ومحاولة كسب شعبية عبر التلاعب بالحصص التموينية.

القضاء والثقافة والفنون والآداب

اتجاه واضح نحو تغيير هوية مصر الثقافية، والعمل على ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءًا من منع عروض الباليه بدار الأوبرا، إلى إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحُكم.

وعلى مستوى التعامل مع ملف القضاء والحريات كان هناك افتعال أزمات متتالية مع القضاء، بدءًا من إقصاء النائب العام، إلى محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قِبَل أنصار الرئيس، ثم محاولة تحجيم دورها فى دستور ديسمبر 2012، فإصدار إعلانات دستورية وقرارات تمس بالسلب القضاء والحريات العامة ومؤسّسات الدولة، تسببت فى إثارة  غضب الرأى العام، الذى عبّر عن ضيقه بإحراق مقار لحزب الرئيس، فعاد الرئيس عن بعض إعلاناته وقراراته، ومضى فى أخرى مما تسبب فى زيادة الحنق الشعبى عليه وعلى جماعته.

استمرت الأزمات بين القضاء والرئاسة؛ حيث قضت محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرار تنظيم الانتخابات البرلمانية، فكان أن رفعت جماعة الإخوان شعار تطهير القضاء، والعمل على سن تشريع يقضى بتخفيض سن التقاعد للقضاة ليقصى عدة آلاف منهم ليحل بدلاً منهم أنصار الحُكم.

وكانت الضربة الأخيرة التى سددها القضاء للرئيس المقصى هى الإشارة إليه بالاسم وعدد كبير من قيادات جماعته بالتعاون مع حماس وحزب الله فى واقعة اقتحام سجن وادى النطرون.

الاقتصاد والمال

تراجع معدلات النمو.. زيادة الدين العام.. تآكل الاحتياطى النقدى.. تهاوى مؤشرات البورصة.. تراجع تصنيف مصر الائتمانى.. كلها مؤشرات تعكس انهيار الاقتصاد فى حُكم جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تعرف سوى الخراب والفشل الذى استشرَى فى جسد الدولة كالسّرطان.