الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. الحوار الوطنى يسعى لضمان حق المصريين فى المعرفة .. قانون تداول المعلومات.. حق إنسانى وسلاح ضد الشائعات

حقك.. الحوار الوطنى يسعى لضمان حق المصريين فى المعرفة .. قانون تداول المعلومات.. حق إنسانى وسلاح ضد الشائعات

شهدت جلسة لجنة حقوق الإنسان بالحوار الوطنى حوارًا جادًا وفعالًا شاركت فيه كل التيارات حول قانون تداول المعلومات، نحن أمام خطوة جديدة تقربنا من صدور القانون المنتظر، سبقتها خطوة أهم وهو النص على صدور القانون فى متن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى سبتمبر 2021م، حيث تطرقت الاستراتيجية فى المحور الأول، النقطة الخامسة «حرية التعبير»، إلى إصدار قانون لتنظيم حق الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات الرسمية وتداولها.



 

وعلى الرغم من أن المطالبة بالقانون جاءت فى الأساس من الجماعة الصحفية، إلا أن المواطن العادى هو أكبر المستفيدين من صدور القانون لأنه يعزز من مناخ الشفافية فى المجتمع ويضمن استدامة أدوات المحاسبة والرقابة، كما أنه يعزز من قدرات الدولة الرقمية مع إتاحة المعلومات للكافة، وإشارة بالغة الدلالة على التزام الدولة المصرية بنصوص دستور 2014 وبتعهداتها الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، ويؤكد أن الجمهورية الجديدة عازمة على ضمان الحق فى المعرفة لكل المصريين.

فى السابق كانت حرية تداول المعلومات تواجهها العديد من العوائق، بداية من عدم وجود قانون يُلزم جهات الدولة بالسماح بنشر المعلومات بشكل استباقى، مرورًا برفع الوعى بخصوص أهمية تداول المعلومات والخطوات المطلوبة، للحصول عليها، وصولًا إلى تعديل مواد عدد من القوانين داخل البنية التشريعية تتعارض مع فكرة تداول المعلومات.

ونص الدستور فى المادة 68 على أن «المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها، وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها، وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا، وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقًا للقانون.

انطلق النص الدستورى من فكرة حق الحصول على المعلومات، وهو حق أساسى من حقوق الإنسان، وشرط ضرورى لوجود الديمقراطية التشاركية، التى تمكن الأفراد من المشاركة فى اتخاذ القرارات العامة، والتى تؤثر بشكل مباشر على حياتهم، كما تعتبره الدراسات الحقوقية إحدى أدوات محاربة الفساد، من خلال وضـع أسـس لمبادئ المكاشفة والمحاسبية والقضاء على نزعات السرية والكتمان وإدارة القطاعـات الحكومية والمؤسسات القومية، ولقد قامت العديد من الدول بتشريع قوانين لحرية تداول المعلومات، وتـم إقـرار قـوانين الوصول إلى المعلومات فى أكثر من 90 دولة، بحيث تسمح هذه القوانين للمواطنين، بتقديم طلبـات للحصول على المعلومات العامة.

وبخلاف الوظيفة الأساسية للقانون وهو توفير المعلومة للمواطن، هناك وظيفة أكثر أهمية وهى محاربة الشائعات بالإفصاح عن المعلومة الصحيحة فى توقيتها المناسب، والحقيقة أن مصر قطعت شوطًا لا بأس به فى ذلك الإطار وكان واضحًا حرص الدولة المصرية على توفير المعلومات الصحيحة خلال فترة مواجهة انتشار فيروس كورونا، فكان التدفق للمعلومات سريعًا ومناسبًا لخطورة الحدث وأعطى كثيرًا من الثقة فى أداء الحكومة ومكن المصريين من الاطمئنان للإجراءات المتبعة.

المعلومة هى السلاح الأقوى فى مكافحة الشائعات، ومصر من الدول التى تعانى من حرب ممتدة سلاحها الشائعات، فهى تتعرض شهريًا لحوالى 30 ألف شائعة تستهدف كل مجالات الحياة، هدفها نشر الإحباط والتقليل من شأن ما تشهده مصر من إنجازات فى مجالات عدة، وتنشر وسائل التواصل الشائعات على نطاق واسع يوميًا وركزت مؤخرًا على قطاع الاقتصاد فى محاولة للتضييق والضغط الاقتصادى على مصر، سلاح الشائعات هو أخطر ما يمكن أن يواجه الدول الساعية للنمو فيما تستغل الجماعات المخربة حالة الطلب على المعلومة حينما تتأخر البيانات الرسمية وتغيب المعلومة الصحيحة لنشر شائعاتها والتأكيد على صحتها ورسم صورة مزيفة عن الأوضاع تخدم أهدافها التخريبية.

العالم يتعامل مع حرية تداول المعلومات باعتبارها من أهم المعايير والمواثيق الدولية وتم إعلانها حقًا أساسيًا فى الجلسة الأولى للجمعية العمومية للأمم المتحدة فى القرار رقم 59 /1946، الذى نص على أن حرية الوصول للمعلومات حق إنسانى ويعد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان هو الوثيقة الأكثر أهمية فيما يتعلق بالحقوق الأساسية للأفراد حيث نصت المادة 19 من الإعلان على التزام الدول بكفالة الحق فى حرية التعبير، ويشمل ذلك الحق فى حرية الاحتفاظ بالرأى دون أى تدخل، وبحث المعلومات وتلقيها ونقلها والأفكار أيضًا، من خلال أى وسيلة إعلام، وبغض النظر عن الحدود، بما لا يهدد الأمن القومى للبلاد أو حالة السلم الداخلى .

وفى عام 1993 قامت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتأسيس مكتب مقرر اللجنة الخاص بحرية التعبير، وفى تقريره السنوى عام 1998 صرح المقرر الخاص بحرية الرأى والتعبير بوضوح، أن الحق فى حرية التعبير يتضمن الحق فى الحصول على المعلومات، التى تحتفظ بها الدولة، وأن حق البحث والتسلم ونقل المعلومات يفرض التزامًا إيجابيًا على الدول لضمان الوصول إلى المعلومات وبخاصة فيما يتعلق بالمعلومات التى تحتفظ بها الحكومة بكافة أشكال أنظمة الحفظ والاسترجاع، وتوسع المقرر الخاص بشكل كبير فى رؤيته لحرية المعلومات فى تقريره السنوى 2002م، حيث أشار إلى أهميتها الأساسية ليس بالنسبة إلى الديموقراطية والحرية فحسب بل للحق بالمشاركة وتحقيق التنمية .

واهتمت المؤسسات الدولية الرسمية وغير الرسمية بهذه المسألة، وتزايدت الدعوة إلى نشر المعلومات بطريقة سهلة ومبسطة، فنصت (المادة13) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، على أنه لتدعيم مشاركة المجتمع ينبغى: اتخاذ التدابير اللازمة، لتعزيز الشفافية فى عمليات اتخاذ القرار وتشجيع إسهام الناس.

أما على المستوى الإقليمى، ففى عام 2002 تبنت اللجنة الإفريقية المتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب إعلان مبادئ يتعلق بحرية التعبير فى نطاق القارة حيث يصادق الإعلان بوضوح على حق الحصول على المعلومات التى تحتفظ بها الجهات العامة.

ومصر لديها مشروع قانون أعده المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عام 2017، وهو مشروع يمكن البناء عليه بعد انتهاء النقاش حول القانون فى الحوار الوطنى والتوافق على نقاط الاتفاق والاختلاف، والأهم أن يترافق مع صياغة القانون الجديد تنقية بعض القوانين، التى تمس حق تداول المعلومات، وحريتها والنظر فى إنشاء آلية قانونية، لتنظيم حصول الأفراد على المعلومات مع مراعاة الحقوق المرتبطة بتداول المعلومات، وحق الوصول إليها، والعدالة الرقمية، وحماية الهوية الرقمية ومتطلبات الأمن الرقمى القومى.

النقاش حول قانون حرية المعلومات فى الحوار الوطنى وحالة الزخم الموجودة حوله تشير إلى رغبة مجتمعية فى صدوره واتفاق على أنه يحقق مصلحة حقيقية ويقدم مساهمة فعالة تضمن لمصر تقدمًا فى مجالات عدة ويضعها على طريق التحول إلى قوة رقمية كبيرة فى عالم يتحول بسرعة إلى عصر معلوماتى غير مسبوق .