زينب حمدي
الفهامة.. الحوار الوطنى والثقافة
مجتمعٌ بلا ثقافة لا يمكن أن يجرى فيه أى حوار.
وفى رأيى أن القائمين على الحِوار أدركوا أهمية الثقافة، ولهذا تم تخصيص جلسة للثقافة فى أولى جلسات الحِوار الوطنى.. وجعلها الجلسة الثانية بعد جلسة الحِوار السياسى، وهو شىء محمودٌ وجيدٌ، ويدل على تقدير المسئولين عن الحِوار الوطنى لأهمية الثقافة، وإن كنت أرَى أنها كانت تسبق جلسة الحِوار السياسى، فأى حِوار سياسى من دون حقوق الإنسان ونبذ العنف فى المجتمع وتحقيق المساواة ونبذ التمييز لن يؤتى الثمار المرجوة منه.. مجتمعٌ بلا ثقافة يسوده التمييز والعنصرية وعدم تقبُّل الآخر مجتمعٌ أعرجٌ أمىٌ وتسوده الجريمة والعنف.
الثقافة هى التى تبنى المجتمعات وتنشر القيم والعادات الحميدة التى تحمى المجتمع وتؤسّس للعدالة والمساواة وتعمل على ترسيخ مفهوم حقوق الإنسان والحريات.. فالثقافة مفهومها أكبر من التعليم وتحمى المجتمع من العنف القائم على النوع سواء بين الرّجُل والمرأة وأيضًا العنف الأسرى والعنف القائم على النوع الاجتماعى، وتضمَّن أيضًا المساواة فى الحقوق وقوانين العمل التى تمنع التمييز بين الجنسين فى بيئة العمل والمساواة بينهما، فالتمييزُ لا يكون فقط ضد الزوجة؛ بل المرأة بشكل عام العاملة والموظفة.
وهو ما أكدته كل الدساتير وقوانين الأحوال الشخصية وقوانين الأسرة وقوانين العمل، وقد أحال بالفعل مجلس النواب فى فبراير 2022 مشروع قانون لإنشاء مفوضية عدم التمييز إلى لجنة حقوق الإنسان لدراسة القانون وحتى الآن لم يظهر القانون إلى النور!.
غياب تفعيل القوانين التى تمنع التمييز والتنمر وتعمل على تحقيق المساواة والحريات يؤدى إلى شعور أفراد المجتمع بالحرمان وفى الأغلب يتحول هذا الحرمان إلى العنف ضد الآخر وانتشار نسب الجريمة، وقد وجد الباحثون أن معظم مرتكبى الجرائم ضحايا للتمييز والعنف والظلم والقهر والحرمان.. وتطبيقها يؤدى إلى شيوع السعادة فى المجتمع وسيادة الأمن والأمان.
وننتظر أيضًا التطرق إلى دَور الإعلام بالقدر الكافى والدراما فى منع التمييز والتنمر، فبرامج التمييز سواء ضد الرجُل أو المرأة لا تزال يتم بثها عبر الشاشات وتأخذ ترند متناسين أن الله سبحانه وتعالى سَوّى بين الرجُل والمرأة وجعل الرجُلَ أكبر درجة واحدة بما أنفق وبرعايته لأسرته، والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان يساوى بين زوجاته ويقوم بمساعدتهن فى أعمال المنزل وهن لم يكن يعملن وكان يحافظ على شعورهن حتى من الغيرة.
والدراما ما زالت تؤسّس للتمييز والتنمر وعدم المساعدة بطريقة فجة، والشاهد مسلسلات رمضان تجدها تقوم على التمييز والتنمر على الزوجة والمرأة عمومًا والتقليل من شأنها فى المجتمع ومنعها من أبسط حقوقها الإنسانية؛ لأن الزوج لديه مشكلة نفسية وهى ضياع وَلده والتى قامت بخطفه وحرمانه منه إحدى زوجاته للانتقام منه لإحساسها بعدم الأمان والتمييز والتنمر عليها سواء منه أو من أمّه.
وللأسف هذه المسلسلات تأخذ الترند عند المشاهدين ويصبح البطل هو رجُل القدوة للرّجال والشباب!
الفهم طريق الحرية.