الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. فى عشرية «30 يونيو»: «مشاهدات مراسل أجنبى فى مصر» بين عامى 2012 و2013 ..  المضحكات.. المبكيات فى حكم «الجماعة المارقة» لمصر (1)

الطريق الثالث.. فى عشرية «30 يونيو»: «مشاهدات مراسل أجنبى فى مصر» بين عامى 2012 و2013 .. المضحكات.. المبكيات فى حكم «الجماعة المارقة» لمصر (1)

تبقى ذكرى هذه الأيام المثيرة (أيام يونيو) فى تاريخ مصر الحديث عالقة فى أذهان من عاصروها، راسخة فى الوجدان الجمعى للأمة المصرية، التى أعلنت قبل عشر سنوات تمردها على حكم الجماعة المارقة، ورفضت توغلها فى جسد الدولة وهيمنتها على أركان الحكم تمهيداً لتأسيس ديكتاتورية دينية مقيتة، فأعلن الشعب المصرى فى 30 يونيو من عام 2013 تحديه لمشروع «الإخوان المسلمين» فى مصر وكل دول العالم، وانطلقت ثورته الغاضبة فى كل ربوع الوطن إيذانا ببدء محاربة هذا السرطان الفكرى الذى أفسد الحياة السياسية المصرية منذ عشرينيات القرن الماضى، إلى أن هب الشعب المُعلم يسانده الجيش الوطنى لتخليص البلاد من هذا الشر المتجذر، لتنجح ثورة المصريين فى تحرير الوطن المختطف، وتدفعه لينطلق نحو مستقبل واعد يشيد جمهوريته الجديدة، دولة ديمقراطية مدنية حديثة. 



 

مراسل أجنبى.. مصرى

وتحتفظ ذاكراة الأمة للأجيال بما سجلته من شهادات المعاصرين باختلاف مواقعهم من الأحداث وعلاقتهم بها، لعلها تدرك حقيقة ما حدث من جميع زوايا الرؤية، قبل أن يخفيها طوفان التشويه الذى تحركه أيادى العابثين والمخربين، الطامحين لإعادة كتابة التاريخ وفق أهوائهم.

ولهذا عقدت العزم، وخلال الأسابيع القادمة من شهر يونيو، أن ألخص فى حلقات متتالية أهم فصول كتابى «حركة شباب: مشاهدات مراسل أجنبى فى مصر»، الصادر عام 2019، أرصد فيها بعض اللحظات الكاشفة خلال المرحلة السابقة لنهاية حكم الاخوان خلال عامى 2012، 2013 والتى سجلتها بقلمى بأسلوب ساخر، وكنت شاهداً عليها رصدتها بحماس ونشرتها (فى زمانها) على مدونتى الشخصية وبعض المواقع والصحف المصرية والعربية دون اكتراث لأى عواقب، وهو ما سبب لى بعض المشاكل والضغوط فى حينها، ربما يأتى يوم وأحكى تفاصيلها كاملة فى شهادة أخرى، وكتاب جامع لتجربتى الصحفية التى امتدت لأكثر من عشر سنوات فى كبرى الصحف العربية والدولية، صحيفة «الشرق الأوسط»، سعودية التمويل والإدارة ولندنية المنشأ والمركز، وقد كنت فى هذه الفترة المهمة من تاريخ المنطقة، مديراً لمكتبها فى القاهرة.

 برطمان الإخوان

وأستهل بما ذكرته فى مارس من عام 2012 عن «برلمان الإخوان» والذى وصفته بـ«البرطمان»، فقد كان أضحوكة العالم قبل أن تريحنا المحكمة الدستورية منه بعدها بثلاثة أشهر بحكمها التاريخى بعدم دستورية طريقة انتخاب ثلث أعضائه المستقلين، وتحت عنوان خليفة «البقرة الضاحكة»، كتبت: 

كل شىء جائز فى حديقة «البرطمان المصرى» فى شارع قصر العينى، وهذه تختلف عن حديقة «الحيوان» فى الجيزة اختلافا جذرياً، حتى لو تشابهت أسماء الشخوص فظهر حمار هنا أو هناك.. وفى المجاز اللغوى كل شىء جائز حتى إنجاب العجائز.. والمعنى فى بطن الشاعر.. وهذا الشاعر غير الحاج أكرم الشاعر «أبو مصعب».. يجعل كلامى خفيف عليه هو وقبيلته من فصيلة «الإخوان» النادرة والقادرة على أن تجبرنى أن أعتذر.. وأبدى الندم.. وما أنا بزياد.. ولست من الغنم.. ولا أنا ممن قالوا لا لـ«الإخوان» وتابوا على صخرة «نعم».

وبعد هذا السجع المرسل.. الذى يشبه حوار الطرشان فى حديقة البرطمان، فجأة اعتذر الفتى الجبان إلى عميد فقهاء «البدنجان».. «الألعوبان».. يجعل كلامى ظريف عليه وعلى كل «أشكيف» حسان.. وكان مشهد الاعتذار مثيرا ومؤثرا.. وممتلئا بالحنان.. خاصة بعد أن هم به وكاد يقبله.. قبلة فرنسية.. غير أن فضيلته ابن الجنّيّة رفض.. وانشغل الجمع بأهل الطاعة والسمع.. وسقط الدمع.. بفعل دراما البرطمان التى حققت نسب مشاهدة تتفوق على مسلسلات رمضان.

 أطول شهر عسل فى تاريخ الإنسانية

وفى اليوم المشئوم الذى احتفلت فيه الجماعة بنصر أكتوبر على طريقتها فى استاد القاهرة، وتحت عنوان «خناقة الكرسى»، كتبت فى أكتوبر 2012: 

نعيش لحظة عامية (من العمى)، ضاع فيها البصر.. وماتت البصيرة، ورجعنا لزمن غلق الأبواب وكتم الأنفاس، مصر ترجع إلى الخلف والمصريون سيدخلون إلى الحظيرة، كأنه وعد ومكتوب على هذا البلد.

مصر عادت.. على رأى الست فيروز.. لكن عادت هنا مختلفة.. عادت لتعيش فيلما سينمائيا قديما شاهده كل المصريين.. إلا من كانوا فى السجون أو من حَرّموا مشاهدة الأفلام باعتبارها رجسا من عمل الشيطان. 

أكتب اليوم عن مصر التى فى «جيب المرشد»، وللأسف هو مش واخد باله إن جيبه «مخروم»، و«الخرم كبير» وتحاشيا للدخول فى سكة الندامة بتسمية هذا «الخرم» وتعريفه فإننا نتركه لذكاء من يقرأ.

وأما بعد.. فإن مسكنات الوعود فى المرحلة الانتقالية ومن بعدها المرحلة الإخوانية بالتحويجة (القطرو – أمريكانية).. كلها أمور منعتنى تأدبا واحتراما من الخوض فى الأعراض والتلميح والتصريح بكلام أبيح.. عن أفعال فاضحة تمارس مع وطنى الحبيب الجريح.

ووقفت ومعى الملايين.. منتظرين.. أن يمر أطول شهر عسل فى تاريخ الإنسانية.. شهر عسل 100 يوم.. وها هو قد انقضى وخرج علينا عريس الزور فى حشد من الجمهور.. وفضح عروسه على الملأ وأثبت أنه راجل عليها.. ولف فرحان بالطفطف يحيى مريديه وأتباعه.. ثم دخل فى الدهليز ومنه إلى سرداب النوم وأغلق على نفسه بالترباس كى يقبض على بلبل النهضة قبل أن يطير. 

وفى لفة الوداع، والتى أسعدنا الحظ أن تكون فى ستاد القاهرة احتفالا بالريس مرسى وهو بيمثل فيلم «الميكرفون لا يزال فى إيدى»، وهو ما أكد بالدليل القاطع على احترام الجماعة للفن التجريدى، وكان من ضيوف الحاج مرسى وجماعته فى فرح العمدة وإنجازاته فى الميت يوم، الحاج عبود قاتل السادات الذى ظهر فى ذكرى احتفال مصر بيوم صنعه السادات رحمه الله، وبسواعد رجال الجيش المصرى البواسل، ما أعظمها من مفارقة أن يشرف الحفل ويحييه «القاتل»، ولكن لماذا الدهشة وقد أصبح يحكم مصر.. مسجون هارب من محبسه.

و«كم ذا بمصر من المضحكات»، على رأى عمنا المتنبى، والتاريخ المصرى الحمد لله عامر بما لذ وطاب، يعنى من الآخر إحنا اللى جيبنا العبيد وركبناهم كرسى الحكم، وأسسنا «دولة المماليك»، ودى بقى عاشت قرونًا تحكم مصر، ولأن حاضرنا ابن هذا التاريخ، ومستقبلنا سيكون حفيدا له، فلا يأخذكم العجب إن خرج جمال مبارك ذات يوم ليرشح نفسه فى انتخابات الرئاسة القادمة، لنستكمل حلقات التاريخ وتبقى مصر تحت حكم دولة «رد السجون»، وخلى القرون علينا إحنا.

 دقن الأستاذ.. يا.. يعيش

وعن انتخاب القيادى الإخوانى الدكتور سعد الكتاتنى رئيسا لحزب الإخوان، كتبت فى 25 أكتوبر 2012 تحت عنوان: الكتاتنى ودقنه و«هولزه»، قائلاً: 

أطل علينا الزعيم «الكتاتنى» رئيس حزب الحرية والعدالة فى الـ«اللوك» الجديد – علامة الجودة عند الإخوان – والذى يعتمد على اللحية المهذبة الخفيفة التى كانت سبب تفضيلهم للدكتور هشام قنديل كرئيس للوزراء، ليحاكى بها شيخ مشايخ الرئاسة المصرية عمهم وتاج رأسهم الدكتور العياط. 

وقد كانت إطلالة اللحية مفاجئة، لرجل كان قبل أسابيع قليلة «حليق» ومن مدمنى استحلاب أقراص النعناع الشهيرة بـ«الهولز» ومن عشاق ركوب الـ«بى إم دبليو»، وكان أيضا «يستظرف» كثيراً ويضحك هو ومريدوه على ما يقوله من نكت إخوانية «ثقيلة الظل». 

وحتى لا أتهم بالتفاهة من عيل سليط أو خروف عبيط، فإنى أود أن أوضح فقط أن قرون استشعارى تقول إن هناك مبررا قويا وراء هذا التغير، فلقد علمتنا الأيام مع هذه الجماعة المريبة، أنه لا شىء يتم هكذا عشوائيا، فلا يملك العضو – لا مؤاخذة - أن يربيها أو يحلقها وفق هواه الشخصى، فالكتاتنى لم يفعل فعلته هذه إلا بعد أن جاءه أمر من مكتب إرشاده بحتمية إطلاقها.

ويبقى السؤال لماذا ظلت دقن الكتاتنى حليقة وهو على مقعد رئيس مجلس الشعب إبان حكم المجلس العسكرى، ولماذا أطلق لحيته بعد أن أصبح مرسى رئيسا، وخلا منصب رئيس حزب الحرية والعدالة وترشح هو ضد العريان - اللى سايب دقنه من زمان - وانتصر عليه وهزمه بالدقن وأصبح هو رئيس الحزب؟

على من يجد إجابة أن يرسلها لى فورا.. يمكن أفهم وارتاح. وسبحان مغير الدقون.

وعلى رأى المثل اللى خدته القرعة تاخده أم الدقون.

ودقن الأستاذ.. يا.. يعيش.. يعيش..

ونكمل الأسبوع القادم إن شاء الله