الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«الزبدية والصديقة وألفونس والعويسى» الأكثر تأثرًا وإنتاج الصعيد يعوض الخسائر صيف بلا مانجو المناخ يزلزل عرش ملك الفاكهة

محصول المانجو
محصول المانجو

ألقت الآثار السلبية للتغيُّرات المناخية ظلالها على محصول المانجو الذى تعرض لخسائر بسبب التقلبات الحادة والرياح الشديدة التى شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية، خصوصًا أنواع الأشجار الكبيرة مثل ألفونس والزبدية والعويسى.. ما نشره عدد من المزارعين عبر مواقع التواصل طرح تساؤلات حول مصير موسم المانجو هذا العام، حيث أكد المختصون أن مصر تمتلك 300 ألف فدان مزروعة بأشجار المانجو، ونسبة المحصول المتضرر من التغيُّرات المناخية ضئيلة مقارنة بإجمالى المساحة المزروعة، وبالتالى لن يؤثر على موسم المانجو التى تتعدد أنواعها وتتسع مساحاتها.



 

وقالوا فى تحقيق أجرته مجلة «روزاليوسف»: إن محافظة الإسماعيلية تأثرت بنسبة ٪30 من أصل 120 ألف فدان من المانجو، بينما بلغت نسبة الضرر فى المحافظات الأخرى ٪10 من أصل 200 ألف فدان مانجو؛ ومن ثم فإن الأمر لن يمثل أزمة فى موسم المانجو خلال صيف 2023، خصوصًا أن إنتاج الصعيد من المانجو لم يتأثر ومن ثم يمكن أن يعوض النقص الناتج عن أضرار الإسماعيلية والوجه البحرى.

وشددوا على أهمية إقامة عواكس لأشعة الشمس، وإنشاء أسوار حول المزارع لمواجهة الرياح، مع الاعتدال فى استخدام الأسمدة والرى الأمر الذى من شأنه أن يحمى المحاصيل الزراعية من التقلبات المناخية. 

اكتفاء ذاتى 

فى السياق نفسه،  يوضح حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، أن مصر تمتلك نحو 300 ألف فدان من أشجار المانجو، من بينها حوالى 280 ألف فدان أشجارًا مثمرة، وتنفرد محافظة الإسماعيلية بنحو 120 ألف فدان مانجو، أى ثلث المساحة المزروعة فى مصر تقع بمحافظة الإسماعيلية، لكن تعرض بعض محصول هذا العام إلى التغيُّرات المناخية لن يمثل أزمة فى السوق المحلية، وستشهد وفرة فى كميات المانجو، إلا أن كميات التصدير قد تقل.

ويؤكد أن مصر لديها اكتفاء ذاتى من المانجو يصل إلى ٪100، ونسبة المحصول المتأثر قليلة، حيث تأثرت محافظة الإسماعيلية بنسبة ٪30 من أصل 120 ألف فدان من المانجو، بينما بلغت نسبة المحافظات الأخرى ٪10 من أصل 200 ألف فدان مانجو. 

ويضيف: «عادة تتعرض الأشجار الطويلة للكسر من شدة الرياح، بينما الأشجار القصيرة تتحمل التغيرات المناخية، وتنتج المانجو الكيت والكنت، إلا أن  المانجو ألفونس والعويسى تعد من أكثر الأنواع المتضررة من التغيُّرات المناخية، ومن المتوقع أن تشهد نسبة زيادة فى أسعارها مع اقتراب موسمها على أن يصل سعر الكيلو للمانجو ألفونس إلى 100 جنيه، فى حين يبلغ سعر الكيلو من المانجو العويسى 70 جنيهًا، بينما المانجو الزبدية والتمور لم تتأثر بالتغيرات المناخية كثيرًا، وبالتالى لن تتعرض لزيادة فى أسعارها على أن تتراوح بين 40 إلى 50 جنيهًا للكيلو الواحد».

ويشير إلى أن المانجو المتضررة  من التغيُّرات المناخية أصبحت تالفة، ولا تصلح لأى استخدام، لا يمكن الاستفادة منها، فى بعض الأحيان تكون حماية المحاصيل الزراعية من التغيرات المناخية  أمرًا مستحيلًا، ويمكن الاستعداد لها على المدى القصير عن طريق الالتزام برعاية المحاصيل بالأسمدة والرى المعتدل، واستخدام التسميد المناسب حتى لا تكون الشجرة ضعيفة، وكذلك عمل أسوار حول المزارع لمواجهة الرياح، بالإضافة إلى إقامة عواكس لأشعة الشمس فى حالة ارتفاع الحرارة، ورش الأشجار بالمياه، أما على المدى الطويل فيكون عبر زراعة أصناف تتحمل التغيرات المناخية». 

ذائقة المستهلك 

من جهته يوضح المهندس الزراعى شريف عبدالرازق، أن الفاكهة البستانية مثل الخوخ والمشمش والليمون والمانجو تعتبر أكثر عرضة للتأثر بالتغيُّرات المناخية والتقلبات الجوية، والطبيعة لا تعاند، وفى التوقيت الذى تعرضت فيه أشجار المانجو إلى بعض الظروف الجوية الصعبة التى أدت إلى سقوطها وهى لم تصل إلى مرحلة النضج وبالتالى فهى لا تصلح للاستخدام فى هذه الفترة، ومن المؤسف أن نجدها فى السوق، لأن ذلك سيؤثر على ذائقة المستهلك ومن الممكن أن يعزف عن شرائها لفترة طويلة.

ويضيف إن المانجو الزبدية والصديقة من أكثر أنواع المانجو التى تأثرت بالتغيُّرات المناخية خلال الفترة الماضية، وذلك يرجع إلى ثقل حجم ثمرتها، بالإضافة إلى أعناقها التى لا تتحمل الرياح، إلا  أن مزرعته بالجيزة لم تتأثر كثيرًا بتقلبات المناخ نتيجة تدعيمها  بشبك النت، الذى يتم تركيبه على تكعيبات خشبية مع وجود أسلاك، توضع فوق شجر المانجو من أجل حمايتها من أشعة الشمس وتقلبات الطقس، إلا أن تكلفتها المرتفعة تجعل البعض يعزف عن استخدامها.

ويؤكد أن الخسارة ليست كبيرة، لأن تقلبات المناخ نالت القليل من المناطق، فهناك العديد من المحافظات التى لم تتعرض لتلك الرياح، وتتمتع بمحصولها الطبيعي، وتتوافر بها فاكهة المانجو بكميات كبيرة، ومن ثم يمكن الاعتماد عليها هذا الموسم، حيث لم تقتصر زراعتها على محافظة الإسماعيلية وحدها، لكنها منتشرة فى الصعيد بمساحات واسعة، وطريق مصر- إسكندرية الصحراوي، ومحافظة الفيوم ، وغيرها من المحافظات. 

تجنب المخاطر 

من جهته يشير د.على قطب أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق، إلى أن  المحاصيل الزراعية ترتبط بشكل كلى وجزئى بالمناخ وعناصره، مثل الحرارة، الرطوبة، الرياح، كميات الأمطار، نوعية التربة، كل هذه العناصر مكتملة أو منفردة تؤثر فى زراعة المحاصيل المختلفة، والتى يمكن تقسيمها وفقًا لاحتياجاتها من هذه العناصر إلى محاصيل صيفية، شتوية، ربيعية، وخريفية، ويختلف المحصول وفق درجة الحرارة، قد يتطلب محصول حرارة مرتفعة وآخر يحتاجها منخفضة أو معتدلة، بالإضافة إلى كميات الأمطار، ونوعية التربة هل  يستلزمها رطبة أم جافة، فضلًا عن درجة الملوحة فى التربة التى تسهم بشكل كبير فى تحديد نوعية المحاصيل الزراعية.

ويرى أن «تغيُّرات المناخ ليست بالأمر الهين ومن الصعب مواجهتها، وفاكهة المانجو محصول استوائي، وبالتالى لا تصلح زراعتها فى الغردقة أو منطقة سفاجا لأن رياحها نشطة، وكذلك كل كائن حى له بيئة يتحمل فيها العناصر المناخية، وإذا تغيرت حدود تلك البيئة بدرجة كبيرة يحدث أضرار له، وللتقليل من تلك العواقب يقوم المتخصصون الزراعيون بعمل مصدات للهواء تحيط بالأراضى الزراعية، من شأنها أن تحد من سرعات الرياح». 

ويضيف، أن «حماية المحاصيل من التغيُّرات المناخية يأتى عن طريق الاتجاه إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وتخفيض الانبعاثات الكربونية، تحديد كميات الرى، واحتياج التربة للمياه، ولا يمكن التنبؤ بموعد التغيُّرات المناخية، قد يتوقع الخبراء حالة الطقس لمدة أيام قليلة، على أن يصاحب ذلك التوقع المتابعة اليومية المستمرة، لأن حالة الطقس عنصر متغير يتأثر بمنخفضات جوية مثل الضغط والإشعاع الشمسي، وكميات السحب». 

مخلل المانجو

فى السياق ذاته، يقول محمد الوردانى صاحب مزرعة مانجو فى شمال الجيزة إنه سيتجه إلى تخليل المانجو على أن يتم بيع الكيلو بثلاثة جنيهات، وذلك بعد أن تعرض لفقدان 90 ٪ من محصوله نتيجة عدم استقرار حالة الطقس. 

 ويوضح أن نسبة الخسائر فى المانجو الكيت والكنت والناعومى قليلة نتيجة قدرتها على التحمل، وذلك على عكس المانجو العويسى والزبدية التى تزداد درجة تأثرها بشدة الرياح ما أدى لفقدان جزء كبير منها، بالإضافة إلى أن التحضير لموسم المانجو يبدأ بمرحلة تجهيز الأرض ووضع السماد وقص الشجر ويكون ذلك من شهر أكتوبر وحتى ديسمبر، ثم تأتى مرحلة الرش فى شهر فبراير، وتستمر حتى شهر مايو، لأن فى هذه المرحلة تتخذ المانجو شكل البندقية، ويكتمل نضجها من مايو وحتى شهر يوليو، ومن ثم تصلح للبيع مع بداية شهر سبتمبر. 

ويؤكد أن «المانجو الصعيدى وحدها نجت من تلك التغيرات لأن حصاد ثمارها يكون مبكرًا نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، حيث يتطلب عقد المحصول من زهرة إلى ثمرة صغيرة أن تسجل درجة الحرارة الصغرى 11 درجة مئوية وتبلغ درجة الحرارة الكبرى 25 درجة مئوية، ويتوافر هذا الطقس بمحافظات الصعيد مع مطلع شهر يناير وحتى فبراير، بينما يحدث فى مناطق الجيزة فى شهر مارس ويستمر هذا العقد حتى شهر أبريل، لذا المانجو الصعيدى يتم حصادها فى شهر يونيو، على عكس محافظة الإسماعيلية التى تنتظر حتى شهر مايو، وكذلك المانجو المتوفرة فى طريق مصر- إسكندرية الصحراوى لا تصلح للتداول إلا فى شهر أغسطس، بينما فى شمال الجيزة يستلزم  بداية سبتمبر، ونحتاج فى هذه الفترة إلى إرشادات من الجمعية الزراعية والمرشد الزراعى للتعرف على كيفية إدارة الأزمة بأسلوب علمى، وطرق التعامل معها، حتى لا نتعرض لتلك الخسائر مجددًا».

حجم الخسارة  

ويقول أحمد شاكر صاحب مزرعة مانجو بمحافظة السويس، إنه تعرض لخسارة ٪75 من محصوله المكون من 20 فدانًا، نتيجة نشاط الرياح وارتفاع درجة الحرارة، وجاءت المانجو «الصديقة» فى مقدمة المحصول الذى تأثر بالتقلبات الجوية، بينما أصناف المانجو السكرى والعويسى والزبدية لم ينلها إلا القليل من الأضرار. 

ويضيف: «شدة الرياح هذا العام كانت أعلى من الأعوام الماضية، وقد يؤثر ذلك على الكميات المتوفرة فى السوق، وما حدث هو قضاء وقدر، ولم يكن تقصيرًا من أى مزارع، ومحصول المانجو التالف تم التخلص منه وإعدامه بالكامل».