الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كتاب و أديب.. «شاكر نورى» يهدم التابوهات فى «جحيم الراهب» بداية صادمة ونهاية غير متوقعة تكشف عمق الصدام بين الطوائف الحلقة (10)

لم يقف نقد الكتَّاب والروائيين العالميين للكنيسة على حقبة بعينها فى تاريخها أو على فئة معينة داخل الكنيسة، فقد نشر الروائى العراقى «شاكر نورى» فى عام 2014 روايته الثامنة «جحيم الراهب» والتى كانت مرشحة للعديد من الجوائز الأدبية العالمية.



جاءت الرواية صادمة وتحمل الكثير من التناقضات، بداية من اسم الرواية والذى كان يحاول إبراز فكرة أنه ليست القداسة فقط هى التى تسود؛ بل هناك أيضًا من يعيش فى الجحيم.

 

وتدور الرواية عن الراهب «إسحاق» الذى عاش الجحيم فى كل من باريس وبغداد ودمشق وروما، باحثًا عن ذاته، من خلال مجموعة من الآباء الآشوريين الذين هربوا من بلاد الرافدين وأسسوا دير الأيقونات فى بيروت من أجل الحفاظ على هويتهم المهددة وسط تصاعد العنف الطائفى وتطرف الجماعات المسلحة.

ويكشف «نورى» عن شخصية إسحاق، الذى لجأ إلى دير الأيقونات فى بيروت، والذى أنشأه الأب جوزيف الراعى الآشورى الذى هرب من قريته مركا فى سهل الموصل، إثر دفاعه عن نفسه فى وجه لصوص عشيرة أخرى، والتى قررت أن تنتقم منه بقتله فى ساحة القرية، إلا أنه هرب بمساعدة مطران قرية مركا فى الموصل إلى بيروت، ويتحوّل إلى راهب، ويتعلم الموسيقى.

ولأنه شخصية هاربة من الظلم استطاع أن يجذب إليه مجموعة من الرهبان الهاربين، من أجل المحافظة على التقاليد الآشورية وكنيستها المتميزة على الرغم من تعارضها مع الفاتيكان.

 وهى التى آوت الرسام إسحاق، بعد مروره بظروف خاصة، مما أدى إلى فقدان شغفه بمهنته ولجأ الى الدير فى محاولة لاستعادة ما فقده.

 وكان لقاء إسحاق بالأب جوزيف سببًا فى إحداث تغييرات فى رؤيته للكثير من الأشياء وذلك بعد أن كشف له العديد من  التغييرات التى طرأت على أحوال الكنيسة وأفقدتها أبرز ثلاثة أشياء تتميز بها حياة الرهبنة «العزلة والفقر والبتولية».

الرواية تدور أحداثها أيضًا  حول جريمة القتل التى حدثت داخل الدير حيث وجد الراهب «شربل» مقتولًا فى باحة الدير، وهو مشهد يستكمل فيه نورى الصورة التى أراد رسمها من البداية، ألا وهى أن أيضًا أصحاب المقامات ورجال الدين يخطئون  ويصيبون كأى إنسان آخر. وهى الصورة التى رسمها عن طريق سرد تفاصيل حكاية كل راهب موجود داخل دير الأيقونات الذين جاءوا هربًا من شيء ما.

الرواية  تدور أحداثها كلها داخل الطائرة حيث يستحضر إسحاق حياته على مدى رحلته من بيروت إلى روما حيث يذهب لقبوله فى جامعة الفاتيكان ويناقش فكرة قبول دير الأيقونات المرفوض من قبل الكنيسة الأم، إلا أن المفاجأة فى النهاية تكمن فى تنازل «إسحاق» عن كل أفكاره ورؤيته ويقرر نزع العباءة التى أثقلت روحه.

 لم يشارك إسحاق الآباء الآشوريين حياتهم فقط؛ بل عاش معهم آلام سقوط الامبراطورية الآشورية. فارتبطت حياته بحياة هؤلاء الآباءُ الآشوريين الذين اتحدت أرواحهم مع هذا الدّير الأب إلياس، والأب جوزيف، والأب سامر والأب إيلى والأب شربل، والأخت سيسيل، والمطران مار يوسف.

تعلّقوا بهذا الدّير باعتباره الحصن الأخير لهم فى مواجهة الكنيسة الأم، التى أرادت، بشتى الوسائل، أن تهدم أركان كنيستهم.

 وعمل الأب إسحاق مع الأب جوزيف، رئيس الدير على تغيير هؤلاء الرهبان بمعاونة آباء آخرين تفتحوا على الحياة، وينجح فى نهاية الأمر من نقل هؤلاء من ثالوث الفقر والبتولية والعزلة، الأوهام التى عاشت عليها المسيحية دهورًا، إلا أنه فى النهاية قرر ترك الجميع والهروب من جحيمه.

استطاع أن يصدم نورى القارئ فى روايته «جحيم الراهب» حيث حاول هدم كل التابوهات والصور الموجودة حول رجال الدين بشكل عام وذلك بحرفية كاتب ماهر غير جديدة عليه.

فقد كان شاكر نورى، يدرس فى مدينةَ أبيِه بَغداد، ونال شهادة البكالوريوس فى الأدب الإنجليزيّ فى 1972.

بعد ذلك، عاد إلى مدينتِه، ليَعملَ أستاذًا للُّغة الإنجليزية فى الثانويَّة لمُدَّة أربعِ سَنوات، ثم قرَّرَ الهِجرةَ إلى باريس فى 1977 التى مكثَ فيها حتى 2004.

عملَ مُراسلًا ثقافيًا لعدَدٍ من الصُّحفِ والمَجّلاتِ العِراقية والعِربية وعملَ فى إذاعةِ مونت كارلو وجامعة السوربون.

وبعد أن حصل على درجة البكالوريوس فى الأدب الإنجليزى من كلية التربية بجامعة بغداد فى عام 1972، حصل على درجة الماجستير فى «علوم الاتصال: الصورة والصوت» من المدرسة العليا فى العلوم الاجتماعية فى باريس عام 1979، وعلى ماجستير فى الأدب الإنجليزى من جامعة السوربون عام 1978. 

حاز أيضًا على دبلوم من معهد لوى لوميير فى مجال التصوير والإخراج عام 1980، وعلى درجة الدكتوراه فى الإعلام من جامعة السوربون باريس الأولى عام 1983، وعمل أستاذًا فيها لمدة عامين.

 سافر إلى فرنسا وأقام فيها من عام 1977 وحتى عام 2004. عمل مذيعًا فى إذاعة مونت كارلو. دخل ميدان الصحافة وعمل فى عدد من الصحف والمجلات؛ فعمل كمراسل لعدد من الصحف العربية من باريس منها (القدس العربي)، و(الرياض)، و(البيان) ما بين عام 1985 وعام 1991. 

تولى منصب محرر فى مجلة «كل العرب» الأسبوعية فى باريس عام 1985، ومنصب محرر فى جريدة (المحرر) فى باريس عام 1991. شغل منصب سكرتير تحرير فى مجلة (الرجل اليوم) فى دبى (2000-2003)، ومنصب سكرتير تحرير فى صحيفة (الإمارات اليوم) فى دبى عام 2005، وعمل فى صحيفة (البيان) محررًا ثقافيًا (2009ــ2013). 

والحقيقة لم يكن نورى فقط من انتقد هالة القداسة التى فرضها البعض على رجال الدين، فقد سبقه منذ عقود الروائى العالمى «جورج أوريل» فى روايته «ابنة القس» والتى سنتحدث عنها العدد المقبل بإذن الله.