الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. رغم التحديات الاقتصادية..  مصر اختارت الإنسانية القاهرة.. الملاذ الآمن للاجئين فى إفريقيا والشرق الأوسط

حقك.. رغم التحديات الاقتصادية.. مصر اختارت الإنسانية القاهرة.. الملاذ الآمن للاجئين فى إفريقيا والشرق الأوسط

كانت القاهرة عبر تاريخها الطويل رحيمة بمن هرب من بلاده بحثًا عن الأمان، قدمت الملاذ الآمن ‏‏والسكن الكريم لكل من لجأ إليها من بلاد الشرق الأوسط وإفريقيا وحتى الدول الموجودة على خط التماس بين أوروبا وآسيا مثل أرمينيا، لم تسكنهم معسكرات لا آدمية، لم تطالب أحدًا بمقابل، ‏‏فتحت أبوابها لهم ولمشروعاتهم التى ازدهرت، أعطتهم الحياة الكريمة الآمنة من الصراعات المسلحة، مثلهم مثل أى مصرى.



 

فى الأزمة السودانية الأخيرة، اختارت مصر الإنسانية رغم التحديات الاقتصادية الصعبة، الشعور بالواجب طغى على الخوف من فواتير المستقبل، انحازت مصر لضميرها اليقظ  ونداء الإخوة بينها وبين الأشقاء القادمين من السودان وفتحت معابرها لاستقبالهم وتوافد عليها الآلاف الذين تحركوا داخل كل مكان فى مصر، رحبت بهم أرضها الطيبة وقدمت لهم الأمن والأمان والاهتمام والرعاية رغم التحدى الاقتصادى الدقيق.

التجربة الممتدة تضم الأشقاء من سوريا ومن اليمن ومن ليبيا وقبلهم العراق وفلسطين، كانت مصر حاضرة دائمًا فى الموعد وقادرة على تحمل المسئولية، وزاد الاهتمام مؤخرًا بدعم من القيادة السياسية، فخلال السنوات الماضية اتخذت عددًا من الإجراءات المميزة تجاه اللاجئين، فكانت هناك عدد من المبادرات الكريمة من الرئيس عبد‏‏الفتاح السيسى تجاه اللاجئين، حيث تم ضمهم إلى قوائم علاج فيروس سى و100 مليون ‏‏صحة للكشف عن الأمراض غير السارية وأعطت لأطفالهم التطعيمات الضرورية مجانًا مثل المصريين.

طبقت القاهرة معايير حقوق ‏‏الإنسان ومقاصد الدين الإسلامى، لم تسيس حقوق الإنسان، وقدمت ‏‏الدعم والأمن للاجئ دون صخب ووثقت أجهزة الأمم المتحدة ذلك، وقالت إن مصر سهلت حصولهم على الإقامة ‏‏والتنقل والعمل، كما ‏يتمتعون بالخدمات الأساسية أسوة بالمواطنين ‏‏المصريين، حيث يتمتع اللاجئون وملتمسو اللجوء بحرية الحركة فى ‏‏‏مصر على ضوء تبنى الحكومة المصرية لسياسة تقوم على عدم إنشاء ‏‏معسكرات أو مراكز احتجاز للاجئين أو طالبى ‏اللجوء.

‏تتحمل ميزانية الدولة المصرية العديد من الأعباء الاقتصادية ‏والمالية، وطبقت مصر مبدأ تقاسم ‏الأعباء لتخفيف الضغط على الدول المضيفة للاجئين وفقًا ‏‏للمبادئ التى ‏أقرها إعلان نيويورك عام 2016، وكذا ضمان استمرار قدرة ‏الحكومة على ‏تقديم الخدمات وتحسين ‏نوعيتها للاجئين والمجتمع ‏المضيف على حد ‏سواء.‏

‏وتمسكت خلال الأعوام الماضية بضرورة حرص المانحين على المساواة بين اللاجئين ‏بغض ‏النظر عن جنسيتهم، بحيث يكون معيار ‏المساعدات هو مدى ‏الاحتياج ‏لها وليس الجنسية. كما دعت إلى تخصيص الموارد ‏الموجهة للاجئين ‏السوريين ‏بدول المنطقة بشكل عادل ومتساوٍ بما يضمن ‏صمود جميع ‏المجتمعات المضيفة لها.‏

‏تقدم الدولة المصرية خدمات الصحة والتعليم للاجئين وطالبى اللجوء ‏على ‏قدم المساواة مع المصريين بدون تفرقة، ‏وقد نصت اللائحة التنفيذية ‏‏للقانون رقم 2 لسنة 2018 الخاص بالتأمين الصحى الشامل على شمول ‏‏الأجانب ‏المقيمين فى مصر واللاجئين فى منظومة التأمين الصحى ‏‏الشامل. كما وسعت أيضًا نطاق العديد من الحملات الصحية ‏التى بدأها ‏‏الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، لتشمل اللاجئين وطالبى ‏‏اللجوء، كما أتاحت ‏للاجئين ‏الوافدين من جنسيات ‏عربية الحصول على إقامة. 

التقارير الدولية أشارت إلى أن مصر لعبت دورًا فاعلاً فى التوصل لإعلان نيويورك ‏عام 2016 والذى أكد أهمية دعم الآليات الدولية القائمة لتعزيز حماية ‏‏حقوق اللاجئين. وانضمت مصر إلى العهد الدولى للاجئين‎ “Global ‎Compact for Refugees” ‎الذى اعتمدته الأمم ‏المتحدة فى ديسمبر ‏‏2018، فضلاً عن عدد كبير من اتفاقيات حقوق الإنسان التى تتضمن ‏حماية حقوق اللاجئين وبصفة ‏خاصة النساء والأطفال، كما شاركت مصر ‏بفعالية فى المنتدى العالمى للاجئين الذى عقد لأول مرة فى جنيف ‏منتصف ‏ديسمبر 2019‏‎.‎‏

‏وتتعاون مصر مع المفوضية العليا لشئون اللاجئين وفقًا لمذكرة تفاهم ‏لعام 1954والتى بموجبها تفوض الحكومة المصرية ‏المفوضية العليا ‏للاجئين بتحديد وضعية اللجوء فى مصر وتنسق مصر مع المفوضية لضمان توفير الحماية ‏والخدمات للاجئين وملتمسى اللجوء، إلى ‏جانب القيام بإطلاق «خطة الاستجابة الإقليمية لدعم اللاجئين السوريين ‏وتمكين‎ ‎المجتمعات المستضيفة لهم»، و«خطة الاستجابة المصرية للاجئين ‏وملتمسى اللجوء من دول إفريقيا جنوب الصحراء ‏والعراق واليمن» سنويًا ‏لضمان تقاسم المجتمع الدولى للأعباء المرتبطة باستضافة اللاجئين فى ‏مصر، كما تتعاون مصر مع ‏المفوضية العليا والمنظمة الدولية للهجرة فى ‏عمليات العودة الطوعية أو إعادة التوطين بدولة ثالثة، وذلك فى حالة ‏وجود ‏طلب من اللاجئ أو ملتمس اللجوء وبناء على رغبته.‏

كما انخرطت مصر خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى عام ‏‏2019 فى قضايا اللاجئين، وبحثت عن حلول مستدامة للنزوح ‏القسرى فى إفريقيا»، وذلك ‏على ضوء وجود حوالى 7.4 مليون لاجئ ‏إفريقى داخل القارة وحدها وأن أكثر من ربع عدد اللاجئين بالعالم ‏يتواجدون فى ‏إفريقيا جنوب الصحراء، كما حرصت مصر خلال عام رئاستها ‏للاتحاد الإفريقى على ‏خروج مداولات أجهزة الاتحاد حول اللاجئين ‏باقتراحات ملموسة وقابلة للتنفيذ تم التأكيد عليها خلال أعمال المنتدى ‏‏العالمى الأول للاجئين فى ديسمبر 2019 بجنيف وفى منتدى أسوان ‏الدولى للسلام والتنمية. ‏

بما أن النسبة الأكبر من اللاجئين فى مصر يأتون من منطقة ‏الشرق الأوسط وتحديدا من الدول العربية التى بها أزمات، ‏لذلك قامت ‏مصر بدعم الجهود المبذولة فى إطار جامعة الدول العربية لدعم قضايا ‏الاجئين، حيث تم تحديد الأولويات ‏الرئيسية للدول العربية لتعزيز حماية ‏اللاجئين فى ثلاث استراتيجيات؛ الاستراتيجية العربية لحماية الأطفال ‏اللاجئين فى ‏سياق اللجوء فى المنطقة العربية والتى تم إطلاقها فى ‏‏2019، والاستراتيجية العربية للوصول إلى خدمات الصحة العامة فى ‏‏سياقى اللجوء والنزوح فى المنطقة العربية، والاستراتيجية العربية للحماية ‏من العنف الجنسانى فى سياق اللجوء والنزوح ‏والجارى إعدادها حالياً. ‏

‏وعلى المستوى المؤسسى، يتم التنسيق بشأن اللاجئين من خلال ‏اللجنة المعنية باللاجئين التى تضم جميع وزارات الدولة ‏المعنية من أجل ‏تعزيز تنسيق السياسات الخاصة بحماية اللاجئين والتعاون مع المفوضية ‏العليا لشئون اللاجئين، وتم ‏انشاؤها عام 2017 وفقا لقرار رئيس الوزراء.‏

وخلال لقاء فيليبو جراندى، المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالرئيس السيسى، أشاد بالجهد المصرى الكبير فى التعامل مع اللاجئين والعلاقة الممتدة بين المفوضية ومصر فى استيعاب الملايين من النازحين من دول عديدة وآخرها السودان، وأكد الرئيس السيسى، على المقاربة الشاملة فى التعامل مع ظاهرة تدفق اللاجئين وأن هذا موقف وسياسة واضحة على مدى سنوات طويلة، مؤكدًا أن مصر لم تتقاعس أبدًا عن دعم أشقائها ودعم النازحين من دول أخرى.

وأكد جراندى أن الأمم المتحدة بحاجة لـ 3 مليارات دولار بسبب العدد الكبير للاجئين، موضحًا أن هناك ثمة محادثات بشأن عقد مؤتمر المانحين لتعبئة الموارد، وهذه ضرورة ملحة، نحن نتحدث عن المانحين بما فى ذلك فى منطقة الخليج، فهذه المساعدات يجب أن تتسارع.

وناشد «جراندى الحكومة المصرية التى كانت سخية للغاية وأبقت على الحدود مفتوحة لوصول اللاجئين بمواصلة ذلك، مردفًا: أتفهم وأقدر أن الوضع مليء بالتحديات، والرئيس السيسى، أوضح لى بجلاء مصادر القلق الأساسية بالنسبة لمصر، فهناك مشكلات اقتصادية والخدمات تحت ضغوط هائلة؛ لأن السودانيين يستفادون باتفاق حرية الحركة ويمكن أن ينضموا للمدارس المصرية.

 المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، قال إن الولايات المتحدة تدرس كيف يمكن أن توسع تواجدها فى مناطق أخرى، مناشدًا المانحين بتسريع مساهمتهم لأن البلدان المجاورة بحاجة لذلك، ومصر بالمحافظة على استضافتهم السخية التقليدية تجاه الذين يفرون من ظروف مروعة.

احترام حقوق الإنسان بمصر

وبرز دور مصر فى دعم اللاجئين من خلال منحهم المساواة بغض النظر عن جنسيتهم، بحيث يكون معيار المساعدات هو مدى الاحتياج لها وليس الجنسية، كما تطالب مصر بتخصيص الموارد الموجهة للاجئين السوريين بدول المنطقة بشكل عادل ومتساو بما يضمن صمود جميع المجتمعات المضيفة لها.

الإشادة الدولية بما تقدمه مصر يؤكد بالفعل أن مصر لديها تجربة مميزة فى التعامل مع اللاجئين على اختلاف جنسياتهم، واهتمامها نابع من حرصها على احترام تعهداتها الدولية ،بالإضافة إلى رابط الجوار الجغرافى والتاريخى مع الأشقاء فى السودان وسوريا، فهى تعاملت معهم كضيوف وأشقاء مرحب بهم وابتعدت تماما عن فكرة وضعهم فى مراكز للاجئين وتركتهم للسكن والعمل مثلهم مثل المصريين وتحملت الدولة أعباء توفير المعيشة الكريمة للجميع ووضعت بذلك نموذجًا خاصًا بها فى احترام حقوق الإنسان وحسن معاملة الفارين من مناطق النزاعات وحماية حقهم فى الحياة.

وقد أشادت المفوضية السامية فى أكثر من موضع بما تقدمه مصر من تعامل جيد مع اللاجئين وربما خلال زيارة المفوض السامى اطلع على الأرض على الجهد المصرى الملحمى الموجود فى استقبال الأشقاء السودانيين، مشيراً أن ما تقدمه مصر من دعم للاجئين يؤكد اهتمام مصر بحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين جزء أصيل منها ويلفت نظر العالم إلى أن حقوق الإنسان هو محور رئيسى من محاور تشكيل الجمهورية الجديدة.

هذا الجهد لا يتوقف عند استقبالهم على المعابر الحدودية، ولكن فيما يقوم به المتطوعون من أبناء أسوان والصعيد من دعم طبى ونفسى وتوفير ما يحتاجه الأشقاء السودانيون من وجبات ساخنة يومياً، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة ، فإن الشعب المصرى وأجهزة الدولة تحركوا على قلب رجل واحد من أجل تقديم كل أشكال الدعم للأشقاء السودانيين القادمين إلى مصر فى تدعيم أواصر المحبة بين الشعبين الشقيقين..