الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. بتطبيقات ذكية للرقابة وتقديم الشكاوى وفعل الخير هدفها حقوق الإنسان أسوان على طريق التحول الرقمى

حقك.. بتطبيقات ذكية للرقابة وتقديم الشكاوى وفعل الخير هدفها حقوق الإنسان أسوان على طريق التحول الرقمى

كانت رحلتى إلى أسوان -أرض الذهب- مختلفة وإيجابية إلى حد بعيد، حيث شرفت برئاسة فريق مكتب الشكاوى المتنقلة بالمجلس القومى لحقوق الإنسان وقررنا البدء بأسوان لأكثر من سبب أهمها الاطلاع على تجربتها المهمة فى حل شكاوى المواطنين، حيث احتلت المركز الأول فى حل شكاوى المواطنين فى استطلاعات مركز المعلومات بمجلس الوزراء، والثانية الاطمئنان على تطبيق المعايير الدولية فى التعامل مع الأشقاء السودانيين المتدفقين على المحافظة هربًا من سوء الأوضاع والقتال المحتدم بين الفرقاء وسط ترحيب كبير فى بلدهم مصر.



 

أول ملاحظة كانت فى الطائرة المتجهة إلى أسوان وأنها كانت كاملة العدد بعدد كبير من السياح الأجانب المنتمين لجنسيات مختلفة ولديهم شغف كبير بأسوان، فهى مدينة تملك «مغناطيس» من نوع خاص قادمًا من جمال النيل والجو الصحو المشمس وأهلها المحبين للحياة المرحبين دائمًا بالضيوف، ثم السحر المكنون فى منطقة غرب سهيل، وهذه السكينة الغامرة الساكنة فى ذلك المكان المحتفظ ببراءته وجمال ارتباطه بالطبيعة الرافضة لمظاهر الحداثة المتوحشة.

لمست خلال جولة المكتب بين المواطنين أن هناك حالة من الرضا العام عن أداء المحافظة، بالتأكيد أسوان متأثرة بتوابع التضخم المستوردة لكن الرضا قادم من توجه المحافظة إلى خلق مساحة تماس دائمة مع المواطن لحل شكاواه حتى لو كانت مساعدة للتغلب على مصاعب المعيشة، واكتشفت أن ذلك يتم عبر عدد من التطبيقات المخصصة للهواتف مثل عين المواطن والمتسوق السرى وهى تطبيقات رقمية أطلقتها المحافظة من أجل التواصل مع المواطنين دون الكشف عن هويتهم لإرسال شكاواهم إلى المسئول ومتابعة حلها من جانب الأجهزة التنفيذية، وحتى ملاحظات المواطنين على الأداء يتم التعامل معها بجدية عبر التطبيق.  

يعمل تطبيق «عين المواطن» عبر قيام المواطنين بتصوير المخالفات لمساعدة المسئولين للقضاء عليها. عند رؤية مخالفة، تقوم بفتح التطبيق وتصوير المخالفة. يتم أخذ الوقت والموقع من هاتفك فى وقت التقاطك للصورة عن طريق الـGPS. بعد التقاطك للصورة، تقوم باختيار نوع البلاغ وتصنيفه وتأكد المركز. يمكنك تأكيد الموقع الذى تم أخذه من الGPS عن طريق الضغط على زر «تأكيد الموقع». تقوم بتأكيد البلاغ وإرساله فورًا أو تخزينه فى الأرشيف وإرسالة لاحقًا. يتم إرسال البلاغ بسرية تامة للمسئولين واتخاذ الإجراءات اللازمة لحله. ثم يتم إخطار المواطن عند حل الشكوى.

وخلال لقائى مع الزملاء فى المجلس القومى لحقوق الإنسان مع اللواء أشرف عطية، محافظ أسوان، والدكتورة غادة أبوزيد، نائب المحافظ، ومديرى إدارة خدمة المواطنين ووحدة حقوق الإنسان لمست وجود اهتمام كبير باستخدامات التكنولوجيا الرقمية لحل شكاوى المواطنين، وأشار المحافظ إلى أن التحول الرقمى مكّن المحافظة من تحقيق 3 أهداف رئيسية وهى سرعة تقديم الخدمة وتحسين الأداء الوظيفى وتقليل النفقات.. مشيرًا إلى أن المحافظة لديها هدف مستقبلى فى العمل على استدامة الرقمنة والربط مع العاصمة الإدارية وتحسين استغلال موارد الدولة.

وأضاف أن المواطن الأسوانى هو محور الاهتمام الأساسى، والركيزة التى تقوم عليها فلسفة العمل التنفيذى..لافتًا لوجود العديد من قنوات الاتصال المباشرة، سواء من خلال اللقاءات الجماهيرية أو الجولات الميدانية أو التطبيقات التكنولوجية المختلفة ضمن مشروع التحول الرقمى، والذى يقدم 82 خدمة، ويضم مركزًا رئيسيًا و11 مركزًا تكنولوجيًا و7 تطبيقات عملية.

وكان واضحًا أن المحافظ مهتم بعمل الخير، وأنه صاحب أفكار عديدة فى مجال المساعدة الإنسانية من بينها تطبيق «خيرك» وهدفه تلاقى المتبرعين بطالبى المساعدة دون وسيط عبر تطبيق إلكترونى يحفظ كرامة طالب المساعدة ويمنح مقدم التبرع الحق فى عدم الكشف عن هويته، وهى فكرة بسيطة تحقق الهدف دون صخب وهى جديرة بالمتابعة.

وأفصح المحافظ عن تفاصيل كثيرة ترسم صورة شديدة الدقة عن عملية استقبال الأشقاء السودانيين والملحمة التى يقوم بها شباب أسوان من المتطوعين، وأطلعنى على صور حصرية للمتطوعين من شباب أسوان الذين يذهبون يوميًا إلى المعابر الحدودية فى أرقين وقسطل لتقديم كل أوجه الرعاية للقادمين، منهم من يقوم بإعداد الوجبات الساخنة ويقدمها ومنهم من يقدم الرعاية الطبية ومنهم من يهتم بالأطفال القادمين، المعابر تشهد بالفعل ملحمة إنسانية ليست غريبة على مصر وعلى شعبها، وتقدم فيها جميع الخدمات الصحية والنفسية والمعيشية واللوجستية، والحقيقة أن أوضاع التطوع فى أسوان شهدت طفرة حقيقية واستثمارًا حقيقيًا فى البشر وذلك بعد نجاح هذه التجربة فى مواجهة تداعيات جائحة كورونا عام 2020ـ أو تداعيات أزمة السيول فى نوفمبر 2021، وأخيرًا مواجهة تداعيات الأزمة السودانية الحالية.

وعقب انتهاء لقاء المحافظ قمنا بزيارة مركز التحول الرقمى ونظم المعلومات، والمركز التكنولوجى لخدمة المواطنين، بالإضافة إلى صيدلية مبادرة «الناس لبعضهم»، وهى مبادرة أخرى لتبادل الأدوية بين المواطنين المتبرعين وطالبى الدواء.

فى المركز اكتشفت مواهب مصرية شابة لديها خبرات عالية فى البرمجة الرقمية وصناعة التطبيقات وأن هذه الكفاءات المصرية الشابة هى كلمة السر فيما تشهده محافظة أسوان من طفرة فى توفير الجيل الجديد من أجيال حقوق الإنسان وهى حقوق الإنسان الرقمية.

لقد حققت أسوان بتلك الخطوات الجادة فى مجال الرقمنة عددًا من الأهداف المرتبطة بحقوق الإنسان بداية من البعد الخدمى والاقتصادى والفنى، وتقديم خدمات حكومية، عبر تطبيق منظومة الشباك الواحد للمواطنين والمستثمرين، لافتًا إلى الحصول على موافقات الجهات والوزارات مرة واحدة، بهدف تسهيل الإجراءات وخفض الجهد والوقت والرسوم، كما يقدم المركز خدمات المرور والأحوال المدنية والجوازات والتوثيق والشهر العقارى والسجل التجارى وخدمات الهيئة العامة للتنمية الصناعية وهى عمليات تعزز عملية الحوكمة والشفافية والاستدامة فى التنمية.

ما رأيته فى أسوان عمل جماعى يستحق الإعجاب وربما الدراسة والتعميم على باقى المحافظات خاصة ما يتعلق برقابة المواطنين على أداء الأجهزة التنفيذية دون الكشف عن هويتهم، وهى عملية مفيدة فى إصلاح المحليات وتحسين الخدمات المقدمة باستمرار.

لقد أصبحت الرقمنة جزءًا من حقوق الإنسان، صحيح أنها عملية مكلفة، ولكن الإنسان فى الجمهورية الجديدة يستحق الحياة فى ظروف تحترم إيقاع العصر وتطور المفاهيم وتعطى المواطنين حرية أوسع فى الحركة والرقابة على أجهزة الدولة لضمان جودة الأداء واستدامة المحاسبة واستمرار التطوير والقضاء على جميع أشكال الفساد بشكل دائم ونهائى.