الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

5 ملاحظات من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية التركية

تصدر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بحصوله على %49.5 من الأصوات خلافا للتوقعات واستطلاعات الرأى التى توقع بعضها فوز منافسه الأبرز كمال كيليجدار أوغلو من الجولة الأولى. وحصل كيليجدار أوغلو على %44.88، ما يعنى فشل كليهما فى الوصول إلى عتبة %50 من الأصوات وتوجههما إلى جولة إعادة بعد أسبوعين وتحديدا يوم 28 مايو الحالى. وهناك خمس ملاحظات يمكن استخلاصها من الجولة الأولى لهذه الانتخابات.



 

الاقتصاد ليس الأهم

 هبوط الليرة التركية الذى أدى إلى رفع التضخم إلى 85 % فى الخريف كان يعتبر عائقا أمام أردوغان. لكن الرئيس التركى الذى رفع ثلاث مرات خلال سنة الحد الأدنى للأجور كثف وعود حملته الانتخابية وبينها مضاعفة رواتب موظفى القطاع العام. هذه الإجراءات أقنعت شريحة من الناخبين فى بلد لا يعتبر فيه التصويت الاقتصادى مهما بقدر ما يراه المعلقون كما يقول بيرك إيسن الباحث فى العلوم السياسية فى جامعة سابانجى فى إسطنبول. ولإعادة الاقتصاد إلى مساره وعدت المعارضة برفع أسعار الفائدة لخفض التضخم إلى أقل من 10 % فى خلال عامين؛ ويرى أستاذ الاقتصاد الدولى أوميت أكجاى أن وعود المعارضة والتى من المرجح أن تؤدى إلى إبطاء النشاط لم تثر حماسة لدى الأشخاص الذين يواجهون صعوبات أساسا.

تصويت الأكراد لا يكفى

يلفت يوهانان بنحاييم من المعهد الفرنسى لدراسات الأناضول فى إسطنبول إلى أنَ تصويت الأكراد هو الذى يفسر النتيجة الجيدة للمعارضة. ونال كمال كيليجدار أوغلو أفضل النتائج فى المحافظات الواقعة فى جنوب شرق البلاد التى بها الغالبية الكردية لا سيما فى دياربكر حيث حصل على 72 % من الأصوات بعد التفاف حزب الشعوب الديموقراطى المؤيد للأكراد حوله. لكن الناخبين الأكراد الذين لطالما كانوا يعتبرون صانعى ملوك فى الانتخابات الرئاسية لم يتمكنوا هذه المرة من تغيير نتيجة الانتخابات. ويقول بيرم بلجى الباحث فى CERI-Sciences Po إن استراتيجية أردوغان القائمة على ربط المعارضة بالأكراد وبحزب العمال الكردستانى والإرهاب تبين أنها ناجحة.

الزلزال.. تداعيات محدودة

وعبر ناجون عن غضبهم بعد الزلزال المدمر الذى ضرب البلاد فى 6 فبراير الماضى متهمين الدولة بالتأخر فى الوصول إلى محافظاتهم لمساعدتهم خاصة فى أديامان وهاتاى. لكن أردوغان وعد بإعادة بناء 650 ألف منزل للناجين من الزلزال فى أسرع وقت ممكن. ووفقا ل بيرك إيسن فإن الرسالة ظهرت ذات مصداقية لقسم من الناخبين. وهكذا احتفظ الرئيس التركى بنتائج عالية جدا فى غالبية المحافظات المتضررة ونال 72 % من الأصوات فى قهرمان مرعش و69 % فى ملطية و66 % فى أديامان وفى هاتاى بقيت نتيجته على حالها عند 48 %.

سنان أوغان.. اختراق قومى

شكل الاختراق الذى حققه المرشح القومى سنان أوغان إحدى مفاجآت الاقتراع؛ نال هذا النائب السابق أكثر من 5 % من الأصوات. ويقول أوموت أوزكيريملى الباحث فى معهد برشلونة للأبحاث الدولية إن القومية مكون فى المشهد السياسى التركى مضيفا هى عنصر ثابت منذ التسعينيات. ويمكن تفسير ثقل القوميين الذين جمعت تنظيماتهم المختلفة 22 % من الأصوات فى الانتخابات التشريعية التى جرت تزامنا مع الانتخابات الرئاسية أيضا من خلال مسألة اللاجئين السوريين المقيمين فى تركيا. ويقول يوهانان بنحاييم: التغير الأكبر للوضع هو أن اليمين وأقصى اليمين أصبح بشكل كبير ضمن اللعبة.

استطلاعات الرأى ليست حاسمة

وكل استطلاعات الرأى أو معظمها أظهرت تقدم كيليجدار أوغلو على أردوغان حتى إن بعضها توقع فوز المعارض اعتبارا من الدورة الأولى. لكن الرئيس التركى أثبت أنها على خطأ بحصوله على 49.50 % من الأصوات رغم عدم حسم المعركة من الجولة الأولى كما حدث فى 2018. وقد وصف خبراء ومحللون المرشح الثالث سنان أوغان بأنه صانع ملوك حيث يسعى المرشحان للحصول على دعمه خلال تلك الجولة.

وكان أردوغان حصل فى الجولة الأولى على 49.51 % من الأصوات فيما حصد كيليجدار أوغلو 44.88 %، وحاز مرشح تحالف أتا (الأجداد) سنان أوغان 5.17 % وحصل المرشح المنسحب محرم إنجه على 0.44 %. ومع احتدام التنافس بين المرشحين للفوز برئاسة تركيا تحول أوغان إلى صانع ملوك ورقم صعب كما وصفه محللون وتقارير غربية فى ظل إمكانيته ترجيح كفة أردوغان أو كيليجدار فى الجولة الثانية المقررة فى 28 مايو الجارى.

وقد يتحول أوغان من سياسى غير معروف إلى أهم شخصية تركية خلال الأسبوعين القادمين اللذين يسبقان الجولة الثانية؛ وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة كوج فى إسطنبول مراد سومر إلى أن أوغان سبق له أن انتقد أردوغان وكيليجدار، لكن غالبية ناخبيه أقرب إلى الرئيس الحالى من منافسه مرشح المعارضة مضيفا أن كيليجدار يحتاج إلى شرح كيف يمكنه أن يحكم البلاد فى ظل سيطرة حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه أردوغان على البرلمان. ووسط هذه الضغوط التى تحيط بكلا المرشحين ينظر إلى أوغان كصانع ملوك فى جولة الإعادة المرتقبة وفقا لما وصفه هاكان أكباس العضو المنتدب لشركة الخدمات الاستشارية الاستراتيچية فى إسطنبول الذى قال إن أوغان سيتفاوض مع الطرفين، لكن أردوغان لديه الكثير ليعرضه.

وقد وضع أوغان شروطًا، ورهن الذى لم يدع بعد مناصريه إلى دعم أحد المرشحَين مسألة الدعم بالموافقة على ملفات عديدة أهمها إعادة اللاجئين إلى بلدانهم وعدم دعم الأحزاب الكردية التى قال إن اسمها ارتبط بالإرهاب. وأعرب أوغان وهو النائب السابق لحزب الحركة القومية عن انفتاحه للتفاوض على أساس مبادئ المرشحين أردوغان وكيليجدار اللذين أكد أنه لم يلتق بهما منذ بدء الانتخابات التركية. وقال أوغان إنه سيتشاور مع قاعدته الانتخابية قبل التوصل لقرار حول جولة الإعادة، لكنه اعتبر أن ملفى محاربة الإرهاب وإعادة اللاجئين خطوط حمراء لهما الأولوية. ويدعم حزب الشعوب الديمقراطى المؤيد للأكراد كيليجدار أوغلو فى الانتخابات الرئاسية فى حين أيد حزب هدى بار حزب الهدى الكردى إعادة انتخاب الرئيس أردوغان.

وشدد أوغان 55 عاما على أن هدفه إزاحة الحزبين الكرديين عن المعادلة السياسية التركية ودعم القوميين والعلمانيين الأتراك مشيرا إلى أن نتائج الانتخابات أظهرت أننا نجحنا فى ذلك. ووعود سنان أوغان الأكاديمى ذو الأصول الأذربيچانية الانتخابات كمرشح لتحالف آتا المكون من 4 أحزاب يمينية قومية أبرزها حزب النصر وحزب العدالة. وقامت حملة أوغان الرئاسية على عدة وعود منها إعادة المهاجرين إلى بلادهم فى أقرب وقت ممكن وإلغاء النظام الرئاسى والعودة إلى النظام البرلمانى وحل المشاكل الديمجرافية التى سببتها هجرات الشعوب الأخرى باتجاه تركيا على حد تعبيره. واعتبر أوغان أن الانتخابات أظهرت عدم قدرة المعارضة الرئيسية فى تركيا على الحصول على دعم شعبى كاف رغم وقوع الزلازل المدمرة التى ضربت جنوب شرق تركيا فى فبراير الماضى واستكمل أن بعث الناخبون رسالة بأنهم لا يثقون فى المعارضة بشكل كاف لكنهم أسندوا لنا دورا كقوة موازنة للحزب الحاكم.

ودخل أوغان البرلمان فى عام 2011 مع حزب الحركة القومية الذى سعى لقيادته عام 2015 لكنه لم ينجح فى ذلك وتم طرده لاحقا ورغم ذلك؛ لم ينتقل إلى حزب آخر ولم يؤسس حزبا جديدا وأعلن أنه سيبقى مخلصا لحزبه ونضاله رغم العروض التى قدمت له. أما عن حظوظ المرشحين فمن المتوقع أن يلتقى كل من المرشحين للانتخابات الرئاسية بأوغان شخصيا فى الأيام القادمة نظرا إلى سهولة أن يتحالف أردوغان مع أوغان بسبب آرائهما المحافظة رغم أن تحالف الرئيس التركى يضم هدى بار الكردى. ويثق أردوغان فى إمكانية إبرام صفقة مع أوغان من أجل أن يحقق فوزا مريحا فى جولة الإعادة إذ قال مسئول رفيع المستوى من حزب العدالة والتنمية الحاكم إن فرصنا فى الجولة الثانية كبيرة جدا وإن أوغان بيده مقاليد الأمور. وفى المقابل رهن أوغان مسألة دعم مرشح المعارضة كيليجدار أوغلو بالموافقة على عدم تقديم تنازلات لحزب الشعوب الديمقراطى المؤيد للأكراد.

وأشار أوغان إلى إمكانية التوقيع على بروتوكول مع تحالف الأمة المعارض يتضمن وعودا بعدم تقديم أى تنازلات لحزب الشعوب الديمقراطى واصفا ذلك بـالأمر البسيط. وتوقع خبراء أن يعيد كيليجدار أوغلو التفكير فى استراتيچيته بعد أن أصبح فى المركز الثانى بعد أردوغان وشدد مسئول كبير من تحالف المعارضة على ضرورة أن يعيد كيليجدار أوغلو هيكلة استراتيچيته بالكامل. وقال مسئول آخر من المعارضة إن أردوغان نجح فى تخويف واجتذاب بعض الناخبين المنتمين للتيار القومى الوسطى إلى صفه من خلال ادعاء بدون أدلة بأن حزب العمال الكردستانى المحظور فى تركيا يدعم كيليجدار أوغلو.