السبت 27 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

السودان فى معاناة إنسانية.. انهيار خدماتى وأعمال نهب بسبب غياب القانون

قالت وكالة «رويترز»، إن الحرب فى السودان أجبرت نحو 200 ألف شخص على الفرار إلى بلدان مجاورة، فيما نزح ما يزيد على 700 ألف إلى مناطق أخرى داخل السودان، ما فجر أزمة إنسانية تنذر بزعزعة استقرار المنطقة فى وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من أن الجوع يهدد 19 مليون سودانى خلال ستة أشهر، إذا استمرت الحرب. . ويكابد أولئك الباقون فى الخرطوم للعيش وسط القتال مع انهيار الخدمات الصحية وانقطاع إمدادات الطاقة والمياه وتناقص المخزونات الغذائية. وشكا السكان من تزايد أعمال النهب والخروج على القانون بعد اختفاء الشرطة من الشوارع منذ بداية الصراع.



 

وتقول الأرقام الرسمية إن الصراع أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 676 قتيلًا و5576 مصابًا، ومع ذلك فإنه من المتوقع أن يكون العدد الحقيقى أكبر بكثير نظرًا لوجود العديد من البلاغات عن مفقودين ووجود جثث لم يتم دفنها.

واتفق الجانبان الأسبوع الماضى فى جدة على «إعلان مبادئ» لحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، لكن آليات التنفيذ ووقف إطلاق النار لا تزال قيد المناقشة.

واندلع الصراع بينما كان السودان يواجه بالفعل تحديات إنسانية شديدة، حيث يحتاج نحو ثلث السكان البالغ عددهم 46 مليون نسمة إلى المساعدة.

وقال برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة إنه بدأ أول عمليات توزيع للأغذية على الإطلاق فى ولاية الجزيرة، وهى منطقة زراعية جنوب الخرطوم فر إليها نازحون من العاصمة.

 اعتداء على السفارات

وأعلن الأردن تعرض مبنى سفارته فى العاصمة السودانية الخرطوم للاقتحام والتخريب، معربًا عن إدانته واستنكاره.

وأدانت الخارجية «أشكال العنف والتخريب، وخاصة تلك التى تستهدف المبانى الدبلوماسية وتنتهك حرمتها»، وأكدت «ضرورة احترام قواعد القانون الدولى والالتزام بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة وخاصة اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية».

وفى سياق متصل، أعلنت الخارجية الكويتية تعرض مقر سكنى بسفارتها فى العاصمة السودانية الخرطوم، إلى «اقتحام وتخريب».

وأدانت الخارجية، «هذا الاعتداء»، داعية السلطات وكافة الأطراف فى السودان، لسرعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة لتوفير الحماية الكاملة لمقار البعثات الدبلوماسية، و«معاقبة الجناة مرتكبى هذه الاقتحامات».

وفى أوائل مايو الجارى، أعلنت السعودية، فى بيان للخارجية «تعرض مبنى الملحقية الثقافية السعودية لدى السودان لاقتحام من قبل مجموعة مسلحة قامت بالتخريب».

 فوضى سياسية واقتصادية

كان السودان غارقًا قبل الحرب فى فوضى سياسية واقتصادية. وبعد شهر من المعارك بين قوات الجنرالين المتصارعين على السلطة، بات البلد مهددًا بالانهيار، ما يثير قلق دول الجوار وسط الأزمات التى تعانى منها هى نفسها.

 فى جميع أنحاء السودان، أحد أفقر بلدان العالم، يعيش 45 مليون مواطن فى الخوف ويعانون من أزمات غذائية تصل إلى حد الجوع.

وثلث سكان البلاد الذين كانوا قبل الحرب يعتمدون على المساعدة الغذائية الدولية، أصبحوا اليوم محرومين منها، فمخازن المنظمات الإنسانية تم نهبها كما علقت العديد من هذه المنظمات عملها بعد مقتل 18 من موظفيها. وحذرت الأمم المتحدة بأن الجوع سيطال 19 مليون سودانى فى غضون ستة أشهر، إذا استمرت الحرب.   

ارتفاع الأسعار وقلة السيولة

أصبحت السيولة نادرة. فالبنوك، التى تعرض بعضها للنهب، لم تفتح أبوابها منذ الخامس عشر من أبريل، فيما سجلت الأسعار ارتفاعًا حادًا وصل إلى أربعة أضعاف بالنسبة للمواد الغذائية و20 ضعفًا بالنسبة للوقود.

 ويعيش سكان الخرطوم الخمسة ملايين مختبئين فى منازلهم فى انتظار وقف إطلاق نار لم يتحقق حتى الآن، فيما تستمر الغارات الجوية والمعارك بالأسلحة الثقيلة ونيران المدفعية التى تطال حتى المستشفيات والمنازل.

 فى جدة بالسعودية، يجرى الطرفان محادثات حول وقف إطلاق نار «إنساني» للسماح للمدنيين بالخروج وإتاحة المجال لدخول المساعدات.

 ولكنهما لم يتفقا حتى الآن سوى على قواعد إنسانية بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات.  يقول الباحث على فرجي: «إذا لم يغير الطرفان طريقة تفكيرهما، فمن الصعب تصور ترجمة حقيقية على الأرض للالتزامات التى يوقعان عليها على الورق».

 ويكرر الخبراء والدبلوماسيون أن كلّا من الجنرالين «مقتنع بأنه يستطيع حسم الأمر عسكريًا».

 إفلات من المحاسبة

يقول أليكس روندوس ممثل الاتحاد الأوروبى السابق للقرن الأفريقى إن «الجيش والدعم السريع يخرقان الهدن بانتظام يدل على درجة غير مسبوقة من الإفلات من المحاسبة، حتى بالمعايير السودانية للنزاع».

عرف السودان الكثير من النزاعات. فى دارفور، أسفر قمع أقليات عرقية مطلع الألفية فى عهد عمر البشير (1989-2019) من قبل قوات الجيش وقوات دقلو المتحالفة آنذاك، عن سقوط 300 ألف قتيل ونزوح ما يزيد على 2,5 مليون شخص.

ولا تزال المنطقة إلى اليوم غير مستقرة. ومع اندلاع الحرب بين الجنرالين فى الخرطوم، بات الجميع يقاتل فى الإقليم الغربى فى السودان، الجيش وقوات الدعم السريع والمقاتلون القبليون ومدنيون مسلحون.

وتقول منظمة أطباء بلا حدود إن نازحى دارفور فى المخيمات «باتوا يأكلون وجبة واحدة يوميًا بدلًا من ثلاث وجبات».

 هجرة وانحسار التصنيع

 لم يعد هناك فى الخرطوم لا مطار ولا أجانب بعدما تم إجلاؤهم جميعًا على عجل فى الأيام الأولى للقتال، ولا مراكز تجارية إذ تعرضت كلها للنهب.

كما أغلقت الإدارات الحكومية «حتى إشعار آخر» ولم يتحدث الجنرالان إلا لتبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام.

وانتقلت بقايا الدولة إلى بورتسودان، على بعد 850 كيلومترًا شرقًا على ساحل البحر الأحمر.

 هناك، يسعى فريق مصغر من الأمم المتحدة للتفاوض على مرور المساعدات الإنسانية ويعقد بعض الوزراء وكبار المسئولين مؤتمرات صحافية يومية يحرصون فيها على توجيه رسائل طمأنة.

 مساعدات نقدية

وأطلق برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة برنامجًا للمساعدة النقدية الطارئة لدعم الضعفاء الفارين من الصراع فى السودان، حيث سيتم توفير منصة التسليم النقدى المنشأة مسبقًا لبرنامج الأغذية العالمى لوكالات الأمم المتحدة الشقيقة لتمكينها من تقديم مساعدتها بسرعة للأشخاص المعرضين للخطر الذين يصلون إلى مصر من السودان، وذلك وفقًا لما كشفته وكالات الأنباء الدولية.

وأجرى برنامج الأغذية العالمى والوكالات الشريكة تقييمًا سريعًا لتحديد أكثر الوافدين ضعفًا الذين يحتاجون إلى المساعدة، وستمكنهم المساعدة المقدمة إلى الأشخاص الذين تم تحديدهم من الحصول على الأغذية الأساسية وغيرها من الاحتياجات الأساسية، حيث تدعم وكالة الغذاء بالفعل أكثر من 100000 لاجئ فى مصر من خلال منصتها الحالية لتوصيل النقد.

وأشارت التقارير الدولية إلى أن برنامج الأغذية العالمى سيدعم الأسر الأكثر ضعفًا التى تصل إلى مصر والتى عبرت إلى البلاد دون أى شيء أو نفدت أموالها بعد رحلة طويلة ومحفوفة بالمخاطر.

وقال برافين أغراوال، ممثل برنامج الأغذية العالمى فى مصر: فى هذا الوقت الذى يسوده قدر كبير من عدم اليقين، تساعد المساعدة النقدية فى تأمين احتياجاتهم الأساسية، سيستفيد برنامج الأغذية العالمى من منصته للتسليم النقدى لوكالات الأمم المتحدة الشقيقة مثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وشركاء التنمية الآخرين لتمكينهم من الوصول بسرعة إلى الأسر الضعيفة التى تحتاج إلى الدعم.

تأتى هذه المساعدة بالإضافة إلى مجموعات الأغذية الجاهزة للأكل فى حالات الطوارئ التى يتم تلقيها من الوافدين الجدد عند الوصول.