الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. لحماية المصريين من التنمر وضياع الخصوصية .. حقوق الإنسان الرقمية على مائدة «الحوار الوطنى»

حقك.. لحماية المصريين من التنمر وضياع الخصوصية .. حقوق الإنسان الرقمية على مائدة «الحوار الوطنى»

خلال ندوة نظمها موقع مبتدا، دار حديث بينى وبين الزميل الكاتب الصحفى زكى القاضى مقرر المساعد للجنة الشباب بالحوار الوطنى حول جدول أعمال الحوار ومكان قضايا حقوق الإنسان والحريات فيه، وطرحت عليه ضرورة وضع حقوق الإنسان الرقمية فى الحسبان، خاصة أن الحوار يخاطب المستقبل ويرسم ملامح الجمهورية الجديدة، صحيح أن حقوق الإنسان الرقمية رافد حديث من روافد حقوق الإنسان إلا أنها تكتسب كل يوم أهمية متصاعدة نظرًا لسرعة تطور وسائل التواصل الحديثة وزيادة اعتماد الناس عليها، وهو ما يتطلب أن يكون الفضاء الرقمى بيئة آمنة للمواطن المصرى فى المستقبل.



 

الموضوع ليس محل نقاش داخلى فقط، بل نقاش دولى أيضًا حتى إن الأمم المتحدة دعت إلى ربط مبادئ حقوق الإنسان بما يجرى من تطور تقنى يسمح للإنسان بالتمتع بحقوق لم تكن معروفة عند وضع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان مثل الحق فى الوصول إلى خدمة الإنترنت على سبيل المثال، لكنها حذرت أيضًا من انتشار وتوغل شبكات التواصل الاجتماعى وتغولها على حق الإنسان فى الخصوصية وتنازل كثير من المواطنين عن بياناتهم مقابل الحصول على تطبيقات مجانية تحتكرها دول متقدمة.

والتحدى القائم مرتبط بغياب النصوص الفاعلة التى تواجه التعدى على خصوصية المستخدم ومؤسسات الدولة فى حالة الهجوم عليها من الخارج خاصة فيما يتعلق بالهجمات السيبرانية وتأثيرها الخطير على قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية، وهو ما يتطلب كثيرًا من التعاون الدولى وفرض قوانين دولية من شأنها إحكام السيطرة على تجاوزات وانتهاكات الفضاء السيبرانى وتمكن الدول من مواجهة الجريمة الإلكترونية العابرة لحدودها.

وترى الأمم المتحدة أن التكنولوجيات التى تستخدم البيانات استخدامًا كثيفًا، مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعى، تساهم فى إقامة بيئة رقمية تزداد فيها قدرة الدول ومؤسسات الأعمال على مراقبة سلوك الناس وتحليله وتوقّعه، بل التلاعب به أيضًا إلى حد غير مسبوق. وتنطوى هذه التطورات التكنولوجية على مخاطر كبيرة بالنسبة إلى الكرامة الإنسانية والاستقلالية والخصوصية وممارسة حقوق الإنسان بوجه عام، إذا ما تمَّ تطبيقها من دون ضمانات فعّالة.

كل هذه العوامل دفعت الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى تنظيم عدد من الجلسات التشاورية مع خبراء ونشرت تقارير لاستطلاع التحديات التى يواجهها الحق فى الخصوصية وحقوق الإنسان الأخرى فى العصر الرقمى.

وفى عام 2018 أطلقت المفوضية السامية مصطلح «الحق فى الخصوصية فى العصر الرقمى» عبر تقرير استعرض كيف يمكن معالجة بعض التحديات الملحة التى يواجهها الحق فى الخصوصية فى العصر الرقمى، ويسلط الضوء على أهم الاتجاهات الحالية، ويتناول التزامات الدول ومؤسسات الأعمال والضمانات ومسألة المراقبة. ويحدد التقرير العناصر الأساسية للأطر الخاصة بخصوصية البيانات، التى ينبغى على الدول ومؤسسات الأعمال اعتمادها.

وقال التقرير إن التكنولوجيات الرقمية توفر وسيلة جديدة لمناصرة حقوق الإنسان والدفاع عنها وممارستها والتأثير على جميع أنواع الحقوق، المدنية والسياسية منها، بالإضافة إلى الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، كما تصقل كيف يصل الناس إلى المعلومات ويشاركونها، وكيف يكوّنون آراءهم، ويناقشون، وكيف تتمّ تعبئتهم، حيث أحدثت التكنولوجيات الرقمية تحولات عميقة على «الساحة العامة»، ولكنها تُستخدم أيضًا لقمع الحقوق والحد منها وانتهاكها، من خلال المراقبة مثلاً والرقابة والمضايقات عبر الإنترنت والتحيز الخوارزمى وأتمتة عملية صنع القرار، كما يؤثر سوء استخدام التكنولوجيات الرقمية أيضًا بشكل غير متناسب على الأفراد والجماعات المهمشة، ما يؤدى إلى عدم المساواة والتمييز، سواء عبر الإنترنت أو فى الحياة الواقعية.

ودعا التقرير إلى المزيد من الرقابة والشفافية والمساءلة، مؤكدًا على أهمية إذكاء الوعى العام ومشاركة أصحاب المصلحة المتعددين، لا سيما ضمان مشاركة الأكثر تأثرًا بالتحول الرقمى.

وركز تقرير المفوضية الخاص بالحق فى الخصوصية فى العصر الرقمى (2021) على الآثار متعددة الأوجه للاستخدام المتزايد بشكل مطرد للذكاء الاصطناعى (AI) على التمتع بالحق فى الخصوصية والحقوق المرتبطة به.

وشدد على الحاجة الملحة لوقف بيع واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى التى تشكل خطرًا جسيمًا على حقوق الإنسان حتى يتم وضع الضمانات المناسبة، كما يدعو إلى حظر تطبيقات الذكاء الاصطناعى التى لا يمكن استخدامها بما يتوافق مع القانون الدولى لحقوق الإنسان.

وتدور حقوق الإنسان الرقمية حول انتهاكين رئيسيين وهما التنمر الإلكترونى الذى يشكل أخطر الانتهاكات فى مجال الحقوق الرقمية والاعتداء على الخصوصية وعدم أمان المرأة فى الفضاء الرقمى، وهو ما تحدثت عنه الدكتورة مايا مرسى رئيسة المجلس القومى للمرأة خلال مشاركتها فى فعاليات الدورة 67 للجنة وضعية المرأة بالأمم المتحدة، حيث أوضحت أن الجرائم الإلكترونية والتكنولوجية ضد النساء والفتيات سوف تؤدى إلى رد فعل عكسى وعنيف على تمكين المرأة، كما أنها تشكل عائقًا أمام مشاركتها المتساوية والفعالة، مما يؤدى إلى عدم تشجيع النساء والفتيات على تولى مناصب قيادية ومواقع صنع القرار، مؤكدة أن أشكال العنف السيبرانى ضد النساء والفتيات تشمل انتهاك الخصوصية، والتمييز، والتشهير، وخطاب الكراهية، والمطاردة الإلكترونية، والتنمر الإلكترونى، والمعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة، والتحريض على الكراهية.

وأضافت أن مصر بالشراكة مع يونيسيف أجرت سلسلة من المناقشات الجماعية المركزة مع الفتيات بهدف دراسة وفهم كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعى والألعاب الرقمية على سلامتهن ورفاهيتهن، حيث أشارت الفتيات إلى المخاطر الإلكترونية التى يتعرضن لها مثل سرقة الهوية وما يصاحبها من شعور بالاكتئاب والتقليل من احترام الذات، وذلك من واقع تجاربهن الشخصية وتجارب أقرانهن.

وأشارت الدكتورة مايا مرسى إلى إطلاق مصر لإطار الاستثمار فى الفتيات تحت رعاية السيدة انتصار السيسى «دوّى ونورة» بالتعاون مع اليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان بهدف تعليم الفتيات وتوعيتهن وتوجيههن وتمكينهن، مؤكدة على ضرورة الاستثمار فى تغيير السلوك وحملات التوعية من أجل إنشاء مساحات رقمية أكثر أمانًا، بالإضافة إلى استجابة شاملة تدمج حماية المرأة على الإنترنت فى سياسات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى، وتشجع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التى تتصدى للعنف السيبرانى من خلال تدابير وقائية مبتكرة، وتضمن وفاء الشركات ووسائل التواصل الاجتماعى والمنصات الإلكترونية بمسئولياتها، وذلك بهدف احترام حقوق المرأة.

أتصور أن ملف حقوق الإنسان الرقمية يحتاج مساحة مناسبة فى نقاشات لجنة حقوق الإنسان بالحوار الوطنى وأن يشارك فيها خبراء فى الاتصالات والتشريعات وخبراء حقوق الإنسان حتى يضعوا خارطة طريق تحفظ حقوق الإنسان المصرى فى عصر جديد.