الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

النسوية الإسلامية (وَطُورِ سِينِينَ): المرأة السيناوية.. وتحرير سيناء! "55"

يرى البعضُ أن تعاليم الإسلام تنظر للأنثى نظرة دونية مقارنة بالذكر، وهى رؤية تأسَّست على فهم غير صحيح لآيات قرآنية، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخـرف 19، (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) الطور 39، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى) النجم 21.



منذ  بداية كتابة التاريخ للدولة المصرية القديمة، والمرأة لها دور مؤثر فى الأسرة والمجتمع، فى السلام والحرب، وفى العصر الحديث مشاركة المرأة المصرية فى تحرير سيناء قبل وأثناء حرب أكتوبر 1973.

ومن الأدوار التى قامت بها المرأة فى حرب أكتوبر، دورها التطوعى فى المستشفيات، وفى حملات جمع التبرعات، كما كانت الأم للابن البطل، والزوجة للشهيد.

فقد تحملت المرأة كثيرًا أثناء الحرب، فهى التى دفعت بالابن والزوج على خطوط الجبهة، وهى التى هجرت من بلدها بسبب الحرب، وهى التى غرست الصبر والتحمل فى نفوس أولادها لخلق جيل جديد قادر على >مواجهة التحديات

وقد وصل عدد المتطوعات فى الهلال الأحمر إلى 5 آلاف متطوعة، كما شاركت فى جمع التبرعات، وتكوين اللجان النسوية للتبرع للجيش المصرى، من بينها لجنة نسوية تضم آلاف السيدات فى جمع التبرعات، شاركن برواتبهن فى التبرع للجيش فيما عرف بدعم المجهود الحربى.

ودور المرأة الأكبر تمثل فى التطوع وحملات التبرع بالمال والدم، والعمل فى المستشفيات لرعاية جرحى الحرب من المصابين، لمساعدة الجيش فى عملية التسليح وإعادة البناء استعدادًا للحرب.

كما قامت المرأة بدور إعلامى من خلال دعم القضية المصرية دوليًا، مثل تشكيل لجنة تختص بترجمة ما يتعلق بالقضية المصرية وإبراز عدالتها على المستوى الدولى، وإرسال هذه الترجمات إلى الاتحادات والمنظمات النسائية العالمية.

كما تكونت مجموعة لترجمة كل ما يكتب عن القضية المصرية وإرساله لمختلف الاتحادات والمنظمات النسائية فى العالم لإعلام المرأة فى العالم بحقيقة ما يدور فى الشرق الأوسط.

وبعض النساء شاركن فى المقاومة الشعبية بالسويس، من خلال العمل على نقل الذخيرة وعلاج الجرحى، كما شاركت المرأة فى حرب أكتوبر من خلال مقار التنظيم النسائى والجمعيات النسائية الأهلية فى خدمة أسر الشهداء والجرحى، وفى تنشيط الحملات الإعلامية للتطوع فى التمريض والتبرع بالدم.

وأثناء الحرب عملت المرأة بالمستشفيات من خلال الهلال الأحمر، كما قامت السيدات من زوجات المسئولين والوزراء والضباط، بجمع التبرعات وشراء جميع احتياجات الأسرة، وتوزيعها على الأسر التى فقدت العائل بالاستشهاد فى الحرب أو الإصابة.

وأيضًا معامل الدم خلال هذه الفترة فى الإسكندرية والقاهرة وأسيوط والمنصورة امتلأت بأكياس الدم من المتبرعين ولم يعد هناك إمكانية لقبول متبرعين جدد.

بدويات سيناء

النساء البدويات فى سيناء كان منهن المناضلات، وكانت البدويات يساهمن بشكل خفى فى توصيل السلاح للجنود المصريين.

ومن شجاعة النساء البدويات عندما اشتركن فى معسكر تدريبى قبل حرب أكتوبر، ليتعلمن فيه طريقة إشعال فتيل القنبلة، وكيفية زرع الألغام، كما تدربن على إطلاق الرصاص تحسبًا للحرب المتوقع حدوثها.

وكانت المرأة البدوية من أهم وسائل الاتصال بين قيادات الجيش فى القاهرة وبين الجنود فى سيناء، وتم استخدام بدويات سيناء فى توصيل الرسائل والمعلومات لجنود الجيش خلال فترة الحرب، حفاظًا على سرية المعلومات.

وكانت بدويات سيناء يتركن أطفالهن، ويذهبن للجبهة لتوزيع الخبز على جنود الجيش، ويرعين الجرحى، وقفت المرأة إلى جانب الرجال تبنى معهم حائط الصواريخ، ولم تتراجع أو تخف، كانت قوية تفهم دورها ودور أولادها وزوجها من أجل مصر.

ومن هنا كانت مشاركًا أساسيًا فى بناء حائط البطولات، ليس البناء المادى فقط وإنما البطولة بكل معانيها، فهو الحائط الذى بنى بدماء آلاف من رجال وسيدات مصر.

سيناء فى القرآن

مصر من الأماكن التى تحدث عنها القرآن الكريم، وتحدث عن جزء منها هو سيناء، والتى شهدت انتقال بعض الأنبياء من فلسطين إلى مصر، مثل رحلة النبى إبراهيم عبر سيناء، ورحلة النبى يوسف طفلًا بعدما اشترته القافلة وسارت به لمصر، واستقباله لأبيه النبى يعقوب وأهله عند الحدود الشرقية فى سيناء: (وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ) يوسف 99، ورحلة النبى عيسى والسيدة مريم لمصر.

كما كان لسيناء نصيب فى قصة النبى موسى عليه السلام، رحل منها لمدين، ثم عاد من خلالها لمصر ومعه زوجته، ثم انتقل بقومه لسيناء هربًا من فرعون وجنوده، وقد أوجد له تعالى 12 عينًا للمياه ليسقى منها قومه، والتى سميت بعد ذلك بعيون موسى، كما حدث لقاء النبى موسى بالعبد الصالح بمجمع البحرين عند التقاء خليج العقبة وخليج السويس بجنوب سيناء.

ويقسم تعالى بالتين والزيتون وهما من زرع سيناء: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ. وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ) التين 1-3 ثم يقسم بجبل الطور، ثم يقسم بمكة.

ويتكرر فى القرآن الربط بين جبل الطور والكعبة: (وَالطُّورِ. وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ. فِى رَقٍّ مَّنشُورٍ. وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) الطور 1-4، والطور جاء قبل الكعبة وهى البيت المعمور، وهو نفس الترتيب فى سورة التين، ويشير إلى أن الطور شهد نزول التوراة للنبى موسى عليه السلام، وبعد ذلك شهدت مكة نزول القرآن للنبى محمد عليه الصلاة والسلام.

وقد تكررت كلمة الطور فى القرآن 10 مرات، وكلها فى الحديث عن جبل الطور فى سيناء، والذى ينفرد من بين جبال الأرض بالقدسية، حيث شهد الوحى الإلهى بالتوراة للنبى موسى عليه السلام.

ولم تأتِ كلمة الطور فى القرآن الكريم إلا فى الحديث عن طور سيناء، ووصف تعالى جبل الطور بطوى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى. إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) النازعات 15 - 16. 

وكلمة جبل جاءت فى القرآن الكريم فى ستة مواضع، ثلاثة منها جاءت نكرة، وثلاثة جاءت فيها معرفة تدل على جبل الطور.

كما جاءت سورة باسم الطور نسبة لطور سيناء، وفيها يقسم تعالى بجبل الطور فى سيناء: (وَالطُّورِ. وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ. فِى رَقٍّ مَّنشُورٍ. وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) الطور 1-4، فى الآيات الربط بين جبل الطور والكعبة، لأن الطور شهد نزول التوراة، ثم شهدت مكة نزول القرآن.

والقسم بقرب قيام الساعة والعذاب للمكذبين بوحى الله الذى نزل التوراة على النبى موسى، ثم القرآن على النبى محمد، وهو نفس الترتيب فى سورة التين: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ. وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ) التين 1-3. 

سيناء والوحى

وسيناء عبرها النبى موسى عليه السلام إلى مدين، ثم عاد إلى مصر ومعه زوجته، ثم خرج النبى موسى بقومه إلى سيناء، وكلم تعالى النبى موسى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) النساء 164، فى أرض مصر.

لقد شهد جبل الطور فى سيناء وحيًا من الله تعالى إلى النبى موسى، فى الوقت الذى كان عائدًا بزوجته فرأى نارًا بجانب شجرة، وحين اقترب منها سمع كلام الله تعالى له: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِى مِن شَاطِئِ الْوَادِى الأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) القصص 30.

ووصف تعالى مكان الوحى بالبقعة المباركة، وفى موضع آخر وصفه بالوادى المقدس الذى تقدس وتطهر بالحوار بين الله تعالى وموسى عليه السلام: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّى آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِى يَا مُوسَى إِنِّى أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) طه 9، وجبل الطور فيه الوادى المقدس طوى، ولذلك فإن الله يأمر النبى موسى بأن يخلع نعليه حين يدخله، لأن ذلك الوادى اكتسب قدسية بكلام الله تعالى.

كما شهد جبل الطور إعطاء العهد والميثاق على بنى إسرائيل، وفيه رفع الله جبل الطور فوق رؤوسهم فسجدوا لله تعالى رعبًا وهم ينظرون إلى الجبل المرفوع فوقهم كأنه ظلة، وفى ذلك الموقف الرهيب أخذ الله عليهم العهد والميثاق، ويقول الله تعالى يصف ذلك الحدث (وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأعراف 171.

لقد واعد الله النبى موسى أربعين ليلة وفيها تلقى الألواح من الله، وأثناء الحوار طلب موسى أن يرى ربه: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِى وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِى فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) الأعراف 143.

ظاهرة فريدة جرت أحداثها فوق أرض سيناء، حيث تجلى الله تعالى للجبل فجعله دكًا، ولم يحدث هذا فى أى مكان فى الأرض إلا فى مصر.

أراد الله لمصر أن تكون أرضًا مباركة، وأن تستمر الحياة فيها وتكون المرأة مؤثرة فى الحياة، فمسيرة المرأة جزء من مسيرة المجتمع، وللمرأة دور مهم فى التطور الاجتماعى والاقتصادى والسياسى، مما يعكس وجود المرأة الفاعل إيجابيًا فى الحياة.