الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تناوَل السحور مع العاملين بالعاصمة الإدارية.. الرئيس السيسى يفتتح مركز مصر الثقافى الإسلامى ويتفقد دار القرآن الكريم

فى جَوٍّ إيمانى احتفائى بقدوم شهر رمضان المبارك، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى مركزَ مصر الإسلامى بالعاصمة الإدارية الجديدة، كما شارك الرئيسُ فجر الخميس، فى مائدة السحور بأولى ليالى شهر رمضان الكريم، مع المهندسين والعاملين فى العاصمة الإدارية.



حضر المائدة، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، ومفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة، وعدد من المسئولين وكبار رجال الدولة.

وألقى الرئيس السيسى، التحية للحضور، مُهنئًا إيّاهم بمناسبة شهر رمضان الكريم.

 سحور رمضانى

أعرب الرئيسُ عبدالفتاح السيسى، عن شكره للعاملين فى العاصمة الإدارية الجديدة، قائلاً: أشكر الشباب و«الأيدى العَفية» التى تبنى وتعمل بالعاصمة، على مدار الأعوام الماضية.

وأضاف الرئيس السيسى: إن هذه القطعة من الأرض، كانت صحراء قبل فترة، وأضحت الآن صرحًا معماريًا حضاريًا، بفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل العاملين فيها، الذين قاموا بمجهودات وأعمال رائعة. وتمنّى الرئيس السيسى؛ أن تشهد مصرُ «أيامًا طيبة وجميلة، وفيها كرم ربنا سبحانه وتعالى». واستهل الرئيس، حديثه للعاملين بالعاصمة الإدارية، قائلاً: «أرجو ألاّ نكون أثقلنا عليكم جميعًا، وألاّ نحرم الأسَر من سحور أول يوم للشهر الكريم.. لكن كان من المهم أن نكون سويًا فى هذه المناسبة المهمة».

عقب ذلك، قدّمت مجموعة من الشباب المشاركين فى مسابقة (الدوم)، أمامَ الرئيس عبدالفتاح السيسى، معزوفًات موسيقية وفنية، أبرزها «رمضان جانا». واستهل مصطفى ذكرى، الفائز بمسابقة (الدوم) عن فئة الغناء، الفقرة الفنية أمامَ الرئيس السيسى، بإنشاد أغنية «لأجل النبى».

فى حين قدّم أحمد الشواف، من مشاركى برنامج (الدوم)، الشكرَ للرئيس السيسى، حاملاً التحية من مسقط رأسه فى حلايب، معربًا عن فخره بالإنجازات التى جرى تشييدها بالعاصمة الإدارية.

كما قدّمت الشابة أمانى سمير، من فائزى (الدوم) عن فئة الغناء، مقطعًا موسيقيًا من أغنية أم كلثوم (بِرِضَاك).

 مركز مصر الإسلامى.. صرحٌ عملاقٌ

عقب ذلك، توجَّه الرئيسُ السيسى إلى مركز مصر الثقافى الإسلامى؛ حيث شهد إزاحة ستار افتتاحه رسميًا، واستمع إلى شرح تفصيلى من إحدى القيادات التابعة القوات المسلحة، القائمة على المشروع؛ لتصميم مركز مصر الثقافى الإسلامى، قائلاً: «إن المشروع يقع على محور بن زايد الشمالى والمرتفع له 24 مترًا عن مستوى سطح المنطقة الشمالية، وسور 1200 متر مسطح، وتوجد فى الناحية الجنوبية، بوابتان بـ 460 مترًا مسطحًا، كما يوجد ممر المراسم بإجمالى 8280 مترًا مسطحًا».

وأوضح أن المركز الثقافى يتكون من مركز إعلام ومكتبة عامّة، وأماكن لتحفيظ القرآن، علاوة على الخدمات، التى تخدم المسطح العلوى أو الساحة العلوية للمسجد، وهى عبارة عن 81 «دورة مياه»، وتوجد 10 أبواب، وهى: 4 من الجانب الشرقى و4 من الجانب الغربى واثنان من الجانب الشمالى وتخدم المُصلين والمركز الإسلامى.

كما يحتوى المركز الثقافى على 160 محلاً تجاريًا تخدم المُصلين.. كما توجد ساحة علوية تتسع لـ 55 ألف مُصَلٍّ، فى حين يسع المسجد نفسه لنحو 12 ألف مُصَلٍّ، والساحة الشمالية والسفلية تسع لـ 61 ألف مُصَلٍّ، بالإضافة إلى ألفَىْ مُصَلٍّ داخل المسجد الثقافى الإسلامى، بإجمالى 130 ألف مُصَلٍّ للمسجد بالكامل.

ويحتوى المركز على مبنيَيْن؛ الأول طوله 147 مترًا من منسوب سطح الساحة العلوية، كما يوجد مجمع للقاعات وهو عبارة عن 3 قاعات، 2500 متر فى المنطقة الشرقية، ومساحة مماثلة فى المنطقة الغربية، ويسع كل مبنى لنحو 300 فرد.

وتوجد «دار القرآن»، وهى عبارة عن 6800 متر مسطح، مقسّمة إلى 30 ديوانًا، كل ديوان خاص بجزء من القرآن الكريم، خلاف المَناطق الداخلية للأبحاث والندوات التى تتم داخله، وقال: «يوجد لدينا مصحف سيدنا عثمان- رضى الله عنه- وهو عبارة عن 1087 صحفة، وهو أكبر مصحف لسيدنا عثمان، كما يوجد مصحف آخر مكون من نحو 400 صفحة فقط».

وقد حصل المسجد على ثلاث شهادات عالمية فى المقاسات المختلفة من «موسوعة چينيس»، أول شهادة حصل عليها المسجد من المنبر الداخلى لارتفاعه 16 مترًا و45 سم، ويُعَد أكبر منبر فى العالم يتم تنفيذه فى العالم الإسلامى من أجود أنواع الأخشاب ويدوى و«بالتعشيق»، بالإضافة إلى «النجفة» الموجودة فى المسجد حاصلة على شهادتَيْن من «موسوعة چينيس»؛ الأولى منها قُطر النجف 22 مترًا، وهى عبارة عن أربعة «أدوار»، وهى أكبر نجفة فى العالم، والثانية من حيث الوزن، الذى يصل إلى 50 طنًا، وحصلت بموجبه على شهادة أثقل وزن «نجفة» فى العالم. مضيفًا: إن المجمع بالكامل دليل قوى على تسامح الإسلام والتكامل بين الأديان السماوية.

 دار القرآن الكريم

عقب ذلك، تفقّد الرئيسُ السيسى، دارَ القرآن الكريم بمركز مصر الثقافى الإسلامى، بالعاصمة الإدارية الجديدة؛ حيث جال فى أروقته، واستمع إلى شرح تفصيلى من الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية.

رافَقَ الرئيس السيسى فى جولته داخل الدار، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، ومفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، ووزير الداخلية اللواء محمود توفيق، ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة، ووزير الخارجية سامح شكرى، وعدد من المسئولين وكبار رجال الدولة، إضافة إلى عدد من الدبلوماسيين العرب والأفارقة.

وقدّم الأزهرى، شرحًا مُفصلاً للرئيس، قائلاً إن الدار تتكون من 30 ديوانًا، وكل ديوان جرى «نقش» جزء من أجزاء القرآن الكريم كاملاً به؛ لكى يعيش من يزور كل ديوان، فى قلب هذا الجزء من القرآن الكريم.

وأشار إلى أن المكان تحيطه الزخارف الراقية المنحوتة فى الحَجَر بصبر وتفانٍ وحُب. موضحًا أن الجزءَ الأول من القرآن الكريم يبدأ بزخارف صورة الفاتحة، وكل ديوان يشتمل على 20 صفحة ليست مصورة؛ بل منقوشة نقشًا على الحَجَر؛ بهدف إعادة إحياء وتدريب همّة المصرى القديم، الذى كان ينقش العلوم والمَعارف على الحَجَر.

وأضاف: إن كل جزء فى المكان ناطق بآيات القرآن الكريم والزخارف البديعة التى تملأ وعى الإنسان، والجَو المُحيط به بجلال العظمة. لافتًا إلى أن الجزءَ الأول من القرآن الكريم من القيم التى نرسلها للبشرية من خلاله (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ)، وهى أول رسالة العِلْم التى نتوجّه بها من الدار إلى العالم بأكمله.

وأكمل الأزهرى، شرحه فى غرفة أخرى؛ حيث يظهر الجزءُ الأول من القرآن الكريم مكوَّنًا من 21 صفحة، على لوح منقوشة على الحَجَر، أمّا الجزءُ الأخيرُ فيحتوى على 23 صفحة؛ لوجود فواصل فى قصارَى سُوَر القرآن الكريم، وبيّن أن الزخارف الموجودة على جدران الدار هى نمط أبدع فيه المسلمون عبر التاريخ.

وبَعد ذلك، اصطحب الأزهرى، الرئيسَ السيسى، إلى ديوان آخر فى دار القرآن الكريم، به «سورة يوسف»، كما انتقلا إلى ممر مقابل يشتمل على 16 ديوانًا، يكمل 16 جزءًا من القرآن الكريم، وكل جزء يحمل معنى الجَمال.. وقال الأزهرى: «نقدّم هدية للناس.. رسالة من دار القرآن الكريم من مسجد مصر من أرض الكنانة مصر لكل إنسان على وجه الأرض.. فالقرآن يُعَلم الناسَ إكرامَ كل إنسان، والإنسانُ خُلق ليُكرَّمَ، والأمُّ خُلقت لتبَرَّ، والوطنُ خُلق ليُحَبَّ».

وتابع الرئيسُ مع الأزهرى أجزاءً أخرَى من القرآن الكريم، ومنه الجزء 26؛ حيث توجد سورتا الفتح والحُجُرات، وقال الأزهرى: من سورة الحُجرات نأخذ للناس قيمة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، بينما تنطلق نظريات وفلسفات مغلوطة تدّعى أن علاقة الشعوب والأمم والحضارات هى الصّدام والصّراع، فإذا بالقرآن الكريم يقول (ليتعارفوا) فنستطيع تقديم نظرية إلى العالم عن (تعارُف الحضارات)».

وأضاف الأزهرى: إن هناك ثلاثة مواضع فى القرآن الكريم وصفها الله بالأمان، الأول، جنات النعيم، (إِنَّ ٱلمُتَّقِینَ فِی جَنَّـت وَعُیُونٍ، ٱدخُلُوهَا بِسَلَـمٍ ءَامِنِینَ)، والموضع الثانى، المسجد الحرام، (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)؛ أمّا عن الموضع الثالث فكان عن مصر (ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)، وأخذنا كلمة (آمنين) من الآيات الثلاث وتم تثبيتها وتكبيرها فى الموضع المذكور بكل آية.

وأشار إلى أن مصر ذُكرت فى التوراة والإنجيل والقرآن الكريم، كما ذُكرت سيناء أيضًا، فى إشارة إلى ما تحظى به مصرُ من تقدير فى سائر الكتب السماوية وفى الوحى الإلهى على تعاقد أدواره.

ولفت إلى أن بَعد صناعة هذا الإبداع فى دار القرآن الكريم، جرَى تحويله إلى هوية بصرية عبر النحت فى الرخام.

ومِسْك الختام المصحف الشريف العثمانى، الذى تفقّده الرئيسُ السيسى ومرافقوه، والذى يُعَد أثمَن ما أهدى إلى «دار القرآن» وهو مصحف سيدنا عثمان بن عفان»؛ حيث يزن المصحف 80 كيلو جرامًا، ويشتمل على 1087 صفحة وهو بالخط الكوفى القديم غير منقوط أو مُشَكل أو مُقَسَّم إلى أحزاب وأرباع.

وقال الأزهرى: إن هذا المصحف ظل محفوظا فى مسجد عمرو بن العاص على مدى 400 عام، ثم انتقل إلى المَدرسة الفاضيلية، وصاحبها اشترَى المصحف الشريف بـ 30 ألف دينار دهب؛ تقديرًا وتعظيمًا للمصحف، ثم أنشأ له السُّلطان الغورى قبته الخاصة؛ ليودع فيه المصحف الشريف، ووُثّق أنه مصحف عثمانى، ثم نُقل على يد أسرة محمد على باشا إلى قلعة صلاح الدين (مَقر حُكم مصر)؛ اعتزازًا عبر التاريخ بهذه النسخة الشديدة الندرة من المصحف الشريف، ثم نُقل إلى مسجد سيدنا الحسين ثم مسجد السيدة زينب فى مركز المخطوطات فى الأوقاف ثم جرَى إيداعه فى «دار القرآن» بالعاصمة الإدارية.

وبيّن أن السُّلطان الغورى صَنع لهذا المصحف الشريف، حافظة من الجلد مُدهبة فى غاية النفاثة، وبسبب «الزخارف النفيسة الموجودة عليها»، جرَى وضْع مرآة ترَى من خلالها الزخارف.

واختتم مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية شرحه بالقول: إن دار القرآن ستكون مقصدًا للزائرين من أنحاء العالم، وهدية مصر ومنارة للعالم بأكمله.

ويُعَد مركزُ مصر الثقافى الإسلامى فى العاصمة الإدارية الجديدة إنجازًا كبيرًا ومن أهم المشروعات التى تم إنشاؤها فى العاصمة الإدارية الجديدة، وتم إنشاء المركز الثقافى الإسلامى بأحدث الإمكانيات العالمية ليكون مركزًا بمستوى عالمى يهدف إلى النمو الفكرى والثقافى والدينى والاجتماعى، كما يُعَد المركز من المراكز الثقافية المهمة فى مصر وإفريقيا.

 صلاة الفَجر فى مسجد مصر

وفى أعقاب ذلك، أدّى الرئيسُ السيسى، صلاةَ فَجْر أول أيام شهر رمضان المبارك، فى مسجد مصر، بالعاصمة الإدارية.

وألقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، كلمة خلال شعائر صلاة الفَجْر من مسجد مصر بالمركز الثقافى الإسلامى. 

وقال فضيلة الإمام الأكبر، عقب تقديم التهنئة للرئيس والأمّتين العربية والإسلامية بحلول شهر رمضان الفضيل: إن من بشائر الأمل، والفأل الحَسَن أن يتم افتتاح مركز مصر الثقافى الإسلامى ومسجد مصر بالعاصمة الإدارية الجديدة فى الساعات الأولى من صيام شهر رمضان المبارك، والذى يشهد المسلمون بداية أيامه؛ الأمر الذى يشير إلى تعانق العِلْم مع العبادة فى الإسلام.

وتابع الإمام الطيب: «إن شهر رمضان الكريم، والذى نستفتح فى ساعاته الأولى صيامه فُرض قبل فرض الزكاة، رُغْمَ أنه يُذكر بَعدها»؛ مُعللاً ذلك أن «الصيام أشد أركان الإسلام مشقة على النفس؛ ولذلك جاء ترتيب الأركان من الأخف على النفس كما يقول العلماءُ، فالصائمُ بالاستغناء كأنه يعبد ربَّه بصفة من صفاته تعالى».