الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى مملكة الحريات واللجوء السياسى للإرهابيين: الشــرطة البريطانـية «متحرشة» وفاسدة

فى مملكة الحرية وحقوق الإنسان ورفض تسليم المجرمين ومنحهم الجنسية البريطانية وإيواء الإرهاربيين كشفت صحيفة ذا أوبزرڤر البريطانية أن حوالى 80 ضابطًا فى تشكيلات أمنية مختلفة بكل من إنجلترا وويلز يواجهون إجراءات تأديبية بسبب سلوكهم غير المناسب بربط علاقات جنسية أو تواصل ذى طابع جنسى مع ضحايا وشهود ومشتبه بهم وذلك منذ عام 2018.



وقالت الجارديان التى تصدر من نفس مؤسسة ذا أوبزرڤر إن المعلومات التى تم التوصل إليها بفضل قوانين ضمان حرية الوصول للمعلومات أظهرت أن كل الضباط المشتبه بهم استقالوا من وظائفهم باستثناء عشرة فى حين يواجه اثنان منهم فقط تهمًا جنائية، واعتبرت چيميما أولشاوسكى المديرة التنفيذية لمنظمة فاوست سوسايتى (Fawcett Society) المهتمة بحقوق المرأة فى تصريحات لصحيفة ذا أوبزرڤر أن الأرقام تكشف فقط الجزء الظاهر من جبل الجليد حيث إن نساء كثيرات يعانين من تجاوزات مماثلة من قبل ضباط بالخدمة لكن بدون أن يسمع لهن صوت. ونقلت الجارديان عن چين باتلر رئيسة قسم أزمة الاغتصاب فى إنجلترا وويلز قولها إن كل ضابط يسىء استخدام سلطته يزيد من تآكل ثقة الجمهور بالشرطة، ولذلك السبب لا يمكن أن يكون هناك أى مجال للتهاون عندما يتعلق الأمر بالذين أساءوا استغلال موقعهم فى السلطة.

وفى تحقيقات داخلية فإن الأرقام تأتى فى وقت أثيرت فيه تقارير كثيرة عن سلوكيات غير لائقة وعنف جنسى لضباط شرطة وهى موضوع تحقيقات داخلية متعددة حاليًا. ونشرت بريطانيات كثيرات قصص تعرضهن لاعتداءات جنسية وعمليات تحرش على يد ضباط شرطة فى مواقع عديدة بينها موقع بوليس مى تو؛ وأكدت بعضهن أن ما تعرضن له جعلهن يعانين معاناة نفسية شديدة وبعضهن فكرن فى الانتحار. وقد صرحت هيئات الشرطة لصحيفة أوبزرڤر بأنها تعطى الأولوية لمحاربة ظاهرة التحرش والاعتداء التى يقف خلفها ضباط شرطة مشددة على أن الجماهير يجب أن تعلم أن الشرطة ستتعامل مع أى تجاوزات لحقوق الإنسان أيًا كان مرتكبها.

ويعيش جهاز الشرطة البريطانية على وقع فضائح الكشف عن عدد من الجرائم التى تورط فيها رجال شرطة أثناء مزاولة عملهم وسيذكر التاريخ أن رجلا ينتمى للشرطة البريطانية يعد من أكثر الرجال ارتكابًا لجرائم الاغتصاب فى تاريخ البلاد. وتسود بريطانيا حالة من الصدمة بعد أن اعترف رجل الشرطة داڤيك كاريك بارتكاب 49 جريمة اعتداء على نساء منها 24 جريمة اغتصاب على مدار 18 سنة. وشغل داڤيك منصب ضابط شرطة وكان مكلفًا بحماية البرلمانيين والسياسيين وذلك جعله يتميز بوضع اعتبارى جيد داخل جهاز الشرطة ؛ وتستنفر أجهزة الشرطة هذه الأيام لمراجعة جميع سجلات الضباط وكذلك متابعة كل الشكاوى الواردة ضد رجال الشرطة.

وتعتبر قضية الضابط داڤيك كاريك هى التى فضحت كل ممارسات الشرطة البريطانية عقب سلسلة من الجرائم التى تورط فيها رجال الشرطة وخرجت للعلن وأحدثت صدمة لدى الرأى العام العالمى بعد سنوات من التغاضى عن مئات الشكاوى التى وردت ضد رجال الشرطة؛ كما أظهر تقرير لجنة تحقيق مستقلة. وقد بدأ الضغط يزداد على الشرطة البريطانية فى منتصف 2022 بعد قيام رجل شرطة باختطاف الشابة البريطانية سارة إيڤرارد واغتصابها وحرق جثتها فى جريمة هزت بريطانيا. وبعد ذلك بأسابيع قليلة تورط شرطيان فى جريمة تصوير جثتين لأختين من الأقلية السوداء تعرضتا للقتل وقاما بنشر هذه الصور على مجموعات واتساب مع تعليقات عنصرية. فى هذه اللحظة بدأ الخناق يشتد على القائدة السابقة للشرطة البريطانية كريسيدا ديك التى اتهمت بالتساهل مع الشكاوى المقدمة ضد رجال الشرطة وبالتقاعس عن معاقبة المتورطين فى جرائم اعتداءات جنسية لتضطر قائدة الشرطة إلى الاستقالة من منصبها.

بعد ذلك توالت التحقيقات ليظهر أن جريمة اغتصاب الشابة سارة إيڤرارد وحرقها تخفى غابة من الجرائم البشعة واللا أخلاقية منها ما كشف عنه تحقيق فى شهر يوليو من العام الماضى مع شرطى برتبة كبير المفتشين بتهمة التواطؤ من أجل ترويج صور للأطفال لأغراض جنسية. ومع توالى التحقيقات مع المسئول الأمنى وقبل إدانته أعلن العثور عليه ميتا داخل بيته فى ضواحى العاصمة لندن. ومع ذلك دافعت الشرطة البريطانية عن عناصرها الذين تصدوا للوقفة التضامنية مع سارة ايڤرارد؛ وزاد تقرير لجنة كاسى المكلفة بالتحقيق فى سلوك الشرطة البريطانية من الضغوط على القادة الأمنيين للتعامل بصرامة مع تجاوزات رجال الشرطة. وكشف تقرير البارونة كاسى عن آلاف الجرائم التى ارتكبت على أيدى رجال شرطة ومنهم شرطى آخر متهم بأكثر من 11 خرقًا لقواعد العمل الأمنى ومع ذلك ما زال فى عمله. ووفقًا للتقرير فإن 1809 من رجال الشرطة تم تقديم شكاوى ضدهم بانتهاكات مختلفة منهم 500 يواجهون بين 3 إلى 5 شكاوى منذ عام 2013 حتى اليوم بدون محاسبتهم أو متابعة هذه الشكاوى.

وتختلف هذه الانتهاكات بين الاعتداءات الجنسية واستعمال العنف والابتزاز والتحرش والعنصرية وغير ذلك ؛ وكان اللافت فى تقرير لجنة التحقيق هو الإقرار بأن هناك إفلاتًا ممنهجًا من العقاب وتغاضيًا عن النظر فى هذه الشكاوى التى تستمر سنوات بدون حل. وقد بدأت الشرطة البريطانية فى إجراء تحقيق مع 800 شرطى بتهم اعتداء جنسى عقب سلسة الحوادث الصادمة؛ وأعلنت الشرطة البريطانية القبض على أكثر من ألف رجل شرطة بعد أن ثبت تورطهم فى انتهاكات قانونية. وقال قائد الشرطة مارك رويلى إن فرقه تحقق حاليًا فى أكثر من ألف شكوى تتعلق بالاعتداء الجنسى والاغتصاب ضد 800 من رجال الشرطة مشيرًا إلى أن سجلات أكثر من 45 ألف من رجال الشرطة سوف تتم مراجعتها وأقر القائد بالفشل فى التعامل مع هذه الشكاوى فى الماضى. ويبدو أنها أكبر عملية تحقيق داخلية لجهاز الشرطة البريطانية حيث يشهد التحقيق مراجعة أكثر من 1600 شكوى باعتداء جنسى واغتصاب تورط فيها رجال الشرطة على مدار السنوات العشر الماضية.

ورغم وصف وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان لإدانة الضابط داڤيك كاريك باغتصاب عشرات السيدات بأنه يوم أسود فى تاريخ بريطانيا فإنها حذرت الرأى العام البريطانى من احتمال وجود جرائم ربما أكثر فظاعة قد تكشف عنها التحقيقات التى تقودها الشرطة البريطانية. ومن أجل تجاوز عقدة صعوبة طرد رجال الشرطة فقد أعلنت وزيرة الداخلية أنها تشتغل على تعديل القانون الداخلى الخاص برجال الشرطة بحيث يكون من السهل طردهم من مناصبهم إذا ثبت تورطهم فى انتهاكات حقوقية. وفى أول رد فعل على التقرير أعلن المفتش العام للشرطة البريطانية السير مارك رولى أنه مصدوم من المحتويات المروعة لهذا التقرير وأقر المسئول البريطانى بأن العديد من رجال الشرطة كان يجب طردهم منذ مدة طويلة لكنهم واصلوا الحفاظ على مناصبهم. وأعلن رولى أن المئات من رجال الشرطة سوف يتم طردهم بعد أن كشفت لجنة تقصى الحقائق تورطهم فى عدد من الجرائم ليكون هذا القرار واحدًا من أكبر عمليات الطرد التى تحدث فى سلك الشرطة البريطانية فى تاريخها.

وقدم كبير المسئولين الأمنيين البريطانيين اعتذاره للشعب البريطانى ولضحايا التجاوزات التى قام بها رجال الشرطة ولأسرهم إضافة إلى رجال الشرطة الصادقين والملتزمين الذين كانوا يشعرون أنه تم التخلى عنهم فى مقابل محاباة رجال الشرطة المذنبين. واعترف رئيس الشرطة الذى تم تعيينه الشهر الماضى بوجود أنماط تمييز غير مقبول ضد الأقليات فى الشرطة ترقى إلى التحيز المنهجى ضد الضباط والموظفين الآسيويين والسود، بل إن المتحدث أكد بكثير من التأثر أنه من الصعب على المرء أن يتمالك دموعه وهو يقرأ كيف عانى الناس ولم تتم معاقبة المذنبين. 

وعلى جانب آخر نشرت صحيفة ذا تايمز البريطانية تقريرًا يقول: إن الشرطة وخدمات الإطفاء والإنقاذ البريطانية بصدد تجنيد أشخاص لهم صلات بالجريمة المنظمة الخطيرة ولهم تاريخ فى السلوك العدوانى. وأوضح التقرير أن المرشحين للتجنيد بعضهم أدين بالسرقة والتهتك الجنسى البذىء والعنف المنزلى وكان أحدهم قوادًا وقبض على آخرين وهم يكذبون بشأن تورط أسرهم فى جرائم خطيرة بما فى ذلك الاتجار بالمخدرات. وقالت لجنة التفتيش إن المئات إن لم يكن الآلاف من الضباط الفاسدين كانوا يعملون فى إنجلترا وويلز مشيرة إلى أن الشرطة البريطانية شهدت حالة من الفوضى منذ مارس من العام الماضى عندما قام ضابط فى شرطة العاصمة باختطاف واغتصاب وقتل سارة إيڤيرارد 33 عامًا كما انتقدت لضعف توضيح الجرائم التى تتراوح بين العنف الجنسى والسطو. وكان قد طلب من المفتشين فحص أحد التقييمات المتعلقة بضابط شرطة سابق فى العاصمة البريطانية كان قد انتقل إلى شرطة لندن من قوة أخرى على الرغم من ارتباطه بحادث جسيم وهو الآن محكوم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة خطف واغتصاب وقتل إحدى الفتيات.

ووجد تقييم شمل شرطة العاصمة و7 قوات أخرى أن كبار الضباط فشلوا طوال عقد فى التعامل مع الضباط الفاسدين وتراخوا فى التدقيق وقدم التقييم 43 توصية للتحسين. ويُشار إلى أن سلسلة من المراجعات المستقلة على مر السنين أعطت القوات إنذارًا مبكرًا عن المتحرشين الموجودين داخلها وكانت هناك حالات لضباط مارقين كان يجب فيها رفع إشارات الخطر وأن تكون محفزات للتغيير.