الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. الاستراتيچية الوطنية لحقوق الإنسان جهد وطنى يحتاج لدعم (2-2)  تطور حقوق الإنسان فى مصر.. ومصداقية الإعلام الغربى

حقك.. الاستراتيچية الوطنية لحقوق الإنسان جهد وطنى يحتاج لدعم (2-2) تطور حقوق الإنسان فى مصر.. ومصداقية الإعلام الغربى

شاركتُ قبل أسبوع فى ندوة عالية المستوَى عقدها المنتدى العربى الأوروبى للحوار وحقوق الإنسان مع عدد من الخبراء والمختصين فى مجال حقوق الإنسان، بمناسبة تدشين تقرير الظل لآلية الاستعراض الدورى الشامل المقـدم للدورة 43 الخاصة بالمراجعة الدورية الشاملة الخاص بالإمارات.



 

وكان من بين ما عُرض خلال الاجتماع تساؤل عن المصداقية الغائبة عن تقارير الظل المقدمة من مؤسّسات دولية بينها أسماء كبيرة فى مجال حقوق الإنسان وإصرارها على نقل مزاعم غير صحيحة ودمجها فى تقاريرها، وهو ما يعرض بمصطلح «تسييس» عمل منظمات حقوق الإنسان أو استخدام انتهاكات حقوق الإنسان كأداة للضغط على الدول وتجاهل التطورات الإيجابية فيها، واعتماد تلك المنظمات على ما يُنشر فى الإعلام الغربى عن الدول العربية، والتى تأتى غالبيتها من مَصادر لديها عداء مع أنظمة تلك الدول مثل تنظيم الإخوان الإرهابى وغيره من التنظيمات المتصارعة على السيطرة على الدول العربية عبر أدوات التخريب من الداخل والعمل على إسقاط الدول بالإرهاب ونشر التطرف والعنف.

ما سمعته فى الندوة تطابق مع كتبته الزميلة سوسن الشاعر فى جريدة الشرق الأوسط السعودية عن صورة العرب فى الإعلام الغربى ومحاولات العرب المستمرة من أجل الوصول إلى وسائل الإعلام الغربية لتغيير صورتنا النمطية المشوهة ودفعها إلى نقل الحقائق وما يحدث من إيجابيات على الأرض، وكلها محاولات باءت بالفشل.

تقول الشاعر: «لَمْ نَعِ أننا نحاول دومًا الولوج للرأى العام الغربى بالمفتاح الخطأ، فوسائل إعلامهم المعنية بالشئون الدولية (محطات وصُحُفًا) ليست هى مفتاحنا، مؤشرات قياس صورتنا فى ذهنية الرأى العام الغربى هى ليست عند تلك المنصات، ولن تكون، فتلك ملك وتابعة لمؤسّسات ذات أچندات سياسية صرفة لا علاقة لها بالشفافية والحقيقة والعدالة والإنصاف، لذا لن نتمكن من اختراق جدرانها وتوظيفها لنقول قصتنا ورواية واقعنا».

وأضافت: «كم هى المرّات التى نعرف فيها أن العاملين فى تلك المنصات جاؤوا ورأوا بأعينهم ووصلت لهم الحقيقة كاملة، ثم نراهم يصرون على نقل ما يريدون لا ما يعرفون؟ ليست المسألة نقصَ معلومات وتقصيرًا منّا؛ المسألة أنهم يجرونا دومًا للجهد مع ذات الدوائر المغلقة حتى لا نعثر على المفتاح الصحيح وهو التواصل مع الرأى العام الغربى دون اللجوء إلى وسائل إعلامهم، لذا؛ فتجاوزهم بالاعتماد على التعامل المباشر مع المؤثرين فى الغرب هو أولى الخطوات التى ستقودنا إلى العثور على مفتاح الرأى العام الغربى مباشرة، دون الحاجة للمرور عبر بوابتهم.

ما عبّرت عنه «الشاعر» فى مقالها المُهم هو تأكيد على فكرة المصداقية الغائبة عن الإعلام الغربى وتجاهله لرواية الحقيقة أو النزول على الأرض أو التعامل بجدية مع البيانات الرسمية وتركيزه المستمر على أصوات بعينها ونقل ما يخدم مصالح دولة دون التزام بالمهنية أو بالمسئولية الإعلامية التى اتفقت عليها الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالصحافة وحقوق الإنسان، وهو هَمٌّ عامٌّ تتشارك فيه الدول العربية.

فى كتابها المهم «الإعلام وحقوق الإنسان» للدكتورة ولاء محروس الناغى، الصادر عن الشبكة العربية للإعلام الرقمى وحقوق الإنسان، تقول إن مستويات الفهم تتباين لدَى الإعلاميين بشأن المسئولية الإعلامية فى معالجة قضايا حقوق الإنسان، إذ إن هناك مَن يفهمها بمعنى الالتزام بالتعليمات الموجهة من قِبَل المؤسّسة، وهناك مَن يفهمها بمعنى الدفاع عن الثوابت الوطنية التى يؤمنون بها شخصيًا، فى حين أن هناك مَن يفهم المسئولية الإعلامية على أنها مسئولية إدارية مهنية بحتة.

وحددت عددًا من الآليات لتفعيل دور الصحافة لتناول قضايا حقوق الإنسان، وهى: 

1 - التأكيد على أهمية الدور الرقابى لوسائل الإعلام فى حماية حقوق الإنسان.

2 - دعوة المؤسّسات الإعلامية إلى تبنى لغة إعلامية تساهم فى نشر ثقافة حقوق الإنسان فى جميع أشكال البرامج وباستخدام جميع التقنية الحديثة فى ذلك.

3 - عَقد الندوات المتخصّصة للإعلاميين وعقد الدورات التدريبية لتنمية مهارات الإعلاميين فى تناولهم لقضايا حقوق الإنسان. 

4 - تأسيس قاعدة بيانات من جانب الجهات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان لإمداد الإعلاميين بالبيانات والمعلومات فى هذا المجال. 

5 - تركيز وسائل الإعلام على نشر المبادئ والمعايير الدولية والاتفاقات وتقارير حقوق الإنسان على نطاق واسع. 

6 - التعاون بين وسائل الإعلام وكل من المنظمات غير الحكومية والهيئات الرسمية بما يدعم نشر ثقافة حقوق الإنسان. 

7 - إيجاد برامج ثابتة للتغطية الدورية لقضايا حقوق الإنسان.

8 - التأكيد على أهمية تدفق المعلومات ووضْع القواعد التى تشدد على أهمية نشر الرأى الآخر كقيمة أساسية من قيم ومبادئ حقوق الإنسان.

 الفرق بين الحق فى الإعلام والحق فى الاتصال 

وقد حددت منظمة اليونسكو شكل الحق فى الاتصال بإصدار إعلان دولى عن الحق فى الاتصال ونَصَّ على ضرورة ممارسة حرية الرأى والتعبير وحرية الإعلام كجزء من حقوق الإنسان وحرياته العامة والأساسية، وضمان حصول الجمهور على المعلومات عن طريق تنوُّع مَصادر ووسائل الإعلام المهيأة له؛ ليحق الفرد التأكد من الوقائع وتكوين رأيه بصورة موضوعية. 

وخلصت سلسلة من الاجتماعات إلى تعريف هذا الحق بأنه حاجة إنسانية أساسية، وأساس لكل مواطن اجتماعى، ويثبت الحق فى الاتصال للأفراد، كما يثبت للمجتمعات التى تتكون منهم.

أى حق الأفراد والشعوب فى الحصول على المعلومات الصحيحة من مَصادرها أو من وسائط تتمتع بمصداقية ونزاهة ونقل هذه المعلومات واستعمالها عبر وسائل الإعلام المختلفة بهدف المشاركة فى خَلق رأى عام جماهيرى وصناعة القرارات وتحقيق أهداف التنمية.

والحقيقة؛ أن وسائل الإعلام الغربية فى تناوُلها للشئون العربية ترتكب انتهاكات شبه يومية لمواثيق الشرف ومدونات السلوك المهنى المتنوعة والتى اتفقت على اهداف محددة، مثل:

1 - حماية الجمهور، من أى استخدام غير مسئول للاتصال أو ضد الأغراض الاجتماعية لها أو استخدامه للدعاية.

2 - حماية القائمين على الإعلام، من أن يتحولوا بأى شكل من الأشكال إلى قوة لا تقدر مسئوليتها واحتمالية تعرضهم إلى ضغط أو انتهاك بسبب ممارستهم الخاطئة لمهنة الصحافة.

3 - دعم الحق فى الحصول على المعلومة وتكوين الرأى العام المستنير تجاه قضايا المجتمع وإحداث المشاركة فى التنمية المعتمدة على معلومات واقعية ومواجهة المشكلات المجتمعية بطريقة متساوية، وإتاحة الفرصة لإجراء اتصال متبادل بين الطرفين.

بالتأكيد وضْع الحريات فى العالم العربى ليس مثاليًا، والحكومات والشعوب والمؤسّسات الوطنية المحلية اتفقت على ذلك، واعتبرت تحسين حالة حقوق الإنسان بصورتها الشاملة تحديًا لمؤسّسات الدولة والمجتمع يحتاج إلى جهد وتراكم ونشر لثقافة حقوق الإنسان بشكل مستمر، وذلك يحتاج إلى وقت وجهد وصبر ولا يمكن تحقيقه بضربة سحرية كما يروّج البعض.

إلا أن المؤكد أن الواقع اليوم فى الدول العربية والاهتمام بقضايا حقوق الإنسان والسعى لإتاحة جودة الحياة للمواطن العربى رُغْمَ التحديات الاقتصادية والضغوط الدولية وحصار الإرهاب والتطرف لمجتمعاتنا العربية لم تمنع الحكومات من العمل وتحقق على الأرض وتحقيق تقدمات يمكن البناء عليها فى مصر، مثل الدعوة لحوار وطنى والإفراج عن المحبوسين عبر تعاون مؤسّسات الدولة مع لجنة العفو الرئاسى وتطبيق الاستراتيچية الوطنية لحقوق الإنسان والاهتمام بتمكين المرأة والطفل وأصحاب الهمم وغيرها من التطورات التى يراها المواطن المصرى على أرض الواقع بعيدًا عن انحيازات الإعلام الغربى.