الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تصريح الرئيس الفرنسى أثار الجدل: ماكرون: أريد هزيمة روسيا لكن دون سحقها!

فى الوقت الذى تعيد أوروبا وأمريكا حساباتها بعد عام من الحرب الروسية الأوكرانية خرج علينا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى تصريح غريب من نوعه قائلاً أنه يأمل فى أن تهزم روسيا فى حربها على أوكرانيا لكن دون سحقها، وحث ماكرون فى مقابلة مع صحيفتى لوچورنال دو ديمانش ولوفيجارو الفرنسيتين على طريق عودته من مؤتمر ميونيخ لأمن الحلفاء على تكثيف دعمهم لأوكرانيا، مؤكدًا استعداد فرنسا لنزاع طويل الأمد، وأضاف:أريد أن تهزم روسيا فى أوكرانيا وأريد أن تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن موقفها، أعتقد أن هذا لن ينتهى عسكريًا فى النهاية، متوقعًا ألا يتمكن أى من الطرفين من الانتصار بشكل كامل فى النزاع. وتابع ماكرون: لا أعتقد مثل البعض أنه يجب هزيمة روسيا بالكامل ومهاجمتها على أراضيها، هؤلاء المراقبون يريدون قبل كل شىء سحق روسيا، لم يكن هذا موقف فرنسا أبدًا ولن يكون كذلك أبدًا. واعتبر أن المطلوب اليوم هو أن تشن أوكرانيا هجومًا عسكريًا يعطل الجبهة الروسية من أجل العودة إلى المفاوضات.



 

وأعرب ماكرون عن اعتقاده أن جميع الخيارات بخلاف بوتين فى النظام الحالى تبدو له أسوأ من الرئيس الروسى فى إشارة إلى الرجال الأقوياء مثل رئيس مجلس الأمن الروسى نيكولاى باتروشيف أو رئيس مجموعة ڤاجنر العسكرية الخاصة يفچينى بريجوجين. وتساءل الرئيس الفرنسى: هل نعتقد بصدق أن حلاً ديمقراطيًا سينبثق من المجتمع المدنى الروسى الحالى بعد هذه السنوات من التضييق وفى قلب النزاع؟ آمل ذلك بصدق لكننى لا أؤمن به. وتعرض ماكرون لانتقادات من بعض أعضاء حلف شمال الأطلسى (ناتو) بسبب رسائله المتضاربة بشأن سياسته تجاه الحرب بين أوكرانيا وروسيا وحث ماكرون الأعضاءعلى تكثيف الدعم العسكرى لأوكرانيا.

وكان ماكرون قد أعرب عن الجاهزية لـنزاع طويل الأمد فى أوكرانيا معتبرًا أيضًا أن الوقت الحالى ليس مناسبًا للحوار مع روسيا مشددًا فى كلمة بمؤتمر ميونيخ للأمن على أن الحرب الروسية ليست حربًا للأوروبيين والأوروبيات، بل حرب تمس كل العالم فهو اعتداء دون تبرير واصفًا ذلك بـالحرب الاستعمارية الجديدة. واعتبر ماكرون أن المقاومة الأوكرانية وما فعلته فى عدة مناطق جعلت الخطة العسكرية الروسية المبدئية تفشل مشيرًا إلى أن روسيا اليوم تزعزع الاستقرار ليس فقط فى أوكرانيا، بل أيضًا فى القوقاز والشرق الأوسط وإفريقيا التى تشهد تواجد مجموعة ڤاجنر. وأشار ماكرون إلى دعم بلاده لقرار انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسى مشددًا على أنه لا يجب أن تنتصر موسكو فى هذه الحرب كما اعتبر أن الوقت الحالى ليس هو الوقت المناسب للحوار مع روسيا.

والغريب بعد كل كلام الرئيس الفرنسى ماكرون أنه على استعداد للقيام بمفاوضات بين الجانبين الروسى والأوكرانى، وقال الإليزيه إنَ ماكرون كرر خلال اتصال هاتفى مع زيلينسكى تمسكه بخطة السلام المتضمنة عشر نقاط من بينها توفير الأمن النووى والغذائى والأمن فى مجال الطاقة وتبادل الأشخاص المحتجزين وفقًا لصيغة الكل مقابل الكل، واستعادة وحدة أراضى أوكرانيا، وقد نسى زيلينسكى أن أوكرانيا حصلت على الاستقلال فى 16 يوليو 1990 عندما اعتمد البرلمان الجديد إعلان سيادة دولة أوكرانيا وأسس الإعلان مبدأ تقرير المصير للأمة الأوكرانية والديمقراطية والاستقلال السياسى والاقتصادى وأولوية القانون الأوكرانى على القانون السوڤيتى على الأراضى الأوكرانية، كما تم اعتماد إعلان مماثل من قبل البرلمان فى روسيا، إلا أنه لم ينتبه إلى أنه نسى أن يقوم بترسيم حدود الدولة المستقلة خلال كل تلك السنوات الـ33 الماضية وما يفعله بوتين حاليًا ليس حربًا، ولكنه شأن داخلى لدولة روسيا. 

ولكن روسيا من ناحيتها رفضت خطة زيلينسكى للسلام واعتبرتها أنها غير ممكنة ولا تنظر فى الحقائق على أرض الواقع. وقال الناطق باسم الكرملين ديميترى بيسكوف فى تعليقه على اقتراح الرئيس الأوكرانى إن خطط السلام التى تأخذ فى الحسبان انضمام المناطق الأربع: خيرسون ولوجانسك ودونيتسك وزابوروجيا إلى روسيا ستكون هى فقط ممكنة، واعتبر أنه لا توجد خطة سلام لأوكرانيا ولا يمكن أن تكون الخطة التى لا تأخذ فى الاعتبار حقائق اليوم بشأن انضمام المناطق الجديدة إلى روسيا سلمية.

بدوره أيَد چوزيب بوريل مسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى دعوة أعضاء التكتل لشراء أسلحة بشكل مشترك من أجل مساعدة أوكرانيا، لكنه حذر من أنها لن تحل حاجة كييڤ الملحة لمزيد من السلاح الآن. وكان بوريل يرد على مقترح من إستونيا بأن يقوم الاتحاد الأوروبى بتقديم طلبيات كبيرة لشراء الذخيرة نيابة عن دول متعددة من أعضائه لتسريع عملية الشراء وتشجيع شركات الأسلحة الأوروبية على الاستثمار فى زيادة قدراتها الإنتاجية.

 

ويقول مسئولون ودبلوماسيون فى الاتحاد الأوروبى إنهم يدرسون بشكل عاجل إمكانية الشراء المشترك لقذائف مدفعية من عيار 155 ملليمترًا لمساعدة كييڤ فى الدفاع عن نفسها فى مواجهة روسيا. ومن المتوقع أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى الخطة الإستونية فى بروكسل، وتحضر الدول الغربية نفسها لصراع قد يمتد لفترة طويلة حيث يندفع حلفاء أوكرانيا لتقديم أسلحة إلى كييڤ سوف تمنع الهجمات الروسية المكثفة على الجبهتين الشرقية والجنوبية وتمكن أوكرانيا من شن هجوم مضاد فى الربيع القادم. 

وعلى جانب آخر قال الرئيس الأوكرانى ڤولوديمير زيلينسكى فى مقابلة نشرت إن نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون يهدر وقته بالتفكير فى أى نوع من الحوار مع روسيا. وأضاف زيلينسكى فى مقابلة أجرتها معه صحيفة كورييرى ديلا سيرا الإيطالية ردًا على اقتراح ماكرون بضرورة هزيمة روسيا ولكن لا سحقها، سيكون حوارًا عديم الفائدة، وماكرون يضيع وقته، وأنه قد توصل إلى نتيجة واحدة وهى أننا غير قادرين على تغيير الموقف الروسى، وإذا كانوا قد قرروا عزل أنفسهم فى حلم إعادة بناء الإمبراطورية السوڤيتية القديمة فلا يمكننا فعل أى شىء تجاه ذلك، والأمر متروك لهم كى يختاروا أو يقرروا عدم التعاون مع مجتمع الدول على أساس الاحترام المتبادل. ورفض زيلينسكى أى تلميح إلى أن العقوبات الغربية هى التى دفعت الرئيس الروسى ڤلاديمير بوتين إلى العزلة قائلاً: قرار شن الحرب هو الذى همش بوتين، ولكن ماكرون بدوره أعلن خلال اتصال هاتفى مع نظيره الأوكرانى أنه سيؤيد خطته للسلام على الساحة الدولية، وقال لصحيفة لو جورنال دو ديمانش الفرنسية إنه لا يؤمن بتغيير النظام وإنه لا توجد فرصة تذكر للتوصل لحل ديمقراطى من داخل المجتمع المدنى الروسى وليس هناك بديل لإعادة بوتين إلى طاولة المفاوضات. ودفعت هذه التعليقات الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى القول: إن على فرنسا أن تتذكر هزيمة نابليون بونابرت على روسيا فى القرن الـ19. 

ويستعد الاتحاد الأوروبى لفرض عقوبات جديدة على روسيا تحرمها من منتجات بقيمة 11 مليار يورو، إلى جانب استهداف منتجى المسيرات الإيرانية بسبب ارتباطها بالحرب فى أوكرانيا. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنها تأمل بأن توافق الدول الأعضاء الـ27 فى الاتحاد الأوروبى على حزمة جديدة كجزء من سلسلة عقوبات مشتركة تعدها دول مجموعة السبع G7 تزامنا مع الذكرى الأولى للغزو. وأضافت أن العقوبات تستهدف منتجات صناعية عديدة تحتاجها روسيا ولا يمكنها الحصول عليها من دول أخرى، مشيرة إلى أن هناك منتجات حيوية مع المعدات الكهربائية والمركبات المتخصصة وقطع الآليات وقطع الغيار للشاحنات ومحركات الطائرات. وذكرت فون دير لاين أن بروكسل تسعى إلى فرض قيود على تصدير 47 مكونًا إلكترونيًا إضافيًا يمكن استخدامه فى أنظمة الأسلحة الروسية بما فى ذلك المسيرات والصواريخ والمروحيات.

وعادة ما تستهدف العقوبات صادرات روسيا الأساسية مثل النفط فى مسعى لقطع مصادر تمويل الحرب الروسية، لكن دبلوماسيين فى التكتل أقروا بأن المجالات التى يمكن استهدافها مع كل حزمة عقوبات جديدة تنفد. وقال مسئول الشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى چوزيب بوريل: إن العقوبات الجديدة ستتضمن أيضا تجميد أصول 100 فرد وكيان آخر وحرمانهم من التأشيرات. وأضاف أن الكيانات المستهدفة تشمل المسئولين عن أنشطة عسكرية وقرارات سياسة والدعاية والمعلومات المضللة،وتابع: نستهدف المتورطين فى عمليات خطف بشر والترحيل والتبنى القسرى لأطفال أوكرانيين فى روسيا إضافة إلى أولئك الذين يفسحون المجال لنهب الموارد الأوكرانية. 

ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصدر حكومى أوكرانى قوله إن الخطة الأولية كانت البقاء تحت الأرض لمدة أسبوع، لكن الأحداث فى الخارج تسببت فى تغيير الخطة. وعندما سيطرت القوات الروسية على بلدات ومدن عديدة فى كييڤ وحولها، بدا لعدة أسابيع أن العاصمة أيضا ستسقط. وأمضى زيلينسكى وكبار مساعديه حوالى شهرين تحت الأرض وظهروا بشكل متقطع لطمأنة الناس بأن الرئيس لم يهرب. وكان على المدعوين للبقاء إلى جانب الرئيس فى مخبأ تحت الأرض توقيع اتفاق عدم إفصاح تمنعهم من مشاركة أى تفاصيل حول تصميم القبو أو موقعه أو وسائل الراحة، ولم يسمح لهم حتى بالتحدث عن الطعام الذى تناولوه. ولفتت ذا تايمز إلى أنه خلال الأشهر الماضية أمر الرئيس الروسى ڤلاديمير بوتين بتجنيد ما يصل إلى 800 ألف مدنى لتعزيز الدفاعات ودعم الهجوم الروسى المضاد. ونقلت الصحيفة عن أندريه يرماك رئيس مكتب زيلينسكى قوله إن القوات الروسية الجديدة ليست منضبطة للغاية إلا أنه اعترف بأن مجرد عدد الأشخاص يمثل مشكلة. ولمواجهة ذلك، فتحت أوكرانيا خطة تعبئة تطوعية جديدة لها نتائج جيدة وفقا لما ذكره شخص مطلع فى بانكوڤا،مضيفا: الكثير من الناس مستعدون للذهاب والقتال، لدينا أيضًا متطوعون من دول أخرى، ولدينا من الشيشان وبولندا وبيلاروس وليتوانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا. وفى الوقت الذى يعتقد أن قوة دعم الغرب ستحدد مصير أوكرانيا أعربت مصادر رفيعة المستوى فى بانكوڤا عن قلقها تجاه احتمال فوز الحزب الجمهورى بانتخابات الرئاسة فى الولايات المتحدة عام 2024، وسط تقارير تفيد بأن الحزب المحافظ يفضل إنفاق الأموال على أولويات محلية، مع ذلك قال يرماك الذى يضطر للعمل فى ظلام نسبى داخل مقر بانكوڤا إنه يأمل أن تكون الجهود الدبلوماسية الأخيرة أثارت مرحلة إلهام وإدراك لبقية العالم. وعشية الذكرى الأولى للتدخل العسكرى الروسى فى بلاده بعث يرماك برسالة قوية لحلفاء أوكرانيا الغربيين قائلاً: من الممكن إنهاء هذه الحرب هذا العام، ليس من الضرورى بالتأكيد أن تكون هناك ذكرى سنوية ثانية، أعطونا كل ما نحتاجه لننتصر.