الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لسنا فى حاجة إلى «مواهب جديدة».. بل «أفكار جديدة»

هل نحن بحاجة إلى مواهب فنية جديدة؟.. 



نعم وبشدة..

إذن.. كيف نقوم باكتشاف المواهب الجديدة؟.. 

من هنا تأتى الإشكالية، فبكل صراحة، كما تعودنا دائمًا فى هذا الباب «ربع تون»، فالحديث عن اكتشاف المواهب الشابة تحول إلى مجرد «كليشيه»، وهو «الكلام المبتذل»، فربما يكون الموضوع مهمًا وضروريًا، ولكن كثرة الحديث عنه، بل الطريقة التى نحاول بها إتمام هذه العملية «اكتشاف المواهب»، بمرور الوقت، كان سببًا رئيسيًا فى فقدان معناها الأصلى والحقيقى، حتى أصبحت مزعجة!

على هذه الصفحات، وفى نفس المساحة، منذ أسابيع قليلة للغاية، تحدثنا عن اختيار «أم كلثوم» ضمن قائمة أهم 200 مغن فى التاريخ وفقًا لمجلة «Rolling Stone» الأمريكية، من قبل متخصصين فى مجال الموسيقى، وشرحنا الأسباب التى اعتمدت عليها المجلة فى اختيار كوكب الشرق، والتى -ويا للعجب- لم يكن من بينها أساسًا «الصوت» كمعيار أو سبب تفضيل!

إذن.. لحظة من فضلكم.. كيف تعمل برامج اكتشاف المواهب؟ وما الغرض الرئيسى منها؟

نعم.. اختيار الأصوات الجيدة!

وعلى مدار السنوات الطويلة، منذ ظهور هذه النوعية من البرامج والمسابقات على الشاشات الفضائية العربية الضخمة، دعونا نسأل أنفسنا: ماذا انتجت هذه البرامج؟ ما هى الموهبة الحقيقية التى نجحت فى خلق جماهيرية حقيقية؟ من هو «النجم» الذى صنعته هذه البرامج؟

الإجابة: لا أحد..

ربما يكون الشىء الإيجابى الوحيد فى هذه البرامج، هو ما يقدمه برنامج «The Voice Kids»، عندما يسمح للمتسابقين من الأطفال بغناء الأغانى القديمة التى يُطلق عليها «أغانى زمن الفن الجميل»، والتى كتب عنها عشرات المقالات والكتب، وتم وصفها بأنها معقدة وصعبة للغاية، ولا يستطيع أى فنان تقديمها، على طريقة اختبارات الراحل الأستاذ «مفيد فوزى» لـ«عمرو دياب» عندما سأله وقال له: «هل تجيد غناء قارءة الفنجان لعبدالحليم حافظ»، ليغنيها المغنى الشاب الذى كان فى بداية مشواره وقتها بكل سلاسة!

أغلب النقاد.. الأكبر سنًا فى وطننا العربى، لا يزالون ينتمون إلى المدارس النقدية القديمة، عندما كان يقف الفنان أمام جمع غفير من الجمهور، ولم يكن هناك تواجد للوسائل التقنية، مثل «الميكروفون» وكان على الفنان أن يصل بصوته الى آخر فرد فى هذا الجمع، بشكل واضح!

برامج مثل «Arab Idol»، و«The Voice»، و«ستار أكاديمى»، وغيرها، تهتم بالبحث عن الأصوات، وهذه البرامج لا تتحدث عن المنتج الذى سيغنيه هذا الصوت!

الصوت ليس معيارًا أيها السادة.. كل من يغنى على الساحة «بشكل احترافى» فهو يؤدى بالطرق العلمية الغنائية السليمة، ونادرًا ما نستمع إلى «نشاز»، أو «نطق غير صحيح» للكلمات.

وهذه الآلية التى تعمل بها الصناعة ككل، فى النهاية ربما تنتج أصواتًا جديدة، ولكن هذه المواهب الجديدة ستنتج أغانى «قديمة»، أو أغانى مصنوعة بالطريقة القديمة.

نحن نحتاج إلى تجديد حقيقى فى المفردات الغنائية التى نقدمها، نحتاج إلى الابتعاد قليلاً عن الأغانى العاطفية المختصة بمناقشة مواضيع الهجر والفراق، نحتاج الى أغان تناقش واقعنا الاجتماعى وتشتبك مع مشكلاته، نحتاج إلى أغان توعوعية ضد المخاطر التى قد يتعرض لها المراهقون من أبناء وطننا، نحتاج إلى حرية حقيقية للمبدع دون أى تقييد بقيود من لجان رقابية أو وصاية نقابية أو سلطة نقدية، نحتاج إلى الجرأة، نحتاج إلى الصراحة والوضوح، نحتاج فعلاً إلى تغيير فى طريقة صناعة الأغنية ككل.

والأهم من كل ذلك، الترحيب بالتجارب الجديدة، حتى لو كانت غريبة، فالاستيعاب، أفضل كثيرًا من الهجوم، فالاستيعاب ربما ينتج عنه تطوير، أما الهجوم فهو يصنع فى النهاية «تعليب»، ويحول الفنان المفعم بالتجريب والتجديد والحيوية إلى فنان يذهب بإرادته فى صناعة الأشكال السائدة.. ونظل فى هذه الدائرة المفرغة إلى ما لا نهاية!.